قبل فهرست بعد

العطف على الصغير واحترام الكبير

ان أوامر الاسلام الموجهة للرجال والنساء كافة تركز على العطف على الصغير واحترام الكبير .
ينبغي ان تتحول الاُسرة إلى محلٍّ تطبق فيه الاحكام الالهية وتعاليم الأنبياء والأئمة ((عليهم السلام)) كي ترى السعادة في الدنيا والآخرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 72/117 .
2 ـ البحار : 72/118 ـ 119 .
3 ـ نفس المصدر .
ان الغضب على الصغير والصراخ بوجهه واحتقاره واهماله وعدم الوفاء بالوعد ازاءه كل ذلك يعتبر من المعاصي ، كما أن عدم احترام الكبير والنظر اليه نظرة غضب وعدم الاستماع إلى مطاليبه واظهار الملل والتعب منه يعتبر ذنباً ومعصيةً .
اننا الوسيلة التي من خلالها خُلق الصغار ، وعلينا ايلاؤهم المزيد من المحبّة كي يشعروا بالاطمئنان ، ونحنُ حصيلة الكبار ، إذن فلهم دينٌ عظيم في رقابنا ومن الواجب المحتمّ علينا احترامهم .
قال أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) قبيل شهادته :
« وارحم من اهلك الصغير ووقِّر منهم الكبير »(1) .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« بجِّلوا المشايخ فإن من اجلال الله تبجيل المشايخ »(2) .
وقال ((صلى الله عليه وآله)) :
« ليس منا مَن لم يرحم صغيرنا ولم يوقِّر كبيرنا »(3) .

حسن الضيافة

هنالك من العوائل مَنْ يمسكون عن الضيافة واقراء الضيف ، وهذا الامساك إما دليلٌ على العجز والكسل أو البخل ، وكل ذلك قبيحٌ بايٍّ نحو كان ، وعلى افراد الاُسرة زوجٌ وزوجةٌ وأولاد ان يستقبلوا الضيوف بكل بشاشة وجه ، لان ذلك تجسيدٌ لأخلاق الأنبياء وسببٌ لرضى الحق تعالى والسعة في الرزق ، ومدعاة لنزول الرحمة الالهية ودفع البلاء والأخطار عن أهل الدار .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 72/136 .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ البحار : 72/137 .
إن الضيافة من الأهمية بحيث ورد في النصوص الاسلامية ان الضيف رزقه معه ، وصاحب الدار ضيفٌ على ضيفه ، وان الحث على هذا الأمر والترغيب به من الأعمال المرضية ومن أسباب ترسيخ القيم الأخلاقية ، والصدود عن هذه الخصلة الحميدة يتنافى مع الأخلاق الانسانية .
قال أبو عبدالله الصادق ((عليه السلام)) :
« المكارم عشرٌ فإن استطعت ان تكون فيك فلتكن ، احدها اقراء الضيف »(1) .
وعنه ((عليه السلام)) :
« . . . انّهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك ، وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك »(2) .
وقال الباقر ((عليه السلام)) :
« شِبَعُ اربع من المسلمين يعدلُ عتقَ رقبة منْ ولد اسماعيل »(3) .
بناء على ذلك ، فان الانصاف ، والمداراة والرفق ، والادب ، واجتناب مواضع التهمة ، والوفاء بالعهد ، والتشاور ، والتواضع ، والعطف على الصغير واحترام الكبير ، واقراء الضيف ، انما هي من دعائم العظمة ومن موجبات السعادة دنيوياً واخروياً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 72/459 ـ 460 .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ نفس المصدر .

