عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

الشيعة الإمامية

الشيعة الإمامية

الشيعة الإمامية اليوم طائفة عظمي من المسلمين يؤمنون بالله العلي العظيم ولا يشركون به شيئا ، ويعتقدون بأن سيد الأنبياء وأفضل الأصفياء محمد ابن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيين ولا نبي بعده ، وإن حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة . ويعتقدون بأن الله تعالى أمر نبيه بنصب علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وهم معتقدون بولاية أحد عشر إماما من ولد علي وفاطمة بعد الاعتقاد بولاية علي ابن أبي طالب وهم : الحسن بن علي المجتبى ، ثم أخوه الحسين الشهيد بكربلاء ، ثم علي بن الحسين سيد الساجدين ، ثم محمد بن علي الباقر ، ثم جعفر بن محمد الصادق ، ثم موسى بن جعفر الكاظم ، ثم علي بن موسى الرضا ، ثم محمد بن علي الجواد ، ثم علي بن محمد الهادي ، ثم الحسن بن علي العسكري ، ثم المنتظر المهدي صلوات الله عليهم أجمعين . وهم معتقدون بأن الموت حق ، ومسائلة القبر حق ، والبعث حق ، والنشور حق ، والصراط حق ، والميزان حق ، والحساب حق ، والكتاب حق ، والجنة حق ، والنار حق ، وإن الساعة آتية لا ريب فيها ، وإن الله يبعث من في القبور (1) .
وهذه هي الأصول الاعتقادية للشيعة وهي موافقة للكتاب والسنة القطعية والأدلة العقلية كما ذكرها علماء الشيعة وأكابرهم في كتبهم الكلامية .

فرق الشيعة :
قال الإسفرائيني : فرق الرفض هي : الزيدية ، منهم ثلاث فرق ، والكيسانية ، منهم فرقتان ، والإمامية ، منهم خمس عشرة فرقة . (2) وقال الشهرستاني : الشيعة هم خمس فرق : كيسانية ، وزيدية ، وإمامية ، وغلاة ، وإسماعيلية ، وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال ، وبعضهم إلى السنة ، وبعضهم إلى التشبيه . (3)
وقال النوبختي : فلما قبض الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) افترقت فرق الشيعة ثلاث فرق : فرقة منهم قالت : إن عليا (عليه السلام) إمام مفترض الطاعة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واجب على الناس القبول منه والأخذ ، فلم تزل هذه الفرقة ثابتة على إمامته حتى قتل علي (عليه السلام) . (4)
وفرقة قالت : إن عليا كان أولى الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالناس لفضله وسابقته وعلمه ، وهو أفضل الناس كلهم بعده وأشجعهم وأسخاهم وأورعهم وأزهدهم ، وأجازوا مع ذلك إمامة أبي بكر وعمر وعدوهما أهلا لذلك المكان والمقام ، وذكروا أن عليا (عليه السلام) سلم لهما الأمر ورضي بذلك وبايعهما طائعا غير مكره وترك حقه لهما ، فنحن راضون كما رضى الله المسلمين له ولمن بايع . . . وهم أوائل (البترية) .
وخرجت من هذه الفرقة فرقة قالت : إن عليا (عليه السلام) أفضل الناس لقرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولكن كان جائزا للناس أن يولوا عليهم غيره ، إذا كان الوالي الذي يولونه مجربا . . . فمن خالفه من قريش وبني هاشم عليا كان أو غيره من الناس فهو كافر ضال .

ومن هذه الفرق :

