عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

التوسّع والإعداد لتسلّم الحكم

التوسّع والإعداد لتسلّم الحكم

الامام الرضا عليه السلام هذا الإمام العظيم يمكن أن يعتبر منعطفاً تاريخيّاً في حياة الأئمّة (عليهم السلام)، يعني أنّه بداية المرحلة الثالثة من المراحل تدرج فيها الائمة عليهم السلام في تاريخ حياتهم العملية .
الأدوار الثلاثة التي توزّعت عليها حياة الأئمّة (عليهم السلام):

1- المرحلة الاُولى: مرحلة تحصين الإسلام ضدّ صدمة الانحراف:

المرحلة الاُولى هي المرحلة التي عاش فيها قادة الرسالة مجابهةَ ومواجهةَ صدمة الانحراف التي وقعت في الاُمّة الإسلاميّة عقيب وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله)، فكان أئمّة هذه المرحلة يعملون‌ بشكلٍ رئيسيٍّ لمواجهة ومجابهة هذه الصدمة وتحصين الاُمّة ضدّها.
وهذه المرحلة تنتهي عند الإمام السجّاد (عليه السلام).

2- المرحلة الثانية: مرحلة إعطاء الإطار التفصيلي الخاص للشيعة:

والمرحلة الثانية التي تبدأ منذ ذلك الحين هي مرحلة مواصلة خطّ المرحلة الاُولى، زائداً على ذلك: التصدّي لتنمية الكتلة الواعية التي عرفت في التاريخ باسم «الشيعة»، هذه الكتلة التي كانت هي القاعدة الشعبيّة المؤمنة بمدرسة الإمام علي (عليه السلام) في الشريعة وفي الحكم وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي الأخلاق وفي السلوك، وفي كلّ الميادين التي أعطى فيها الإمام علي أروع تمثيلٍ للنظريّة الإسلاميّة.
أئمّة هذه المرحلة أتوا للتطبيق ببناء هذه الكتلة ورفعها وتوسيع قواعدها الشعبيّة، وإعطائها إطارها ومعالمها الخاصّة -الفكريّة والاجتماعيّة- في مجموع العالم الإسلامي.
وتنتهي هذه المرحلة عند الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام).

3- المرحلة الثالثة: مرحلة الإعداد لتسلّم زمام الحكم:

