قبل فهرست بعد

الحمل ، والرضاعة ، والتسمية

بالرغم من ان الاُم تعتبر منهلاً للحنان والعواطف ، ورمزاً للرحمة الالهية ، وهي تعيش اللهفة لان تصبح اُماً وتكحّل عينيها برؤية وجه ولدها المفعم بالجمال والبراءة ، إلاّ فترة الحمل تعتبر بالنسبة لها فترة عصبية مقترنة بالقلق والاضطراب ومواجهة شتى الاعراض بدنياً وروحياً .
على الزوج ومَنْ انتسب اليه ، واقارب الزوجين نساءً ورجالاً مداراة الحامل والوقوف إلى جانبها والاعتناء بها بشكل كامل وعلى مدار الساعة ، لانّ ادنى تصرف شانىء ، وصراخ وتشويش وكلام غير مقبول وسوء خلق والحاق ايِّ نوع من الأذى بالمرأة الحامل ، بالاضافة إلى ما يتركه من أثر سلبيٍّ عليها فهو يؤثر سلبياً على الجنين في رحم امه ايضاً .
وإذا كان العريسان يعيشان مع والدي الزوج أو مع والدي الزوجة ، يتعين عليهم جميعاً ـ سواء من الجانب الشرعي أو الأخلاقي ـ تجنب إثارة الزوج ازاء زوجته الحامل ، ومراعاة الظرف الذي تمرّ به بايّ نحو كان .
على والديِّ الزوج الاحتراز من التدخل فيما يعيشه الزوجان من حياة وادعة ، وعلى والدي الزوجة التزام الحذر من النظر إلى الزوج بعين الاستصغار ، لئلا يتسببوا في انهيار الحياة الزوجية لهذين العريسين ، لان أقارب الطرفين بأسرهم مسؤولون ازاءهما وكذا ازاء الجنين الذي يستقر في رحم اُمه .
وإذا ما تسبب المقرّبون بالحاق الاذى بالجنين عن طريق ايذائهم المرأة الحامل بسبب سوء أخلاقهم وأقاويلهم والآمال غير المبررة التي يحملها اهل الزوج أو الزوجة ، لا شك أنّ عليهم تقديم الاجابة عن ذلك يوم تقوم محكمة العدل الالهية ، وبالطبع فإنّهم عاجزون عن ذلك ، يومذاك حيث يوم العدل والانصاف سينالهم العذاب الاليم بما ارتكبوه من ظلم .
والقرآن الكريم يرى أن الجميع مسؤولون أزاء ممارساتهم واخلاقهم وحركاتهم وسكناتهم وتصرفاتهم صغيرها وكبيرها :
( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(1) .

( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْؤُولُونَ )(2) .