1 - الكيسانية :
قال الشهرستاني (5) : أصحاب كيسان مولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقيل : تلميذ للسيد محمد بن الحنفية (عليه السلام) ، يعتقدون فيه اعتقادا فوق حده ودرجته ، من إحاطته بالعلوم كلها واقتباسه من (السيدين) الأسرار بحملتها .
وقال الاسفرائيني (6) : هؤلاء أتباع المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي قام بثأر الحسين بن علي بن أبي طالب ، وقتل أكثر الذين قتلوا حسينا بكربلاء ، وكان المختار يقال له : كيسان ، وقيل : إنه أخذ مقالته عن مولى لعلي (عليه السلام) كان اسمه كيسان . وافترقت الكيسانية فرقا يجمعها شيئان : أحدهما : قولهم بإمامة محمد بن الحنفية ، وإليه كان يدعو المختار بن أبي عبيدة .
والثاني : قولهم بجواز البداء على الله عز وجل . واختلفت الكيسانية في سبب إمامة محمد بن الحنفية ، فزعم بعضهم أنه كان إماما بعد أبيه علي بن أبي طالب . وقال آخرون منهم : إن الإمامة بعد علي كانت لابنه الحسن ، ثم للحسين ، ثم صارت إلى محمد بن الحنفية بوصية أخيه الحسين إليه حين خرج من المدينة إلى مكة حين طولب بالبيعة ليزيد بن معاوية . ثم افترق الذين قالوا بإمامة محمد بن الحنفية ، فزعم قوم منهم يقال لهم (الكربية) أصحاب أبي كرب الضرير : أن محمد بن الحنفية حي لم يمت ، وإنه في جبل رضوى ، وعنده عين من الماء وعين من العسل يأخذ منه رزقه ، وعن يمينه أسد ، وعن يساره نمر ، يحفظانه من أعدائه إلى وقت خروجه ، وهو المهدي المنتظر .
وذهب الباقون من الكيسانية إلى الإقرار بموت محمد بن الحنفية ، واختلفوا في الإمام بعده ، فمنهم من زعم أن الإمامة بعده رجعت إلى ابن أخيه علي بن الحسين زين العابدين ، ومنهم من قال برجوعها بعده إلى أبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية . واختلف هؤلاء في الإمام بعد أبي هاشم ، فمنهم من نقلها إلى محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بوصية أبي هاشم إليه ، وهذا قول الراوندية (أنظر الفرقة السادسة عشرة من فرق الغلاة) ، ومنهم من زعم أن الإمامة بعد أبي هاشم صارت إلى بيان بن سمعان ، ومنهم من زعم أنها انتقلت بعد أبي هاشم إلى عبد الله بن عمرو بن حرب ، وادعت هذه الفرقة (أنظر الفرقة الرابعة عشر من فرق الغلاة (الحربية) إلوهية عبد الله بن عمرو .
وذكر الشهرستاني أربع فرق من الكيسانية ، وهي :
ألف - المختارية : أصحاب المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، كان خارجيا ، ثم صار زبيريا ، ثم صار شيعيا وكيسانيا . وقال الشهرستاني (7) : إن محمد بن الحنفية كثير العلم ، غزير المعرفة ، وقد أخبره أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عن أحوال الملاحم ، وأطلعه على مدارج المعالم . وقد قيل : إنه كان مستودعا علم الإمامة حتى سلم الإمامة إلى أهلها ، وما فارق الدنيا إلا وقد أقرها في مستقرها .
ب - الهاشمية : أتباع أبي هاشم بن محمد بن الحنفية (8) ، واختلفت بعد أبي هاشم شيعته خمس فرق : فرقة قالت : إن أبا هاشم مات - منصرفا من الشام - بأرض الشراة ، وأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وانجرت في أولاده الوصية ، حتى صارت الخلافة إلى بني العباس . وفرقة قالت : لا ، بل إن أبا هاشم أوصى إلى أخيه علي بن محمد ، وعلي أوصى إلى ابنه الحسن ، فالإمامة عندهم في بني الحنفية . وفرقة قالت : إن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن عمرو بن حرب . وعن فرقة عبد الله بن عمرو نشأت : الخرمية والمزدكية بالعراق ، وهلك عبد الله بخراسان ، وافترقت أصحابه فمنهم من قال : إنه بعد حي ، لم يمت ، ويرجع . ومنهم من قال : بل مات وتحولت روحه إلى إسحاق بن زيد بن الحارث الأنصاري ، وهم الحارثية : الذين يبيحون المحرمات .
ج - البيانية (9) : أتباع بيان بن سمعان التميمي ، قالوا بانتقال الإمامة من أبي هاشم إليه ، وهو من الغلاة القائلين بألوهية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) .
د - الرزامية : أتباع رزام بن رزم ، ساقوا الإمامة من علي إلى ابنه محمد ثم إلى ابنه أبي هاشم ، ثم منه إلى علي بن عبد الله بن عباس بالوصية ، ثم ساقوها إلى محمد ابن علي ، وأوصى محمد إلى ابنه إبراهيم الإمام وهو صاحب أبي مسلم الذي دعا إليه وقال بإمامته ، وهؤلاء ظهروا بخراسان في أيام أبي مسلم .
والمقنع الذي ادعى الألوهية لنفسه كان في الأول على مذهب الرزامية وتابعه (مبيضة) ما وراء النهر ، وهؤلاء صنف من الخرمية دانوا بترك الفرائض ، وقالوا : الدين أمران : معرفة الإمام ، وأداء الأمانة . وقال الأشعري (10) : قالت الكيسانية : يرجع الناس في أجسادهم وأبدانهم التي كانوا عليها ، ويرجع محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وجميع النبيين فيؤمنون بمحمد وينصرونه ، ويرجع علي (عليه السلام) فيقتل معاوية وآل أبي سفيان ويهدم دمشق ويغرق البصرة ويحرقها .
وقال المجلسي (رحمه الله) (11) : مما يدل على بطلان قول الكيسانية في إمامة محمد رحمة الله عليه أنه لو كان على ما زعموا إماما معصوما يجب على الأمة طاعته لوجب النص عليه أو ظهور العلم الدال على صدقه ، إذ العصمة لا تعلم بالحس ، وإنما تعلم بخبر علام الغيوب . وأضاف المجلسي (12) : وإن الكيسانية قد انقرضوا حتى لا يعرف منهم في هذا الزمان أحد إلا ما يحكى ولا يعرف صحته . ومجمل القول إن محمد بن الحنفية الذي تنتمي إليه هذه الفرقة لم يدع الإمامة لنفسه ، ولم يحدث عنه التأريخ بأنه نازع أحدا فيها ، وكل ما في الأمر أنه لم يجاهر في عداء المختار ولم يتظاهر في خصومته لأسباب سياسية ، أما المختار فمن الجائز أن يكون قد انتحل لنفسه بعض الصفات لتدعيم مركزه في الكوفة . ولكن ما ورد عن الإمامين زين العابدين وولده محمد الباقر (عليهما السلام) من الثناء والترحم عليه يبعد عنه تلك التهم الباطلة .