بواعث الشقاء والتعاسة

يجب ان تُنزّه الاُسرة من الجفاء وتباعد وتبادل الاتهامات والافتراء ، والتشاجر بالالفاظ ، والتنقيب عن العيوب ، والغيبة والنميمة ، والمكر والاحتيال والغش ، والسخرية بالآخرين والاسراف ، والكبر ، والحسد ، والبخل ، واطاعة الآخرين في ما يُعصى به الله تعالى ، والتحامل على الغير ، والعداوة والضغينة ، ولكلِّ واحد من ذلك آياته الخاصة في القرآن الكريم وبابه المستقل في الروايات ـ وان يتطهر الدار واهلها من هذه الخصال الذميمة ، لانّ كلاً منها في عداد المعاصى ، وبعضها من الكبائر التي تستوجب العذاب يوم القيامة ، وكلٌ منها بمثابة المعول الذي يضرب شجرة الاُسرة من الجذور ، وسببٌ في حلول الشقاء والتعاسة .
واحليكم إلى تفاصيل هذه المواضيع في القرآن الكريم ومن ثم إلى التصانيف كالجزء الثاني من الكافي والجزء الحادي عشر من الوسائل ، والشافي للفيض ، والمحجة البيضاء وجامع السعادات لنراقي ، وسائر الكتب الأخلاقية والروائية إذ ان بيان تفاصيلها مما لا يستوعبه الحديث ويحتاج إلى المزيد من الوقت والعديد من الجلسات .
« . . . وما من شيء ابغض إلى الله عزوجل من الطلاق »
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوسائل : 22/7

الطلاق والارث

قبح الطلاق

الطلاق والارث   
ان الطلاق بنفسه ليس بالامر المستحسن ، وفعلٌ قبيحٌ ومذموم ، يبغضه الله سبحانه وانبياؤه وائمة الهدى ((عليهم السلام)) الاّ ان يكون لسبب مشروع يرتضيه العرف .
ان الطلاق نزولاً عند رغبات الرجل أو المرأة ونزواتهما يعتبر فعلاً منافياً لتعاليم الحق تعالى ومبادىء الانسانية ، وتلاعباً باحكام الشرع ، وتجاوزاً على شخصية أحد الطرفين .
وفي البداية اشير ألى الروايات الوارد بشأن الطلاق ، ومن ثم اتطرق إلى آيات الكتاب العزيز وضوابط الطلاق على ضوء ما جاء في كتاب الله .
يروي الحكيم الجليل السبزواري في شرح المثنوي .
ما خلق الله شيئاً على وجه الارض أحبَّ من العتاق ، ولا خلقَ شيئاً على وجه الارض ابغضُ من الطلاق .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« ما احلَّ الله شيئاً ابغض اليه من الطلاق »(1) .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) :
« ان الله لا يحب الذوّاقين والذواقات »(2) .
وقال أبو جعفر الباقر ((عليه السلام)) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الوسائل : 15/280 .
2 ـ ميزان الحكمة : 5/546 .
« ان الله عزوجل يُبغض كلِّ مطلاق ذواق »(1) .
وقال الصادق ((عليه السلام)) :
« ان الله عزوجلّ يحبُّ البيت الذي فيه العرس ، ويُبغضُ البيت الذي فيه الطلاق »(2) .

