عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

لطف الميل في المرأة

لطف الميل في المرأة
اجمل ما في القرآن الکریم هو ان یحتک في مشاعر الانسان بلطف و اسلوب المواعظ والحکم حيث سعى القرآن الكريم لأن يتكلم مع الإنسان عن طريق الموعظة التي لها ارتباط مباشر بالقلب ، وكذلك عن طريق الحكمة التي لها ارتباط غير مباشر بالقلب وإذا لم تصل قناة العقل والفكر إلى دهليز الدخول إلى القلب والذكر فلا فائدة لها ، والنساء أكثر نجاحاً من الرجال في قسم القلب والميل والجذبة ، لذا تؤثر المناجاة في النساء أكثر من الرجال ، أو على الأقل مثل الرجال ، وتؤثر الموعظة في المرأة أكثر من الرجال أو بمساواة الرجال .
ليس الكلام فقط عن حجم مخ الرجل ، بل الكلام أيضاً عن ظرافة قلب المرأة ، ان المرأة تبكي أسرع بسبب أن جهاز قبولها أكثر عاطفية ، وأهم طريق ، هو طريق الذكر الذي مقدمته المرونة .
في القرآن الكريم عدة طوائف من الآيات بهذا الشأن ، بعض الآيات تتعلق بالعقل والتفكر التي يرافقها ( أفلا تعقلون ) (1) أو ( أفلا تتفكرون ) (2) .
وبعضها يتعلق بطريق العمل . حيث قال : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) (3) .
هذا هو العقل العملي ، أحياناً يجمع هذين الاثنين معاً ، كما أنه يجمع التفكر والتعقل إلى جانب بعضهما ولكن ليس لدينا في القرآن سورة يكرر فيها الفكر . ولكن بعض سور القرآن يكرر فيها الذكر ، في سورة القمر كرر تعالى القول :
( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ) (4) .
هذا المذكر يطلب متذكراً . القرآن كتاب تفكر وفكر وفيه آيات كثيرة تدعونا إلى التفكر والفكر ، ولكن لا يقول : هل هناك شخص ليصبح عالماً ؟ بل يقول هل يوجد أهل ذكر ؟ لم يقل هل يوجد أهل فكر ، لأن الفكر هو مقدمة للذكر .
بناء على هذا لا يمكن ان يقول شخص إن طريق القبول في المرأة اقل من الرجل . إذا كنا علماء ونتصور أن سعينا إلى حوزة والجامعة كافٍ ونقول : نحن وطريق المدرسة ، نحن وطريق الكتاب ، نحن وطريق الدرس والبحث والفهم ، من الممكن أن يأتي هذا السؤال إلى ذهن شخص ، ويقول يجب أن نفكر أعلى من هذا ولنعلم أن الحوزة والجامعة كلتاهما وسيلة حتى يصل الإنسان من التفكر إلى التذكر . عندما يقول الله تعالى إن كتابه هو كتاب ذكر وانه انزله للتذكر والتذكرة وهل من شخص يتذكر ، فهذا بمثابة هل من ناصر لله ، يطلب الله تعالى في هذه التعابير هل من متذكر ، هل من شخص يكون ذاكراً له ؟ عند ذلك نفهم ان المرأة هنا إن لم تقل لبيك قبل الرجل فعلى الأقل يجيبان في وقت واحد .
نرى آل عمران ولدوا من امرأتين . في حال محراب ، الله تعالى لم يعط المسيح لمريم في الحوزة أو الجامعة . أعطاها في المحراب ، الملائكة لم يتكلموا مع مريم في الجامعة والحوزة ، بل تكلموا معها في المحراب . الملائكة لم يتكلموا مع زكريا في المراكز العلمية ، تكلموا معه في المحراب ، حيث قال :
( فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ) (5) .
هذا المحراب هو حالة حرب . الصلاة هي محل حرب بين العقل والجهل . أحياناً يريد الإنسان النجاة من شر العلم . هذه الحرب تظهر في الصلاة ، وفي الصلاة ينجح الإنسان في التخلص من العلم ، يتخلص من شر الفهم . هذا الفهم يكون أحياناً علة للشر الذي يقول : ( أنا أعلم منه ) ، أما حين يتخلص الإنسان من شر الفهم ، فانه يجعل هذا الفهم مقدمة ويقول هكذا : إلهي فهمت أنك خلقتني من تراب حتى تجعلني متواضعاً لا أن تصب التراب على رأسي ، الفهم أساساً هو من أجل أن يمشي الإنسان ، لا من أجل أن يوجد داعية في الإنسان . إذ أخذ الذكر بزمام الفكر ، فهذا العلم هو :
« نور يقدمه الله في قلب من يشاء » (6) .
