عربي
Wednesday 17th of April 2024
0
نفر 0

سماحة العلامة انصاریان : خلافة النبى (ص) فى رؤية الإمام الرضا (ع)

سماحة العلامة انصاریان : خلافة النبى (ص) فى رؤية الإمام الرضا (ع)

خلافة النبى (ص) فى رؤية الإمام الرضا (ع)
وللإمام على بن موسى الرضا (ع) رأى فريد جداً حول صفات ومقومات خليفة النبى (ص) ومن يقوم مقامه وهذا الحديث الذى سنثبته بالنص الكامل «2» يسلط الضوء على هذه المسألة حتى ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود:
عن القاسم بن مسلم عن أخيه عبدالعزيز بن مسلم قال: كنّا فى أيام على بن موسى الرضا (ع) بمرو فاجتمعنا فى مسجد جامعها فى يوم جمعة فى بدء مقدمنا.
فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدى ومولاى الرضا (ع) فأعلمته ما خاض الناس فيه، فتبسم ثم قال: يا عبدالعزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم، إنّ الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه (ص) حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شى‌ء بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملًا، فقال عز وجل: «ما فرّطنا فى الكتاب من شى‌ء» «1».
وأنزل فى حجّة الوداع وهى آخر عمره (ص): «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً» «2» فأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمض (ع) حتى بيّن لأمته معالم دينه وأوضح لهم سبله وتركهم على قصد الحق، وأقام لهم علياً (ع) علماً وإماماً وما ترك شيئاً تحتاج إليه الأمّة إلا بينه.
فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمّل دينه فقد ردّ كتاب الله عز وجل، ومن رد كتاب الله فهو كافر، هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأمّة؟ فيجوز فيها اختيارهم؟! إنّ الإمامة أجل قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم.
إن الإمامة خصّ الله عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل (ع) بعد النبوة والخلّة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره؛ فقال عزّ وجلّ: «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً، فقال الخليل (ع) سرورا بها: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قال الله عزّ وجل: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «3». فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت فى الصفوة.
ثمّ أكرمه بأن جعلها فى ذريّته أهل الصفوة والطهارة فقال عزّ وجلّ:
وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِين‌ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ «1».
فلم تزل فى ذريّته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتّى ورثها النبى (ص) فقال الله جلّ جلاله: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ «2»، فكانت له خاصّة فقلّدها (ص) علياً (ع) بأمر الله عزّ وجلّ على رسم ما فرضها الله، فصارت فى ذريّته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله عزّ وجلّ: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‌ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ «3» فهى فى ولد على (ع) خاصّة إلى يوم القيامة إذ لا نبى بعد محمد (ص)، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟!
إنّ الإمامة هى منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء، إن الإمامة خلافة الله عز وجلّ، وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام)، إنّ الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعزّ المؤمنين، إنّ الإمامة أسّ الإسلام النامى، وفرعه السامى، بالإمام تمام الصلوة والزكاة والصيام والحجّ، والجهاد وتوفير الفى‌ء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف.
والإمام يحلّل حلال الله ويحرّم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذبّ عن دين الله ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة للعالم وهى فى الأُفق بحيث لا تناله الأيدى والأبصار، الإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادى فى غياهب الدجى والبيد القفار ولجج البحار. الإمام الماء العذب على الظمأ والدّال على الهدى والمنجى من الردى الإمام النار على اليفاع «1»، الحار أن أصطلى به، والدليل فى المهالك من فارقه فهالك.
الإمام السحاب الماطر والغيث الهاطل والشمس المضيئة والسماء الظليلة والأرض البسيطة والعين الغزيرة والغدير والروضة، الإمام الأمين الرفيق والأخ الشقيق ومفزع العباد فى الداهية.
الإمام أمين الله فى أرضه وحجته على عباده وخليفته فى بلاده الداعى إلى الله والذاب عن حرم الله، الإمام المطهّر من الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم موسوم بالحلم نظام الدين وعزّ المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين.
الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهّاب، فمن ذا الذى يبلغ معرفة الإمام ويمكنه اختياره؟.
هيهات هيهات ضلّت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيّرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الألبّاء وكلّت الشعراء وعجزت الأُدباء وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرّت بالعجز والتقصير.
