عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

حديث الاقتداء عند العلماء

حديث الاقتداء عند العلماء

نذكر في هذا المقال نصوص وعبارات أئمّة وکبار اهل السنة في الطّعن في حديث الاقتداء بالشيخين وکان الرد إمّا على الإطلاق بكلمة : « موضوع » و« باطل » و« لم يصحّ » و« منكر » وإمّا على بعض الوجوه التي وقفنا كلماتهم فيها ..
*أبو حاتم الرّازي
لقد طعن الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي في هذا الحديث ... فقد ذكر العلاّمة المناوي بشرحه : « ... وأعلّه أبو حاتم ، وقال البزّار كابن حزم : لا يصحّ ، لأنّ عبدالملك لم يسمعه من ربعي ، وربعي لم يسمعه من حذيفة ، لكن له شاهد ... » (1) .
ترجمته :
وابو حاتم الرازي ، المتوفّى سنة 277 هـ ، يعدّ من أكابر الأئمة الحفّاظ المجمع على ثقتهم وجلالتهم ، بل جعلوه من أقران البخاري ومسلم ...
قال السمعاني : « إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث ... كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة ... وكان أوّل من كتب الحديث ... » (2) .
وقال ابن الأثير : « هو من أقران البخاري ومسلم » (3) .
وقال الذّهبي : « أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ الكبير محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي ، أحد الأعلام ... » (4) .
وقال أيضاً : « الإمام الحافظ الناقد ، شيخ المحدّثين ... وهو من نظراء البخاري ... » (5) .
وله ترجمة في : تاريخ بغداد 2 / 73 ، تهذيب التهذيب 9 / 31 ، البداية والنهاية 11 / 59 ، الوافي بالوفيات 2 / 183 ، طبقات الحفّاظ : 255 .

أبو عيسى الترمذي

وكذا طعن فيه أبو عيسى الترمذي صاحب « الجامع الصحيح » فإنّه قال ما نصّه : « حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ، ثني أبي ، عن أبيه سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد اب مسعود .
هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود ، لا نعرفه إلاّ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل . ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث . وأبو الزعراء اسمه عبدالله بن هاني ، وأبو الزعراء الذي روى عنه شعبة والثوري وابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو ، وهو أخي أبي الأحوص صاحب ابن مسعود » (7) .
ترجمته :
والترمذي ، أبو عيسى محمد بن عيسى ، المتوفّى سنة 279 هـ ، صاحب أحمد الصحاح الستّة ... غنيّ عن الترجمة والتعريف ، إذ لا كلام بينهم في جلالته وعظمته واعتبار كتابه ، وهذه أسماء بعض مواضع ترجمته : وفيات الأعيان 4 / 278 ، تذكرة الحفّاظ 2 / 633 ، سير أعلام النبلاء 13 / 270 ، تهذيب التهذيب 9 / 387 ، البداية والنهاية 11 / 66 ، الوافي بالوفيات 4 / 294 ، طبقات الحفّاظ : 278 .

أبوبكر البزّار

وأبطله الحافظ الشهير أبوبكر أحمد بن عبدالخالق البزّار صاحب « المسند » المتوفّى سنة 292 هـ ، كما عرفت من كلام العلاّمة المناوي الآنف الذكر .
ترجمته :
قال الذهبي : « الحافظ العلاّمة أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البصري ، صاحب المسند الكبير والمعلّل ... » (8) .
ووصفه الذهبي أيضاً بـ « الشيخ الإمام الحافظ الكبير ... » (9) .
وهكذا وصف واثني عليه في المصادر التاريخية والرجاليّة ... فراجع : تاريخ بغداد 4 / 334 ، النجوم الزاهرة 3 / 157 ، المنتظم 6 / 50 ، تذكرة الحفّاظ 2 / 653 ، الوافي بالوفيات 7 / 268 ، طبقات الحفّاظ : 285 ، تاريخ أصفهان 1 / 104 ، شذرات الذهب 2 / 209 .