إذا لم يستطع الذكر أن يأخذ زمام الفكر ـ معاذ الله ـ فهذا هو التفاخر في العلم والتكاثر في المعلومات الذي يؤدي لأن يقول شخص إنني أفهم أفضل منه ، تأليفي أفضل ، تلاميذي أكثر ، درسي له راغبون أكثر ، أشرطة كاسيتي تؤخذ أكثر ، وهذه في الحقيقة أفاعٍ وعقارب تنفذ إلى النفس . بناء على هذا لا يمكن القول أبداً : لأن حجم مخ المرأة أقل مثلاً : فانهن يختلفن عن الرجال في الرقي والحصول على السعادة .
ليس هكذا ، بل الذي يتألم أكثر ، يصل إلى المقصد اسرع ولا يمكن القول أبداً : إن انين الرجل أكثر من المرأة ، ولا يمكن القول أبداً إن ذكر وتذكر وتذكرة هذه المجموعة أكثر من تلك المجموعة ، فالنتيجة انه عدا الناس الذين ذكرهم وفكرهم واحد ، سواء الزهراء أو علي عليهم السلام فان الأوساط من الناس قسمان . بعضهم طريق نظرهم أقوى . وبعضهم طريق علمهم أقوى .
تناسب الطريق مع سالكه :
بالنظر لأن طريق الوصول إلى المعارف الإلهية متعددة ، فمن الممكن أن يصل سالكوا هذا الطريق كل واحد من طرق خاصة إلى المقصد ( كلّ ميسر لما خلق له ) (7) . إن الله تعالى سهل قطع الطريق لكل سالك .
( ثم السبيل يسره ) (8) .
إي أن الله يسر قطع الطريق ، ولكن لا أن يكون قطع جميع الطرق سهلاً لجميع السالكين ، بل ان قطع كل طريق يكون سهلاً لسالك ذلك الطريق . ( كل ميسر لما خلق له ) ، وكما أن في صنف الرجال ، يختار كل شخص طريقاً خاصاً ، كذلك صنف المراة أيضاً ، كل مرأة تختار طريقها الخاص ، ومن الممكن أن يكون الطريق الذي تختاره امرأة صعباً على امرأة أخرى ، وكذلك من الممكن أن يكون قطع طريق النساء صعباً على الرجال ، وقطع طريق الرجال غير سهل على النساء أيضاً .
إذا كان جهاز وحجم مخ الرجل أكثر من جهاز وحجم مخ المرأة ، وافترضنا ان الرجل أقوى من المرأة في مسائل التفكير والفكر ، فلا يكون الرجل أيضاً أقوى في مسائل أخرى ، لأن طريق الفكر ليس هو كل الطرق فطريق الذكر ، والمحبة والموعظة ، ان لم يكن أقوى من طريق الفكر والتفكر ، فهو ليس أضعف منه .
هذان الطريقان لاءم بينهما القرآن ، ولو أراد شخص أن يصبح قوياً في طريق الجزم والنظر ، يجب أن يصل إلى العزم والتصميم أيضاً ، حتى يصبح حياً ، كما ان الشخص إذا كان قوياً في طريق العزم والتصميم ، يجب ان يصل إلى الجزم والفكر أيضاً ، حتى يصل إلى حياة أفضل ، القرآن يلائم دائماً بين جزم النظر وعزم العمل ، إذ من مجموع العلم والعمل ، والعمل والقوة تنشأ الحياة ، فالشخص الذي يعلم فقط لا يعتبره القرآن حياً ، والشخص الذي يعمل فقط ولكن ليس على أساس الفكر ، لا يعتبره القرآن متمتعاً بحياة طيبة ، حياة طوبى هي في ظل العلم الصادق والعلم الصحيح ، وللتلاؤم بين هذين الجناحين يطرح القرآن طريق العمل عندما يعرض المسائل العلمية ، وعندما ينصب طرق الذكر والموعظة للسالك ، يقدم له أيضاً طريق التفكر والفكر ، وإذا كان سالكوا هذا الطريق بعضهم أقوى في النظر ، وبعضهم في العمل فالنتيجة أن من الممكن أن يصلا إلى مقصد واحد ، وطريق القلب وهو طريق الموعظة والذكر والنصيحة ، إذا لم يكن النساء أقوى فيه من الرجال فلسن أضعف ، إذن لا يمكن القول إن المرأة في المعارف أقل من الرجل ، لأن المعارف ليست محدودة وخاصة بالفكر .