وكيف يوصف أو ينعت بكنهه أو يفهم شى‌ء من أمره أو يوجد من يقوم مقامه ويغنى غناءه، لا وكيف وأنى وهو بحيث النجم من أيدى المتناولين ووصف الواصفين؟ فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ أو أين يوجد مثل هذا؟.
ظنّوا أن ذلك يوجد فى غير آل الرسول صلّى الله عليهم كذبتهم‌ والله أنفسهم ومنّتهم الباطل فارتقوا صعباً دحضاً تزلّ عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة وآراء مضلّة فلم يزدادوا منه إلا بعداً، قاتلهم الله أنى يؤفكون، لقد راموا صعباً، وقالوا إفكاً وضلّوا ضلالًا بعيداً، ووقعوا فى الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.
رغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى‌ عَمَّا يُشْرِكُونَ «1».
وقال عزّ وجلّ: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ «2»، وقال عزّ وجلّ: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «3». وقال عزّ وجلّ: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‌ قُلُوبٍ أَقْفالُها «4». أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون: أم قالوا: سمعنا وهو لا يسمعون، إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ «5». وقالوا سمعنا وعصينا، بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم «6».
فكيف لهم باختيار الإمام؟ والإمام عالم لا يجهل، داعى لا ينكل، معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول (ع)، وهو نسل المطهّرة البتول لا مغمز فيه فى نسب، ولا يدانيه ذو حسب، فى البيت من قريش والذروة من هاشم، والعترة من آل الرسول، والرضا من الله، شرف الأشراف، والفرع من عبد مناف.
نامى العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة قائم بأمر الله، نصّاح لعباد الله، حافظ لدين الله.
إنَّ الأنبياء والأئمة يوفقّهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم فى قوله تبارك وتعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وقوله عزّ وجل فى طالوت: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «1» وقال عز وجلّ فى الأئمة من أهل بيته وعترته وذريّته: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‌ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى‌ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «2».
وإنّ العبد إذا اختاره الله عزّ وجلّ لأمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاماً، فلم يعى يعِده بجواب، ولا يحيّر فيه عن الصواب، وهو معصوم مؤيّد موفّق مسدد قد أمن الخطايا والزلل والعثار، يخصّه الله عزّ وجلّ بذلك ليكون حجتّه على عباده وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه الله عزّ وجلّ بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فهل يقدرون على‌ مثل هذا فيختاروه؟ أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدّموه؟ تعدّوا وبيت الله الحقّ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعملون، وفى كتاب الله الهدى والشفاء، فنبذوه واتّبعوا أهواءهم فذمّهم الله ومقتهم وأتعسهم فقال عزّ وجلّ: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «1» وقال عزّ وجلّ: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ «2» وقال عزّ وجلّ: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‌ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ.
وهنا نجد أن الإمام الرضا (ع) فى إثباته إمامة أهل البيت وأحقيتهم بذلك باعتبارهم منتخبين من قبل الله عزّ وجل وأن الآخرين جاءوا فوقفوا ضد ذلك، واختاروا لأنفسهم فى مقابل اختيار الله، وبهذا انفتح باب الصراع الداخلى وبدا النزاع ما أدى بعد ذلك إلى غارات المغيرين وهجمات الطامعين فى داخل البلاد وخارجها.
ونجد الإمام أيضا يسدّ الطريق على كل من حاول جعل الإمامة أمراً بشرياً؛ لأنها كالنبوّة منحة إلهية وهبات ربانية ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ «3».
ومن هنا يجب الإقرار والاعتراف فى أن أهل البيت (ع) الأئمة بالحق بما اشتملوا عليه من صفات ذكرها الإمام الرضا (ع) وجاءت مبثوثة فى نصوص الزيارات المعتبرة وفى صليعتها الزيارة الجامعة الكبيرة، فهم أئمة الخلق بعد النبى (ص) الى يوم القيامة والناس كلهم مأمومون ويتوجّب عليهم الطاعة فى أمر الدين والدنيا.
فهم خير الناس، بل خير خلق الله من بشر وغير بشر، يقول إمام المتقين ويعسوب المؤمنين وأميرهم على (ع): «عترته خير العتر وأسرته خير الأسر، وشجرته خير الشجر» «1».
وقال رسول الله (ص) فى حديث له مع عبدالرحمن بن عوف:
 «يا عبدالرحمن! إنكم أصحابى، وعلى بن أبى طالب أخى ومنّى وأنا من على فهو باب علمى ووصيّى وهو وفاطمة والحسن والحسين هم خير الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً»


source : اهل البيت (ع) ملائكه الارض‏
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المصريون يرفضون دعوة إحدى المجموعات السلفية ...
المرجع اليعقوبي يمنع الاساءة للرموز ويؤكد، ان لم ...
مصور/کشف جثامین اثنین من القراء الایرانیین من ...
ظهور الشيخ القرضاوي في حفل السفارة السعودية في ...
مصر: تواصل فعاليات المسابقة العالمية للقرآن ...
انواع السلفية
أندونیسیا تستضیف مؤتمراً دولیاً للدراسات ...
عشرات الشهداء والجرحى في تفجير مزدوج ارهابي ...
السعودية تعرقل اجراء الحوار في جنيف / وأنصار ...
تدشين مصحف "مسقط" الإلكتروني في سلطنة عمان

 
user comment