مقدمات الطلاق

عندما يبرز من الرجل ما يؤدي إلى استحالة حياة الزوجة معه ، أو يظهر من المرأة ما يجعل من استمرار بقاء الزوج معها أمراً صعباً ومعتذراً ، ويعتذر ازالة اسباب ذلك وتتوفر الاجواء لوقوع الطلاق حينها يصبح الطلاق مشروعاً لا مانع دونه .
وفي هذه الحالة على الزوجين واسرتيهما عدم التشدد وتجنب الكلام اللاذع بحقّ كلٍّ من الزوج والزوجة أو اسرة كلٍّ منهما .
وإذا ما كان للخلاف بين الزوج وزوجته سبب مشروع ينبغي ان لا يؤدي بأن يرتكب الآخرون أو الزوجان الذنوب كالغيبة والافتراء والتحقير والتأنيب والاستهزاء ، لان من شأن ذلك اضرام جذوة الحقد لدى الرجل والمرأة واسرتيهما فيما بينهم ، وهو عاملٌ في ان ينال الانسان العذاب الاُخروي .
ومما يبعث على الاسف ان باب الغيبة والافتراء والضغينة تفتح على مصاريعها عند وقوع الطلاق ، ويقع الكثير من أفراد الاُسرة في هذه الذنوب الكبيرة ويتجرعون الشقاء .
إذا لم تعد المرأة صالحة للعيش مع الرجل ، وتعذّر على الرجل تحمّلها ، أو ان الرجل لم يعد ذلك الرجل الذي تتوفر فيه الشروط التي تضمنها عقد الزواج ولم توضع تلك الشروط موضع التنفيذ ، حينها يحق للزوجة ان تطلب الطلاق ، أو بالعكس ، آنذاك ينبغي ان يتم الطلاق بكل هدوء ويسر بعيداً عن التورط بالمعاصي ، لا أن ينتهي الأمر إلى الفوضى والصراخ والمشاجرة ودخول كلتا الاسرتين في النزاع وتحصل المعصية بكل معانيها وتذهب كرامة اسرتين كريميتن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الوسائل : 22/8 ، طبعة مؤسسة آل البيت .
2 ـ الوسائل : 22/7 .
ولا مناص هنا من التطرق إلى اثنتين من المعاصي التي تحيق باسرتي الطرفين حين اللجوء إلى الطلاق ، وليتورع الجميع عن المعاصي والذنوب من خلال الالتزام التعاليم الالهية .

الغيبة

قال تعالى في كتابه الحكيم :
( لاَ يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ )(1) .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« الغيبة اسرعُ في دينِ الرجل من الاكلة في جوفه »(2) .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) :
« اياكم والغيبة فان الغيبة اشدُّ من الزنا »(3) .
وقال ((صلى الله عليه وآله)) :
« مررتُ ليلة اُسري بي على قوم يخمشون وجوههم باظافيرهم فقلتُ : يا جبرئيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الحجرات : 12 .
2 ـ الوسائل : 12/152 .
3 ـ البحار : 5/222 .
مَنْ هؤلاء ؟ ، قال : هؤلاء الذين يغتابون الناس »(1) .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) أيضاً :
« ان الله حرَّم الغيبة ما حرَّم المال والدم »(2) .
وقال أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) :
« الغيبة آيةُ المنافق »(3) .
وقال ((عليه السلام)) أيضاً :
« من اقبح اللؤم غيبة الأخيار »(4) .
وقال الامام موسى بن جعفر الكاظم ((عليه السلام)) :
« ملعونٌ من اغتاب اخاه »(5) .
وقال الحسين بن علي ((عليه السلام)) لمغتاب :
« يا هذا كفُّ عن الغيبة فإنّها إدام كلاب النار(6) .
نعم لا غيبة للضال وصاحب البدعة والحاكم الظالم والمتجاهر بالفسق(7)وقال أميرالمؤمنين عن مستمع الغيبة :
« السامع للغيبة كالمغتاب »(8) .
وفي رواية عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) في ردِّ الغيبة وعدم الاستماع لها والذبّ عن عرض المؤمنين ، انّه قال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ميزان الحكمة : 7/332 ـ 333 .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ نفس المصدر .
4 ـ نفس المصدر .
5 ـ البحار : 77/333 .
6 ـ البحار : 78/117 .
7 ـ البحار : 75/253 .
8 ـ ميزان الحكمة : 7/352 .
« من ذبَّ عن عرضِ اخيه بالغيبة كان حقاً على الله ان يعتقه من النار »(1) .
بناءً على ذلك ، فان ما ينبغي طرحه في عملية الطلاق ، هو الطلاق فحسب ، إذ ان التفوه بما يخرج عن اطار الحق والانصاف والعدل لا يعدو كونه ذنباً ، ودخولاً إلى نار جهنم بالنسبة للآخرين .

