عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

الثقافة واللغة

الثقافة واللغة

قد لوحظت العلاقة بین الثقافة واللغة فی فترة تعود إلى الفترة الکلاسیکیة، وربما قبل ذلک بوقت طویل. فالإغریق القدامى، على سبیل المثال، یمیزون بین الشعوب المتحضرة وبارباروس "أولئک الذین یمیلون إلى الثرثرة"،، أی أولئک الذین یتکلمون لغات غیر مفهومة. فنظرا لأن هناک مجموعات تتحدث لغات مختلفة، وغیر مفهومة فقد یعتبر ذلک دلیلا ملموسا على الاختلافات الثقافیة أکثر من کونه من السمات الثقافیة الأخرى الأقل وضوحا.(1)
ویرى فرانز بواس Franz Boas، مؤسس الإنثروبولوجیا الأمیرکیة، کغیره من الرواد الألمان، على أن اللغة المشترکة بین المجتمعات هی الناقل الأساسی لثقافتهم العامة. حیث کان بواس هو أول علماء الأنثروبولوجیا الذین اعتبروا أنه من غیر الممکن دراسة ثقافة الشعوب الأجنبیة من دون التعرف على لغتهم الخاصة. وبالنسبة لبواس، فکان یعتقد أن الثقافة الفکریة لشعب ما انشاها وتقاسمها وحافظ علیها استخدام اللغة، مما یعنی أن فهم لغة مجموعة ثقافیة ما هو المفتاح لفهم ثقافتهم. فی الوقت نفسه، على الرغم من بواس وطلابه کانوا على وعی بأن الثقافة واللغة لا تعتمد کل منهما على الآخر بشکل مباشر. ویوضح ذلک أحد المعانى الهامة وهو أن الجماعات ذات الثقافات المختلفة قد یتحدثون بلغة مشترکة، والمتحدثون بلغات مختلفة تماما یمکن أن یشترکون فی السمات الأساسیة الثقافیة ذاتها. هذا ویقترح العدید من العلماء الآخرین ان شکل اللغة یسهم قی تحدید بعض السمات الثقافیة الخاصة. وهذا مشابه لمفهوم الحتمیة اللغویة، التی تنص على أن شکل اللغة یسهم قی تحدید الفکر الفردی. وبینما بواس نفسه رفض وجود علاقة سببیة بین اللغة والثقافة، ذهب بعض ممن تناقلوا أسلوبه قی التفکیر إلى تبنى فکرة أن الأنماط الاعتیادیة من التحدث والتفکیر بلغة معینة قد تؤثر على ثقافة مجموعة لغویة ما. ویعد هذا الاعتقاد وثیق الصلة بنظریة النسبیة لغویة. وبواس، مثل معظم علماء الأنثروبولوجیا الحدیثة، ومع ذلک، کان أکثر میلا إلى الربط بین العلاقة الوثیقة بین اللغة والثقافة وبین العبارة التی تقول، کما وضعها بى إل ورف، "أنهما نشئا معا".(2)
فی الواقع، إن أصل اللغة، والذی یفهم على أنه قدرة الإنسان على التواصل عن طریق الرموز المعقدة، وکذلک منشأ الثقافة المعقدة غالبا ما یعتقد أنهما یشترکان فی نفس الأصل هو نفس العملیة التطوریة للإنسان البدائى. ومن ثم فإنه یمکن وصف کل من اللغة والثقافة على حد سواء کوسیلة لاستخدام الرموز فی بناء الهویة الاجتماعیة والحفاظ على التماسک الاجتماعی فی إطار مجموعة اجتماعیة لا یمکنها الاعتماد بشکل کامل على طرق بناء المجتمع التی ظهرت قبل ظهور الإنسان وذلک بسبب کبر حجمها على سبیل المثال الاستمالة..و لأنه یعتبر کل اللغة والثقافة على حد سواء فی جوهرهما أنظمة رمزیة، فقد قام المنظرون الثقافیون فی القرن العشرین بتطبیق طرق تحلیل اللغة التی تطورت فی ضوء علم اللغویات من أجل تحلیل الثقافة.ولا سیما النظریة الهیکلیة لفردیناند دی سوسیر، Ferdinand de Saussure. الذی یصف فیها الأنظمة الرمزیة على أنها تتألف من إشارات (مزاوجة بین شکل معین ذو معنى خاص)، حیث یتم تطبیقها على نطاق واسع فی دراسة الثقافة. ولکن نظریات ما بعد البنیویة، والتی لا تزال تعتمد على التشابه بین اللغة والثقافة بوصفها نظم للاتصال الرمزی، قد طبقت فی مجال السیمیائیة. ویمکن فهم التشابه بین اللغة والثقافة على أنه التناظریة فی التشابه بین العلامة اللغویة، التی تتکون من على سبیل المثال الصوت [کوا] ومعنى کلمة "البقرة"،، والإشارة الثقافیة، التی تتکون من على سبیل المثال الشکل الثقافی " مرتدیا التاج "، والمعنى الثقافی" کونه ملکا ". وبهذه الطریقة فإنه یمکن القول بأن الثقافة هی فی حد ذاتها نوعا من اللغة. کما أن هناک تناظرا آخرا بین النظم الثقافیة واللغویة وهو أن کلا منهما یعد نوعا من الممارسة، ویعنى ذلک أنهما مجموعة من الوسائل الخاصة للقیام بهذه الأمور التی یتم بناؤها وإدامتها من خلال التفاعلات الاجتماعیة فالأطفال، على سبیل المثال، یعتمدون فی اکتساب اللغة على ذات الطریقة التی تمکنهم من استیعاب القواعد الأساسیة الثقافیة للمجتمع الذی ینشأون فیه من خلال التفاعل مع الأعضاء الأکبر سنا من جماعتهم الثقافیة.
