عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

المعصومة سلام الله علیها

المعصومة سلام الله علیها

ويقترن هذا الاسم باسم فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر ( عليهم السلام ) ،فيقال في الأعم الأغلب : فاطمة المعصومة ، كما يقال عند ذكر أمهاالكبرى : فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) .وقد ورد هذا الاسم في رواية عن الرضا ( عليه السلام ) حيث قال : من زارالمعصومة بقم كمن زراني.
ولهذه التسمية من الدلالة ما لا يخفى ، فإنها تدل على أن السيدة فاطمة ( عليها السلام ) قد بلغت من الكمال والنزاهة والفضل مرتبة شامخة حيث سماها الإمام ( عليه السلام ) بالمعصومة ، والعصمة تعني الحفظ والوقاية ، والمعصوم هو الممتنع عن جميع محارم الله تعالى ، وهي لا تنافي الاختيار ، فتكون مرتبة من الكمال لا تهم النفس معها بارتكاب المعصية فضلا عن الإتيان بها مع القدرة عليها عمدا أو سهوا أو نسيانا ، ولا يكون معها إخلال بواجب من الواجبات ، بل ولا مخالفة الأولى كما في بعض المعصومين ( عليهم السلام ) ، وليست هي أمرا ظاهرا وإنما هي حالة خفية من حالات النفس ، ويستدل عليها بالنص أو القرائن القطعية الدالة على ثبوتها ، كما أنها أمر مشكك ، أي ذات مراتب تتفاوت فيها القابليات والاستعدادات من شخص إلى آخر .
وقد اتفقت كلمة الشيعة الإمامية على عصمة الأنبياء والأئمة ( عليهم السلام ) والملائكة وبعض الأولياء ، وإن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الاثني عشر والصديقة الزهراء ( عليها السلام ) في أرقى درجات  لعصمة ، فإنهم بلغوا من العصمة مقاما لا تصدر منهم معصية ، ولا يتركون واجبا ، ولا يبدر منهم ما كان على خلاف الأولى ، وبذلك نطقت الأدلة وقامت البراهين
العقلية والنقلية كما هي مبثوثة في كتب الشيعة الإمامية الكلامية. ويتلوهم الأمثل فالأمثل بمقتضى تفاوت المراتب والمقامات .
وعلى هذا فلا يبعد القول بأن السيدة فاطمة هي إحدى المعصومات وإن لم تبلغ درجة الصديقة الزهراء ( عليها السلام ) ، أو أحد الأئمة ( عليهم السلام ) .

وقد ذكر بعض الباحثين عدة قرائن تدل على ذلك ومنها :
أولا : ما ورد في الرواية عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) من أنه قال : من زارالمعصومة بقم كمن زارني .
ومن المعلوم أن الإمام ( عليه السلام ) لا يلقي الكلام جزافا ، ولا يمكن أن تصدرمنه مبالغة في القول في حق شخص من الأشخاص على خلاف الحق .
ولم يكن اسم المعصومة يطلق على السيدة فاطمة في حياتها ليكون التعبير بالمعصومة عنوانا مشيرا ، بل إن هذا التعبير منه ( عليه السلام ) صدرعنه بعد وفاتها ( عليها السلام ) وهو يدل على إثبات العصمة لهذه السيدة الجليلة لأنه بناء على أساس القاعدة المعروفة من أن تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية ، يصبح معنى الحديث هكذا : من زار المعصومة بقم كمن زارني لأنها معصومة .
فإذا ثبت أن هذا الحديث صادر عنه ( عليه السلام ) فلا إشكال في دلالته على عصمتها ( عليها السلام ) .
وثانيا : بما ورد من الأحاديث الصحيحة المستفيضة الواردة في وجوب الجنة لمن زار قبر هذه السيدة الجليلة .
وإن كان لا ملازمة بين العصمة ووجوب الجنة ، ولكن لم يعهد في شأن غير المعصوم ذلك ، حتى أن ثلاثة من الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) يؤكدون على زيارتها - وسيأتي الحديث عن ذلك - .
وثالثا : بشفاعتها الشاملة لجميع شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
نعم ذكرت الشفاعة في شأن العالم والشهيد ونحوهما ، ولكن لم يرد شمول الشفاعة وسعتها بحيث تشمل الجميع إلا في حقها وحق آبائها
المعصومين ، يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة بأجمعهم .
رابعا : الروايات المتواترة الواردة في فضل قم وقداسة أرضها ببركة قدوم هذه السيدة الجليلة ، ولم يرد في شأن مدينة أخرى كما ورد في شأن مدينة قم ، ومن الطبيعي أن قداسة هذه المدينة إنما هي من أجل هذه السيدة الجليلة .
خامسا : التعبير عن قم بأنها حرم أهل البيت ، وعش آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وغيرها من التعابير العالية التي لم يرد لها مثيل إلا في مواطن ومشاهدالأئمة ( عليهم السلام ) .
سادسا : الكرامات الباهرة لهذه السيدة الجليلة التي كانت ترى على مر القرون والأزمان ، ولم يكن لأحد من أولاد الأئمة ذلك ، إلا ما كان من أبي الفضل العباس ( عليه السلام ) الذي يقال بعصمته أيضا .
سابعا : التعبيرات العالية الواردة في زيارتها مثل : " فإن لك عند الله شأنا من الشأن " وحيث أن هذه الزيارة مروية عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، فإن هذه التعبيرات العالية الشأن لا تتناسب مع غير المعصوم .
ثامنا : إخبار الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن تشرف هذه البقعة - مدينة قم - ببضعة من ولده موسى ( عليه السلام ) ، وكان إخباره بذلك قبل ولادة موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، وهو يدل على مقامها العظيم ، ومع هذا يؤكد ( عليه السلام ) على أن جميع الشيعة يدخلون الجنة بشفاعتها ، وذلك علامة على جلالة قدرها ، الأمر الذي لم نقف عليه في شأن غير المعصوم .
وعاشرا : مجئ الإمامين الرضا والجواد ( عليهما السلام ) لتجهيز ودفن هذه السيدة الجليلة دليل واضح على عصمتها ، وذلك لأن من معتقدات الشيعة أن جنازة المعصوم لا يتولى دفنها إلا المعصوم ، فإن أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) هو الذي تولى تجهيز فاطمة ( عليها السلام ) مع حضور أسماء ، حتى أن الإمام الصادق ( عليه السلام ) رأى أن ذلك ثقل على المفضل - الذي كان يحدثه - فقال له ( عليه السلام ) : لا تضيقن فإنها صديقة ، ولم يكن يغسلها إلا صديق ، أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أحداث ليلة ضرب الرأس الشريف لأمير المؤمنين
أهل البيت القدوة الصالحة والنموذج الأمثل
القدسية والعظمة
فلسفة تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام
ذِكر عليٍّ عبادة
الإمام الحسين عليه‌السلام والسلفية
أهل البيت^ الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق
السیده رقیه بنت الحسین علیها السلام
شروط الإمام
فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة

 
user comment