تنتهي المرحلة الثانية عند الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) لكي تبدأ المرحلة الثالثة التي بدا فيها رصيد الإمام علي وورثة الإمام علي ضخماً قويّاً ناتجاً على مستوى تسلّم زمام الحكم، فعاش الإمام الرضا (عليه السلام) هذه المرحلة التي بلغ رصيد مدرسة الإمام أمير المؤمنين العظمة والاتّساع نتيجةً لجهود أئمّة المرحلة الثانية، وكانت تهيّئ لتسلّم زمام الحكم بحسب بادئ الأمر والنظر على ما سوف أبحثه بعد هذا.
المرحلة الثانية وتميّزها بخطّي التثقيف ودعم المواجهة:
وكان هذا الارتفاع في الرصيد الصحيح الصالح وقتئذٍ يحدّد ملامح هذه الكتلة في جميع جوانبها الفكريّة والاجتماعيّة، وكان هذا نتيجة جهدين متوازيين عاشتهما المرحلة الثانية بأشكالهما المختلفة:
أ- خطّ التثقيف الفكري والتوعية العقائديّة:
أحد هذين الجهدين هو جهد التثقيف الفكري والتوعية العقائديّة التي كان يمارسها قادة أهل البيت من الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ممارسةً مباشرةً واضحة، فكانت هذه الممارسة المباشرة لعمليّة التوعية والتثقيف الرسالي والعقائدي قد أعطت -خلال المرحلة الثانية- للكتلة الشيعيّة خصائصها الفكريّة، ومزاجها الروحي، ومعالمها ومفاهيمها في كلّ جوانب الإسلام.
بـ- خطّ دعم المواجهة وتوجيهها:
وكان هناك جهدٌ يمشي موازياً مع هذا الجهد، وهو الجهد الذي انطلق من دم الحسين (عليه السلام)، هو جهد الجناح الآخر من أبناء الإمام علي (عليه السلام)، هذا البناء الذي تسلّم زمام الثورة والمواجهة السياسيّة للوضع الحاكم وقتئذٍ منذ أن أعطى الإمام السجّاد (عليه السلام) -بوصفه ممثّلاً حقيقيّاً وقتئذٍ للإسلام- بيانه العامّ وسماحه‌ العامّ لكلّ مسلمٍ بأن يمارس عمله ضدّ الطواغيت الحاكمين، وذلك‌ حينما ذهب إليه محمّد بن الحنفيّة مع رسول المختار ليستشيره في ما عليه طَلَبُ المختار، فأعطى (عليه السلام) وقتئذٍ بياناً، ولم يكن هذا البيان يخصّ
المختار، بل كان -بحسب ما تدلّ عليه الملابسات والظروف العامّة- بداية تخطيطٍ للمرحلة كلّها(1).
يعني: إنّ أئمّة المرحلة الثانية لم يكن بإمكانهم -على ما سوف نتحدّث عنه عندما نتكلّم عن الإمام السجّاد- مواصلة العمل على أساس دم الحسين (عليه السلام)، لم يكن بإمكانهم تزعّم المعركة لتحريك الضمير الثوري عند الاُمّة الإسلاميّة، فكان من الضروري إعطاء هذه الصلاحيّات إلى سائر المسلمين، مع التزام الأئمّة (عليهم السلام) بالتوجيه والمراقبة والمساندة.
والمساندة واضحة كلَّ الوضوح خلال المرحلة الثانية، مساندة قادة الرسالة الحقيقيّين لهذا الخطّ الثاني واضحةٌ في عدّة وثائق تاريخيّة:
لعلّ من أهمّ هذه الوثائق التاريخيّة: ذلك الكتاب الباكي المفجوع الذي كتبه الإمام الصادق (عليه السلام) إلى بني عمّه، إلى عبد الله بن الحسن المحض أبي صاحب النفس الزكيّة، وإلى أهله وذويه الذين حبسهم طاغية عصره المنصور وسجنهم، وقتل منهم من قتل، ثمّ نفى منهم من نفى.