ومع ذلک، فإن اللغات، التی تفهم على أنها مجموعة معینة من قواعد الکلام فی مجتمع معین، هی أیضا جزء من ثقافة المجتمع الذی یتحدث تلک اللغة. فالبشر یستخدمون اللغة کوسیلة للتعبیر الهویة الثقافیة داخل مجموعة واحدة وبشکل یمیزهم عن باقى المجموعات الأخرى. حتى بین المتحدثین بلغة واحدة فإننا کثیرا ما نجد بعض الاختلافات فی استخدام تلک اللغة، ویستخدم کل اختلاف من هذه الاختلافات فی تمییز بعض المجموعات الفرعیة عن غیرها ضمن إطار الثقافة الأوسع. فی علم اللغویات تسمى هذه الطرق المختلفة لاستخدام لغة واحدة "أصناف". فاللغة الإنجلیزیة على سبیل المثال، یتحدث بها الناس بشکل مختلف فی الولایات المتحدة وبریطانیا وأسترالیا، وحتى داخل البلدان الناطقة بالانکلیزیة هناک المئات من اللهجات الإنجلیزیة التی تشیر إلى أولئک الذین ینتمون إلى منطقة معینة و/ أو ثقافة فرعیة. على سبیل المثال، فی المملکة المتحدة تمیز لهجة کوکنی أولئک الذین ینتمون إلى مجموعة من عمال الطبقة الدنیا من شرق لندن. کما تظهر الفروق بین الأنواع المختلفة من نفس اللغة غالبا لیس فی الاختلاف فی طرق النطق والمفردات اللغویة فحسب، ولکن أیضا فی بعض الأحیان فی الاختلاف فی النظم النحویة، وکثیرا ما تستخدم فی الأنماط المختلفة (على سبیل المثال کوکنی العامیة المقفاه أو لغة رجال المحاماه). هذا وقد تخصص کل من اللغویین وعلماء الانثروبولوجیا، وبخاصة علماء اللغویات الاجتماعیین، وعلماء اللغویات المتخصصون قی الأعراق والانثروبولوجیا اللغویة فی دراسة کیفیة تنوع طرق الطلام بین المجتمعات التی تتمیز بالکلام.
وتعتبر طرق الکلام أو الإشارة فی مجتمع ما جزء لا یتجزأمن ثقافة المجتمع ککل، تماما کما هی الممارسات المشترکة الأخرى. فاستخدام اللغة هی طریقة لبلورة وتوضیح هویة المجتمع. فطرق الکلام بین الأشخاص لیست طریقة لتسهیل التواصل بینهم فحسب وإنما لتحدید هویة ومکانة المتحدث الاجتماعیة أیضا. فعادة ما یطلق اللغویون على الطرق المختلفة فی التحدث بلغة ما، مصطلحا یشمل لهجات معرفة جغرافیا أو ثقافیا ولغات أو أسالیب تحدد المجموعة الفرعیة ذاتها وتمیزها عن غیرها. کما یعرف علماء الاجتماع والانثروبولوجیا اللغویة الأسلوب التواصلى على أنه الطرق التی تستخدمها اللغة والتی تعتبر مفهومة فی إطار ثقافة معینة.
الأنثروبولوجیا الثقافیة :
ولدى الفهم الأنثروبولوجی الحدیث للثقافة جذوره فی القرن التاسع عشر فی ظل نظریة أدولف باستیان Adolf Bastian" الوحدة النفسیة للبشریة "، والتی - تأثرت ب هردر وفون همبولت -، شککت فی محاولة تحدید" الثقافة " حسب طریقة حیاة النخب الأوروبیة، ومحاولة عالم الإنثروبولوجیا البریطانی إدوارد بیرنت تایلور Edward Burnett Tylor 'قی ایجاد تعریف شامل للثقافة قدر الإمکان. وقد وصف تایلور الثقافة فی عام 1874 على النحو التالی: ( تعنى الثقافة أو الحضارة، بما لذلک من حس إثنوغرافی بمفهومها الشامل حسب علم المجتمعات البدائیة، بالکل المتداخل والذی یشمل المعرفة والإیمان والفن والأخلاق والقانون، والعرف، وأیة قدرات وعادات أخرى قد یکتسبها الإنسان بوصفه عضوا فی المجتمع).(3)
ویعد فرانز بواس، مؤسس الأنثروبولوجیا الأمریکیة الحدیثة بمساعدة أول برنامج للدراسات العلیا فی الإنثروبولوجیا بجامعة کولومبیا فی عام 1896. فی وقت شاع النموذج السائد للثقافة بوصفه نموذج التطور الثقافی، ، الذی یفترض أن تقدم المجتمعات البشریة عبر مراحل الوحشیة مرورا بالهمجیة وصولا إلى الحضارة، وهکذا، على سبیل المثال المجتمعات التی تعتمد على فصیلة الإیروکوا وزراعة البساتین هی أقل تطورا عن غیرها من المجتمعات التی تعتمد على فصیلة الإسکیمو والزراعة. ولعل من أعظم انجازات بواس قدرته على أن یبرهن بشکل مقنع على أن هذا النموذج یعتریه شیء من الخلل على نحو جوهری، من الناحیة التجریبیة، المنهجیة والنظریة على حد سواء. وعلاوة على ذلک، فإنه یرى أن معرفتنا للثقافات المختلفة غیر مکتملة نوعا ما، وغالبا ما تستند إلى الأبحاث لا تتصف بالطریقة المنهجیة أو الطریقة العلمیة قی البحث، وأنه من المستحیل تطویر أی نموذج عام مقنن بطریقة علمیة للثقافات البشریة. بدلا من ذلک، فقد أسس مبدأ النسبیة الثقافیة، وقام بتدریب الطلاب على المراقبة الصارمةوالبحوث المیدانیة فی مختلف المجتمعات. لقد أدرک بواس قدرة الثقافة على استیعاب التفکیر الرمزی والتعلم الاجتماعی، وأدرک أیضا قدرة الثقافة لتتواکب مع السمات البیولوجیة المختلفة، والممیزة لجنس هومو. ومع ذلک، ذکر بأن الثقافة لا یمکن أن تقتصر على الأحیاء أو غیرها من تعبیرات التفکیر الرمزی، مثل اللغة. فلقد استوعب بواس وطلابه الثقافة بطریقة شاملة واعترضوا على وضع تعریف عام للثقافة. فی الواقع، لقد اعترضوا على تحدید مفهوم "الثقافة" بوصفها شیء، بدلا من استخدامها على أنها صفة ولیس اسما. وذکر بواس أن "الأنواع" أو "الأشکال" الثقافیة فی حالة تدفق مستمر. کما ذکر ألفرید کروبیر بأن محاولة " التقبل اللامحدود والهضم للثقافة" جعلت من المستحیل عملیا التفکیر فی الثقافات کأشیاء منفصلة.(4).