( إِنَّ الْسَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُوْلئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )(3) .
لقد وصلتني الكثير من الرسائل أيام ذهابي إلى مختلف نقاط ايران للتبليغ خلال اشهر رمضان ومحرّم وصفر ، من الذين دخلوا عش الزوجية تواً ، وقد ساهمت في حلِّ الكثير من الاختلافات الناشبة بين العوائل ، وكانت نسبة عالية من التقصير صادرة عن الكبار والمحيطين بالزوجين ، وفي الأغلب كان السبب في الاختلاف هو الآمال غير المبررة لا بوي الزوج لا سيما اُمه ، أو التدقيق الزائد لا بوي الزوجة تجاه صهرهم ، أو الحسد الذي عبّر عنه الامام الصادق ((عليه السلام)) بأنه منشأ الاختلافات المنافية للاخلاق والدين ، وبطبيعة الحال فإنّ بعض العرائس لم يكونوا بريئين من التسبب في جانب من الاختلافات، وذلك انما يأتي بسبب صغر سنّهما وقلّة تجربتهما ويمكن تجاوزه ، الاّ ان الكبار لم يفعلوا ، وعلى اثر ذلك كانت تندلع نيران الاختلاف ، اضف إلى ذلك النواقص الأخلاقية والدينية التي كانت تمثل عاملاً مساعداً في تأجيجها أكثر فأكثر فيبلغ الأمر في بعض الأحيان ان تنهار حياة شابين وتذهب احلامهما ادراج الرياح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الحجر : 92 ـ 93 .
2 ـ الصافات : 24 .
3 ـ الاسراء : 36 .
الكل يعلم ، ان الانسان رجلا كان أم امرأة مجبول على الاستقلال ويتعطش للحرية ، وسلب هذه الحرية وهذا الاستقلال من وجهة النظر الاسلامية ، من قبل ايٍّ كان ، وبحق ايٍّ يعتبر ذنباً كبيراً ومعصية قبيحة .
ان الدعوة للعناية بالحامل والمحافظة على امنها لا يعني تجويز اهمالها والاساءة اليها أثناء خروجها من فترة الحمل ، لما تتمتع به المرأة من ظرف حساس أثناء تلك الفترة ، بل من الواجب والضروري للجميع احترام حرية الناس واستقلالهم في كلِّ ظرف وزمان .
وإذا كان بمقدور ذوي العريسين توفير مسكن مستقلٍّ لهما منذ البداية ، وان يتعاملوا معهما بعيداً عن الافراط في التمنّي ، تعاملاً مقترناً بالعفو ، تعاملاً اسلامياً وانسانياً ، وعلى والدي الطرفين التردد عليهما ودعوتهما الى بيوتهم واعتبار ذلك صلة للرحم ، وخلال هذه الزيارات ينبغي تجنب الغيبة والبهتان والتدخل غير المبرر والقيل والقال ، واثارة روح التذمّر لدى العريسين ازاء بعضهما البعض ، اذ ان مثل هذه الخلق أكثر سوءاً من تصرفات الحيوانات وشبيهاً بالوحشية .
وإذا لم يكن بوسع ذوي العريسين توفير مسكن مستقل لهما ، ينبغي توفير جانب من المنزل لهما والسعي لان يعيشا حياةً هانئةً تطفح بالمحبة فيما بينهما كي لا تتعكر حياتهما .
ان العروس بمثابة الامانة الالهية لدى عائلة الزوج ، إذ أنها قد دخلت حياتها الجديدة يحدوها الأمل نافضةً يديها من حياتها السابقة ، والصهر بمثابة النعمة الالهية بالنسبة لعائلة العروس عليهم المحافظة عليه كما يحافظون على ابنائهم ، وهذا يعتبر عبادة في منظور الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة ، وعاقبة العبادة بلوغ رضى الحق تعالى ودخول جنان الخلد .
ربما لمس العريسان الخير والمحبّة من قبل والديهما أو المحيطين بهما واقربائهما وقضيا اجمل أيام شبابهما ومطلع وزواجهما إلى جانبهم ، وربما كان العكس من ذلك ففي الوقت الذي كان لابد أن يقضي العريسان احلى ايامهما ، يكونان قد ذاقا الأمرّين من والديهما أو غيرهم من الأهل وتجرّعا العذاب منهم .
على أيّة حال ، اليوم إذ أصبح للأهل صهر أو عروس عليهم أن يضعوا انفسهم مكانهما ويتصوروا الدور الذي يلعبه الأمن والاستقرار بالنسبة لهذين الشابين في المحافظة على الصفاء والمحبّة والارتباط بينهما ، وانّه يهيءّ الارضية لان يمضيا حياتهما بكل هناء وينعما بما وهبهما الباري تعالى ، وبالعكس من ذلك ما تفعله التدخلات غير المبررة والتقولات والمبالغة في الاماني وسوء الخلق ، في تعكير الاجواء واثارة التذمر ، قد تؤدي إلى تزلزل الأمن والاستقرار وتثير الضغينة بين الاسرتين ، وبالتالي احتراق حياة شابين بريئين .
وعلى ما اتذكر فإنّي قد قرأت هذه الرواية المهمة في اصول الكافي مضمونها : ان الامام الرضا ((عليه السلام)) قال ان آدم ((عليه السلام)) لما بدأ حياته على الأرض واجه اول المصاعب وهي ان الله سبحانه نصحه .
احب لنفسك ما تحب لغيرك ، واكره لها ما تكره لغيرك .
نعم ، على ذوي الزوج والزوجة والمحيطين بهما واقاربهما ان يحبّوا لهما ما يحبّون لانفسهم وان يكرهوا لهما ما يكرهوا لانفسهم ، وهذه القاعدة إذا ما روعيت من قبل الجميع ازاء بعضهم البعض لن تحصل مشكلة ابداً ، وإذا ما حصلت فإنّها تحلُّ بيسر وسهولة .
والآن تأملوا هاتين الايتين المتعلقتين بالحمل :
( وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن )(1) .

( وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً )(2) .

أليس من الضروري المحافظة على المرأة الحامل ومراعاة الجوانب الضرورية بالنسبة لها أثناء هذه الفترة الحرجة ، التي هي فترة ضعف على ضعف ، وفترة المشقة والعذاب ، والاضطراب والقلق ؟ ومداراتها تقع بالدرجة الاولى ومن وجهة النظر الشرعية والعرفية والأخلاقية على عاتق الزوج ، ومن بعده اقرباؤه للماحفظة على سلامة الأم والجنين بدنياً ونفسياً .