ارتباط القلب والعقل في منظار القرآن :
من أجل ان يربط القرآن الكريم طريق القلب وطريق العقل معاً ، ويعتبر العلم معبراً للعمل ، يطرح السيرة العلمية للأنبياء ، وكذلك سيرة الحكماء الصالحين بهذا الشكل ، وهي أنهم يتعلمون ويعلمون العلم مقروناً بالعمل ، فمثلاً إبراهيم الخليل عليه السلام حين يعتزم طرح المسائل التوحيدية يقول :
( لا أحب الآفلين ) ( فلمّا جنّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلمّا اَفَلَ قال لا أحب الآفلين ) (9) .
إن ملة إبراهيم الخليل حصلت على رسمية بحيث أن القرآن دعانا إلى تعلم ملته ، فقال :
( ملّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل ) (10) .
قال إبراهيم عليه السلام بعرض طريق البصر وطريق القلب بدلاً من استدلال النظر وذلك في مقام طرح التوحيد وطرد الشرك فهو لا يدخل عن طريق البرهان ولا يقول : انه نظراً لأن الكوكب يتحرك والمتحرك يريد محركاً ، وإذن لا يمكن أن يكون المتحرك رباً ، بناء على هذا فمحركه هو الرب ، لأن برهان الحركة أو برهان الحدوث او برهان الإمكان وأمثال ذلك هي مجموعة أفكار نظرية .
أسلوب إبراهيم عليه السلام :
فسر الحكماء أصحاب الرأي والمتكلمون والمحققون وأهل التفسير كل منهم أسلوب خليل الرحمن هذا بنوع من التفسير ، بعضهم قال : إن مقصود إبراهيم الخليل عليه السلام هو إقامة برهان الإمكان ، أي بالنظر لأن الكواكب ( القمر والشمس ) هي ممكنة والممكن محتاج إلى الواجب فهي إذن ليست واجبة . بعض آخر قالوا : إن مراد إبراهيم عليه السلام ، هو برهان الحدوث ولأن هذه الكواكب حادثة لذا تتطلب محدثاً . وبعض آخر قالوا :
الاستدلال عن طريق برهان الحركة ، أي لأنها متحركة ، تتطلب محركاً ، وبعض طبقوا ذلك على برهان النظم ، أي أن السير المنتظم للشمس والقمر والكواكب وأمثالها هو دليل على وجود الناظم .
هذه البراهين كل منها بمقدارها مقبولة وتحظى بالاهتمام في محلها ، ولكن ظاهر الآية لا ينسجم مع أي منها ، ليس مراد الآية أن إبراهيم عليه السلام عرف الله بالطرق المذكورة ، بل إبراهيم الخليل يقول ( إني لا أحب الآفلين ) أي أن الله هو الذي يكون محبوباً ، والشيء الآفل ليس محبوباً ، فالشيء المحكوم بالأفول ليس رباً . ان الشمس والقمر ليسا رباً لأنهما ليسا محبوبين ، وليس من ناحية أنهما ممكنا الوجود . هنا جعل المحبة الحد الوسط للبرهان ، والمحبة ليست عمل العقل ، بل هي عمل القلب ، وإبراهيم عليه السلام أصبح خليل الرحمن من ناحية انه عرف الله عن طريق المحبة ، وليس عن طريق الفكرة ، فهو عرف الله بالذكر والرغبة وليس بالفكر .
