عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

في النهي عن الانفراد في الأسفار و استعداد الرفقاء لدفع الأخطار

في النهي عن الانفراد في الأسفار و استعداد الرفقاء لدفع الأخطار

في النهي عن الانفراد في الأسفار و استعداد الرفقاء لدفع الأخطار

ذكر أحمد بن محمد البرقي في كتاب المحاسن بإسناده عن أبي الحسن موسى ع قال لعن رسول الله ص ثلاثة أحدهم راكب الفلاة وحده

و من كتاب المحاسن بإسناده إلى السري بن خالد عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص أ لا أنبئكم بشر الناس قالوا بلى يا رسول الله قال من سافر وحده و منع رفده و ضرب عبده

و في كتاب الشهاب الرفيق قبل الطريق

و من الكتاب المذكور بإسناده قال قال رسول الله ص الرفيق ثم السفر

أقول أنا أعلم أن الذي يريد السفر يحتاج إلى استعداد الرفقاء و الخفراء على قدر ما يكون بين يديه من الأخطار و الأكدار و طول الأسفار و على قدر حاله في كثرة الحساد

و الأعداء و على قدر ما يصحبه مما يعز عليه من سائر الأشياء و قد كنت إذا

 

                         الأمان ص : 54

توجهت في الزيارات أستظهر في صحبة الأجناد و العدد و الرجالة بحسب تلك الأوقات فيقول لي بعض أهل الغفلات إن التوكل على الله جل جلاله يغني عن الاستعداد و

عن العدة و الأجناد فأقول إن سيد المتوكلين محمد سيد الأولين و الآخرين قال الله جل جلاله له في خاص عباداته و أوقات صلواته وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ

طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى‌ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ

أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً و قال الله جل جلاله وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ و قلت لبعض من سأل

عن الاستظهار في الأسفار إن ذلك يسعد على تأدية الفرائض في أوائل الأوقات أين كان الإنسان في مخافات الطرقات و يقوي على الشيطان الذي يخوف الإنسان من حوادث

الأزمان

 

الفصل الثاني فيما يستصحبه في سفره من الآلات بمقتضى الروايات و ما نذكره من الزيادات

 

روينا من كتاب المحاسن لأحمد بن محمد بن خالد البرقي بإسناده عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله ع قال في وصية لقمان رضي الله عنه لابنه يا بني سافر بسيفك و

خفك و عمامتك و حبلك و سقائك و إبرتك و خيوطك و مخرزك ثم تزود معك الأدوية التي تنتفع بها أنت و من معك و كن لأصحابك موافقا إلا في معصية الله و زاد فيه بعضهم و قوسك

 

أقول و ذكر صاحب كتاب عوارف المعارف حديثا أسنده أن النبي ص‌

                         الأمان ص : 55

 

كان إذا سافر حمل معه خمسة أشياء المرآة و المكحلة و المدرى و السواك و المشط و في رواية أخرى و المقراض

 

أقول و اعلم أن اتخاذ الآلات في الأسفار إنما هي بحسب حال ذلك السفر و بحسب حال الإنسان و بحسب الأزمان فإن سفر الصيف ما هو مثل سفر الشتاء و سفر الضعفاء

ما هو كسفر الأقوياء و لا سفر الفقراء كسفر الأغنياء و لكل إنسان حال في أسفاره يكون بحسب مصلحته و مساره و يساره. و المهم في حمل الآلات و اتخاذ الرفقاء في

الطرقات أن يكون قصد المسافر بهذه الأسباب امتثال أوامر سلطان الحساب و العمل بمراسم الآداب و حفظ النفس على مولاها الذي خلقها له في دنياها و أخراها. أقول و

إياه أن يتعلق قلبه عند الاستعداد بالعدة و الأجناد مع ترك التوكل على سلطان الدنيا و المعاد فيكون كما قال الله جل جلاله وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً

وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ و لا يعتمد على الآلات اعتماد فارغ القلب من الخالق لها و المنعم بها و القادر على أن يغني عن كثير منها بل يكون

القلب متعلقا على الله جل جلاله و مشغولا به جل جلاله عنها ليكون كما قال جل جلاله وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ فيقوي الله جل جلاله قلبه و يشد

أزره و يكمل نصره

 

الفصل الثالث فيما نذكره من إعداد الطعام للأسفار و ما يتصل به من الآداب و الأذكار

 