التهمة والافتراء

ربما يلجأ الزوج إلى اتهام زوجته وتلطيخ سمعتها بين الناس لتبرير طلاقها ، وقد تلجا الزوجة إلى ذلك أيضاً ، كما ان اسرة الزوج قد تبادر إلى اتهام اسرة الزوجة وبالعكس ، وهذا ما لا مثيل له في القبح والدناءة وما لا يقاس عذابه في الآخرة .
يروي الامام الصادق ((عليه السلام)) عن حكيم :
« البهتانُ على البريء اثقلُ من الجبال الراسيات »(2) .
ويروي الامام علي بن موسى الرضا ((عليه السلام)) عن ابائه ((عليهم السلام)) :
« مَنْ بهتَ مؤمناً أو مؤمنة أو قال فيه ماليسَ فيه اقامه الله يوم القيامة على تلٍّ من نار حتى يخرجُ مما قال فيه »(3) .

درسٌ فيه عبرةٌ

قيل لرجل : لماذا تريد طلاق امرأتك ؟ قال : انها امرأتي وتحرمُ غيبتها ، وبعد ان طلقها وتزوجت ، سُئل عن سبب طلاقه إياها ، فقال : لا يجوز غيبة امرأة رجل آخر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ميزان الحكمة : 7/353 .
2 ـ الوسائل : 12/288 .
3 ـ نفس المصدر .

الطلاق في القرآن

إذا استطاع الزوجان حلَّ ما بينهما من المشكلات وازالة عوامل الطلاق دون تدخل الآخرين فبها ونعمت وإلاّ فيجب ان يُبعث رجلٌ من اهله ورجلٌ من اهلها يتحلّى كلٌّ منهما بالوقار والتحمل والتدين والفطنة ليتداولا المسألة لئلا ينجرَّ الامر إلى الطلاق . يقول تعالى :
( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً )(1) .
ويقول تعالى :
( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُدُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيَما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيَما حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيَما افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُون )(2) .
ويقول تعالى :
( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُم مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ )(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ النساء : 35 .
2 ـ البقرة : 229 .
3 ـ البقرة : 231 .
تلاحظون ان الله سبحانه وتعالى إلى جانب لقضية الطلاق فهو يذكّر الانسان بنعمته وكتابه وحكمته وعلمه اللامتناهي بغية مراعاة الانصاف والعدل في هذه المسألة وبكل جوانبها .
من المسلّم به ان الاسر إذا كانت راسخة الايمان بالله واليوم الآخر ، وتتمتع بالأخلاق الفاضلة والعمل الصالح ، لن يطرأ فيها ما يسمى بالطلاق ، ويحيا الزوجان معاً بسلام ووئام حتى النهاية ، وسينعم أولادهما بحياة ملؤها الوئام والصفاء والمحبة .
ان الخمول والعجز والكسل والاعتياد والفشل في الدراسة وفساد الكثير من ابناء الامة الاسلامية انما منشؤه الاختلاف بين الوالدين وطلاقهما .
على الرجل الاحتراز عن الظلم والاجحاف ، واداء حقوق زوجته ، والالتزام بتعهداته ، واتباع الاصول الانسانية والاسلامية في التعامل مع عياله ، وعلى المرأة ان تكون زوجةً واُمّاً كما ينبغي تلافياً لوقوع الطلاق هذه العملية التي يبغضها الله سبحانه وهذا الغول الموحش ، والنار الملتهبة التي تحرق صرح الاُسرة ، إذ ان المتسبب بوقوع الطلاق سيحاسب حساباً عسيراً يوم يقوم الناس لرب العالمين .
لنعمل على ان يصل معدل الطلاق إلى ادنى مستواه ، ولنقلع عن المغازلات وارتكاب المعاصي وظلم بعضنا البعض كي ينتفي الطلاق فيما بيننا .
ينبغي لمحاكم البلاد اعداد كراس يتضمن فضائل الأخلاق وقبح الطلاق وعرضه على المراجعين لمطالعته ، كي لا يعاودوا المراجعة ويقيموا حياةً هانئةً من جديد ، ولئلا يدخل المطلقون والمطلقات معترك الحياة فيستغلهم ضعاف الايمان ويجرونهم نحو الفساد وبذلك يضاف رقم جديدٌ إلى عدد المنحرفين والغاوين .