ما يجب القيام به اثناء فترة الحمل

لا شك في ان فترة الحمل تعتبر فترة عصبية وأليمة بالنسبة لكل امرأة ، ولو لم يكن الدافع الذي جعل الامهات اللواتي تجر عن آلام هذه الفترة وذقن متاعبها ، هو محبة الطفل لا نصرفن عن الحمل مرة ثانية لما يحدث من فعاليات عجيبة في مختلف اجهزة جسم المرأة ، اذ تزداد افرازات بعض الغدد وتزداد عملية الاحتراق واعادة البناء في الجسم ، الاّ ان الكثير من النساء الحوامل لا يستطعن الأكل وبالتالي لا يحافظن على صحتهن نتيجة فقدان الشهية أو الاستفراغ المستمر .
وهنالك طائفة من النساء يقدمن على انتهاج نظام غذائي خاص وشديد للمحافظة على اناقتهنّ وللتخلص من السمنة وكذلك للحد من تضخم الجنين داخل الرحم ويحاولن الابتعاد عن الاغذية الضرورية لفترة الحمل لئلا تحصل زيادة في وزنهنّ أو يكون حجم كبيراً فيترهل جلد البطن وتظهر عليه التجاعيد ، أو يتسبب في اثارة المتاعب للمرأة الحامل ، غافلات عن ان الحامل عليها ان تأخذ بنظر الاعتبار انها لم تعد شخصاً واحداً منذ بداية الحمل بل شخصين وعليها ان تلتزم نظاماً غذائياً يوفر السلامة لها ولجنينها ، لئلا تبقى بعد الحمل جلداً ملتصقاً على العظم ، ويخرج طفلها ضعيفاً نحيفاً نتيجة لسوء التغذية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ لقمان : 14 .
2 ـ الاحقاف : 15 .
من أجل ان تمر فترة الحمل بسلام ، ولا يزداد وزن المرأة بحيث تصاب بالبدانة والتي تتسبب بمرضها ، أو تبتلي بالنحافة بحيث تعجز عن تحمل الجنين ، عليها تحديد غذائها اليومي وفق برنامج صحيح وتناول ما هو ضروري من الغذاء وبدقة متناهية .
وبسبب ازدياد افرازات الغدد الداخلية تتصاعد عملية الاحتراق والبناء داخل البدن وتسير بوتيرة عالية ، لذا فإنّ عملية الامتصاص تزداد بصورة تلقائية ، وعليه فلولا الجنين لاصيبت الام بالسمنة ، غير ان تصاعد الفعاليات داخل البدن انما تكون بسبب وجود الجنين ، وبناءً على ذلك فهو يضطر في حالة خفض تغذية الأم إلى الاستفادة من الاحتياطي المخزون في الكبد ومخ العظام وسائر الاجهزة في بدن الام وبذلك يعوِّض ما يحتاجه .
ومن أجل بناء مختلف اجهزته فإنّ الجنين يحتاج إلى عناصر الكالسيوم والحديد ، وهنالك اعتقاد سائد بأنّ الجنين يبني جسمه من الحديد والكالسيوم .
ان الحديد ضروري لبناء دم الطفل ، وبدون الحديد لن تُبنى مادة الهمو غلوبين التي تمثّل النواة الاولية لكريات الدم ، ولا مناص للجنين الاّ التغذي من ما تختزنه الأم من عنصر الحديد ، لذا فإنّها تصاب تدريجياً بفقر الدم ، ولا شك في ان الطفل سيصاب بفقر الدم ايضاً بعد الولادة .
ولكي تتمكن الام من توفير عنصر الحديد اللازم لها ولجنينها لابد لها من تناول كميات من الحبوب كاللوبيا والباقلاء والعدس أو سائر الاطعمة التي تحتوي على الحديد كالكبد واللحوم والفواكة الغنية بالحديد مثل التفاح والعنب والتمر وما شابه ذلك .
والمواد الغنية بالكالسيوم تعتبر اهم المواد التي يقوم بها بناء جسم الجنين فهو يحتاج خلال فترة مكوثة في رحم الام إلى ما لا يقل عن 40 ـ 50 غم يومياً من عنصر الكالسيوم ، وعلى الام تناول هذا المقدار من الكالسيوم مع غذائها اليومي كي يُستهلك من أجل بناء عظام الجنين ، وإلاّ فإنّ الجنين يحاول الاستفادة عن الكالسيوم الموجود في بدن الاُم وبذلك تصاب عظامها بالضعف تدريجياً ، وتتسوس اسنانها ويتساقط شعرها وتصاب بالضعف والنحول يوماً بعد يوم .
وبالامكان تغذية الاُم بالمواد الغنية بالكالسيوم من خلال الالبان ومشتقاتها كالحليب والجبن واللبن والقشطة أو الحبوب كالحنطة والشعير أو الفواكه كالكمثرى والتفاح وغيرها ، وبذلك تتم اعانة الجنين في تغذيته ونموه .
وهنالك انظمة اخرى اقرّها الاسلام الحنيف لتغذية الام اثناء فترة الحمل بغية المحافظة على صحتها وعلى نمو الجنين بدنياً وعقلياً وجمالياً وكذلك تغذية الطفل بعد الولادة ، بامكانكم الرجوع إلى الكتب المتعلقة بهذا الجانب لمطالعتها .
ان نوع الملابس ولونها ، ونعو الحذاء ، واماكن تردد الام ، وتردد المحارم وغيرهم إلى البيت اثناء فترة حمل المرأة ، وكلُّ ما يتحتم الالتزام به ، هي من الامور التي اشار اليها ديننا الحنيف .
فإذا لم تغفل الأم خلال فترة الحمل عن ذكر الله وعن حضور المجالس الدينية ، وعن قراءة القرآن والالتزام بالفرائض والمحافظة على استقرارها فذلك مما يؤثّر ايجابياً على الجنين روحياً وعقلياً ويؤثّر على تكامله الروحي والمعنوي .
ان الحمل بذاته يعتبر من وجهة نظر الاسلام نوعاً من العبادة يترتب عليها اجرٌ عظيمٌ .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
بلى إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله »(1) .
ان بامكان الزوجين الاتفاق على عدم الانجاب ، بيد انهما سيخسران بهذا الفعل تجارة رابحة ، كما لا ينبغي الافراط في مسألة الانجاب ، بل لابد من الاخذ بنظر الاعتبار قابليتهما وقدرتهما روحياً وبدنياً وصبرهما على تربية الاولاد والعناية بهم وتحمّل نفقاتهم ، لئلا يتجاوز عدد الاولاد الحد الذي يخفق الوالدان عن اداء واجباتهما تجاههم ، فيصبحوا ـ لا سمح الله ـ افراداً يجلبون اللعنة لآبائهم .