روينا بإسنادنا إلى أحمد بن محمد بن خالد البرقي من كتاب المحاسن بإسناده إلى أبي عبد الله ع عن آبائه ع عن أمير المؤمنين ع‌

                        الأمان ص : 56

قال قال رسول الله ص من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره

و من ذلك بإسنادنا من الكتاب المذكور قال قال أبو عبد الله ع إذا سافرتم فاتخذوا سفرة و تنوقوا فيها

أقول إن اتخاذ السفرة و الطعام في الأسفار يختلف بحسب حال المسافرين و من يصحبهم و بحسب اليسار و الإعسار و بحسب سفر الاختيار و سفر الاضطرار فعسى أن

يكون المراد بهذه الأخبار سفر أهل اليسار و الاختيار. و قد روينا كراهية السفرة و التنوق في الطعام إلى زيارة الحسين ع.

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه فقال ما هذا لفظه قال الصادق ع لبعض أصحابه تأتون قبر أبي عبد الله ص فقال له نعم

قال تتخذون لذلك سفرة قال نعم قال أما لو أتيتم قبور آبائكم و أمهاتكم لم تفعلوا ذلك قال قلت فأي شي‌ء نأكل قال الخبز و اللبن

و من الكتاب المذكور قال و في آخر قال الصادق ع بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين ص حملوا معهم السفر فيها الجداء و الأخبصة و أشباهه و لو زاروا قبور أحبائهم ما

حملوا معهم هذا

 

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس مؤلف هذا

 

                         الأمان ص : 57

الكتاب و حيث قد ذكرنا ما يصحب في سفره من الطعام فلنذكر ما يحضرنا و يتهيأ ذكره من الآداب المتعلقة بالأكل بحسب ما يهدينا إليه واهب الألباب فنقول إن الطعام ما

يحضر بين يدي الإنسان إلا بعد أن يولي الله جل جلاله بيد قدرته و حكمته و رحمته و داعيته و اختياره و إرادته إنشاء السماوات و الأرضين و البحار و الأنهار و الغيوث

و الغيوم و الأمطار و فصول الصيف و الشتاء و الربيع و الخريف و ما فيها من المنافع و الأسرار و يستخدم في ذلك من يختص بهذه المصالح من الملائكة و من يقوم

بتدبير الخلائق من الأنبياء و الأوصياء و الرعايا و الولاة و أصحاب الصنائع و الأكرة و الحدادين و النجارين و الدواب التي يحتاج إليها لهذه الأسباب و من يقوم بمصالح

ذلك و مهماته من ابتدائه إلى حين طحنه و خبزه و حمله إلى بين يدي من يأكله أوقات حاجاته فالمنة فيه لله جل جلاله أعظم من المئونة على مائدة بني إسرائيل فيجب أن

يكون العبد عارفا و ذاكرا و شاكرا لهذا الإنعام الجزيل الجليل و جالسا عند أكله بين يدي الله جل جلاله ليأكل من طبق ضيافته كما يجلس العبد بين يدي سلطان قد عمل له

طعاما و استخدم فيه نفسه و خواصه و من يحتاج إليه من أهل دولته و السلطان ناظر إلى الذي يأكل كيف شكره لنعمته و كيف حفظه لحضور السلطان و حرمته و كيف

يتأدب في جلوسه بين يديه و كيف يقصد بأكل الطعام ما يريد به السلطان مما يقربه إليه. أقول ثم يكون العبد ذاكرا و شاكرا أنه إذا أكل الطعام أنه لو لا ما وهبه الله جل

جلاله من الجوارح التي تعينه على حمله و أكله و مضغه و الريق الذي يأتي بقدر حاجته من غير زيادة على اللقمة فكانت الزيادة تجري من فمه و لا نقيصة فكانت اللقمة

 

تكون يابسة أو غير ناعمة. أقول و ليكن ذاكرا و شاكرا أنه إذا صار الطعام في معدته فإن الله‌

 

                         الأمان ص : 58

جل جلاله يطبخه بحرارة المعدة و بقدرته حتى يصير صالحا لتفريقه في الجوارح و الأعضاء فيبعث جل جلاله لكل جارحة و لكل عضو بقدر حاجته من غير زيادة فتكون

الزيادة ضررا عليه أو نقيصة فتكون سقما و ضعفا و خطرا لا يقوى العبد عليه. أقول و لو أن الله تعالى عرف العبد ما يحتاج كل عضو إليه و مكنه من قسمة ذلك على