2 - الزيدية :
قال هاشم معروف الحسني (13) : الفرقة الثانية من فرق الشيعة : الزيدية .
وقال النوبختي (14) : الزيدية الذين يدعون (الحسينية) (15) فإنهم يقولون من دعا إلى الله عز وجل من آل محمد فهو مفترض الطاعة ، وكان علي بن أبي طالب إماما في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره ، ثم كان بعده الحسين إماما عند خروجه وقبل ذلك إذ كان مجانبا لمعاوية ويزيد بن معاوية حتى قتل ، ثم زيد ابن علي بن الحسين المقتول بالكوفة ، أمه أم ولد ، ثم يحيى بن زيد بن علي المقتول بخراسان وأمه ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ، ثم ابنه الآخر عيسى بن زيد بن علي ، ثم محمد بن عبد الله بن الحسن ، وأمه هند بنت أبي عبيدة ابن عبد الله ، ثم من دعا إلى طاعة الله من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو إمام .
وقال الشهرستاني (16) : (الزيدية) أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلامم ، ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة عليه السلاما ، ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم ، إلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة ، أن يكون إماما واجب الطاعة ، سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين عليه السلامما ، وعن هذا جوز قوم منهم إمامة محمد وإبراهيم الإمامين ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن الذين خرجا في أيام المنصور وقتلا على ذلك ، وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ، ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة .
وزيد بن علي لما كان مذهبه هذا المذهب ، أراد أن يحصل الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم ، فتتلمذ في الأصول لواصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة ورئيسهم ، فاقتبس منه الاعتزال وصارت أصحابه كلهم معتزلة . وقال : كان علي ابن أبي طالب (عليه السلام) أفضل الصحابة ، إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها ، من تسكين ثائرة الفتنة وتطييب قلوب العامة ، وكان من مذهبه جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل .
ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين رفضوه . وبعد قتل زيد بن علي وبعده يحيى بن زيد وبعده محمد وإبراهيم ، لم ينتظم أمر الزيدية بعد ذلك حتى ظهر بخراسان صاحبهم ، ناصر الأطروش (ناصر الأطروش : هو الحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين وكان يلقب بالناصر) ، فطلب ليقتل فاختفى واعتزل الأمر ، وصار إلى بلاد الديلم والجبل ، ولم يتحلوا بدين الإسلام بعد ، فدعا الناس دعوة إلى الإسلام على مذهب زيد بن علي فدانوا بذلك ، وبقيت الزيدية في تلك البلاد ظاهرين ، وكان يخرج واحد بعد واحد من الأئمة ويلي أمرهم ، وخالفوا بني أعمامهم من الموسوية في مسائل الأصول ، ومالت أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بإمامة المفضول ، وطعنت في الصحابة طعن الإمامية ، وهم أصناف ثلاثة : جارودية ، وسليمانية ، وبترية ، والصالحية منهم والبترية على مذهب واحد .
وقال هاشم معروف الحسني (17) : إن جماعة من الشيعة والفقهاء قالوا بإمامة زيد بن علي ، وكانوا يرون رأيه في الثورة على الأمويين ، أما إنه ادعى الإمامة وثارمن أجلها فليس فيما بأيدينا من الأدلة ما يؤكد ذلك . إن بعض الكتاب قد ذهبوا إلى أن زيدا تتلمذ على واصل بن عطاء ، وإنه كان معتزليا في أصول الإسلام ، وذلك نتيجة تأثره بأستاذه واصل بن عطاء . وقد تعرض لهذه المسألة الشيخ أبو زهرة في كتابه الإمام زيد ، ورجح بأن زيدا من حيث تقارب سنه مع واصل بن عطاء ، ومن حيث كفاءاته التي عرف بها ، يتعين أن يكون لقاؤه مع واصل بن عطاء لقاء مذاكرة لا لقاء تلمذة كما يدعون ، وإن آراء زيد في الإمامة لا تلتقي مع رأي المعتزلة ، ولا يمكن أن يكون تلميذا لواصل ، وهو يرى فسق أحد الشخصين لا بعينه ، علي ومعاوية ، ولا يجيز شهادة علي (عليه السلام) على باقة بقل كما جاء عنه . وعلى أي الأحوال ، فقد قال بإمامة زيد بن علي جماعة من الشيعة بعد وفاته .
ألف - الجارودية (18) : قال الشهرستاني : أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد ، زعموا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نص على علي (عليه السلام) بالوصف دون التسمية ، وهو الإمام بعده ، والناس قصروا حيث لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف ، وإنما نصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك . وقد خالف أبو الجارود في هذه المقالة إمامة زيد بن علي ، واختلفت الجارودية في التوقف والسوق . فساق بعضهم الإمامة من علي إلى الحسن ، ثم إلى الحسين ، ثم إلى علي بن الحسين زين العابدين ، ثم إلى ابنه زيد بن علي ، ثم إلى محمد {ذي النفس الزكية} ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وقالوا بإمامته ، وكان أبو حنيفة على بيعته ومن جملة شيعته ، ومحمد بن عبد الله مات بحبس المنصور .
والذين قالوا بإمامة محمد بن عبد الله الإمام اختلفوا ، فمنهم من قال : إنه لم يقتل وهو بعد حي وسيخرج فيملأ الأرض عدلا ، ومنهم من أقر بموته وساق الإمامة إلى محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي صاحب الطالقان ، وحبسه المعتصم في داره حتى مات ، ومنهم من قال بإمامة يحيى بن عمر صاحب الكوفة ، قتل في أيام المستعين . وأما أبو الجارود فكان يسمى سرحوب ، سماه بذلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، وسرحوب : شيطان أعمى يسكن البحر .
وقال الاسفرائيني (19) : قالت إحدى الفرق الجارودية : إن الإمامة صارت بعد الحسن والحسين في ولد الحسن والحسين ، فمن خرج منهم شاهرا سيفه داعيا إلى دينه ، وكان عالما وعارفا فهو الإمام . ثم افترقت الجارودية بعد هذا في الإمام المنتظر فرقا ، منهم من لم يعين واحدا بالانتظار ، وقال : كل من شهر سيفه ودعا إلى دينه من ولدي الحسن والحسين فهو الإمام . ومنهم من ينتظر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب . ممن ينتظر محمد بن القاسم صاحب الطالقان .
ومنهم من ينتظر محمد بن عمر (20) الذي خرج بالكوفة .
وزعمت الجارودية أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي (عليه السلام) . وقال النوبختي (21) : السرحوبية نسبة إلى زياد بن المنذر أبا الجارود ، ولقبه سرحوبا ، فقالت هذه الفرقة : الحلال حلال آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والحرام حرامهم ، والأحكام أحكامهم . وقال النوبختي (22) : وأما الأقوياء من الزيدية ، أصحاب أبي الجارود ، وأصحاب أبي خالد الواسطي ، وأصحاب فضيل الرسان ومنصور بن أبي الأسود .
ب - السليمانية : قال الشهرستاني (23) : أصحاب سليمان بن جرير ، وكان يقول : إن الإمامة شورى فيما بين الخلق ، ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين ، وإنما تصح في المفضول مع وجود الأفضل ، وأثبتت إمامة أبي بكر وعمر حقا باختيار الأمة حقا اجتهاديا ، وربما كان يقول : إن الأمة أخطأت في البيعة لهما مع وجود علي (عليه السلام) خطأ لا يبلغ درجة الفسق ، غير أنه طعن في عثمان للأحداث التي أحدثها وأكفره بذلك ، وأكفر عائشة والزبير وطلحة بإقدامهم على قتال علي (عليه السلام) .
وقال الاسفرائيني (24) : السليمانية أو الجريرية : هؤلاء أتباع سليمان بن جرير الزيدي ، وقال : إن أهل السنة يكفرون سليمان بن جرير من أجل أنه كفر عثمان . وقال الأشعري : ومن الزيدية فرقة تسمى الصباحية ، وهم أصحاب الصباح المزني ، وأمرهم أن يعلنوا البراءة من أبي بكر وعمر ، وأن يقروا بالرجعة . ج - وفرقة من الزيدية تسمى اليعقوبية : وهم أصحاب يعقوب بن عدي ، أنكروا الرجعة ولم يؤمنوا بها ، ولم يتبرأوا ممن أقر بها ، ولم يتبرأوا من أبي بكر وعمر .