الولادة

مع ان لحظات الولادة تعتبر من أجمل اللحظات بالنسبة للام والاب أولاً وذويهما فيما بعد ، الاّ انها تعتبر من اصعب اللحظات التي تمرّ على المرأة مدى عمرها لما يترتب عليها من تحمل شديد الالم وبالغ المشقة كي تضع وليدها ، وتحملها هذا يعدُّ عبادة لا تُضاهى ولها من الأجر ما لا يحصى كما ورد في أحاديث المعصومين ((عليهم السلام)) .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« فإذا وضعت كان لها من الاجر ما لا تدري ما هو لعظمه »(2) .
وقال الامام الصادق ((عليه السلام)) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 11.html/106 .
2 ـ البحار : 11.html/106 ـ 107 .
« النُّفساء تُبعث من قبرها بغير حساب لأنها ماتت في غمِّ نفاسها » .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« ليكن اول ما تأكل النفساء الرطب فإنّ الله عزّوجلّ قال لمريم بنت عمران : وهزِّي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً ، قيل يا رسول الله فإنّ لم يكن إبان الرطب ؟ قال : سبع تمرات من تمرات المدينة ، فإنّ لم يكن فسبع تمرات من تمرات امصاركم فإنّ الله تبارك وتعالى قال : وعزّتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاماً إلاّ كان حليماً وان كانت جاريةً تكون حليمةً »(1) .
وقد اهتم الاسلام بالغ الاهتمام بقضية الولادة ومكانها والقابلة والحاضرين حين الولادة وذلك عنايةً منه بصحة الام وطفلها بدنياً ونفسياً .

لباس الوليد

لما حملت فاطمة بالحسن فولدت وكان النبي ((صلى الله عليه وآله)) أمرهم ان يلفّوه في خرفة بيضاء ، فلفّوه في صفراء ، وقالت فاطمة : يا عليُّ سمِّه ، فقال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وجاء النبي ((صلى الله عليه وآله)) فاخذه وقبّله وادخل لسانه في فيه ، فجعل الحسن ((عليه السلام)) يمصّهُ ثم قال لهم رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) : الم اتقدم اليكم ان تلفّوه في خرقة بيضاء ، فدعا بخرقة بيضاء فملفّه فيها ورمى الصفراء وأذّن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى وسمّاه الحسن ، وهكذا فعل مع الحسين ((عليه السلام))(2) .

اول طعام الوليد

ينقل المرحوم الكليني في كتابه اصول الكافي : حنّكو أولادكم بماء الفرات وبتربة قبر الحسين ، فإن لم يكن فبماء السماء(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 11.html/116 .
2 ـ الوسائل : 21/409 .

الأذان والاقامة

يقال ان اول جارحة من جوارح المولود تبدأ عملها هي الاذن ، والقرآن له مكانة خاصة بالنسبة للاذن ، فمنذ اللحظات الاولى للولادة تباشر الاذن بالاستماع ثم يستلم العقل ما يسمع فيحفظه .
والصوت يترك أثره في حواس الطفل ، لذا ينبغي ان يخلو البيت من الاصوات الخبيثة والمحرّمة ، والاّ فإنّ ذلك يؤدي إلى تلوث الطفل عقلياً وروحياً .
وقد دأب رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وائمة الهدى ((عليهم السلام)) على الاذان في الاذن اليمنى للوليد والاقامة في اليسرى في اللحظات الاولى للولادة .
يجب ان يدغدغ نداء التوحيد والنبوة والامامة وانغام حي على الفلاح والصلاة لآذان الطفل كي ينطلق بحياته متسلحاً بهذه الحقائق ويختمها بها ، اي يولد مسلماً ويموت مسلماً .
لا تقولوا انّه وليدٌ له من العمر يوماً واحداً لا يدرك ولا يرى ولا يشعر بشيء وليست لديه قابلية الاستلام ، بل انّه يتمتع بكل هذه القوى بشكل فعال وشديد .
سمعت ذات مرة من الاستاذ محيط الطباطبائي ((رحمه الله)) :
ان شابة امريكيةً في الثالثة والعشرين من العمر اصيبت بمرض عقلي ، فاجريت لها عملية جراحية ، ولما افاقت من التخدير اخذت تردد نشيداً دينياً باللغة الفرنسية ، مما اثار دهشة أبويها ، فسألهما الطبيب المعالج عن سبب دهشتهما ، قالا : ان بنتنا لا تعرف كلمةً من اللغة الفرنسية قط ، ولم تطالع كتاباً باللغة الفرسنية ولم تصادق فرنسياً مدى حياتها ، وفجأة بادرت اُمها إلى حلِّ ذلك السرّ فقالت : كانت ابنتي في الشهر الثالث من عمرها حينما لجأ بعض الفرنسيين إلى امريكا أثر اندلاع الحرب العالمية الثانية وكان من بينهم سيدة تعمل في التمريض وملتزمة بالمسيحية ، فالتخذت لها بيتاً إلى جوارنا ، وكانت تتردد في بعض الاحيان إلى دارنا وتحمل الطفلة في حضنها وتناغيها بغية تهدئتها واسكاتها عن البكاء ، وكان واضحاً بماذا تناغيها اذ كان يحمل طابعاً دينياً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الوسائل : 21/407 .
لقد طبع ذلك النشيد في دماغها منذ ذلك اليوم ، والآن فهي في الثالثة والعشرين من العمر ، وبعد أن تفيق من غيبوبتها يجري النشيد من دماغها إلى لسانها فتردده دون ارادة منها .
اذن لا يخلو الاذان والاقامة حين الولادة ، والتلقين في اللحظات الاولى من الموت ، من أثر ، اذان الاذن هي أول عضو يباشر عمله ، وآخر عضو يتوقف عن العمل !

