عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

عاشوراء.. نهضة الإصلاح وتغيير المنكرات-2

ولماذا كل هذه التضحيات؟

 الجواب: تحقيق الرسالة والهدف من النهضة الكربلائية العظيمة، وتقديم أروع الدروس والمواعظ للمسلمين، والمحافظة على الدين من الضياع وسط لجّة الظلم والانحرافات التي كانت تعج بالوسط المسلم.

 حينما همَّ الإمام الحسين (عليه السلام) بالرحيل عن مدينة جدّه المصطفى (عليه السلام)، توجه إلى قبر جده، وناجى ربه العزيز: ((اللهم، هذا قبر نبيك محمد ، وأنا ابن بنت نبيك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم، إني أحب المعروف، وأنكر المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه إلا ما اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى)).

 الحسين (عليه السلام) يرجو رضا الله سبحانه وتعالى، والقضية تتمركز في إحياء الدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأكّد (عليه السلام) ذلك في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية قائلاً: ((إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي؛ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)).

 إن نهضة عاشوراء الحسين (عليه السلام) تحمل الكثير جداً من الدروس التي يمكن الاستفادة منها، ولذلك سيظل المسلمون يحيون ذكراها في كل عام حباً في التزود من توجيهاتها في مختلف الاتجاهات والنواحي الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية وغير ذلك مما يصعب حصره.

 المهم كيف نختار درساً أو أكثر من درس لنعيه ونستفيد منه في حياتنا، وكيف نضيف في كل عام جديداً إلينا من هذه النهضة التي لا تموت ما بقي الدهر.. وتظل أهم الدروس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تلك الفريضة التي تكاد تكون غائبة ليست عن أيدينا وألسنتنا فقط ، بل عن عقولنا وقلوبنا أيضاً. ففي الزمن الذي ينتشر فيه الفساد والانحراف من كل صوب وحدب، يلزم على الإنسان المسلم عدم الاكتفاء بالتفرج، وينبغي عليه التحرك من مكانه طلباً للإصلاح وتغيير المنكرات، ولكن وفق الضوابط السلمية والعقلانية التي يدعو إليها دين الإسلام.

 لقد نهض الإمام الحسين (عليه السلام) مذكّراً المسلمين بمثل قوله تعالى:( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ )(آل عمران:110)، هل لاحظت كيف قدَّم الله عز وجل الإصلاح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان به جل جلاله؟!

 إنّ الفلاح في نظر القرآن الكريم هو: ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (آل عمران:104).. فالفلاح الذاتي والأسري والاجتماعي هو في الإصلاح، والإسلام يعتقد بأن ترك الإصلاح مهلكة للنفس وللآخرين، ويرى أن الحريق إذا وقع في بيت واحد ولم يستدرك، فإنه ينتقل من بيت إلى بيت حتى تحترق بيوت كثيرة، وأن من نظر إلى حية تؤم آخر لتلدغه ولم يحذره حتى قتلته، فلا يأمن أن يكون قد اشترك في دمه، وكذلك من نظر إلى شخص يعمل الخطيئة والمنكر ولم يحذره وينبهه فلا يأمن أن يكون قد اشترك في إثمه.

 في رواية عن رسول الإسلام (عليه السلام) في وصف الإمام الحسين (عليه السلام): ((إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة))، فاختر عزيزي القارئ أن تهتدي بمصباح أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) من خلال دروس نهضته العظيمة، والاقتداء بنهجه السلمي الأخلاقي الإصلاحي، حتى تركب سفينته فتنجو بإذن الله عزّ وجل.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أهداف التربية في الإسلام
التبرج والحجاب
العلامات التي تسبق مباشرة ظهور الإمام المهدي
شهر رمضان شهر التوبة والاستغفار
القرآن معجزة خالدة
و العاقبة للمتقین
فلسفة الصوم من منظور علمي
سمات الغضب عند المراھقین والشباب
القرائن المفيدة لمعنى الحاكمية في حديث الغدير
حجّ الإمام عليّ(عليه السلام)

 
user comment