في الكتب العقلية لا يطرح مثل هذا الكلام أبداً بأن يقول إنسان : إني لا أحب الآفل ، ويقول آخر إني أحبه . القرآن الذي هو كتاب نور ربط طريق القلب مع طريق العقل وعمل على انسجامهما ، لذا نرى انه في معرفة الله التي هي أبرز معرفة دينية ، مزج وعلم طريق القلب وطريق الفكر معاً .
سيرة لقمان الحكيم في التعليم والتربية :
قال تعالى بشأن لقمان :
( ولقد آتينا لقمان الحكمة ) (11) .
وقال تعالى :
( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ) (12) .
ومن جمع هاتين الآيتين يستنبط ان لقمان الحكيم كان يتمتع بخير كثير . والله تعالى يعدّ كل الدنيا متاعاً قليلاً ويقول :
( قل متاع الدنيا قليل ) (13) .
ولكنه يعدّ الحكمة خيراً كثيراً وليس متاعاً كثيراً . وعندما يتكلم عن كلمات لقمان الحكيمة ، فإن أول كلام ينقله عن لقمان هو :
( يا بنيّ لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) (14) .
ويقيم تعالى ، البرهان أحياناً لنفي الشرك ، ويقول :
( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) (15) .
هذا هو طريق الفكر والنظر لإقامة التوحيد ، وأحياناً نقرأ ( لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) وهذا طريق الذكر وطريق العمل ، طريق العقل العملي والحكمة العملية ، يقول : إن الشرك سيّىء لأنه ظلم وعلى خلاف العقل العملي والقلب ، وليس مذموماً لأنه على خلاف العقل النظري فقط . ورغم ان القرآن الكريم يذكر الشرك بوصفه مسألة بدون البرهان ، أي أن الشرك لا يقبل الإثبات أبداً ، والذي يدعيه لا يستطيع أبداً الاستدلال على ذلك .
( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربّه) (16) .
أي أن الشرك هو أمر باطل وغير مبرهن . أما لقمان الحكيم فيثبت في تعليمه وتربيته مسألة نفي الشرك عن طريق عقل العمل وحكمة العمل ، أن قبح الظلم وحسن العدل لا يرتبط بعقل النظر والفكر بل يرتبط بطريق الذكر ، لأن مسألة الميل إلى العدل والنفور من الظلم ليس لها ارتباط بطريق الفكر . من الممكن أن يدرك الفكر قبح الظلم أو حسن العدالة ، أما تلك الجنبة من النفس التي لها ميل إلى العدل ونفور من الظلم فهي جنبة العمل والقلب وليس جنبة العقل والفكر .
فاتضح ان القرآن الكريم يربط هذه الطرق معاً حتى يستطيع الشخص جبران ضعف طريق العقل بقوة طريق القلب . وإذا أصبح شخص أقوى في طريق العقل والفكر يستطيع ترميم ضعف طريق القلب في ظل قوة العقل . لأن كل شخص مناسب للطريق الذي اختاره ، من هنا لا يمكن القول : إن صنفاً من الناس مقدم على صنف آخر ، أو أن ما يتمتعون به أكثر .
المصادر :
1- سورة آل عمران ، الآية : 65 .
2- سورة الأنعام ، الآية : 50 .
3- سورة البقرة ، الآية : 44 .
4- سورة القمر ، الآية : 17
5- سورة آله عمران ، الآية : 39 .
6- حديث نبويّ .
7- سفينة البحار ، مادة يس ص 732 .
8- سورة عبس ، الآية : 20 .
9- سورة الأنعام ، الآية : 76 .
10- سورة الحج ، الآية : 78 .
11- سورة لقمان ، الآية : 12 .
12- سورة البقرة ، الآية : 269 .
13- سورة النساء ، الآية : 77 .
14- سورة لقمان ، الآية : 13 .
15- سورة الأنبياء ، الآية : 22 .
16- سورة المؤمنون ، الآية : 117 .

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
مقتل الحسين عند رهبان اليهود والنصارى وفي كتبهم ...
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
زيارة أم البنين عليها السلام
ما حدث في مولد الرسول الأعظم (ص)
في خصائص صفاته واخلاقه وعباداته يوم عاشوراء
الإمام الصادق (عليه السلام) يشهر سيف العلم!
قرّاء القرآن و كيفية قراءته
منكروا المهدي من أهل السنة وعلة إنكارهم
مفاتيح الجنان(300_400)

 
user comment