عليكم بهذه الآداب بعد الولاة

يروي صاحب مكارم الأخلاق عن المعصوم ((عليهم السلام)) قوله :
« سبع خصال في الصبي إذا ولد من السنّة : أولادهنّ : يُسمّى ، والثانية يحلق رأسه ، والثالثة : يتصدَّق بوزن شعره ورقاً أو ذهباً ان قدر عليه ، والرابعة : يعق عنه ، والخامسة : يلطخ رأسه بالزعفران ، والسادسة : يطهّر بالختان ، والسابعة : يطعم الجيران من عقيقته »(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الوسائل : 21/411 ـ 413 .
واعتبر الامام الصادق ((عليه السلام)) العقيقة مستحباً مؤكداً حتى عبر عنها بالواجب ، فيقول ((عليه السلام)) :
« العقيقة واجبةٌ »(1) .
وسُئل الامام موسى بن جعفر ((عليه السلام)) عن ختان الصبي لسبعة أيام قال :
« لسبعة أيام من السنة »(2) .

حليب الام

لقد تطرق القرآن الكريم إلى قضية ارضاع الام طفلها لمدة عامين فقال :
( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ )(3) .
وقال أيضاً :
( وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ )(4) .
نعم ، ان رزق الطفل في ثدي اُمه ، ولا يجوز للاُم حرمان طفلها عما رزقه الله تعالى نتيجة لمصالحها الشخصية أو لما يساورها من أوهام ساذجة ، أو للمحافظة على بعض الجوانب البدنية ، وتوكل أمره إلى الحليب الجاف أو حليب الحيوانات وغير ذلك ، ولتعلم أن اهم عامل يؤدي إلى افراز الثدي للحليب هو ارضاع الطفل ، وليس هنالك علاج افضل منه يدفع الثدي لان يدر الحليب .
ويأخذ ادرار الحليب بالانتظام رويداً رويداً مع الرضاعة وتسير الحالة العامة للام نحو التحسن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نفس المصدر .
2 ـ الوسائل : 21/439 .
3 ـ البقرة : 233 .
4 ـ لقمان : 14 .
ان الحليب المترشح من ثدي الاُم يحتوي على نسبة 6 ر 1% من البروتينات و4 % من الدهنيات ، و8ر 3% من السكريات وبعض الاملاح والفيتامينات ، وهذا ما لا يمكن الحصول عليه من أية مادة اخرى على الاطلاق ، وصدر الاُم وحده الذي يستطيع انتاج مثل هذا الغذاء للضيف الذي قد حلّ تواً !
ثمة فارق قليل بين هذا الحليب وبين حليب الحيوانات ، أي ان الحيوانات التي تنمو بسرعة كالجاموس تزداد نسبة البروتينات في حليبها ، والعكس صحيحٌ .
ان حليب الاُم يشهد تغييرات مستمرة على مدى اشهر الرضاعة ، اذ تشهد نسبة السكريات والدهنيات انخفاضاً على مرور الأيام ، أما البروتينات فهي تسير نحو الازدياد .
ان لثم الطفل لثدي امه بالاضافة إلى انّه يؤدي إلى اشباعه واستمرار حياته ، فهو يؤدي إلى مضاعفة ادرار الحليب وعمل غدد الثدي ايضاً .
خلال الايام الخمسة عشر الاولى من الولادة يكون عدد دفعات الرضاعة سبع مرات يومياً تبدأ من الساعة السادسة صباحاً وتستمر حتى الثانية عشرة مساءً بمعدل رضعة واحدة كل ثلاث ساعات ، والطفل خلال هذه الفترة يجب ان يخلد إلى الراحة من الساعة الثانية عشرة مساءً وحتى السادسة صباحاً ، وبعدها تُقلل مرات الارضاع إلى ستِّ ، أي يقطع الحليب عنه في الساعة التاسعة مساءً ويُنوَّم كي تخلد الام إلى الراحة ، وليستعد الجهاز الهضمي للطفل إلى عملية هضم جديدة .
وعلى الاُم التأكد من أن ينام الطفل شبعاناً بعد كل مرة ترضعه فيها ، وهذا ما يمكن تحقيقه بقليل من الصبر والتحمل ، وبعد اشباعه يطرح على جانبه الايمن ثم تتوجه إلى اعمالها اليومية .
ان الطفل الذي ينام مطمئناً بعد كل مرّة من الرضاعة ولا يضطرب في نومه ، وإذا ما اُجري الفحص على وزنه ووجد انّه يزداد من 25 ـ 30 غرام ، فإنّه طفل صحيح البنية ، وامتلاك مثل هذا الطفل مدعاة للفرح والسرور .
بالرغم من كثرة مشاغل رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) الا انّه كان كثير الاهتمام بحليب الاطفال ، فقد كان ((صلى الله عليه وآله)) يأتي بيت فاطمة ((عليها السلام)) ويضع سبابته في فم الحسين ((عليه السلام)) ليختبر شهيّته من خلال مصّه للاصبع ، كي تبادر امة إلى ارضاعه إذا كانت لديه شهية إلى الحليب ، اما إذا كانت شهيته كاذبة وبكاؤه ليس سبب جوعه فلا ترضعه من أجل اسكاته ، لان تراكم الحليب في معدته يورث التخمة ، ويتسبب في بطء عمل المعدة ، وبالتالي فإنّه يترك أثراً سليباً في تركيب الطفل ، ويتسبب في خموله وضعفه .
قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« ليس للصبي لبنٌ خير من لبن امِّه »(1) .
لقد صدرت هذه العبارة من رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) منذ قرون مضت ، وهي حقيقة ادركها كبار العلماء حديثاً ، حيث ورد في الدراسات التي قام بها علماء الغرب ـ وأكثر العوائل في الغرب تودع اطفالها في دور الحضانة كي يشبّوا على الحليب الصناعي ـ : ليس هنالك حليبٌ وغذاءٌ افضل من حليب الام بالنسبة للطفل .
وإذا شحَّ حليب الام ـ وهذا قليلاً ما يحدث ـ عليها التفحص في اختيار مرضعة له كما اكدت على ذلك الروايات ، لما يتركه الحليب من أثر بالغ في جسم الطفل وعقله وروحه .
فقد ورد في الروايات نهيٌ عن استرضاع سيئة الخلق والمجنونة والحمقاء والفحشاء واليهودية والنصرانية والمجوسية وشاربة الخمر اذ ان طبائعهن تنقل إلى الصبي مع اللبن(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 13.html/323 .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) لاُم سلمة وقد قالت له : ذهب الرجال بكل خير فايُّ شيء للنساء المساكين ؟ بلى إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه ، فإذا ارضعت كان لها بكلّ مصّة كعدل عتق محرر من ولد اسماعيل ، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم جنبها وقال : استأنفي العمل فقد غفرالله لك(2).
على الامهات التزام مانبّه اليه الامام الصادق ((عليه السلام)) في مسألة الرضاعة ، إذ قال ((عليه السلام)) لامرأة تدعى ام اسحاق :
« لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما ، يكون احدهما طعاماً والآخر شراباً » .