أبو جعفر العقيلي

وقال الحافظ الكبير أبو جعفر العقيلي ، المتوفّى سنة 322 هـ ، في كتابه في الضعفاء : « محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم العمري عن مالك . ولا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث حدّثناه أحمد بن الخليل الخريبي ، حدثنا إبراهيم ابن محمد بن الحلبي ، حدثني محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن إبراهيم بن عمر بن الخطّاب ، قال : أخبرنا مالك ، عن منافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا بالأميرين من بعدي أبي بكر وعمر .
حديث منكر لا أصل له من حديث مالك »
وقد أورد الحافظان الذهبي وابن حجر طعن العقيلي هذا واعتمدا عليه كما ستعرف .
وأيضاً : ترجم العقيلي « يحيى بن سلمة بن كهيل » في « الضعفاء » وأورد الحديث عنه عن ابن مسعود بنفس السند الذي في « صحيح الترمذي » وقد تقدّم نصّ عبارته في الفصل الأول .
ترجمته :
وقد أثنى على العقيلي كلّ من ترجم له ... قال الذهبي : « الحافظ الإمام أبو جعفر ... قال مسلمة بن القاسم : كان العقيلي جليل القدر ، عظيم الخطر ، ما رأيت مثله ... وقال الحافظ أبو الحسن ابن سهل القطّان : أبو جعفر ثقة جليل القدر ، عالم بالحديث ، مقدّم في الحفظ ، توفّي سنة 322 » (10) .
وانظر : سير أعلام النبلاء 15 / 236 ، الوافي بالوفيات 4 / 291 ، طبقات الحفّاظ : 346 ، وغيرها .

أبوبكر النقّاش

وطعن فيه الحافظ الكبير أبوبكر النقّاش ـ المتوفّى سنة 354 هـ ـ فقد قال الحافظ الذهبي بعد أن رواه بترجمة أحمد بن محمّد بن غالب الباهلي : « وقال أبوبكر النقّاش : وهو واهٍ » (11) .
ترجمته :
ترجم له الحافظ الذهبي في « سير أعلام النبلاء » ووصفه بـ « العلاّمة المفسّر شيخ القرّاء » (12) .
وهكذا ترجم له ووصفه بجلائل الأوصاف غيره من الأعلام... فراجع :تذكرة الحفّاظ 3 / 908 ، تاريخ بغداد 2 / 201 ، المنتظم 7 / 14 ، وفيات الأعيان 4 / 298 ، الوافي بالوفيات 2 / 345 ، مرآة الجنان 2 / 247 ، طبقات الحفّاظ : 371 .

ابن عديّ

وأورده الحافظ أبو أحمد ابن عدي ، المتوفّى سنة 365 هـ ، عن أنس بن مالك بترجمة حمّاد بن دليل في « الضعفاء » وعنه السيوطي في الجامع الصغير ، ونصّ هناك على أنّ « هذا الحديث قد روى له حمّاد بن دليل إسنادين ، ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل » .
ترجمته :
والحافظ ابن عديّ من أعاظم أئمّة الجرح والتعديل لدى القوم ...
قال السمعاني بترجمته : « كان حافظ عصره ، رحل إلى الاسكندرية وسمرقند ، ودخل البلاد وأدرك الشيوخ . كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله .
قال حمزة بن يوسف السهمي : سألت الدار قطني أن يصنّف كتاباً في ضعفاء المحدّثين ، قال : أليس عندك كتاب ابن عديّ ؟ فقلت : نعم ، فقال : فيه كفاية لا يزاد عليه » (13) .
وانظر : تذكرة الحفّاظ 3 / 161 ، شذرات الذهب 3 / 51 ، مرآة الجنان 2 / 381 ، وغيرها .

أبو الحسن الدار قطني

وقال الحافظ الشهير أبو الحسن الدار قطني ـ المتوفى سنة 385 هـ ـ بعد أن أخرج الحديث بسنده عن العمري : « لا يثبت ، والعمري هذا ضعيف » (14) .
ترجمته :
وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدار قطني ...
قال الذهبي : « الدار قطني ـ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور ، صاحب التصانيف ... ذكره الحاكم فقال : صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع ، وإماماً في القرّاء والنحاة ، صادفته فوق ما وصف لي ، وله مصنّفات يطول ذكرها . وقال الخطيب : كان فريد عصره ، وفزيع دهره ، ونسيج وحده ، وإمام وقته ... وقال القاضي أبو الطيّب الطبري : الدار قطني أمير المؤمنين في الحديث!! » (15) .
وقال ابن كثير : « ... الحافظ الكبير ، استاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا ... كان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره ... وله كتابه المشهور ... وقال ابن الجوزي : قد اجتمع له معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر ، مع الإمامة والعدالة وصحّة العقيدة » (16) .
وراجع : وفيات الأعيان 2 / 459 ، تاريخ بغداد 12 / 34 ، النجوم الزاهرة 4 / 172 ، طبقات الشافعية 3 / 462 ، طبقات القرّاء 1 / 558 ، وغيرها .