كتب الإمام الصادق إليهم كتاباً في السجن، هذا الكتاب -الذي‌ سوف نتعرّض له حينما نتكلّم عن الإمام الصادق (عليه السلام) - واضحٌ في أنّ الإمام كان يعيش آلام هؤلاء وآمالهم، ويبارك عملهم، ويكتوي في سجنهم حينما سجنوا، وبعذابهم حينما عذّبوا، وبقتلهم حينما قتلوا(2).
إذاً، فكان هناك خطّان ممتدّان في المرحلة الثانية:
أ - أحد الخطّين هو خطّ التوعية والتثقيف الرسالي الذي مارسه الأئمّة (عليهم السلام).
ب - والآخر هو خطّ مواصلة تحريك الضمير الثوري للاُمّة الإسلاميّة؛ لإعطاء الشيعة طابعهم الجهادي في المعترك الاجتماعي، هذا الخطّ الذي مارسه أشخاص آخرون من طلّاب مدرسة الإمام أمير المؤمنين بإشرافٍ وتوجيهٍ ومساندةٍ من الأئمّة (عليهم السلام) على ما يبدو من قرائن الأحوال، وسوف نشرح هذا إن شاء الله عندما نتكلّم عن المرحلة الثانية.
فكرة موجزة عن المرحلة الثالثة:
اُريد أن أستطرد لاُصوّر فكرةً عن المرحلة الثالثة التي نحن الآن بصدد الكلام عن أوّل أئمّتها، وهو الإمام الثامن (عليه السلام).
ففي استمرار هذين الخطّين المتوازيين في المرحلة الثانية، أمكن لمدرسة الإمام علي (عليه السلام) أن تكتسب رصيداً ضخماً ممتدّاً في كلّ أرجاء العالم الإسلامي، وأن تنمو أرصدة شعار الإمام علي (عليه السلام). ولا أدلّ على هذا من المظاهر العديدة الفكريّة والروحيّة والاجتماعيّة التي كانت تكتنف الاُمّة الإسلاميّة في بداية المرحلة الثالثة، يعني في عصر الإمام الرضا (عليه السلام).
1- اتّساع شعبيّة مدرسة الإمام علي (عليه السلام) وخروج الثورات باسمها:
لاحظوا أنّ عصر الإمام الثامن الرضا (عليه السلام) سادته عدّة ثورات قام بها قادة من آل عليٍّ وطلّاب مدرسة الإمام علي (عليه السلام). هؤلاء القادة ملؤوا العالم الإسلامي من الكوفة، إلى البصرة، إلى مكّة والمدينة، إلى اليمن.. أينما كنت تذهب كنت ترى هناك قائداً يحكم باسم الإمام عليِّ بن أبي طالب، ويحمل شعارات الإمام عليِّ بن أبي طالب.
بالرغم من أنّ بغداد بقيت تحت تبعيّة الخلافة العباسيّة، إلّا أنّها طوّقت بهذه التحرّكات. وكان أهمّ هذه التحركّات: تحرّك ذلك الرجل العظيم محمّدبن‌إبراهيم طباطبا(3)، هذا الرجل الذي خرج من المدينة إلى الكوفة وأعلن عن نفسه بالكوفة، وطرح شعار الاعتداديّةالتي كان يطرحها ثوّار آل محمّد، وهو البيعة للرضا من آل محمّد.
هذا الشعار كان من خصائص ثوّار آل محمّد: استبدلت البيعة للشخص بعنوانه إلى البيعة لهذا العنوان الإجمالي منذ ثار زيد بن علي إلى أن تتابع الثوّار من آله ومن آل الإمام الحسن، وكان الشعار الذي يُطرح هو الرضا من آل محمّد؛ لكي يكون الشعار منسجماً مع مضمون القضيّة الإسلاميّة، من دون إحراجٍ للشخص الواقعي الذي يمثّل القضيّة في كلّ حين، فطُرح الشعار بهذا العنوان.
هناك رواية -لا أدري صحيحة أو لا- عن الإمام الباقر (عليه السلام): «سوف يقف على منبر الكوفة في سنة مئتين للهجرة شخص يباهي الله به ملائكة السماء»(4). وهذا الشخص الذي عُني في هذه الرواية -إن صحّت- هو محمّدبن إبراهيم.