التسمية

يتصور البعض ان التسمية أمرٌ بسيطٌ وعاديٌّ ولا مانع من ان يطلقوا على الطفل ما شاؤوا من الاسماء ، بيد ان الأمر ليس كذلك ، فالتسمية امرٌ بالغ الأهمية ومؤثرٌ في أحاسيس الطفل ومستقبله، من هنا فقد خُصص له بابٌ كاملٌ في الروايات.
قال الامام موسى بن جعفر ((عليه السلام)) :
« أول ما يَبرُ الرجل ولدَهُ يُسمّيه باسم حَسَن ، فليحسن احدكم إسمَ ولَده »(3) .
وقال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) : « استحسنوا اسماءكم فإنّكم تُدعون بها يوم القيامة »(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 13.html باب الرضاعة ، الوسائل : 15 باب الرضاعة .
2 ـ الوسائل : 21/451 .
3 ـ الوسائل : 21/389 .
يقول الراوي : دخلت على أبي عبدالله ((عليه السلام)) وهو واقفٌ على راس أبي الحسن موسى ((عليه السلام)) وهو في المهد يساره طويلاً ، فجلست حتى فرغ فقمت اليه فقال : ادن من مولاك فسلِّم ، فدنوت منه فسلمت فردَّ علي بكلام فصيح ثم قال لي : اذهب فغيِّر اسم ابنتك التي سميتها أمس ، فإنّه اسم يبغضه الله ، وكانت ولدت لي ابنة فسمّيتها بالحميراء ، فقال أبو عبدالله ((عليه السلام)) : انتهِ إلى أمره ترشد ، فغيّرتُ اسمها(2) .
عن الامام الصادق ((عليه السلام)) عن آبائه ((عليهم السلام)) :
« ان رسول الله كان يغيّر الاسماء القبيحة في الرجال والبلدان »(3) .
وقال الامام الباقر ((عليه السلام)) :
« أصدقُ الاسماء ما سُمىَ بالعبودية وأفضلها اسماء الأنبياء »(4) .
وقال الامام موسى بن جعفر ((عليه السلام)) :
« لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبدالله أو فاطمة من النساء »(5) .
عليكم استبدال اسماء أولادكم إذا كانت مغايرة لاسماء الأنبياء والأئمة أو امهاتهم ، طلباً لمرضاة الله وادخال السرور إلى قلوب الأنبياء والأئمة ، لئلا يشكوكم في المحشر بسبب الاسماء التي يحملونها والتي تذكّر بقبائح ابطال الجريمة والرذيلة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نفس المصدر .
2 ـ الوسائل : 21/389 .
3 ـ الوسائل : 21/390 ـ 391 .
4 ـ نفس المصدر .
5 ـ الوسائل : 21/396 .
« من سعادة الرجل أن يكون له ولدٌ يستعين بهم »
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الامام السجاد ((عليه السلام)) ، اصول الكافي : 6 / 2