هناک توتر على صعید الإنثروبولوجیا الثقافیة بین الإدعاء بعالمیة الثقافة (الحقیقة التی تقول بأن لدى جمیع المجتمعات البشریة شیء من الثقافة)، وبین القول بذاتیة الثقافة فی نفس الوقت (حیث تأخذ الثقافة أشکالا هائلة من التنوع حول العالم). منذ أن ظهر بواس، وسادت اثنتین من المناقشات حول الأنثروبولوجیا الثقافیة. یختص الأول بطرق محاکاة ثقافات معینة. على وجه التحدید، وناقش علماء الإنثروبولوجیا مفهوم "الثقافة" باعتباره شیء متکامل ومترابط، أو باعتباره مجموعة متنوعة من الأشیاء، وأرقام ومعانی التی تتسم بالتغیر المستمر. ولقد توصلت روث بندیکت تلمیذة بواس بأن السمات الثقافیة لأى مجتمع قد توجد بدرجة أقل أو أکثر"تکاملا"، والتی على هذا الأساس، تشکل نمطا من العمل والتفکیر یضفى بریقا على الهدف الذی یعیش من أجله معظم الناس، ویوفر لهم أساسا تنطلق منه سبل تقییم الأفکار والأعمال الجدیدة، وعلى الرغم من اقرارها بدرجات مختلفة من التکامل، إلا أنها لاحظت فشل بعض الثقافات فی تحقیق التکامل المنشود. وکما ذکر بواس، ومع ذلک، بأن الاندماج الکامل أمر نادر الحدوث، وإن ظهرت ثقافة ما على أنها متکاملة فی بعض النواحى فیعزى هذا بدرجة کبیرة إلى تحیز الباحث. من وجهة نظر بواس، یعد ظهور أنماط من هذا القبیل ثقافة وطنیة، على سبیل المثال ، نتاجا لوجهة نظر معینة.(5)
انتشر النقاش الأول على نحو فعال فی عام 1934 عندما نشرت روث بندیکت کتابها أنماط الثقافة، والذی ما زال یتم طبع نسخ عدیدة منه. على الرغم من کون هذا الکتاب معروفا جیدا من أجل نشر مبدأ أنصار بواس بشأن النسبیة الثقافیة، إلا أنه یشکل بین علماء الأنثروبولوجیا تلخیصا مهما للاکتشافات التی توصل إلیها أنصار بواس، وفاصل حاسم لتأکید بواس على تنقل السمات الثقافیة المتنوعة. "وقد تم تکریس عمل الأنثروبولوجیا على نحو واسع من أجل تحلیل السمات الثقافیة"، حیث کتبت تقول "بدلا من دراسة الثقافات على هیئة کلیات منطوقة." وعلى الرغم من تأثرها بعالم الأنثروبولوجیا الاجتماعی البریطانی من أصل بولندى برونیسلاف مالینوفسکی Bronislaw Malinowski، فقد قالت إن "الشیء الأساسی، کما یبدو الیوم، هو دراسة الثقافة الحیة، للتعرف إلى عادات التفکیر ووظائف مؤسساتها" کما أضافت قائلة " الطریقة الوحیدة التی یمکننا أن نعرف من خلالها أهمیة التفاصیل المختارة من السلوک تعتبر ضد خلفیة الدوافع والمشاعر والقیم التی هی ذات طابع مؤسسی فی تلک الثقافة کما أضافت قائلة ان "الکل یحدد جمیع أجزائه ولیس العلاقة فحسب بل وأدق تفاصیل طبیعته، " وهى متأثرة فی ذلک بکل من المؤرخ الألمانى فیلهیلم دیلتهى وأوزوالد سبینجلر، إلى جانب تأثرها بعلماء نفس مدرسة الجشطالت، ، وأن "الثقافات، بالمثل، تعتبر أکبر من مجموع سماتها کما هو الحال مع أى لغة منطوقة حیث تعتبر مجموعة من الأصوات الانتقائیة المحدودة الخارجة من فم الإنسان (خالی من العیوب)، خلصت إلى أن کل الناس فی المجتمع، وبمرور الوقت، وسواء من خلال عملیات الوعی واللاوعی، تعتبرنخبة من مجموعة واسعة ولکنها محدودة من السمات الثقافیة، والتی تتجمع لتشکل نمطا فریدا وممیزا.