محمّد بن إبراهيم خرج من المدينة، وفي طريقه إلى الكوفة مرّ بكربلاء، قبّل الضريح، وعاهد الحسين (عليه السلام) على أن يواصل خطّه، وعلى أن يستمدّ من دمه وشعاراته، ثمّ ذهب إلى الكوفة. وهناك أعلن الشعارات، وأعلن البيعة للرضا من آل محمّد، على أن يكون الحكم لكتاب الله وسنّة رسوله وسيرة الإمام علي (عليه السلام)(5).
مقصودي أن أستشهد على نموّ الرصيد والقاعدة التي كانت تملكها مدرسة الإمام علي (عليه السلام).
هذا النموّ المتزايد نعرفه عن طريق ردود فعل هذه الثورات في العالم الإسلامي. كان ردّ الفعل لثورة محمّد بن إبراهيم أن وقفت الكوفة معه أربعة سنين، وقاومت جيوش العباسيّين جيشاً بعد جيش، وانهزمت‌ الجيوش من أمامها(6).
الكوفة هذه هي الكوفة التي خانت الحسين (عليه السلام)، هذه الكوفة هي التي تركت زيداً وحفنةً من الأصحاب‌، هذه الكوفة بعد مئةٍ وخمسين من وقعة الحسين، وبعد أقلّ من مئة سنةٍ من وقعة زيدٍ وقفت تدافع عن شخصٍ آخر سارفي خطّ الإمام الحسين وخطّ زيد، وقفت تدافع عنه أربع سنين.
هذه الاستجابة دليل على نموّ القاعدة الشعبيّة.
2- اتّساع شعبيّة شخصِ الإمام الرضا (عليه السلام):
أ - سوف أستعرض في ما بعد(7) أنّه حينما أرسل الفضل بن سهل رسله إلى الكوفة ليأخذ البيعة بولاية العهد لعليِّ بن موسى الرضا (عليه السلام) امتنعت الكوفة عن ذلك، قالوا: «لا نبايع عليَّ بن موسى الرضا بولاية العهد، نبايعه بالخلافة، وإلّا فلن نبايعه بولاية العهد»(8).
وكان هذا منتهى الحماسة والحرارة في خطّ مدرسة الإمام علي (عليه السلام)، يعني أنّهم لم يقبلوا أن يبايعوا علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بولاية العهد، وقبلوا أن يبايعوه خليفة.
وهناك شواهد اُخرى كثيرة على نموّ هذه القواعد الشعبيّة:
ب - مثلاً ما سوف يأتي من أنّ المأمون كان يستجير بالإمام الرضا (عليه السلام) في المصاعب التي كانت تعصف‌ بدولته.
ج - مرّةً من المرّات قال له -على ما سوف أتحدّث إليكم‌-: إنّ شيعتك في مكانٍ ما انتفضوا علينا، هلاّ كتبت إليهم؛ فإنّهم يسمعون لو كتبت، اكتب إليهم أن يسكتوا عنّا!(9)
د - ومرّةً اُخرى حينما اغتيل الفضل بن سهل، وحينما سمع‌ الناس
باغتياله، وحينما فسّر أهالي خراسان أنّ اغتياله كان على يد المأمون، قامت جماهير من الناس ووقفت على باب قصر المأمون تنتظر خروجه لتصبّ عليه جام غضبها وانتقامها. يخرج المأمون من الباب الخلفي ويدخل إلى بيت الإمام -الذي كان مجاوراً له- يستجير به، فيخرج الإمام ويفرّق الجماهير بأمرٍ واحد(10).
وهذا يعني أنّ الإمام كان رصيده الشعبي والاجتماعي في نفس البلد الذي حكمه المأمون والذي حكّم المأمونَ وأمدّه بالقوّة وبالجيوش، كان الرصيد الشعبي والاجتماعي قد بلغ إلى هذا المستوى. إضافةً إلى رصيده العلمي والفكري، وزعامته العلميّة والفكريّة التي تعرفون من شواهدها الشي‌ءَ الكثير.
هـ- - ومنها ما يتبادر إلى أذهانكم جميعاً: قصّة مروره (عليه السلام) بنيشابور وتسابق العلماء على الاستفادة منه‌(11).
كلّ هذا يثبت أنّ القاعدة الشعبيّة -من الناحية العلميّة والاجتماعيّة- لمدرسة الإمام علي كانت قد بلغت درجةً كبيرةً من الارتفاع والنموّ.