3 - البترية :
قال ابن أبي خلف الأشعري القمي (25) : هم أصحاب الحسن بن صالح بن حي ومن قال بقوله : إن عليا (عليه السلام) هو أفضل الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأولاهم بالإمامة ، وإن بيعة أبي بكر ليست بخطأ ، ووقفوا في عثمان وثبتوا حزب علي (عليه السلام) وشهدوا على مخالفيه في النار ، واعتلوا بأن عليا (عليه السلام) سلم لهما ذلك فهو بمنزلة رجل كان له على رجل حق فتركه له . وقال أبو محمد النوبختي (26) : وخرجت من هذه الفرقة (أي البترية) فرقة قالت : إن عليا (عليه السلام) أفضل الناس لقرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وقال الاسفرائيني (27) : هؤلاء أتباع رجلين ، أحدهما : الحسن بن صالح ابن حي ، والآخر : كثير النواء الملقب بالأبتر . وقولهم كقول سليمان بن جريرالذي قال : إن الإمامة شورى ، وإنما تنعقد بعقد رجلين من خيار الأمة ، غير أن البترية توقفت في عثمان . وقال البخاري (28) : مات الحسن بن صالح بن حي الكوفي سنة سبع وستين ومائة وهو من ثوار همدان ، وكنيته أبو عبد الله . وقال ابن النديم في الفهرست (29) : ولد الحسن بن صالح بن حي سنة مائة ، ومات متخفيا سنة ثمان وستين ومائة ، وكان من كبار الشيعة الزيدية ، وقيل : إنه توفي سنة 179 ، والأرجح سنة 167 .
وقال الشهرستاني (30) : الصالحية والبترية . الصالحية : أصحاب الحسن بن صالح بن حي .
والبترية : أصحاب كثير النوى الأبتر . وهما متفقان في المذهب وتوقفوا في أمر عثمان ، أهو مؤمن أم كافر ؟ وقالوا : من شهر سيفه من أولاد الحسن والحسين عليه السلامما وكان عالما زاهدا شجاعا ، فهو الإمام . وأكثرهم - في زماننا - مقلدون لا يرجعون إلى رأي واجتهاد ، أما في الأصول فيرون رأي المعتزلة ويعظمون أئمة الاعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت . أما في الفروع فهم على مذهب أبي حنيفة إلا في مسائل قليلة يوافقون الشافعي والشيعة .
وقال الأشعري (31) : أصحاب الحديث الحسن بن صالح بن حي وكثير النوا وسالم بن أبي حفصة والحكم بن عتيبة وسلمة بن كهل وأبو المقدام وثابت الحداد ، فإنهم دعوا إلى ولاية علي ، ثم خلطوها بولاية أبي بكر وعمر ، وأجمعوا جميعا أن عليا خير القوم ، وهم مع ذلك يأخذون بأحكام أبي بكر وعمر ، ويرون المسح على الخفين وشرب النبيذ المسكر وأكل الجري ، واختلفوا في حرب علي ومحاربة من حاربه . وقال الاسفرائيني : البترية والسليمانية من الزيدية ، كلهم يكفرون الجارودية من الزيدية ، لإقرار الجارودية على تكفير أبي بكر وعمر ، والجارودية يكفرون السليمانية والبترية ، لتركهما تكفير أبي بكر وعمر .
وروى الكشي (32) عن حمدويه ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، قال : حدثنا محمد بن عمر ، عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصدقة على الناصب وعلى الزيدية ؟ فقال : لا تصدق عليهم بشيء ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت ، وقال لي : الزيدية هم النصاب .
فرق الشيعة الأخرى : الإمامية : قال الاسفرائيني (33) : هؤلاء الإمامية المخالفة للزيدية والكيسانية والغلاة ، وهم خمس عشرة فرقة : الكاملية ، والمحمدية ، والباقرية ، والناووسية ، والشميطية ، والعمارية ، والإسماعيلية ، والمباركية ، والموسوية ، والقطعية ، والاثنا عشرية ، والهشامية ، والزرارية ، واليونسية ، والشيطانية . وأضاف الشهرستاني (34) : الجعفرية الواقفة ، والأفطحية ، والمفضلية ، والحمارية ، والباطنية التعليمية . وقال النوبختي (35) : لما توفي أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) افترقت شيعته بعده ست فرق ، وأضاف الاسفرائيني في كتابه (الفرق بين الفرق) فرق شيعية أخرى .