ابن حزم الأندلسي

وقد نصّ الحافظ ابن حزم الأندلسي ، المتوفّى سنة 475 ، هـ ، على بطلان هذا الحديث وعدم جواز الإحتجاج به ... فإنّه قال في رأي الشيخين ما نصّه : « أمّا الرواية : اقتدوا باللذين من بعدي . فحديث لا يصّح ، لأنّه مرويّ عن مولى لربعيّ مجهول ، وعن المفضّل الضبيّ وليس بحجّة .
كما حدّثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، نا محمد بن كثير الملاّئي ، نا المفضّل الضبيّ ، عن ضرار بن مرّة ، عن عبدالله بن أبي الهذيل العنزي ، عن جدّته ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، قال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد .
وكما حدّثناه أحمد بن قاسم ، قال : نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ ، قال : حدّثني قاسم بن أصبغ ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، نا محمد ابن كثير ، أنا سفيان الثوري ، عن عبدالملك بن عمير ، عن مولى لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ...
وأخذناه أيضاً عن بعض أصحابنا ، عن القاضي أبي الوليد ابن الفرضي ، عن ابن الدخيل ، عن العقيلي ، نا محمد بن إسماعيل ، نا محمد بن فضيل ، نا وكيع ، نا سالم المرادي ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي بن حراش وأبي عبدالله ـ رجل من أصحاب حذيفة ـ عن حذيفة .
قال أبو محمد : سالم ضعيف . وقد سمّى بعضهم المولى فقال : هلال مولى ربعيّ . وهو مجهول لا يعرف من هو أصلاً . ولو صحّ لكان عليهم لا لهم ، لأنّهم ـ نعني أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي ـ أترك الناس لأبي بكر وعمر . وقد بيّنّا أنّ أصحاب مالك خالفوا أبابكر ممّا رووا في الموطّأ خاصة في خمسة مواضع ، وخالفوا عمر في نحو ثلاثين قضية ممّا رووا في الموطّأ خاصة . قد ذكرنا أيضاً أنّ عمر وأبابكر اختلفا ، وأنّ أتّباعهما فيما اختلفا فيه متعذّر ممتنع لا يعذر عليه أحد » .
وقال في الفصل :
« قال أبو محمد : ولو أنّنا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو أبلسوا أسفاً ـ لاحتججنا بما روي : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
قال أبو محمد : ولكنّه لم يصحّ ، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصحّ » (17) .
ترجمته :
وأبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي ، حافظ ، فقيه ، ثقة ، له تراجم حسنة في كتبهم ، وإن كانوا ينتقدون عليه صراحته وشدّته في عباراته ...
قال الحافظ ابن حجر : « الفقيه الحافظ الظاهري ، صاحب التصانيف ، كان واسع الحفظ جدّاً ، إلاّ أنّه لثقة حافظته كان يهجم ، كالقول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة ، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة .
قال صاعد بن أحمد الربعي : كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس كلّهم لعلوم الإسلام وأشبعهم معرفة ، وله مع ذلك توسّع في علم البيان ، وحظّ من البلاغة ، ومعرفة بالسير والأنساب .
قال الحميدي : كان حافظاً للحديث ، مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنّة ، متفنّناً في جمّة ، عاملاً بعلمه ، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ والتديّن وكرم النفس ، وكان له في الأثر باع واسع .
قال مؤرّخ الأندلس أبو مروان ابن حبّان : كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب ، مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة ، وكان لا يخلو في فنونه من غلط ، لجرأته في السؤال على كل فنّ » (18) .
وراجع : وفيات الأعيان 3 / 13 ، نفح الطيب 1 / 364 ، العبر في خبر من غبر 3 / 239 .