الانجاب في الاسلام

منزلة الولد وأهميته

الانجاب في الاسلام   
ان الولد سواء كان ذكراً أم أنثى يعتبر من أعظم النعم التي يمنّ بهاالله على عباده المؤمنين .
لقد كان ابراهيم ((عليه السلام)) عقيماً ، لهذا كان حزيناً فمنّ الله سبحانه على عبده باسماعيل واسحاق في شيخوخته ، فاصبح نسل الاسحاق من الأنبياء حتى عيسى  ((عليه السلام)) أما اسماعيل فامتد نسله حتى خاتم النبيين محمد ((صلى الله عليه وآله)) والأئمة ((عليهم السلام)) وإلى الآن هنالك الآلاف من الفقهاء والعلماء والحكماء من نسله .
والولد نعمة لا تضاهى ، فهو منهل الخير والكرامة وخير الدنيا والآخرة بالنسبة للانسان ، وبطبيعة الحال فإنّ المؤمن بما يتحلّى من ايمان تتربى على يديه ذرية مؤمنة صالحة .
وبعد أن وهبه الله تعالى الذرية ، انبرى ابراهيم ((عليه السلام)) حامداً لله حمده ، إذ ان انجاب الذرية يستحق الحمد ، حمداً يتجسد على اللسان والقلب والجوارح .
( الْحَمْدُ للهِِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ )(1) .
يستفاد من الآية الكريمة مدى أهمية الولد في الحياة بحيث ان ابراهيم ((عليه السلام)) وهو شيخ كبير دعا الله ان يهبه ذريةً ، وقد استجيب دعاؤه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ابراهيم : 39 .
وكذا زكريا فإنّه دعا ـ وهو شيخ كبير ـ ربّه ان يرزقه الولد :
( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ )(1) .
يروي اسحاق بن عمار عن أبي عبدالله الصادق ((عليه السلام)) ، ان فلاناً رجل سمّاه ـ قال : اني كنت زاهداً في الولد حتى وقفتُ بعرفة ، فإذا إلى جنبي غلام شاب يدعو ويبكي ويقول : يارب ، والديَّ ، فرغبني في الولد حين سمعت ذلك(2) .
ان الاموات من الآباء والامهات ينعمون بما يقوم به ولدهم من عبادات وادعية إذا ما كانوا من اهل الايمان .
روي عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) انّه قال :
« خمسةٌ في قبورهم وثوابهم يجري إلى ديوانهم : مَنْ غرس نخلاً ، ومن حفر بئراً ، ومن بنى مسجداً ، ومَن كتبَ مصحفاً ، ومَنْ خلّف ابناءً صالحاً »(3) .
وقال الامام الصادق ((عليه السلام)) :
« لما لقي يوسف أخاه قال : كيف استطعت ان تتزوج بعدي ؟ فقال : ان أبي امرني فقال : ان استطعت ان يكون لك ذرية تثقل الارض بالتسبيح فافعل »(4) .
وقال الامام علي بن الحسين ((عليه السلام)) :
« من سعادة المرء المسلم ان يكون متجرة في بلاده ، ويكون خلطاؤه صالحين ، ويكون له ولد يستعين به »(5) .
فما اعظم نعمة الولد ، اذ جاء في كتاب الله :
( وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ مريم : 5 ـ 6 .
2 ـ الوسائل : 21/355 .
3 ـ البحار : 14.html/97 .
4 ـ الوسائل : 21/356 .
5 ـ البحار : 13.html/7 .
وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ )(1) .
قال الامام الصادق ((عليه السلام)) :
« ان أولاد المسلمين موسومة عندالله : شافعٌ ومشفَّع ، فإذا بلغوا اثني عشر سنة كتبت لهم الحسنات ، فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات »(2) .
وعن الامام موسى بن جعفر ((عليه السلام)) :
« سعد امرؤٌ لم يمت حتى يرى خَلَفاً من نفسه »(3) .
ان نعمة الولد من العظمة ما عبّر عنه أميرالمؤمنين ((عليه السلام)) :
« في المرض يصيب الصبىَّ انّه كفارة لوالديه »(4) .
وقال النبي ((صلى الله عليه وآله)) :
« الولد الصالح ريحانةٌ من الله قسمها بين عباده »(5) .
وقال ((صلى الله عليه وآله)) :
« الولد الصالح ريحانةٌ من رياحين الجنّة »(6) .
وجاء في رواية : « كان رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) يخطب على المنبر فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال : ( أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ )(7) .
يروى ان رجلاً يدعى الحاج علي رضا كان قد حفر بئراً في طهران استفاد منها اهالي طهران أكثر من مائة عام ، قال أحد كبار العلماء : ان شخصاً رآه في المنام وسط حديقة كبيرة إلى جانب نهر عظيم ، فقال له : ان هذه الروضة من رياض الجنّة وهذا النهر من انهارها وقد وهبه الله لي جزاءً لذلك البئر ، ولكن ليت لي ولدٌ يردد ولو مرة واحدة « لا اله الاّ الله » ثم يموت كي تشملني نعمة اقراره بالتوحيد ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ النحل : 72 .
2 ـ الوسائل : 21/355 .
3 ـ الوسائل : 21/357 ـ 358 .
4 ـ نفس المصدر .
5 ـ نفس المصدر .
6 ـ نفس المصدر .
7 ـ البحار : 43/284 ح 50 .