4- الناووسية :
قال النوبختي (36) : قالت الناووسية أن جعفر بن محمد حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر ويلي أمر الناس وأنه هو المهدي ، وزعموا أنهم رووا عنه أنه قال : إن رأيتم رأسي قد أهوى عليكم من جبل فلا تصدقوه فإني أنا صاحبكم . وإنه قال لهم : إن جاءكم من يخبركم عني أنه مرضني وغسلني وكفنني فلا تصدقوه فإني صاحبكم ، صاحب السيف . وقال الشهرستاني (37) : عن أبي حامد الزوزني : أن الناووسية زعمت أن عليا باق ، وستنشق الأرض عنه قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلا . وقال الاسفرائيني (38) : انضم إلى هذه الفرقة قوم من السبئية ، فزعموا جميعا أن جعفرا كان عالما بجميع معالم الدين . وهذه الفرقة تسمى الناووسية لأنهم لقبوا برئيس لهم يقال له : عجلان ابن ناووس من أهل البصرة .

5- الإسماعيلية :
قال النوبختي (39) : زعمت هذه الفرقة أن الإمام بعد جعفر بن محمد ابنه إسماعيل ابن جعفر ، وأنكرت موت إسماعيل في حياة أبيه ، وقالوا : كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس لأنه خاف فغيبه عنهم ، وزعموا أن إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض ويقوم بأمر الناس وأنه هو القائم ، لأن أباه أشار إليه بالإمامة بعده . وقال الاسفرائيني (40) : وافترقت الإسماعيلية فرقتين :
1 - فرقة منتظرة لإسماعيل بن جعفر ، مع اتفاق أصحاب التواريخ على موت إسماعيل في حياة أبيه .
2 - وفرقة قالت : كان الإمام بعد جعفر سبطه محمد بن إسماعيل بن جعفر ، حيث إن جعفرا نصب ابنه إسماعيل للدلالة على إمامة ابنه محمد بن إسماعيل . وقال الشهرستاني (41) : يقال للفرقة الثانية من الإسماعيلية (المباركية) ،وثم منهم من وقف على محمد بن إسماعيل ، السابع التام ، وقال برجعته بعد غيبته ، وإنما تم دور السبعة به ، ثم ابتدئ منه بالأئمة المستورين الذين كانوا يسيرون في البلاد سرا ويظهرون الدعاة جهرا ، ومنهم من ساق الإمامة في (المستورين) منهم ، ثم في (الظاهرين القائمين) من بعدهم ، وهم الباطنية . قالوا : ولن تخلو الأرض قط من (إمام) حي قائم ، إما ظاهر مكشوف وإما باطن مستور ، فإذا كان الإمام ظاهرا جاز أن يكون حجته مستورا ، وإذا كان الإمام مستورا فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين . ثم بعد الأئمة المستورين كان ظهور المهدي بالله ، والقائم بأمر الله وأولادهم نصا بعد نص على إمام بعد إمام . ومن مذهبهم : أن من مات ولم يعرف (إمام زمانه) مات ميتة جاهلية ، وكذلك من مات ولم يكن في عنقه (بيعة إمام) مات ميتة جاهلية .
وأشهر ألقابهم : (الباطنية) ، وإنما لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن لكل ظاهر باطنا ولكل تنزيل تأويل . ولهم ألقاب كثيرة : فبالعراق يسمون : الباطنية ، والقرامطة ، والمزدكية . وبخراسان : التعليمية ، والملحدة . وهم يقولون : نحن إسماعيلية ، لأنا تميزنا عن فرق الشيعة بهذا الاسم وهذا الشخص .
ثم إن الباطنية القديمة قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة وصنفوا كتبهم على هذا المنهاج . أما أصحاب (الدعوة الجديدة) فقد تنكبوا هذه الطريقة حين أظهر (الحسن ابن محمد بن الصباح) دعوته واستظهر بالرجال وتحصن بالقلاع ، وكان بدء صعوده على (قلعة الموت) (أشهر قلعة حصينة من قلاع (طالقان) من نواحي قزوين ، بناها أحد ملوك الديلم وسماها (إله موت) أي تعليم العقاب) في شهر شعبان سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة .
وعد الاسفرائيني (42) فرقة الباطنية من فرق الغلاة وقال : إن ضرر الباطنية على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس ، بل أعظم من مضرة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم ، بل أعظم من ضرر الدجال الذي يظهر في آخر الزمان . وقد حكى أصحاب المقالات أن الذين أسسوا دعوة الباطنية جماعة ، منهم : ميمون بن ديصان ، المعروف بالقداح ، وكان مولى لجعفر بن محمد الصادق ، وكان من الأهواز .
ومنهم : محمد بن الحسين الملقب ب‍دندان ، اجتمعوا كلهم مع ميمون بن ديصان في سجن والي العراق ، فأسسوا في ذلك السجن مذاهب الباطنية ، ثم رحل ميمون بن ديصان إلى ناحية المغرب ، وانتسب في تلك الناحية إلى عقيل بن أبي طالب ، وزعم أنه من نسله ، فلما دخل في دعوته قوم من غلاة الرفض والحلولية منهم ، ادعى أنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر . ثم ظهر في دعوته إلى دين الباطنية رجل يقال له حمدان قرمط ، ثم ظهر بعده في الدعوة إلى البدعة أبو سعيد الجنابي وكان من مستجيبة حمدان ، وتغلب على ناحية البحرين .
ثم لما تمادت الأيام بهم ظهر المعروف منهم بسعيد بن الحسين بن أحمد ابن عبد الله بن ميمون بن ديصان القداح ، فغير اسم نفسه ونسبه وقال لأتباعه أنا عبيد الله (هو عبيد الله الملقب بالمهدي ، والد الخلفاء العبيديين الفاطميين ، وقد افترى أنه من ولد جعفر الصادق ، وهلك سنة 322 وكان يظهر الرفض ويبطن الزندقة (العبر 2 : 193) بن الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، ثم ظهرت فتنته بالمغرب واستولى على أعمال مصر . وقال الأشعري (43) : الفرقة التي زعمت أن الإمام بعد جعفر : محمد بن إسماعيل ابن جعفر ، وقالوا : إن الأمر كان لإسماعيل في حياة أبيه ، فلما توفي قبل أبيه جعل جعفر بن محمد الأمر لمحمد بن إسماعيل ، وكان الحق له ولا يجوز غير ذلك ، وأصحاب هذه المقالة يسمون (المباركية) (44) برئيس لهم كان يسمى (المبارك مولى إسماعيل بن جعفر) .
أماالإسماعيلية (45) الخالصة فقد : زعمت أن الإمام بعد جعفر ابنه إسماعيل ابن جعفر ، وأنكرت موت إسماعيل في حياة أبيه ، وقالوا : كان ذلك يلتبس على الناس لأنه خاف عليه نفسه عنهم ، وزعموا أن إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض ويقوم بأمور الناس وإنه هو القائم ، لأن أباه أشار إليه بالإمامة بعده ، فلما أظهر موته علمنا أنه قد صدق وأنه القائم لم يمت . وقال الأشعري (46) : أما الإسماعيلية الخالصة فهم الخطابية ، وقد دخلت منهم فرقة في فرقة محمد بن إسماعيل ، وأقروا بموت إسماعيل في حياة أبيه ، وكانت الخطابية الرؤساء منهم قتلوا مع أبي الخطاب .
أما القرامطة (47) : هذه الفرقة انشعبت من فرقة المباركية التي انشعبت هي عن الخطابية ، وسميت القرامطة لرئيس لهم من أهل السواد من الأنباط كان يلقب ب‍(قرمطويه) ، وكانوا في الأصل على مقالة المباركية ثم خالفوهم ، وقالوا : لا يكون بعد محمد غير سبعة أئمة : علي وهو إمام رسول ، والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد ومحمد بن إسماعيل بن جعفر وهو الإمام القائم المهدي وهو رسول ، وإنه من أولي العزم .