برهان الدين العبري الفرغاني

وقد نصّ العلاّمة عبيدالله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي ـ المتوفّى سنة 743 هـ ـ على أنّه حديث موضوع لا يجوز الاستدلال به والاستناد إليه ، وهذا نصّ كلامه : « وقيل : إجماع الشيخين حجّة لقوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . فالرسول أمرنا بالاقتداء بهما ، والأمر للوجوب ، وحينئذٍ يكون مخالفتهما حراماً . ولا نعني بحجّيّة إجماعهما سوى ذلك .
الجواب : إنّ الحديث موضوع لما بيّنّا في شرح الطوالع » (19) .
ترجمته :
والعبري من كبار أئمّة القوم في علم الكلام والمعقول ، وشرحه على « المنهاج » وعلى « الطوالع » للقاضي البيضاوي من أشهر كتبهم في الكلام والأصول... وقد ترجموا له وأثنوا عليه واعترفوا بفضله .
قال الحافظ ابن حجر : « كان عارفاً بالأصلين ، وشرح مصنّفات ناصر الدين البيضاوي ... ذكره الذهبي في المشتبه ـ في العبري ـ فقال : عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة . ومات في شهر رجب سنة 743 . قلت : رأيت بخطً بعض فضلاء العجم أنّه مات في غرّة ذي الحجّة منها وهوأثبت ، ووصفه فقال : هو الشريف المرتضى قاضي القضاة ، كان مطاعاً عند السلاطين ، مشهوراً في الآفاق ، مشاراً إليه في جميع الفنون ، ملاذ الضعفاء ، كثير التواضع والإنصاف » (20) .
وقال الأسنوي : « كان أحد الأعلام في علم الكلام والمعقولات ، ذا حظٍّ وافر من باقي العلوم ، وله التصانيف المشهورة » (21) .
وقال اليافعي : « الإمام العلاّمة ، قاضي القضاة ، عبيدالله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي ، البارع العلاّمة المناظر ، يضرب بذكائه ومناظرته المثل ، كان إماماً بارعاً ، متفنّناً ، تخرج به الأصحاب ، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي ، . وأقرأهما وصنّف فيهما . وأمّا الأصول والمعقول فتفرّد فيها بالإمامة ، وله تصانيف ... وكان استاذ الاستاذين في وقته » (22) .

شمس الدين الذهبي

وأبطل الحافظ الكبير الذهبي ـ المتوفّى سنة 748 هـ ـ هذا الحديث مرّة بعد اخرى ، واستشهد بكلمات جهابذة فنّ الحديث والرجال ... وإليك ذلك :
قال : « أحمد بن صليح ، عن ذي النون المصري ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر بحديث : اقتدوا باللذين من بعدي .
وهذا غلط ، وأحمد لا يعتمد عليه » (23) .
وقال : « أحمد بن محمد بن غالب الباهلي غلام خليل ، عن إسماعيل بن أبي اويس وشيبان وقرّة بن حبيب . وعنه : ابن كامل وابن السماك وطائفة .
وكان من كبار الزّهاد ببغداد . قال ابن عديّ : سمعت أبا عبدالله النهاوندي يقول : قلت لغلام خليل : ما هذه الرقائق التي تحدّث بها ؟ قال : قال وضعناها لنرقّق بها قلوب العامة .
وقال أبو داود : أخشى أن يكون دجّال بغداد .
وقال الدار قطني : متروك .
ومن مصائبه : قال : حدّثنا محمد بن عبدالله العمري ، حدّثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
فهذا ملصق بمالك . وقال أبوبكر النقّاش : وهو واهٍ ... » (24) .
وقال : « محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطّاب العدوي ، العمري .
ذكره العقيلي وقال : لا يصحّ حديثه ، ولا يعرف بنقل الحديث ، حدّثنا أحمد ابن الخليل ، حدّثنا أحمد ابن الخليل ، حدّثنا إبراهيم بن محمد الحلبي ، حدّثني محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم ، أنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : اقتدوا باللذين من بعدي .
فهذا لا أصل له من حديث مالك ، بل هو معروف من حديث حذيفة بن اليمان .
وقال الدار قطني : العمري هذا يحدّث عن مالك بأباطيل .
وقال ابن منده : له مناكير » (25) .
وقال : « عن يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود مرفوعاً : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّدوا بعهد ابن مسعود .
قلت : سنده واهٍ جدّاً » (26) .
ترجمته :
والذهبي أعرف من أن يعرّف ، فهو إمام المتأخرين في التواريخ والسيّر ، والحجّة عندهم في الجرح والتعديل ... وإليك بعض مصادر ترجمته : الدرر الكامنة 3 / 336 ، الوافي بالوفيات 2 / 163 ، طبقات الشافعية 5 / 216 ، فوات الوفيات 2 / 370 ، البدر الطالع 2 / 110 ، شذرات الذهب 6 / 153 ، النجوم الزاهرة 10 / 182 ، طبقات القرّاء 2 / 71 .