وتحتفظ أهمیة السلوک الثقافی بمکانتها عندما نعترف بکونها محلیة وأنها من صنع الإنسان وأنها متغیرة بشکل کبیر. حیث تمیل إلى أن تکون متکاملة. وتعتبر الثقافة، مثل أی فرد، نمطا ثابتا یقل أو یزداد من الفکر والعمل. حیث یوجد داخل کل ثقافة مجموعة أغراض تشخیصیة لیس بالضرورة أن تکون سمة مشترکة بین أنواع أخرى من المجتمع. وفی سبیل خدمة تلک الأغراض، یدعم کل شخص زیادة خبرتها، بما یتناسب مع الحاجة الملحة لهذه الدوافع والعناصرغیر المتجانسة من السلوک یظهر المزید والمزید من الانسجام مع الشکل النهائى. وبتبنى تلک الثقافة المتکاملة، تصبح الأعمال الأکثر سوء سمة لأهدافها بوجه خاص، فی کثیر من الأحیان من قبل معظم التحولات المستبعدة.(6)
وعلى الرغم من أن بندیکت لاحظت أن جمیع الثقافات یجمعهم تشابه ما من الناحیة الافتراضیة إلا أنها رأت أن هذه الأنماط یمکن أن یشوبها نوع ما من التغییر بمرور الزمن کنتیجة لإبداع الإنسان ومن ثم فإنه قد یکون لبعض المجتمعات قی أماکن مختلفة حول العالم شخصیاتها المتمیزة التی تمیزها عن غیرها.حیث یقارن کتاب أنماط من الثقافة ثقافات الزونی، الدوبو والکواکیاتل کوسیلة لتسلیط الضوء على الطرق المختلفة للحیاة الإنسانیة. وهنا لاحظت بندیکت أن العدید من الغربیین یروا أن هذا الرأی اجبرهم على التخلی عن "أحلام الدوام والمثالیة ومع الأفکار الذاتیة فیما یخص الحکم الذاتی" کما أنه بالنسبة للکثیرین، فقد أدى ذلک بالوجود لیکون "فارغا". بید انها قالت انه بمجرد قبول الناس لنتائج البحوث العلمیة، فسوف یصلون إلى الإیمان الذی یتصف بأنه أکثر واقعیة اجتماعیة، آملین فی وجود الأمل کبدایة للتسامح والتعایش وأشکال صالحة للحیاه التی لطالما خلقها الإنسان لذاتها من مواد الوجود الخام. (7)
ودار النقاش الثانی حول مدى القدرة على تقدیم المطالبات العالمیة حول جمیع الثقافات. على الرغم من زعم بواس بأن علماء الانثروبولوجیا لم یتمکنوا بعد من جمع ما یکفی من الأدلة الثابتة من عینة متنوعة من المجتمعات لتقدیم أی مطالبات صحیحة عامة أو عالمیة حول الثقافة، إلا أنه قبیل عام 1940 رأى البعض استعدادهم لذلک. فی حین رأى کل من کروبر وبندیکت بأن "الثقافة" -- التی یمکن أن یشیر إلیها البعض من منظور محلى أو إقلیمى کانت بطریقة أو بأخرى تاخذ شکلا أو قالبا معینا. أما الآن فقد شعر بعض علماء الأنثروبولوجیا بوجود ما یکفی من البیانات التی تم جمعها لإثبات أنها غالبا ما أخذت أشکالا تتسم بالتنظیم بدرجة عالیة. أما السؤال الذی لطالما کان یطرح نفسه أمام علماء الانثروبولوجیا، هو "هل تعتبر تلک الهیاکل مواد احصائیة من صنع الإنسان؟، أو أین تعبیراتهم الخاصة بالنماذج العقلیة؟ وبرز هذا النقاش مکتملا فی عام 1949، مع نشر جورج موردوک البناء الاجتماعی،
ومعارضة بواس وأنصاره، یأتى عالم الانثروبولوجیا جورج موردوک، الذی قام بجمع الملفات الخاصة بالعلاقات الإنسانیة حیث تبین هذه الملفات المتغیرات الثقافیة الموجودة فی المجتمعات المختلفة، بحیث یمکن لعلماء الأنثروبولوجیا استخدام الأسالیب الإحصائیة لدراسة العلاقات المتبادلة بین المتغیرات المختلفة. والهدف النهائی من هذا المشروع هو تطویر التعمیمات التی تنطبق على أعداد متزایدة من الثقافات الفردیة. وفی وقت لاحق، قام کل من موردوک ودوغلاس آر وایت.بتطویر العینة الثقافیة الثابتةاعتبارها وسیلة لصقل هذا الأسلوب.(8)
قام عالم الأنثروبولوجیا الیهودى الفرنسی کلود لیفی ستروس ' Claude Lévi-Straussالأنثروبولوجیا البنیویة بجمع أفکار بواس (وخاصة اعتقاد بواس فی التحولیة من الأشکال الثقافیة، واعتقاد باستیان فی وحدة البشریة من الناحیة النفسیة) وعالم الاجتماع الفرنسی إمیل دورکهایم' Emile Durkheim وترکیزه على البناء الاجتماعی) علاقات مؤسسیة بین الأشخاص والجماعات). وبدلا من التعمیم الذی ینطبق على عدد کبیر من المجتمعات، فقد سعى لیفی ستروس لاشتقاق نماذج من الطبیعة البشریة من حالات ملموسة. وتبدأ طریقته مع افتراض أن الثقافة موجودة فی شکلین مختلفین: فی العدید من الهیاکل المتمیزة التی یمکن الاستدلال علیها من مراقبة تفاعل أفراد المجتمع (ومنها أفراد المجتمع الذین هم أنفسهم على علم