تؤکد الدراسات الجدیدة أن حفظ القرآن یقی من الأمراض ویقوی مناعة الجسم ویزید المؤمن إبداعاً وراحة نفسیة..
إن أفضل عمل على الإطلاق یمکن لإنسان أن یقوم به هو تلاوة القرآن والعمل بما فیه وتطبیق ما أمر به الله والابتعاد عما نهى عنه الله. القناعة الراسخة هی أن القرآن یؤثر بشکل کبیر على شخصیة الإنسان. نصائح ذهبیة لحفظ القرآن
- اختر المکان والزمان المناسب للحفظ لأن الذاکرة ترتبط بالمکان والزمان.
- اختر الصدیق المناسب والصالح الذی تحفظ معه القرآن.
- اختر الوقت المناسب للحفظ وحاول أن تختار أفضل الأوقات ولا تجعل القرآن على هامش حیاتک!
- إذا فشلت فی الحفظ فکرر المحاولة مرات عدیدة حتى تستمر فی الحفظ وإیاک أن تنقطع عن القرآن.
- علم نفسک کیف تحب القرآن! وتخیل الفوائد التی ستجنیها من حفظ کتاب الله تعالى.
- القرآن هو الشفاء وهو النجاح فی الدنیا والآخرة وهو السعادة وهو الاتصال مع الله عز وجل.
لذلک سارع إلى حفظ بعض آیات القرآن لتلقى الله تعالى وأنت حافظ لکتابه فهذا أجمل یوم ینتظره کل مؤمن صادق: (مَن کَانَ یَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ) (1).
ما هی الأشیاء التی تساعد على تقویة وتطویر المدارک؟
إن أفضل طریقة لتأمل القرآن هی أن تحفظ الآیة أو السورة ثم ترددها فی صلاتک وقبل نومک وأنت تسیر فی الشارع مثلاً أو ترکب السیارة، بمعنى آخر تجعل القرآن هو کل شیء فی حیاتک، وسوف یسخّر الله لک کل شیء لخدمتک! وهذا الکلام عن تجربة طویلة.
وهذه هی تجربة الرسول الأعظم علیه الصلاة والسلام، فقد کان کل شغله وهمّه وحیاته القرآن. فهل هنالک أجمل من أن تعیش مع الکتاب الذی سیکون رفیقک فی قبرک وشفیعک أمام الله یوم یتخلى عنک أقرب الناس إلیک، ولکن هذا القرآن لن یتخلى عنک، فلا تتخلى عنه.
أهم شیء هو الحرص على القرآن والعلم من أجل الآخرة ولیس لمتاع الدنیا، فإذا ما جعلت کل هدفک وهمّک هو الله فإن الطریق الذی سیوصلک إلى الله هو القرآن، وهنالک حادثة حدثت مع أحد الصالحین عندما کان على فراش الموت فقال لابنه: یا بنی ناولنی هذا الکتاب لأننی نسیت مسألة من العلم وأحب أن أطلع علیها. فقال: وما تنفعک هذه المسألة الآن یا أبت؟ فقال: لأن ألقى الله وأنا عالم بهذه المسألة أحب إلی من أن ألقاه وأنا جاهل بها! فأین نحن الآن من هؤلاء؟؟
أن حفظ القرآن هو أهم عامل لتوسیع المدارک وقوة الفهم، وذلک لأن الذی یفهم کلام الله وهو الکلام الثقیل والعظیم، یسهل علیه أن یفهم کلام البشر من العلوم وغیرها وهذا عن تجربة حقیقیة. وثق أن الله سییسر لک الحفظ، یقول تعالى: (وَلَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّکْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ) (2).
التفکر فی خلق الله یزید طاقة الإبداع:
التأمل والتفکر فی معجزات الخالق هو طریقة رائعة لزیادة الإبداع لدى الإنسان، وقد وجد العلماء أن التفکر فی الطبیعة والکون والخلق یؤدی إلى زیادة فی حجم الدماغ وقدرته على معالجة المعلومات بسرعة أکبر وکفاءة أعلى.
فإذا أردت أن تطور وتوسع مدارکک علیک أن تقرأ فی معجزات القرآن العلمیة وأن تتفکر فی الکون وتنظر فی السماء وتتأمل فی النجوم، وتنظر فی عالم النبات وتنظر فی المخلوقات من حولک، وسوف ترى الفرق سریعاً، سوف تلاحظ أنک سترتاح نفسیاً وتشعر بالسعادة والاطمئنان أکثر من قبل.
لقد کان النبی الأعظم صلى الله علیه وسلم ینفق جزءاً من وقته فی التأمل کما ذکر فی القرآن الکریم: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَکَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (3) . فهل نقتدی بهذا النبی الرحیم ونعطی جزءاً من وقتنا لنتأمل معجزات الخالق تبارک وتعالى فی الکون والأنفس؟
الخشوع فی الصلاة یقوّی الذاکرة :
یحاول العلماء الیوم معرفة أسرار التأمل والخشوع، والخشوع فی الصلاة هو أمر نفتقده الیوم، فنادراً ما نجد مؤمناً یطبقه فی صلاته. ولذلک نجد تفکیر المؤمن مشتت وغیر مرکز، والخشوع فی الصلاة والدعاء وقراءة القرآن یقوّی الذاکرة ویزید من قدرة الإنسان على الحفظ، ولذلک مدح الله أولئک المؤمنین بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِینَ هُمْ فِی صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (4).