نور الدّين الهيثمي

ونصّ الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ـ المتوفّى سنة 807 هـ ـ على سقوط الحديث عن أبي الدرداء حيث قال : « وعن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ،فإنّهما حبل الله الممدود ، ومن تمسّك بهما فقد تمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها .
رواه الطبراني : وفيه من لم أعرفهم » (27) .
ترجمته :
والحافظ الهيثمي من أكابر حفّاظ القوم وآئمّتهم .
قال الحافظ السخاوي بعد وصفه بالحفظ : « وكان عجباً في الدين والتقوى والزهد والإقبال على العلم والعبادة والأوراد وخدمة الشيخ ...
قال شيخنا في معجمه : كان خيّراً ساكناً سليم الفطرة ، شديد الإنكار للمنكر ، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده ، محبّاً في الحديث وأهله ...
وقال البرهان الحلبي : إنّه كان من محاسن القاهرة .
وقال التقيّ الفاسي : كان كثير الحفظ للمتون والآثار ، صالحاً خيّراً .
وقال الأفقهسي : كان إماماً عالماً حافظاً زاهداً ...
والثناء علي دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدّاً ... » (28) .
وراجع أيضاً : حسن المحاضرة 1 / 362 ، طبقات الحفّاظ : 541 ، البدر الطالع 1 / 44 .

ابن حجر العسقلاني

واقتفى الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ المتوفّى سنة 852 هـ ـ أثر الحافظ الذهبي ، فأبطل الحديث في غير موضع . فقال بترجمة أحمد بن صليح :
« أحمد بن صليح ، عن ذي النون المصري ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما بحديث : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . وهذا غلط . وأحمد لا يعتمد عليه » (29) .
وقال بترجمة غلام خليل بعد كلام الذهبي : « وقال الحاكم : سمعت الشيخ أبابكر ابن إسحاق يقول : أحمد بن محمد بن غالب ممّن لا أشكً في كذبه .
وقال أبو أحمد الحاكم : أحاديثه كثيرة لا تحصى كثرةً ، وهو بينّ الأمر في الضّعف .
وقال أبو داود : قد عرض عليّ من حديثه فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلّها . وروى عن جماعةٍ من الثقات أحاديث موضوعة على ما ذكره لنا القاضي أحمد بن كامل ، مع زهده وورعه . ونعوذ بالله من ورع يقيم صاحبه ذلك المقام » (30) .
وأضاف إلى كلام الذهبي بترجمة محمد العمري : « وقال العقيلي بعد تخريجه : هذا الحديث منكر لا أصل له . وأخرجه الدار قطني من رواية أحمد الخليلي البصري بسنده وساق بسندٍ كذلك ثم قال : لا يثبت ، والعمري هذا ضعيف » (31) .
ترجمته :
وابن حجر العسقلاني حافظهم على الإطلاق ، وشيخ الإسلام عندهم في جميع الآفاق ، إليه المرجع في التاريخ والحديث والرجال ، وعلى كتبه المعوّل في جميع العلوم ... قال الحافظ السيوطي :
« الإمام الحافظ في زمانه ، قاضي القضاة ، انتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها ، لم يكن في عصره حافظ سواه . وألّف كتباً كثيرة كشرح البخاري ، وتغليق التعليق ، وتهذيب التهذيب ، وتقريب التهذيب ، ولسان الميزان ، والإصابة في الصحابة ، ونكت ابن الصلاح ، ورجال الأربعة وشرحها ، والألقاب ... » (32) .
وهكذا وصف في كلّ كتاب توجد فيه ترجمة له ... فراجع : البدر الطالع 1 / 87 ، الضوء اللامع 2 / 36 ، شذرات الذهب 8 / 270 ، ذيل رفع الإصر : 89 ، ذيل تذكرة الحفّاظ : 380 .