خاتمة الحياة

الموت هو منتهى الدنيا المليئة بالنشاط والفعالية ، ومعترك الحياة المفعمة بالحركة والآمال والطموحات ، إذ ينتقل الانسان إلى عالم الآخرة ، ليرى نتائج اعماله في الحياة الدنيا وثمار معتقداته واعماله واخلاقه .
ان القرآن الكريم يدعو كلاً من الرجل والمرأة إلى التفكير بعاقبتهما ونتيجة اعمالهما وآخرتهما ما داما على قيد الحياة ، وينظرا ما اعدا لآخرتهما من زاد ومتاع .
يقول تعالى :
( وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَد )(1) .
فقبل الموت من الضروري جداً الوصية على ما يتركه المرء من مال كان الله سبحانه قد رزقه إياه ، وعلى الوصي عزل ثلث ذلك المال وانفاقه على ضوء ما مدوّن في الوصية .
والوصية عملٌ دأب عليه كافة الأنبياء والأئمة والأولياء ، وليس منهم من مات دون وصية ، وهي تكليفٌ الهيٌ ورد في الآية 180 من سورة البقرة ، وأمر من رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) إلى اُمّته ، ومن الأئمة الاطهار ((عليهم السلام)) إلى شيعتهم .
يقول تعالى :
( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ) .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الحشرة : 18 .
« الوصية حقٌّ على كلِّ مسلم »(1) .
وقال ((صلى الله عليه وآله))
« ما ينبغي لامرىء مسلم ان يبيت ليلةً الاّ ووصيته تحت راسه »(2) .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) أيضاً :
« مَن مات على وصية مات على سبيل وسنّة ومات على تقىً وشهادة ، ومات مغفوراً له »(3) .
في عصرنا هذا حيث نادراً ما تُنفذ الوصايا وحيث القوانين ترهق الوصي وتُعيي الورثة ، أليس من الحري بالمرء ان يكون وصىَّ نفسه ، فيعمل بما يريد أن يُعمل نيابة عنه بعد موته ؟
فإذا كان ثرياً عليه انفاق امواله وثروته في سبيل الله من قبيل توفير الارضية اللازمة لترويج ابناء المسلمين وبناتهم ، والانفاق على الايتام ، وبناء المدارس والمساجد ، وشق الطرق ، واسكان المستضعفين ، ليتلقى أجر ذلك بعد موته .
وقد اوصى أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) الانسان بذلك فقال :
« يا بني آدم كُنْ وصىَّ نفسك في مالك واعمل فيه ما تُؤثر ان يعمل فيه من بعدك »(4) .
على اية حال ، اعملوا على ان يكون ما تتركون من مال حلالاً طيباً لان الحرام لا يورَّث ، ولا ينبغي لكم الوصية بثلثه لعدم نفاذ الوصية ، وعليكم الوصية بالثلثين الباقيين على ضوء ما ورد في القرآن الكريم تلافياً لوقوع الظلم بين الورثة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ميزان الحكمة : 10/494 ـ 495 .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ نفس المصدر .
4 ـ نهج البلاغة : الحكمة 254 .
وعلى الوصي والورثة العمل بما في الوصية المدونة وفقاً لتعاليم القرآن الكريم ، إذ ان تنفيذها عبادةٌ توجب الاجر العظيم للميت ولمن ينفذها .
وقبل تقسيم الارث يتعين على الورثة اداء ما على الميت من ديون وحقوق شرعية وكذلك مهر زوجته ، أو اداء الحج نيابة عنه إذا كان بذمته ، إذ يحرم على الورثة التصرف بالاموال التي تتعلق بها حقوق الله والناس ويترتب على ذلك عقابٌ من الله سبحانه .