6- السميطية (48)
قالت هذه الفرقة ، إن الإمام بعد جعفر بن محمد ابنه (محمد بن جعفر) ، وأمه أم ولد يقال لها حميدة ، وذلك أن بعضهم روى لهم أن محمد بن جعفر دخل على أبيه جعفرا يوما وهو صبي صغير فعدا إليه فكبا في قميصه ووقع على وجهه ، فقام إليه جعفر وقبله ومسح التراب عن وجهه ووضعه على صدره وقال : سمعت أبي يقول : إذا ولد لك ولد يشبهني فسمه باسمي ، فهو شبيهي وشبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فجعل هؤلاء الإمامة في محمد بن جعفر وولده من بعده ، وهذه الفرقة تنسب إلى رئيس لهم يقال له (يحيى بن أبي سميط) .
وقال الاسفرائيني (49) : السميطية : وقد ساقوا الإمامة بطريق النص من جعفر إلى ابنه محمد بن جعفر ، وأقروا بموت جعفر ، وزعموا أن جعفرا أوصى بها لابنه محمد ، ثم أداروا الإمامة في أولاد محمد بن جعفر ، وزعموا أن المنتظر من ولده .

7- الفطحية
:قال النوبختي (50) : قالت هذه الفرقة إن الإمامة بعد جعفر في ابنه عبد الله ابن جعفر الأفطح ، وذلك أنه كان عند مضي جعفر أكبر ولده سنا وجلس مجلس أبيه وادعى الإمامة ووصية أبيه ، واعتلوا بحديث يروونه عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد أنه قال : الإمامة في الأكبر من ولد الإمام ، فمال إلى عبد الله والقول بإمامته جل من قال بإمامة أبيه جعفر بن محمد غير نفر يسير عرفوا الحق فامتحنوا عبد الله ، بمسائل في الحلال والحرام من الصلاة وغير ذلك فلم يجدوا عنده علما . وسميت الفطحية بهذا الاسم لأن عبد الله كان أفطح الرأس ، وقال بعضهم : كان أفطح الرجلين ، وقال بعض الرواة : نسبوا إلى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبد الله بن فطيح . ومال إلى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقهائها ، ولم يشكوا في أن الإمامة في عبد الله بن جعفر وفي ولده من بعده ، فمات عبد الله ولم يخلف ذكرا ، فرجع عامة الفطحية عن القول بإمامته سوى قليل منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر ، وقد كان رجع جماعة منهم في حياة عبد الله إلى موسى ابن جعفر (عليهما السلام) ، ثم رجع عامتهم بعد وفاته عن القول به ، وبقي بعضهم على القول بإمامته ثم إمامة موسى بن جعفر من بعده ، وعاش عبد الله بن جعفر بعد أبيه سبعين يوما .
وقال الأشعري (51) : روي أن (جعفر الصادق عليه السلام) قال لموسى (عليه السلام) : يا بني إن أخاك سيجلس مجلسي ، ويدعي الإمامة بعدي ، فلا تنازعه ولا تتكلمن ، فإنه أول أهلي لحاقا بي . وقال الأشعري (52) : وقالت فرقة من أصحاب عبد الله بعد وفاته : إن الإمامة انقطعت بعد موته فلا إمام بعده . وشذت منهم فرقة بعد وفاة موسى بن جعفر ، فادعت أن لعبد الله بن جعفر ابنا ولد له من جارية وأنه كان وجهه إلى اليمن فنشأ هنالك ، يقال له محمد ، وأنه تحول بعد موت أبيه إلى خراسان فهو مقيم بها ، وأنه حي إلى اليوم ، وأنه الإمام بعد أبيه ، وهو القائم المنتظر . وهذه الفرقة قليلة ، منهم قوم بناحية العراق ، وناحية اليمن ، وأكثرهم بخراسان . وذكرها الاسفرائيني (53) باسم العمارية ، وقال : وهم (أي الفطحية) ينسبون إلى زعيم منهم يسمى عمارا ، وهم يسوقون الإمامة إلى جعفر الصادق ، ثم زعموا أن الإمام بعده ولده عبد الله .
وقد أبطل الشيخ المفيد (رحمه الله) (54) مزاعم هذه الفرق التي جاءت بعد وفاة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) وقال : فأما الناووسية ، فقد ارتكبت في إنكارها وفاة أبي عبد الله (عليه السلام) ضربا من دفع الضرورة وإنكار المشاهدة ، لأن العلم بوفاته كالعلم بوفاة أبيه من قبله ، ولا فرق بين هذه الفرقة وبين الغلاة الدافعين لوفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين من أنكر مقتل الحسين (عليه السلام) ، ودفع ذلك مراد عن أنه كان مشبها للقوم ، وأما الخبر الذي تعلقوا به فهو خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا ، ولو رواه ألف إنسان وألف ألف لما جاز أن يجعل ظاهره حجة في دفع الضرورات وارتكاب الجهالات بدفع المشاهدات ، على أنه يقال لهم : ما أنكرتم أن يكون هذا القول إنما صدر من أبي عبد الله (عليه السلام) عند توجهه إلى العراق ، ليؤمنهم من موته في تلك الأحوال ، ويعرفهم رجوعه إليهم من العراق .