شيخ الإسلام الهروي

وقال الشيخ أحمد بن يحيى الهروي الشافعي ـ المتوفّى سنة 916 هـ ـ ما نصّه :
« من موضوعات أحمد الجرجاني :
من قال القرآن مخلوق فهو كافر . الإيمان يزيد وينقص . ليس الخبر كالمعاينة . الباذنجان شفاء من كلّ داء . دانق من حرام أفضل عندالله من سبعين حجة مبرورة . موضوع . اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر . باطل .
إن الله يتجلّى للخلائق يوم القيامة ويتجلّى لأبي بكر خاصّة . باطل » (33) .
ترجمته :
وهذا الشيخ من فقهاء الشّافعية ، وكان شيخ الإسلام بمدينة هراة ، وهوحفيد السّعد التفتازاني .
قال الزركي : « أحمد بن يحيى بن محمد بن سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني الهروي ، شيخ الإسلام ، من فقهاء الشافعية ، يكنّى سيف الدين ويعرف بـ « حفيد السعد » التفتازاني . كان قاضي هراة مدّة ثلاثين عاماً ، ولمّا دخل الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي كان الحفيد ممّن جلسوا لاستقباله في دار الإمارة ، ولكّن الوشاة اتّهموه عند الشاه بالتعصّب ، فأمر بقتله مع جماعةٍ من علماء هراة ، ولم يعرف له ذنب ، ونعت بالشهيد . له كتب منها : مجموعة سمّيت : الدرّ النضيد من مجموعة الحفيد ط . في العلوم الشرعية والعربيّة ... » (34) .

عبدالرؤوف المناوي

وطعن العلاّمة عبدالرؤوف بن تاج العارفين المناوي المصري ـ المتوفّى سنة 1029 هـ ـ في سند الحديث عن حذيفة ، وتعقّبه عن ابن مسعود بكلمة الذهبي . وهذا نصّ عبارته :
« ( اقتدوا باللذين ) بفتح الذال . أي الخليفتين اللذين يقومان ( من بعدي : أبوبكر وعمر ) أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما ، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه ، المؤذن بحسن سيرتهما وصدق سريرتهما ، وإيماء لكونهما الخليفتين بعده . وسبب الحثّ على الاقتداء بالسابقين الأولين ما فطروا عليه من الأخلاق المرضيّة والطبيعة القابلة للخيور السنيّة ، فكأنّهم كانوا قبل الإسلام كأرض طيّبة في نفسها ، لكنّها معطّلة عن الحرث بنحو عوسج وشجر عضاة . فلمّا ازيل ذلك منها بظهور دولة الهدى أنبتت نباتاً حسناً ، فلذلك كانوا أفضل الناس بعد الأنبياء ، وصار أفضل الخلق بعدهم من اتّبعهم بإحسان إلى يوم الصراط والميزان .
فإن قلت : حيث أمر باتّباعهما فكيف تخلّف علي رضي الله عنه عن البيعة ؟
قلت : كان لعذر ثم بايع . وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما وإقامة الجمع والأعياد معهما والثناء عليهما حيّين وميّتين .
فإن قلت : هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الاصول من أنّه لم ينصّ على خلافة أحد .
قلت : مرادهم لم ينصّ نصّاً صريحاً . وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة وغير ذلك .
( حم ت ) في المناقب وحسّنه من حديث عبدالملك بن عمير عن ربعي ( عن حذيفة ) بن اليمان .
قال ابن حجر : اختلف فيه على عبدالملك . وأعلّه أبو حاتم . وقال البزّار كابن حزم : لا يصحّ . لأنّ عبدالملك لم يسمعه من ربعي ، وربعي لم يسمعه من حذيفة . لكن له شاهد . وقد أحسن المصنّف حيث عقّبه بذكر شاهده فقال :
( اقتدوا باللذين ) بفتح الذال ( من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ) بن ياسر ، أي سيروا واسترشدوا بإرشاده فإنّه ما عرض عليه أمران إلاّ اختار أرشدهما ، كما يأتي في حديث ( وتمسّكوا بعهد ابن مسعود ) عبدالله ، أي ما يوصيكم به .
قال التوربشتي : أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة ، فإنّه أوّل من شهد بصحّتها وأشار إلى استقامتها قائلاً : ألا نرضى لدنيانا من رضيه لديننا بيننا ، كما يومئ إليه المناسبة بين مطلع الخبر وتمامه .
(ت) وحسّنه ( عن ابن مسعود . الروياني عن حذيفة ) قال : بينا نحن عند رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إذ قال : لا أدري ما قدر بقائي فيكم ، ثم ذكره . ( عد من أنس ) .
ورواه الحاكم عن ابن مسعود باللفظ المذكور قال الذهبي : وسنده واهٍ » (35) .
ترجمته :
والمناويّ علاّمة محقّق كبير ، وكتابه ( فيض القدير ) من الكتب المفيدة وقد ترجم له وأثنى عليه العلاّمة المحبّي ووصفه بـ « الإمام الكبير الحجّة » وهذه عبارته :
« عبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين ، الملقّب بزين الدين ، الحدادي ثم المناوي ، القاهري ، الشافعي .
الإمام الكبير الحجّة ، الثبت القدوة ، صاحب التصانيف السائرة ، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب .
وكان إماماً فاضلاً ، زاهداً ، عابداً ، قانتاً لله خاشعاً له ، كثير النفع ، وكان متقرباً بحسن العمل ، مثابراً على التسبيح والأذكار ، صابراً صادقاً ، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلةٍ واحدةٍ من الطعام .
وقد جمع من العلوم والمعارف ـ على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ـ ما لم يجتمع في أحدٍ ممّن عاصره ... » (36) .