حبُّ الاولاد

عن أبي عبدالله الصادق ((عليه السلام)) عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) :
« احبّوا الصبيان وارحموهم »(1) .
ان البعض من الناس لا يبدون قليلاً من المحبة ازاء اطفالهم ، أولا يظهرونها إذا توفرت لديهم ، ويتعاملون معهم بعنف وحدّة وشدّة ، فليعلم هؤلاء انهم بهذا السلوك الذي يفتقد الجنبة الانسانية والاسلامية انما يحرمون انفسهم من رحمة الله .
عن الصادق ((عليه السلام)) انّه قال :
« ان الله ليرحم العبد لشدّة حُبِه لولدهِ »(2) .
وقال أبوالحسن موسى بن جعفر ((عليه السلام)) :
« . . . ان الله عزوجل ليس بغضب لشيء كغضبه للنساء والصبيان »(3) .
ان غضب الله ما هو الاّ نتيجة لظلم الرجال وسوء اخلاقهم مع عوائلهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الوسائل : 21/483 .
2 ـ نفس المصدر .
3 ـ الوسائل : 21/484 .
قال الصادق ((عليه السلام)) :
« قال موسى ((عليه السلام)) : يا ربِّ ايُّ الاعمال افضل عندك ؟ قال : حبّ الاطفال »(1) .

تقبيل الاولاد

يروي الفتّال النيشابوري ـ وهو من أكابر علماء الشيعة ـ في كتابه روضة الواعظين عن المعصوم ((عليهم السلام)) :
« أكثروا من قُبلة أولادكم فإنّ لكم بكل قبلة درجةً في الجنّة سيرة خمسائة عام »(2) .
جاء رجل إلى رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) فقال : « ما قبلت صبيا لي قط فلما ولّى قال رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) هذا رجل عندي أنه من أهل النار »(3) .
وهنا لا فرق بين الصبي والصبيّة ، فكلاهما نعمة الهية وأولاد المرء ، والذين تسود وجوههم إذا ما رزقوا بنتاً ، فهم كأعراب الجاهلية من حيث الروح ، وكيانهم قد أشبع بالحماقة .
وسوف أشير إلى مسألة انجاب البنات في البحث الآتي ان شاء الله ، كي تتضح اهميتها ومنزلتها في الاسلام .
ثمة وصايا اخرى وردت عن المعصومين ((عليهم السلام)) بشأن الاولاد يجدر الالتزام بها من الناحية الأخلاقية ، وهي :
« يفرَّق بين الصبيان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين »(4) .
ولرسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وصية مهمة للغاية في هذا المجال جديرة بالاهتمام :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البحار : 14.html/97 .
2 ـ الوسائل : 21/485 .
3 ـ الوسائل : 21/485 .
4 ـ الوسائل : 21/361 .
« الصبيّ والصبي ، والصبيُّ والصبيّة ، والصبيّة ، يفرَّق بينهم في المضاجع لعشر سنين »(1) .
نعم ، فلا داعي في ان ينام صبيان ، أو صبيَّ وصبيّة ، أو صبيتين في مضجع واحد ، والاسلام الحنيف يرفض ذلك .
عن أبي عبدالله الصادق ((عليه السلام)) :
« دع ابنك يلعب سبع سنين ، والزمه نفسك سبع سنين ، فإنّ افلح والاّ فإنّه لا خير فيه »(2) .
وقال النبي ((صلى الله عليه وآله)) :
« علِّموا أولادكم السباحة والرماية »(3) .
وعنه ((صلى الله عليه وآله)) أيضاً :
« أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم يغفر لكم »(4) .
يقول مالك بن دينار ، كنت شخصاً لا اُبالياً ، ولم يكن عندي خبراً عن الاسلام ، تزوّجت ثلاث مرّات ، وطلّقتهن لعقمهنّ ، ورزقت ولداً من امرأتي التالية ، ولمّا بلغ السادسة من عمره أرسلته لتعلّم القراءة والكتابة ، وحين رجوعه عصراً رأيته مريضاً ، وعلمت أنّ أوّل شىء علّمه المعلّم هو هذه الآية :
( يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً ) .
لم يبرأ ولدي من مرضه ، وقضى نحبه ، فلزمت قبره ، وفي ليلة رأيت في عالم الرؤية كأنّي وحيداً فريداً في الصحراء وقد هجم علىَّ شيء غريب عجيب ، فلذت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الوسائل : 21/460 .
2 ـ الوسائل : 21/473 .
3 ـ الكافي : 6/47 .
4 ـ الوسائل : 21/476 .
بالفرار حتى وصلت إلى حائط وأردت أن أعبر الحائط لأنجو من هذا المخوف ، وفجأة رأيت اطفالاً يلعبون فسألتهم عن ابني ، فنادوه ، فقلت له : أين أنت ؟ قال : بعد وفاتي أخذوني لدرس القرآن كي بتعلّمه استحقّ الدخول إلى الجنّة وأنال رحمة الله تعالى .
فقلت له : وما هذا المخوف الّذي اتّبعني ؟
قال : هذا عملك وأخلاقك السيّئة .
فانتبهت مرعوباً ، وتبت إلى الله تعالى وأنبت إليه ، وتركت جميع المعاصي ، ووفّقت بذلك لأن أسلك طريق الحقّ .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « نعم الولد البنات ، ملطّفات ، مجهزات ، مؤنسات
مباركات ، مفلّيات »
فروع الكافي 6/5
قبل فهرست بعد