بذلک)، وهیاکل مجردة یتم تطویرها من خلال تحلیل وسائل مشترکة مثل الأساطیر والطقوس حیث یمثل أفراد المجتمع حیاتهم الاجتماعیة (والتی لا یکون الأفراد لیسوا على علم بها فحسب، وإنما التی عادة ما تعد معارضة أو نفیا للهیاکل الاجتماعیة ' التی یدرکها الناسکما أنه سعى لتطویر هیکل عقلى عالمی واحد لا یمکن الاستدلال علیه إلا من خلال المقارنة المنهجیة بین هیاکل اجتماعیة وثقافیة معینة. وقال أیضا أنه مثلما توجد قوانین یمکن من خلالها لعدد قلیل من العناصر الکیمیائیة المحدودة نسبیا أن تتحد فیما بینها بهدف خلق تنوع لانهائى من الأشیاء، فهناک أیضا عدد محدود نسبیا وعدد قلیل من العناصر الثقافیة التی یعمل الناس على الجمع بینها وذلک بهدف خلق مجموعة کبیرة ومتنوعة من الثقافات التی یراقبها علماء الأنثروبولوجیا. والمقارنة المنهجیة بین المجتمعات من شأنها أن تمکن علماء الأنثروبولوجیا الثقافیة من وضع جدول "العناصر" الثقافى، وبمجرد الانتهاء من ذلک، فإن هذا الجدول للعناصر الثقافیة لطالما یمکن عالم الأنثروبولوجیا من تحلیل ثقافات محددة وتحقیق رؤى خفیة إلى الناس الذین أنتجوا وعایشوا هذه الثقافات وجاءت البنیویة للهیمنة على الأنثروبولوجیا الفرنسیة، فی أواخر الفترة من 1960 و1970، بدا لدیها نفوذ کبیر على کل من الأنثروبولوجیا الأمریکیة والبریطانیة.(9)
یثبت کل من موردوک Murdock فی HRAF وبنیویة لیفی ستروس Lévi-Strauss طریقتین طموحتین للسعی للحصول على العالمیة فی وجه الخصوص، وکلا النهجین یواصلان مناشدة مختلف علماء الأنثروبولوجیا. بید أن الخلافات بینهما تکشف عن وجود توتر ضمنا فی تراث کل من تایلور وباستیان. هی یمکن العثور على الثقافة تجریبیا فی السلوکیات الملاحظة والتی قد تشکل أساسا للتعمیم؟ أو أنها تتألف من العملیات العقلیة العالمیة، والتی یجب أن یجب الاستدلال علیها واستخراجها من السلوک الملاحظ؟ هذا السؤال هو ما فتح باب المناقشات بین علماء الانثروبولوجیا البیولوجیة والأثریون على حد سواء.
التحدى البنائى النفعى: المجتمع مقابل الثقافة
فی أربعینیات القرن الماضى ظهر نوذج جدید للبحث فی العلوم الاجتماعیة وعلوم الأنثروبولوجیا متحدیا فی ذلک ما دعا إلیه بواس وأنصاره وسمى هذا النموذج بالهیکلیة الوظیفیة.. وتم تطویر هذا النموذج بصورة مستقلة ولکن متوازیة فی کل من المملکة المتحدة والولایات المتحدة (وفی کلتا الحالتین یعتبر فریدا من نوعه: فلیس لدیه علاقة مباشرة "بالبنیویة" إلا أن کلا من البنیویة الفرنسیة والنفعیة البنائیة الأنجلو أمریکیة قد تأثرتا بدورکهایم. کما أنها مماثلة، ولکن لا علاقة لها، بغیرها من أشکال "الوظیفیة"). فی حین أن ینظر أنصار بواس للانثروبولوجیا على أنها ضرب من العلوم الطبیعیة التی خصصت لدراسة للجنس البشری، کما یرى انصار النفعیة البنائیة الانثروبولوجیا باعتبارها واحدة من بین العدید من العلوم الاجتماعیة، والتی تم تکریسها لدراسة جانب واحد من البشریة. الأمر الذی أدى بأنصار النفعیة البنائیة لإعادة تعریف والتقلیل من نطاق مفهوم "الثقافة".
من قبیل الصدفة، وفی عام 1946 قام عالم الاجتماع تالکوت بارسونز( Talcott Parsons) (1902-1979) بتأسیس قسم العلاقات الاجتماعیة فی جامعة هارفارد. متأثرا قی ذلک بعلماء الاجتماع الأوروبی، من أمثال إمیل دورکایم Emile Durkheim، وماکس فیبر Max Weber، وبارسونز Parsons فقد قام بوضع نظریة للعمل الاجتماعی الذی کان أقرب إلى الأنثروبولوجیا الاجتماعیة البریطانیة من بواس فی الأنثروبولوجیا الأمریکیة، والذی أطلق علیها "الهیکلیة الوظیفیة". حیث کان القصد من وراء ذلک ذلک وضع نظریة کاملة للعمل الاجتماعی (لماذا یتصرف الناس کما یفعلون)، وتطویر برنامج مشترک بین التخصصات التی من شأنها توجیه البحوث وفقا لهذه النظریة فی جامعة هارفارد،. شرح نموذجه عمل الإنسان نتیجة لأربعة أنظمة:
1.النظام "السلوکی" للاحتیاجات البیولوجیة
2.نظام "الشخصیة" للخصائص الفردیة التی تؤثر على أدائها فی العالم الاجتماعی
3."النظام الاجتماعی" لأنماط وحدات التفاعل الاجتماعی، وخصوصا الوضع والدور الاجتماعی
4.النظام "الثقافی" من القواعد والقیم التی تنظم العمل الاجتماعی بشکل رمزى.