ابن درويش الحوت

وقال العلاّمة ابن درويش الحوت ـ المتوفّى سنة 1097 هـ ـ : « خبر ( اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ) .
رواه أحمد والترمذي وحسنّه . وأعلّه أبو حاتم ، وقال البزّار كابن حزم : لا يصحّ . وفي رواية للترمذي وحسّنها : واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود . وقال الهيثمي : سندها واهٍ » (37) .
المصادر :
1- فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 2 / 56 .
2- الأنساب ـ الحنظلي .
3- الكامل في التاريخ 6 / 67 .
4- تذكرة الحفّاظ 2 / 567 .
5- سير أعلام النبلاء 13 / 247 .
6- صحيح الترمذي 5 / 672 .
7- تذكرة الحفّاظ 2 / 228 .
8- سير أعلام النبلاء 13 / 554 .
9- الضعفاء الكبير 4 / 95 .
10- تذكرة الحفّاظ 3 / 833 .
11- ميزان الاعتدال 1 / 142 .
12- سير أعلام النبلاء 15 / 573 .
13- الأنساب ـ الجرجاني .
14- لسان الميزان 5 / 237 .
15- العبر 3 / 28 .
16- البداية والنهاية 11 / 317 .
17- الإحكام في اصول الاحكام : المجلّد 2 الجزء 6 ص242 ـ 243 . الفصل في الملل والنحل 4 / 88 .
18- لسان الميزان 4 / 198 .
19- شرح المنهاج ـ مخطوط .
20- الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2 / 433 .
21- طبقات الشافعية 2 / 236 .
22- مرآة الجنان 4 / 306 .
23- ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 105 .
24- ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 141 .
25- ميزان الاعتدال 3 / 610 .
26- تلخيص المستدرك 3 / 75 .
27- مجمع الزوائد 9 / 53 .
28- الضوء اللامع 5 / 200 .
29- لسان الميزان 1 / 188 .
30- لسان الميزان 1 / 272 .
31- لسان الميزان 5 / 237 .
32- حسن المحاضرة : 1 / 363 .
33- الدرّ النضيد : 97 .
34- الأعلام 1 / 270 .
35- فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 2 / 56 .
36- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 2 / 412 ـ 416 .
37- اسنى المطالب : 48 .

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

حبيب بن مظاهرو حبه لأهل البيت
حديثٌ حول مصحف فاطمة (ع)
قال الحكيم و المراد بعترته هنا العلماء العاملون ...
الوصايا
تشبيه لطيف من صديق حقيقي‏
خلق الأئمة ( ع ) وشيعتهم من علِّيِّين :
فضل شهر رمضان المبارك
الإقطاع في الإسلام
الخوارق و تأثير النفوس
حول قرآن علي (عليه السلام)

 
user comment