ويحذرهم من قبول أقوال المرجفين به ، والمؤدية إلى الفساد ، ولا يجب أن يكون ذلك مستغرقا لجميع الأزمان ، ويحتمل أن يكون أشار إلى جماعة علم أنهم لا يبقون بعده وأنه يتأخر عنهم فقال : من جاءكم من هؤلاء فقد جاء في بعض الأسانيد : من جاء منكم ، وفي بعضها : من جاءكم من أصحابي ، وهذا يقتضي الخصوص . وله وجه آخر وهو أنه عنى بذلك كل الخلق ما سوى الإمام القائم من بعده لأنه ليس يجوز أن يتولى غسل الإمام وتكفينه ودفنه إلا الإمام القائم مقامه (عليه السلام) إلا أن تدعو ضرورة إلى غير ذلك ، فكأنه أنبأهم بأنه لا ضرورة تمنع القائم من بعده عن تولي أمره بنفسه .
وأضاف الشيخ المفيد (رحمه الله) : مع أنه لا بقية للناووسية ، ولم تكن في الأصل أيضا كثرة ، ولا أعرف منهم رجل مشهور بالعلم ، ولا قرئ لهم كتاب ، وإنما هي حكاية إن صحت ، فعن عدد يسير لم يبرز قولهم حتى اضمحل وانتقض . وأماما اعتلت به الإسماعيلية (55) من أن إسماعيل (رحمه الله) كان الأكبر وأن النص يجب أن يكون على الأكبر ، فلعمري إن ذلك يجب إذا كان الأكبر باقيا بعد الوالد ، فأما إذا كان المعلوم من حاله أنه يموت في حياته ولا يبقى بعده ، فليس يجب ما ادعوه .
وأما ما ادعوه من تسليم الجماعة لهم حصول النص عليه ، فإنهم ادعوا في ذلك باطلا وتوهموا فاسدا من قبل أنه ليس أحد من أصحابنا يعترف بأن أبا عبد الله (عليه السلام) نص على ابنه إسماعيل ، ولا روى راو ذلك في شاذ من الأخبار ولا في معروف منها ، وإنما كان الناس في حياة إسماعيل يظنون أن أبا عبد الله ينص عليه لأنه أكبر أولاده ، وبما كانوا يرونه من تعظيمه ، فلما مات إسماعيل زالت ظنونهم وعلموا أن الإمامة في غيره ، فتعلق هؤلاء المبطلون بذلك الظن وجعلوه أصلا ، وادعوا أنه قد وقع النص ، وليس معهم في ذلك خبر ، ولا أثر يعرفه أحد من نقلة الشيعة .
فأما الرواية عن أبي عبد الله (عليه السلام) من قوله : ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ، فإنها على غير ما توهموه أيضا من البداء في الإمامة ، وإنما معناها ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : إن الله عز وجل كتب القتل على ابني إسماعيل مرتين ، فسألته فيه فرقا ، فما بدا له في شيء كما بدا له في إسماعيل يعني به ما ذكره من القتل الذي كان مكتوبا فصرفه عنه بمسألة أبي عبد الله (عليه السلام) ،فأما الإمامة فإنه لا يوصف الله عز وجل بالبداء فيها ، وعلى ذلك إجماع فقهاء الإمامية .
فأما (56) من ذهب إلى إمامة محمد بن إسماعيل بنص أبيه عليه ، فإنه منتقض القول فاسد الرأي ، من قبل أنه إذا لم يثبت لإسماعيل إمامة في حياة أبي عبد الله (عليه السلام) - لاستحالة وجود إمامين بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمان واحد - لم يجز أن يثبت إمامة محمد ، لأنها تكون حينئذ ثابتة بنص غير إمام ، وذلك فاسد في النظر الصحيح . وأما من زعم بأن أبا عبد الله (عليه السلام) نص على محمد بن إسماعيل بعد وفاة أبيه ، فإنهم لم يتعلقوا في ذلك بأثر ، وإنما قالوه قياسا على أصل فاسد .
وأما (57) من ادعى إمامة محمد بن جعفر (عليه السلام) بعد أبيه فإنهم شذاذ جدا ، قالوا بذلك زمانا مع قلة عددهم وإنكار الجماعة عليهم ، ثم انقرضوا حتى لم يبق منهم أحد يذهب إلى هذا المذهب . وأما الفطحية ، فإن أمرها أيضا واضح وفساد قولها غير خاف ولا مستور ، وذلكأنهم لم يدعوا نصا من أبي عبد الله (عليه السلام) على عبد الله ، وإنما عملوا على ما رووه من أن الإمامة تكون في الأكبر .