طبقا لهذه النظریة، فالنظام الثانی هو الهدف الصحیح من دراسة علماء النفس، والنظام الثالث لعلماء الاجتماع، والنظام الرابع للعلماء الأنثروبولوجیا الثقافیة. فی حین اعتبر أنصار بواس کل هذه النظم هی محور الدراسة التی یجریها علماء الانثروبولوجیا، و"الشخصیة" و"الحالة والدور" لتکون جزء لا یتجزأ من "الثقافة" باعتبارها "المعاییر والقیم، " هذا وقد رسم بارسونز تصورا لدور أضیق بکثیر لعلم الأنثروبولوجیا وتعریفا أضیق بکثیر للثقافة.(10)
على الرغم من اهتمام علماء الأنثروبولوجیا الثقافیة من أنصار بواس بالمعاییر والقیم، بین أشیاء أخرى کثیرة، إلا أنه لم تکن سوى مع علو شأن الوظیفیة البنیویة أن جاء الناس لتحدید مفهوم "الثقافة" مقارنة بمفاهیم "المعاییر والقیم". ورفض العدید من علماء الأنثروبولوجیا الأمریکیین هذه النظرة للثقافة (والأنثروبولوجیا ضمنا). وفى عام 1980، کتب عالم الانثروبولوجیا، اریک وولف قائلا،
وکما تحولت العلوم الاجتماعیة إلى العلوم "السلوکیة"، لذلک لم تعد ترجع تفسیرات السلوک للثقافة: حیث ینبغی فهم السلوک قی ضوء الظواهر النفسیة، وإستراتیجیات الاختیارات الاقتصادیة، والمساعی من أجل الحصول على الأموال فی ألعاب القوى. والثقافة، وحیث امتدت الثقافة لتشمل جمیع الأعمال والأفکار المستخدمة فی الحیاة الاجتماعیة، وأصبحت الآن مستبعدة فی الهوامش بأنها "وجهة نظرة العالم" أو "القیم".
ومع ذلک، برز العدید من طلاب تالکوت بارسونز على الساحة بوصفهم رواد الإنثروبولوجیا الأمریکیة.و فی الوقت نفسه، اهتم العدید من علماء الأنثروبولوجیا الأمریکیة بالأبحاث المتقدمة من قبل علماء الأنثروبولوجیا الاجتماعیة فی فترة 1940و 1950، والعثور على الهیکلیة الوظیفیة لتقدم نموذجا مفیدا لإجراء البحوث فی علم المجتمعات البدائیة.
ولقد أدى دمج النظریة الثقافیة الأمریکیة فی الأنثروبولوجیا مع أسالیب الأنثروبولوجیا الاجتماعیة البریطانیة إلى بعض اللبس بین مفهومی "المجتمع" و"الثقافة". یرى معظم علماء الانثروبولوجیا أن هذه المفاهیم مختلفة. حیث یشیر المجتمع إلى مجموعة من الناس، وتشیر الثقافة إلى عموم القدرات البشریة ومجمل الظواهرغیر الوراثیة البشریة. فالمجتمعات غالبا ما تکون مترابطة بشکل واضح؛ أما السمات الثقافیة غالبا ما تکون متنقلة، والحدود الثقافیة،، عادة ما تکون ملیئة بالثغرات، قابلة للنفاذ، وتتصف بالجمع. خلال 1950 و1960 عمل علماءالأنثروبولوجیا فی الأماکن الاجتماعیة والثقافیة حیث تطابقت الحدود، وبالتالی تلاشت القدرة على التمییز. عندما اتضحت نقطة التلاقى بین هذه الحدود، على سبیل المثال خلال فترة إزالة الاستعمار الأوروبی فی أفریقیا فی 1960s و1970s، أو خلال مرحلة إعادة تنظیم العولمة بعد بریتون وودز، أصبح الفارق واضحا فی کثیر من الأحیان بوصفه بؤرة الخلاف فی المناقشات(11)
من أجل أن یعیش الإنسان، مثل کل الأنواع الأخرى، فیجب أن یسایر العالم الخارجی.. حیث یوظف کل ما له من حواس وأعصاب وغدد وعضلات فی تکییف نفسه مع العالم الخارجی. ولکن بالإضافة إلى هذا لدیه وسیلة أخرى للتکیف والسیطرة.. هذه الآلیة هی الثقافة. (12)
على الرغم من أن هذا الرأی یردد ما جاء به مالینوفسکی Malinowski، فإن أهم ما رکز علیه وایت لم یکن "الوظیفة" بل کان "التکیف". بینما کان اهتمام أنصار بواس منصب على تاریخ بعض السمات المحددة، إلا أن اهتمام وایت کان منصبا على التاریخ الثقافی للجنس البشری، والتی کان یشعر أنه ینبغی دراسته من منظور تطوری. وبالتالی، فإن مهمة الأنثروبولوجیا تکمن فی دراسة "لیس فقط کیف تتطور الثقافة، ولکن لماذا أیضا.. وفی حالة الإنسان.. القدرة على الاختراع والاکتشاف، والقدرة على اختیار واستخدام أفضل اثنین من الأدوات أو الطرق لفعل شیء ما، هذه هی عوامل التطور الثقافی. على عکس العلماء المهتمین بدراسة التطور قی القرن التاسع عشر، الذین اهتموا بدراسة کیف للمجتمعات المتحضرة ان تبلغ شأنا لم تبلغه المجتمعات البدائیة، عکف وایت کان على توثیق کیفیة، على مر الزمن، تحقق القدرة للجنس البشری ککل من خلال الوسائل الثقافیة على اکتشاف المزید والمزید من السبل لإیجاد وتسخیر الطاقة من البیئة، فی عملیة تحویل الثقافة.