أعضائه عجز عنه و كره الحياة لأجل المشقة التي تدخل بذلك عليه و كيف يحل أو يليق بالتوفيق أن يكون ذاهلا و غافلا عمن كفاه هذا المهم العظيم و تولاه جل جلاله

بنفسه و هو جل جلاله أعظم من كل عظيم. أقول و ينبغي أن يكون ذاكرا و شاكرا كيف استخلص من الطعام ما لا يصلح للأعضاء و الجوارح و أفرده جل جلاله و ساقه

بيد القدرة و أخرجه في طرقه و العبد في غفلة عن تدبير هذه المصالح. أقول و لو أن العبد أنصف من نفسه مولاه و مالك دنياه و أخراه و من أنشأه و ربه و ستر عمله

القبيح عن أعين الناظرين و غطاه و رأى بعين عقله كيف إمساك الله جل جلاله للسماوات و الأرضين لأجل العبد الضعيف و كيف إمساكه لوجوده و حياته و عقله و نفسه

و عافيته بتدبيره المقدس الشريف ما كان العبد على هذه الحال من الإهمال و سوء الأعمال و الاشتغال بما يضره أو بما لا ينفعه من جميع منافعه منه و كيف استحسن

لنفسه الإعراض عنه.

أقول و اعلم أننا روينا من كتاب مسائل الرجال لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي ع قال محمد بن الحسن قال محمد بن هارون الجلاب قلت له روينا عن آبائك أنه

يأتي على الناس زمان لا يكون شي‌ء أعز من أخ أنيس أو كسب درهم من حلال فقال لي يا أبا محمد إن العزيز موجود و لكنك في زمان ليس شي‌ء أعسر من درهم حلال

و أخ في الله عز و جل

                         الأمان ص : 59

قلت أنا و إذا كان الحلال عسرا و متعذرا في ذلك الزمان و هو قريب العهد بابتداء الإسلام و الإيمان فكيف يكون حال الحلال و الطعام مع اختلاف أمور الحلال و الحرام

و إنني لما رأيت الأمر قد بلغ إلى هذه الغايات رأيت أن الاستظهار بإخراج الخمس و الحقوق الواجبات مما اختص به من سائر المهمات أقرب إلى النجاة و السلامة في

الحياة و بعد الممات. ثم إنني أقول عند المأكولات

اللهم إني أسألك بالرحمة التي سبقت غضبك و بالرحمة التي أنشأتني بها و لم أك شيئا مذكورا و بالرحمة التي نقلتني بها من ظهور الآباء و بطون الأمهات من لدن آدم إلى

هذه الغايات و قمت لهم بالكسوات و الأقوات و المهمات و بالرحمة التي وقيتني و سلفي مما جرى على الأمم الهالكة من النكبات و الآفات و بالرحمة التي دللتني بها عليك

و بالرحمة التي شرفتني بها بالخدمة التي تقربني إليك و بالرحمة التي حلمت بها عني عند جرأتي عليك و سوء أدبي بين يديك و بالمراحم و المكارم التي أحاط بها علمك

أن تصلي على محمد و آل محمد و على كل من يعز عليك و أن تنظر إلى طعامنا هذا بعين الرحمة و الحلم و الكرم و الجود و تطهره من الأدناس و الأرجاس و حقوق

الناس و الحرامات و الشبهات و توصل في هذه الساعة إلى كل ذي حق حقه من الأحياء و الأموات حتى تجعله طاهرا مطهرا شفاء لأدياننا و دواء لأبداننا و طهارة

لسرائرنا و ظواهرنا و نورا لعقولنا و نورا لأرواحنا و باعثا لنا على طاعتك و مقويا لنا على عبادتك و اجعلنا ممن أغنيته بعلمك عن المقال و بكرمك عن السؤال

 

 

 


source : دار العرفان/الامان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قال الإمام الحسين (عليه السلام): (اللهم إني لا ...
دروس من مواقف أبي ذر (رضوان الله علیه)
الإمام الصادق (ع)
الشيعة الإمامية
إبليس هل کان من الملائکه؟
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
اُسلوب التعامل مع المنافقين
شعر الإمام الحسين
معرفة الله تعالى أساس إنساني
لهفي عليك.. يا أبا عبدالله

 
user comment