ويجب دفع حصة زوجة الميت ووالديه وأولاده طبقاً لما جاء في كتاب الله ، وإذا ما اُجري غير ذلك فإنّه تعد لحدود الله عاقبته عذاب جهنم .
عليكم الرجوع إلى الرسائل العملية أو العالم المختص حين تقسيم الارث كي تجري العملية وفقاً للاحكام الالهية ويُسَّر الميت بعملكم .
ايّها الورثة عليكم ان تُدركوا ان الميت قد عانى كثيراً في حياته من أجل تدبير شؤونكم وتحمل المشقات بأنواعها ، ولعلّه قد ارتكب بعض المعاصي في هذا السبيل ، فلا تُسقطوه من الحسبان ، فعليكم الصلاة والصوم والتصدق ورد المظالم والقيام بصالح الأعمال نيابة عنه ، وخلاصة القول ، أن تذكروه بكلِّ ما من شأنه غفران ذنوبه وسرور روحه لا سيما في ليالي الجمعة والاشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان ، كي يذكركم أولادكم بعد موتكم ، وكذلك زيارة قبره حيث ان الله سبحانه يؤنس روحه بوجودكم وذلك مما يدفعه إلى الدعاء لكم وهو في البرزخ .
قال لي أحد اصدقائي : كان لي صديق عندما تعترضه مشكلة يتوجه مباشرة من طهران إلى قم فيجلس ساعةً عند قبر والديه ويقرأ سورة الفاتحة ويتوجه بالدعاء ويتصدق ويطلب منهما الدعاء له ثم يعود إلى طهران وقد جرَّب ذلك إذ انّه ما ان يعود تحلُّ معضلته قبل غروب الشمس .
ليس من الصواب ان يبذل الوالدان عصارة جهودهما من أجل حياة أولادهما وسعادتهم ، ثم لا يُذكران بعد موتهما ولا يُصار إلى عمل من شأنه غفران ذنوبهما .
المحتويات   
مقدمة الناشر   …5
مقدّمة المؤلّف   …7
سنّة التزاوج في النظام الكوني   …11
الاتحاد والتزاوج عند الجمادات   …13
نظام التعايش بين النباتات   …17
التزاوج والتكاثر والتناسل عند الحيوانات   …19
الانسان والزواج   …21
لا تتشددوا في الزواج   …22
أهمية الزواج في الروايات   …26
التقوى في الأسرة والمجتمع   …29
حقيقة التقوى   …31
التقوى ومراتبها   …32
الحاج السبزواري والقناعة   …33
البهرجة والاسراف   …34
تواصوا بالتقوى   …37
سيماء المتقين   …39
الازواج المتقون   …40
الكاسب المثالي   …42
أهداف الزواج في الاسلام   …45
البيت الطاهر   …47
شر الناس   …49
تفتح القابليات   …50
السعي من أجل العيال عبادة   …52
ليكن هدفكم من الزواج هدفاً سامياً   …53
نظام الاُسرة في الغرب   …56
مكانة المرأة في التاريخ الاسلامي والبشري   …59
الانحراف الفكري تجاه المرأة   …61
ردّ الاسلام على الانحرافات الفكرية تجاه المرأة   …63
نظرة اخرى لحياة المرأة ومكانتها في التاريخ   …72
استقلال الرجل والمرأة في الاسلام   …77
استقلال الانسان وحريته   …79
قصة عن الحرية   …80
اشارة مهمة   …82
زوجة صالحة وكريمة   …83
استقلالية الرجل والمرأة في الزواج   …88
منزلة المرأة في القرآن   …91
دين الله   …93
توسل الانبياء بربوبية الله ورحمته   …95
مقام العبادة والعبودية   …97
المرأة في المنطق القرآني   …99
العقل والشهوة ملاك السعادة والشقاوة   …100