فی الوقت نفسه الذی عکف وایت على تطویر نظریته فی التطور الثقافی، فقد قام جولیان ستیوارد وهو أحد تلامذة کروبر بتطویر نظریته عن البیئة الثقافیة. فی عام 1938 ، نشر کتابه الفئات الاجتماعیة والسیاسیة من السکان الأصلیین والذی قال فیه أن المجتمعات المختلفة على سبیل المثال فی الشوشونالأصلیین أو المزارعین البیض فی السهول الکبرى لیسوا أقل أو أکثر تطورا، بل أنها قد تتکیف بطرق مختلفة حسب اختلاف البیئات. بینما کان اهتمام لیزلی وایت بالثقافة التی یمکن ان تفهم بطریقة کلیة کخاصیة للجنس البشری، فإننا نجد جولیان ستیوارد مهتم بالثقافة بوصفها خاصیة ممیزة للمجتمعات. فهو یشبه وایت قی نظرته للثقافة باعتبارها وسیلة للتکیف مع البیئة، لکنه انتقد وایت قی تبنیه فکرة نظریة التطور الثقافی المنحدرة من سلسلة واحدة (اتجاه واحد) واقترح بدلا من ذلک نموذجا للتطور متعدد السلالات " التطور الذی (وهو فی ذلک ینتهج نهج أنصار بواس) یتمیز بأن لکل مجتمع تاریخه الثقافى الخاص به.
وفی الفترة ما بین عام 1960 و1970 سادت المناقشة بین النهج الرمزی والمادی للثقافة بین علماء الأنثروبولوجیا الأمیرکیة. وکانت حرب فیتنام ونشر دیل هایمزکتابه 'إعادة اختراع الأنثروبولوجیا ، ، مع ذلک، علامة واضحة على عدم الرضا المتزاید مع مداخل الثقافة التی سادت بعد ذلک. هایمز قال بأن العناصر الأساسیة للمشروع البوسیانى مثل الکلانیة والاهتمام بالتنوع لا تزال تستحق المتابعة: " الاهتمام بمصلحة الشعوب الأخرى وأسالیب حیاتهم، والاهتمام بالتوضیح لهم ضمن إطار المرجعیة الذی یتضمن أنفسنا."(13)
وعلاوة على ذلک، قال إن علماء الأنثروبولوجیا الثقافیة مجهزون بشکل فردى تجهیزا جیدا لقیادة هذه الدراسة (مع انتقادات غیر مباشرة لعلماء الاجتماع مثل بارسونز الذین سعوا لإدراج الانثروبولوجیا ضمن مشروعهم الخاص):
فی الواقع ان هناک مکانا التقلیدیة للانفتاح على الظواهر بطرق لیست محددة من الناحیة النظریة أو التصمیم -- الانتباه للظواهر المعقدة، للظواهر الهامة، وربما الجمالیة، لمصلحتهم الخاصة، للمظاهر الحسیة، وکذلک الفکریة للموضوع. هذه المفاهیم المقارنة والعملیة، وإن لم تکن فریدة من نوعها بالنسبة للانثروبولوجیا الرسمیة، قد تکون من الضعف بمکان، إذا لم تکن دراسة الإنسان متحدة بتوجیه من الآخرین الذین یفقدون التواصل مع الخبرة فی مجال المنهجیة، والذین ینسون نهایات المعرفة الاجتماعیة فی إعداد وسائلها، أو الذین هم من دون قصد خاضعوم لثقافة محددة.
ومن خلال هذه العناصر، کما یقول هایمز، یمکن ان یتم تبریر "دراسة الإنسان بصفة عامة، " وهذا هو، " الأنثروبولوجیا أو ما یطلق علیه علم الإنسانیات".(14)
وفی الفترة ما بین 1940 و1950، عملت عدة دراسات رئیسیة على ترکیز الضوء على کیفیة تأثیر التجارة بین السکان الأصلیین والأوروبیین الذین غزوا واستعمروا الأمریکتین على الثقافة الأصلیة، إما عن طریق التغییر فی تنظیم العمل، أو التغییر فی مجال التکنولوجیات الحیویة. هذا وقام العالم برنار مشکن Bernard Mishkin بدراسة تأثیر إدخال الخیول على تنظیم کیواالسیاسی وکذا على الحروب. وقام أوسکار لویس Oscar Lewis باستکشاف تأثیر تجارة الفراء على ثقافة بلاکفوت الثقافة التی (تعتمد اعتمادا کبیرا على المصادر التاریخیة). أما جوزیف جابلوبتوثیق الکیفیة شایان فقد قام بتوثیق کیفیة تاثر کل من تنظیم شایان الاجتماعی وإستراتیجیة الکفاف بین 1795 و1840 بموقعهما فی الشبکات التجاریة التی تربط بین البیض والهنود. بینما قال فرانک سیکوىبأن تنظیمات السهول العظمى الهنود الاجتماعیة التابعة للهنود، وادخال التکتیکات العسکریة مثل الخیول، والتی أدخلها الأسبان انتشرت فی الجنوب، وکذلک انتشار الأسلحة والبنادق.(15)
وفی عام 1950 قام کل من روبرت ریدفیلدوطلاب جولیان ستیوارد بإعداد "دراسات المجتمع"، ، وهی دراسة لبعض الممجتمعات المتمیزة (سواء التی تم تحدیدها من قبل العرق، أو المستوى الاقتصادی) فی الغرب أو المجتمعات "المغربة" وخاصة فی المدن. ومن ثم فإنها واجهت بعض الخصومات من قبل نقاد القرن التاسع عشر ااستخدامها مصطلح "الثقافة العالیة" و"الثقافة منخفضة." هذا وقد عانى علماء الأنثروبولوجیا قی القرن العشرین لوصف الأشخاص الذین کانوا سیاسیا واقتصادیا، أقل شأنا، ولکنهم لیسوا کذلک من الناحیة الثقافیة واقترح أوسکار لویس مفهوم "ثقافة الفقر" لوصف الآلیات الثقافیة التی من خلالها تکیف الناس على حیاة الفقر الاقتصادی.فی حین بدا غیره من علماء الانثروبولوجیا وعلماء الاجتماع باستخدام مصطلح "الثقافة الفرعیة" لوصف المجتمعات الممیزة ثقافیا والتی کانت جزء من مجتمعات أکبر.