8- الكاملية (58)
ذكرها الاسفرائيني ضمن فرق الإمامية وقال : هؤلاء أتباع رجل من الرافضة كان يعرف بأبي كامل ، وكان يزعم أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي ، وكفر علي بتركه قتالهم ، وكان يلزمه قتالهم كما لزمه قتال أصحاب صفين .

9- المحمدية (59)
هؤلاء ينتظرون محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، ولا يصدقون بقتله ، وكان المغيرة بن سعيد العجلي يقول لأصحابه : إن المهدي المنتظر محمد بن عبد الله بن الحسن .

10- الباقرية (60)
: هؤلاء قوم ساقوا الإمامة من علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أولاده إلى محمد ابن علي المعروف بالباقر (عليه السلام) .

11- الموسوية (61)
هؤلاءالذين ساقوا الإمامة إلى جعفر ، ثم زعموا أن الإمام بعد جعفر كان ابنه موسى بن جعفر ، وزعموا أن موسى بن جعفر حي وأنه هو المهدي المنتظر .

12- القطعية (62)
هؤلاء ساقوا الإمامة من جعفر الصادق إلى ابنه موسى ، وقطعوا بموت موسى ، وزعموا أن الإمام بعده سبط محمد بن الحسن الذي هو سبط علي بن موسى الرضا ، ويقال لهم : الاثنا عشرية .
المصادر :
1- كتاب الشيعة للعلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء .
2- الفرق بين الفرق : 51 .
3- الملل والنحل 1 : 131 .
4- فرق الشيعة : 18 .
5- الملل والنحل 1 : 131 .
6- الفرق بين الفرق : 58 .
7- الملل والنحل 1 : 133 .
8- الملل والنحل 1 : 134 ، والمقالات والفرق : 69 ، الرقم 123 .
9- والملل والنحل 1 : 136 .
10- المقالات والفرق : 50 .
11- بحار الأنوار 37 : 5 .
12- بحار الأنوار 37 : 3 .
13- الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة : 64 .
14- فرق الشيعة : 58 .
15- قال الأشعري في المقالات والفرق : 74 : (الحصينية) .
16- الملل والنحل 1 : 137 .
17- الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة : 74 .
18- الملل والنحل 1 : 140 .
19- الفرق بين الفرق : 52 .
20- في بحار الأنوار (37 : 30) : يحيى بن عمر ، من أحفاد زيد بن علي ، وقتل سنة 288 في عهد المستعين بالله .
21- فرق الشيعة : 55 - 56 .
22- فرق الشيعة : 58 .
23- الملل والنحل 1 : 141 ، وبحار الأنوار 37 : 30 .
24- الفرق بين الفرق : 53 ، الرقم 50 .
25- المقالات والفرق : 7 ، لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي .
26- فرق الشيعة : 21 .
27- الفرق بين الفرق : 54 .
28- التأريخ الكبير 2 : 295 ، الرقم 2521 .
29- فهرست ابن النديم : 267 .
30- الملل والنحل 1 : 142 ، واعتبرهما من فرق الزيدية .
31- المقالات والفرق : 11 .
32- رجال الكشي : 228 ، الرقم 409 .
33- الفرق بين الفرق : 72 .
34- الملل والنحل 1 : 147 - 154 .
35- فرق الشيعة : 66 .
36- فرق الشيعة : 67 ، والمقالات والفرق : 79 - 80 .
37- الملل والنحل 1 : 148 .
38- الفرق بين الفرق : 80 .
39- فرق الشيعة : 67 .
40- الفرق بين الفرق : 81 ، الرقم 60 .
41- الملل والنحل 1 : 149 و171 .
42- الفرق بين الفرق : 305 .
43- المقالات والفرق : 80 ، الرقم 157 .
44- الفرق بين الفرق : 83 ، الرقم 62 .
45- المقالات والفرق : 80 ، الرقم 156 .
46- المقالات والفرق : 81 ، الرقم 158 .
47- المقالات والفرق : 83 ، الرقم 161 .
48- فرق الشيعة : 78 ، والمقالات والفرق : 86 ، الرقم 162 ،
49- الفرق بين الفرق : 80 ، الرقم 58 ، والملل والنحل 1 : 148 .
50- فرق الشيعة : 77 ، والمقالات والفرق : 87 ، الرقم 163 .
51- المقالات والفرق : 87 ، الرقم 164 .
52- المقالات والفرق : 88 ، الرقم 165 .
53- الفرق بين الفرق : 81 ، الرقم 59 .
54- الفصول المختارة : 249 .
55- الفصول المختارة : 250 .
56- الفصول المختارة : 251 .
57- الفصول المختارة : 252 .
58- الفرق بين الفرق : 73 ، الرقم 54 .
59- الفرق بين الفرق : 75 ، الرقم 55 .
60- الفرق بين الفرق : 78 ، الرقم 56 .
61- الفرق بين الفرق : 82 ، الرقم 61 .
62- الفرق بين الفرق : 83 ، الرقم 63 . بحار الأنوار 37 : 1 - 34 ،

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

صلاة ألف ركعة
العلاقة بين المصحف العلوي والقرآن المتداول اليوم
في رحاب نهج البلاغة – الأول
حد الفقر الذی یجوز معه اخذ الزکاة
ومن وصيّة له لولده الحسن (عليهما السلام): [يذكر ...
شبهات حول المهدي
الدفن في البقيع
ليلة القدر خصائصها وأسرارها
آداب الزوجین
مفاتيح الجنان(600_700)

 
user comment