حديث المعراج بشأن النساء   …12.html
مشاكل الزواج ومعوقاته   …15.html
التزمت في أمر الزواج   …107
اجعلوا انفسكم ميزاناً بينكم وبين غيركم   …109
التكبر من خصال ابليس   …112
قصة عن التسامح في امر الزواج   …115
التقليد عمل شيطاني   …118
المهور الغالية   …120
القرآن ، المهر الحقيقي للزواج   …121
شروط الزواج في الاسلام   …123
الدين والتدين   …125
الكفو   …127
رأي الامام السجاد ((عليه السلام)) بشأن الكفو   …130
لا تُزوجوا هؤلاء   …132
لا تتزوجوا من هذه النساء   …134
طريقة اختيار الزواج   …137
الناقص مطرود من رحمة الله   …139
سبيل الكمال   …141
طريقة اختيار الزوج في الاسلام   …143
قصة مدهشة   …145
ضوابط اختيار الزوجة   …146
سنن التزويج في الاسلام   …153
التباحث حول الزواج   …155
وجوب دفع المهر   …157
جهاز العروس   …159
المثل الالهي في جهاز العروس   …160
الدعاء عند الزفاف   …162
آداب الزواج واوقاته   …163
آداب الزفاف   …166
الصحة في الاسرة   …171
أهمية الصحة والنظافة في الاسلام   …173
صحة الفم والاسنان   …178
التنظيم والالتزام والصحة في الأكل   …181
اضرار كثرة الأكل   …183
قصة فيها عبرة   …184
الاخلاق الاسلامية في الاسرة   …187
أهمية مكارم الاخلاق   …189
المودة والتعبير عنها   …191
الانصاف في الآمال   …194
الحلم والعفو   …197
التغافل أو التناسي   …200
الغضب والحدّة   …202
التفاخر   …204
السلوك   …206
المنطق   …207
الحجاب وطهارة المرأة   …211
فوائد الحجاب   …213
واقعةُ مدهشة   …219
آراء مفكري الغرب حول اوضاع المجتمع الغربي   …220
درس من واقعة الحسين ((عليه السلام))   …222
الحجاب ونظرة السوء في القرآن   …223
محارم المرأة في نظر القرآن   …225
الامن في الحياة   …227
الحسنات والسيئات   …229
الجهل   …230
العلم والمعرفة   …231
القلب مصدر الحقائق   …234
العذاب في عرصات القيامة   …238
الآباء الصالحون   …240
تجليات الفضيلة في الاسرة   …243
اخلاص النية   …245
ذروة اخلاص النيّة   …245
اخلاص عجيب   …246
التقوى والعبادة   …249
وجوهٌ فاضلة   …253
قصة ذات عبرة   …255
واقعة عجيبة   …256
الإسلام والجوانب المادية للأسرة   …259
خير المال وشرّه   …261
الحلال والحرام   …264
لا تحرموا انفسكم من الحلال   …265
انفقوا على عيالكم من الحلال   …266
النبي (صلى الله عليه وآله) ولقمة الحلال   …267
موجبات سعة الرزق   …268
المال الحرام   …270
التائب حبيب الله   …272
المرتكزات المعنوية للاسرة   …275
النعم المعنوية   …277
العقل   …277
القرآن   …281
الأنبياء   …284
الأئمة   …285
العلماء   …285
الصلاة   …287
مسؤولية رب الاسرة   …291
قوا انفسكم وأهليكم نار يوم القيامة   …292
جنّة المأوى   …296
أربع واجبات مهمّة   …297
1 ـ بدعائهم الى طاعة الله   …298
2 ـ وتعاليمهم الفرائض   …298
3 ـ ونهيهم عن القبائح   …299
4 ـ وحثِّهم على أفعال الخير   …299
حقوق الزوج والزوجة في الاسلام   …301
صورة عن الحقوق الاسرية   …302