وهناک نوع واحد مهم من الثقافة الفرعیة هی تلک التی شکلتها الجالیات المهاجرة. وهناک أسالیب مختلفة فی التعامل مع جماعات من المهاجرین وثقافاتهم،:فی التعامل مع جماعات من المهاجرین وثقافاتهم، وهناک أسالیب مختلفة:
• لیتکالتیر(جوهر الثقافة): نموذج النمو فی ألمانیا من قبل بسام طیبی. والفکرة هی أن الأقلیات یمکن أن یکون لها هویة خاصة بها، ولکن ینبغی على الأقل دعم المفاهیم الأساسیة للثقافة التی هی أساس المجتمع.
• بوتقة الانصهار: فی الولایات المتحدة، •، وجهة النظر التقلیدیة بحیث هناک بوتقة تنصهر فیها جمیع الثقافات المهاجرة فتختلط وندمج دون تدخل الدولة.
• الثقافة الأحادیة: فی بعض الدول الأوروبیة،، ترتبط الثقافة ارتباطا وثیقا بالقومیة،: وبالتالی فإن سیاسة الحکومة هی استیعاب المهاجرین، وعلى الرغم من أن الزیادات الأخیرة فی مجال الهجرة إلى العدید من الدول الأوروبیة قد أدت إلى تجربة أشکال التعددیة الثقافیة فی تلک البلدان.
• التعددیة الثقافیة:: سیاسة تنتهج بحیث یحافظ کل من المهاجرین وغیرهم على ثقافاتهم مع مختلف الثقافات ویتعایش کل هؤلاء فی سلام داخل دولة واحدة.
ونادرا ما تتآلف ثقافات المهاجرین بطریقة دقیقة مع الثقافات الأخرى تطبیقا لأحد الأسالیب المذکورة أعلاه. فهناک العدید من المعاییر التی لابد وان توضع بعین الاعتبار مثل درجة الاختلاف مع ثقافة البلد المضیف (على سبیل المثال، "الغرابة")، وعدد المهاجرین، ومواقف السکان المقیمین، ونوع السیاسات الحکومیة التی یتم سنها، ومدى فعالیة هذه السیاسات، کل هذا یجعل من الصعب التعمیم بخصوص النتائج. وبالمثل مع الثقافات الفرعیة الأخرى داخل المجتمع، فإن المواقف من السواد الأعظم من السکان، والاتصالات بین الجماعات الثقافیة المختلفة تلعب دورا رئیسیا فی تحدید تلک النتائج. وتعتبر دراسة الثقافات داخل المجتمع أمرا بالغ التعقید کما أن البحث یجب أن یأخذ فی الاعتبار عددا لا یحصى من المتغیرات.
المصادر :
1- بیبلر، بول. 2003 "العبید البیض، الأسیادالأفارقة". حولیات الأکادیمیة الأمیرکیة للعلوم السیاسیة والاجتماعیة ص91
2- ورف، بنیامین لی "العلاقة بین التفکیر والسلوک المعتاد للغة". فی اللغة والثقافة، والشخصیة: ص. 293.
3- ماری آر هاس ، اللغة، المجلد. 20، رقم 3 (یولیو - سبتمبر-، 1944)، صفحة. 142-149
4- ألفرید کروبیر إل1984 ، الأنثروبولوجیا: العرق، واللغة والثقافة وعلم النفس، فترة ما قبل التاریخ، الطبعة المنقحة. نیویورک: هارکورت، براس، والعالم، صفحة. 261
5- فرانز بواس 1940 "أهداف البحوث الانثروبولوجیة، " فی العرق طبعة اللغة والثقافة صفحة256
6- روث بندیکت 1934 أنماط الثقافة بوسطن: شرکة هوتون مفلن. صفحة 23-52
7- روث بندیکت 1934 أنماط الثقافة بوسطن:شرکة هوتون مفلن صفحة.277
8- موردوک جى بى، 1967. الأطلس الإثنوغرافی: موجز. بیتسبرغ: مطبعة جامعة بیتسبرغ
9- لیفی ستروس، کلود 1955 صحافة أثینیوم تروبیک
10- تالکوت بارسونز 1937 ، الهیکل التنظیمی للحرکة الاجتماعیة
11- وولف واریک 1982 أوروبا، وشعب بدون تاریخ. بیرکلی
12- لیزلی وایت، 1949 "نظریة الأجناس". الفلسفة من أجل المستقبل: السعی وراءالمادیة المعاصرة. آر دابلیو سیلرز ، جى مکجیل ص. 357-384. نیویورک. مکمیلان
13- هایمز دیل 1969 إعادة تحدید دور الأنثروبولوجیا صفحة. 11
14- هایمز دیل 1969 إعادة تحدید دور الأنثروبولوجیا صفحة. 43
15- ساکوى ، فرانک 1953 تغییر الأنماط العسکریة فی السهول .

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عاشوراء مِرآة للتاريخ
الارتباط بالمطلق مشكلة ذات حدين
الشخصية القرآنية
أهداف التربية في الإسلام
التبرج والحجاب
العلامات التي تسبق مباشرة ظهور الإمام المهدي
شهر رمضان شهر التوبة والاستغفار
القرآن معجزة خالدة
و العاقبة للمتقین
فلسفة الصوم من منظور علمي

 
user comment