الدعاء ینشط الدماغ :
هناک أمر عظیم نجد معظم الناس غافلین عنه ألا وهو الدعاء، فقد کان جمیع الأنبیاء یدعون ربهم لیل نهار، وکان الدعاء هو الوسیلة لمواجهة صعوبات الحیاة. وبما أننا نتحدث عن قوة الإدراک لدى الإنسان وهذه القوة هی بید الله تعالى، فإن الله هو من یهب لک هذه المیزة ولکن بشرط أن تخلص فی دعائه وتکثر الدعاء ولا تمل، وربما یکون أقوى أنواع الدعاء أن تدعو الله بأسمائه الحسنى، یقول تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی أَسْمَائِهِ سَیُجْزَوْنَ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَ) (5).
حفظ القرآن یقی من الأمراض :
أکدت دراسة جدیدة بأنه کلما ارتفع مقدار حفظ القرآن الکریم ارتفع مستوى الصحة النفسیة وقد حددت البحوث تعریف الصحة النفسیة بأنها: الحالة التی یتم فیها التوافق النفسی للفرد من خلال أربعة أبعاد رئیسة هی: البعد الدینی أو الروحی والبعد النفسی والبعد الاجتماعی والبعد الجسمی. ولقیاسها استخدم الباحثون مقیاس البعد النفسی .
وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة موجبة بین ارتفاع مقدار الحفظ وارتفاع مستوى الصحة النفسیة لدى عینتی الدراسة. وأن الطلاب الذین یفوقون نظرائهم فی مقدار الحفظ کانوا أعلى منهم فی مستوى الصحة النفسیة بفروق واضحة.
هناک أکثر من 70 دراسة أجنبیة وإسلامیة جمیعها تؤکد على أهمیة الدین فی رفع المستوى النفسی للإنسان واستقراره وضمان الطمأنینة له. کما توصلت دراسات أجریت فی السعودیة إلى نتیجة تؤکد دور القرآن الکریم فی تنمیة المهارات الأساسیة لدى طلاب المرحلة الابتدائیة، والأثر الإیجابی لحفظ القرآن الکریم على التحصیل الدراسی لطلاب الجامعة.
وبینت الدراسة صورة واضحة للعلاقة بین التدین بمظاهره المختلفة، ومن أهمها حفظ القرآن الکریم، وآثاره فی الصحة النفسیة للأفراد وعلى شخصیاتهم، وتمتعهم بمستوى عال من الصحة النفسیة، وبُعدهم عن مظاهر الاختلال النفسی قیاساً مع الأفراد الذین لا یلتزمون بتعالیم الدین أو لا یحفظون شیئاً من آیات القرآن الکریم أو یکون حفظهم لعدد یسیر من الآیات والسور القصیرة.
أوصت الدراسة بالاهتمام بحفظ القرآن الکریم کاملاً لدى الدارسین والدارسات فی مؤسسات التعلیم العالی للأثر الإیجابی لهذا الحفظ على کثیر من مناحی حیاتهم وتحصیلهم العلمی، والامتثال لأوامره ونواهیه، وذلک لأنه من أهم أسباب الوصول إلى مستوى عال من الصحة النفسیة. کما أوصت بضرورة اهتمام المعلمین والمعلمات برفع مقدار الحفظ لدى طلابهم وطالباتهم حتى لو کان خارج إطار المقرر الدراسی بحیث یکون إضافیاً لما له من أثر إیجابی على تحصلیهم وصحتهم النفسیة.
تعلیق على هذه الدراسة :
إن کل من یحفظ شیئاً من کتاب الله ویداوم على الاستماع إلى القرآن یشعر بتغییر کبیر فی حیاته، وأقول: إن حفظ القرآن یؤثر على الصحة الجسدیة أیضاً، حیث ثبُت من خلال التجربة والمشاهدة أن حفظ القرآن یرفع النظام المناعی لدى الإنسان ویساعده على الوقایة من الأمراض. ویمکن أن أعدد لکم بعض فوائد حفظ القرآن کما تطر ق الیها الباحثون :
1- صفاء الذهن.
2- قوة الذاکرة.
3- الطمأنینة والاستقرار النفسی.
4- الفرح والسعادة الغامرة التی لا توصف.
5- التخلص من الخوف والحزن والقلق...
6- قوة اللغة العربیة والمنطق والتمکن من الخطابة.
7- القدرة على بناء علاقات اجتماعیة أفضل وکسب ثقة الناس.
8- التخلص من الأمراض المزمنة التی یعانی منها الإنسان.
9- تطویر المدارک والقدرة على الاستیعاب والفهم.
10- الإحساس بالقوة والهدوء النفسی والثبات.
ولذلک قال تعالى: (بَلْ هُوَ آَیَاتٌ بَیِّنَاتٌ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا یَجْحَدُ بِآَیَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) (6). فهذه بعض الفوائد المادیة الدنیویة، ولکن هناک فوائد أکبر بکثیر فی الآخرة، وهی الفرح بلقاء الله تعالى، والفوز بالرضوان والنعیم المقیم، والقرب من الحبیب الأعظم صلى الله علیه وسلم، فهل هناک أجمل من أن تکون مع الله ورسوله یوم القیامة؟!
والآن تصوروا حجم التغییر الذی سیحدث فیما لو قرأ الإنسان القرآن کاملاً وتدبره وحفظه وعمل بما فیه إن تغیرات کبیرة جداً ستحدث، بل إن شخصیتک سوف تنقلب 180 درجة نحو الأفضل، فهل تبدأ معنا رحلة التغییر منذ هذه اللحظة، فتبدأ بحفظ السور القصیرة وتتوکل على الله؟ یقول تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ) (7).
المصادر :
1- العنکبوت /5
2- القمر: 17
3- آل عمران: 191
4- المؤمنون: 1-2
5- الأعراف: 180
6- العنکبوت: 49
7- آل عمران: 159