حقوق الزوجة على الزوج   …303
1 ـ توفير مستلزمات الحياة   …303
2 ـ المباشرة   …304
3 ـ التوسعة في الحياة   …304
4 ـ احترام الزوجة   …305
5 ـ التزيُّن والنظافة   …306
6 ـ المرونة في الحديث والمداراة   …307
7 ـ حافظوا على ارادتكم   …307
حقوق الزوج على الزوجة   …308
1 ـ الطاعة   …310
2 ـ التمكين   …311
3 ـ الخروج من الدار   …312
4 ـ تجنب ايذاء الزوج وسوء الخلق وبذاءة اللسان   …313
5 ـ العمل داخل المنزل   …314
6 ـ احترام الرجل ومداراته   …315
7 ـ عدم التزين لغير الزوج   …316
8 ـ عدم التصرف باموال الرجل دون اذنه   …317
الحمل ، والرضاعة ، والتسمية   …319
ما يجب القيام به اثناء فترة الحمل   …324
الولادة   …327
لباس الوليد   …328
اول طعام الوليد   …328
الأذان والاقامة   …329
عليكم بهذه الآداب بعد الولاة   …330
حليب الام   …331
التسمية   …334
الانجاب في الاسلام   …337
منزلة الولد وأهميته   …339
حبُّ الاولاد   …342
تقبيل الاولاد   …343
عظمة البنت في الاسلام   …347
مشيئة الله في الأولاد   …349
روايات مهمة حول البنات   …351
دور الأم في التربية   …357
الولد ثمرة فؤاد الاُم   …359
الثمرة الطيبة   …362
اُمّي سببُ شقائي   …363
قد يخبو نور العبادة   …364
زواج نوراني   …365
والدة الشيخ الشوشتري   …365
مثال الطهارة الباطنية والظاهرية   …365
دور الأب في تكامل الولد   …367
اهتموا باربع حقائق   …369
أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) يبكي   …370
أهل النار   …371
لحمة من حياة الشهيد الشيخ فضل الله النوري   …372
ايّها الشباب احذروا   …374
الآباء الضالون ومسؤولية الابناء   …375
والدٌ فاضل   …376
الآباء الطالحون والابناء الصالحون   …377
والدٌ كريم   …378
آكل الحرام لا يربّي علي الأكبر   …379
حق الولد على والديه   …381
طريق الخير   …383
حق الولد على والديه   …384
آثار الحلال والحرام   …385
الشيخ الزاهد   …387
ذكرى طيبة   …388
إلى الآباء والامهات   …390
حقوق الوالدين على الاولاد   …393
ملاحظة مهمة   …397
روايات في حقوق الوالدين   …397
اسلام زكريا بن ابراهيم وخدمته لوالديه   …398
الشيخ الانصاري وامه   …401
عاق الام   …401
مسؤولية الزوجين أزاء الأقربين   …403
الأهل والأقارب   …405
صلة الرحم   …413
القرآن وصلة الرحم   …415
مشروعٌ شاملٌ وبديع   …417
قصة مدهشة   …418
روايات في صلة الرحم   …418
روايات في قطيعة الرحم   …420
بواعث سعادة الأسرة وشقائها   …423
السعادة والشقاء   …425
الانصاف   …426
المداراة والرفق   …428
النصيحة   …429
الأدب   …429
المحافظة على الاُسرة من التهمة   …430
الوفاء بالعهد   …432
التشاور   …433
التواضع   …434
العطف على الصغير واحترام الكبير   …435
حسن الضيافة   …436
بواعث الشقاء والتعاسة   …438
الطلاق والارث   …439
قبح الطلاق   …441
مقدمات الطلاق   …442
الغيبة   …443
التهمة والافتراء   …445
درسٌ فيه عبرةٌ   …445
الطلاق في القرآن   …446
خاتمة الحياة   …448
قبل فهرست بعد