 

الإمام الرضا (عليه السلام) يدشّن سياسة التواصل مع القواعد الشعبيّة:
في هذه المرحلة تسلّم الإمام الرضا (عليه السلام) زمام الإمامة والمسؤوليّة. ويبدو أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) حينما تسلّم زمام المسؤوليّة والإمامة في مثل هذه المرحلة قام بنشاطٍ له لم يكن اعتياديّاً على مستوى الشيعة، ولهذا تعرّض لاعتراضاتٍ من قبل الشيعة:
أ - جاءه جماعة من الشيعة، قالوا له: «ماذا تصنع؟ قد فضحت نفسك، وهارون الرشيد يقطر سيفه دماً، ألا تخاف من سيف هارون الرشيد؟»(12).
ب - جاءه أيضاً أصحاب آخرون، قالوا له: «إنّك بما تعمل قد أقدمت على الهلكة»(13).
ج - قال له أشخاص آخرون: «لو سكتَّ كما سكت أبوك وجدّك»(14).
د - بعض الأشخاص جاؤوا إليه وقالوا: «خالفت التقية، التقية دين جعفر بن محمّد الصادق»(15)، إلى غير ذلك من المضامين.
الروايات هكذا تقول، لكنّها في نفسها لا تقول ماذا كان يصنع الإمام الرضا بحيث إنّه استفزّ هؤلاء، لكن هناك روايات اُخرى قد تلقي ضوءاً على ذلك:
تواصل الإمام الرضا (عليه السلام) مع القواعد الشعبيّة في البصرة:
تقول الروايات الاُخرى: إنّ الإمام الرضا (عليه السلام) لمّا تسلّم زمام المسؤوليّة بعد وفاة أبيه قام بجولة في العالم الإسلامي، سافر من المدينة جاء إلى البصرة، اجتمع مع قواعده الشعبيّة في البصرة، قبل هذا أرسل رسولاً(هو محمّد بن الفضل الهاشمي.) إلى البصرة أنْ: «انتظروا، وخلال ثلاثة أيّام سوف يأتي الإمام الرضا»، ثمّ يأتي عليُ‌بن‌موسى الرضا (عليه السلام) بعد ثلاثة أيّام، في الوقت الذي يكون الشيعة في البصرة متهيّئين تهيّؤاً كاملاً لاستقباله والاجتماع حوله والاحتفاء به. فيجتمع بهم، ويقيم الحجّة عليهم في إمامته، ثمّ بعد هذا يقول لهم: «سلوني»، فيدير معهم الأسئلة والأجوبة حول مختلف جوانب المعرفة الإسلاميّة.
ثمّ بعد هذا يطلب منهم جمع بقيّة الطوائف أيضاً، فيجمعون له بقيّة الطوائف، بقيّة العلماء من المجادلين الكلاميّين من علماء غير إسلاميّين، فيعقد عدّة اجتماعات مع هؤلاء في البصرة، يفحمهم‌ ويسيطر على الموقف‌(16).
تواصل الإمام الرضا (عليه السلام) مع القواعد الشعبيّة في الكوفة:
بعد هذا يرسل رسولاً آخر إلى الكوفة، يقول: «أخبروا أهل الكوفة بأنّي خلال أيّام سأجي‌ء إلى الكوفة».
بعد هذا يسافر إلى الكوفة، وهناك يقيم عليهم الحجّة بصورةٍ مباشرة، يعني على إمامته بعد أبيه، ثمّ بعد هذا يدير مناقشاتٍ واسعةَ النطاق وأسئلة وأجوبة متنوّعة ومختلفة.
وأيضاً يتّصل مع مجادلين ومتكلّمين ويهود ومسيحيّين ممّن كانوا وقتئذٍ يشكّلون بداية خطرٍ فكريٍّ على العالم الإسلامي‌(17)؛ لأنّ حركة الترجمة والجدل الكلامي كانت وقتئذٍ قد بدأت تستقطب العالم الإسلامي، وبهذا كان الإمام الرضا (عليه السلام) يولي هذه الناحية أيضاً درجةً كبيرةً من الأهميّة.(18)
الإمام الرضا (عليه السلام) يُشكّل منعطفاً في حياة الأئمّة (عليهم السلام):
مثل هذا النشاط الملحوظ لم يكن يمارسه آباء الإمام الرضا (عليه السلام)؛ فآباء الإمام الرضا (عليهم السلام) لم يكونوا بأنفسهم يسافرون للاتصال المباشر مع قواعدهم الشعبيّة، وتثبيت إمامتهم على تلك القواعد بالشكل المباشر، ثمّ محاولة الاتّصال المباشر مع قواعدهم الشعبيّة بهذا الشكل واسع النطاق.
هذا في الواقع كان من مظاهر طبيعة المرحلة، كانت طبيعة المرحلة وطبيعة اتّساع هذه القواعد وازدياد نفوذ مدرسة الإمام (عليه السلام) الروحي والفكري والاجتماعي في نفوس المسلمين تقتضي هذا النوع من النشاط من الإمام الرضا (عليه السلام).
إلّا أنّ أصحاب موسى بن جعفر (عليه السلام) لم يربطوا بين هذا التحوّل المظهري في تصرّفات الإمام الرضا (عليه السلام) عن خطّ آبائه وبين السلوك الموضوعي للمرحلة، ولهذا حاولوا الاعتراض عليه من هذه الناحية.

المصادر :
1- ذوب النضار في شرح الثار: 97.
2- الإقبال بالأعمال الحسنة: 579.
3- تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 528 :8؛ مقاتل الطالبيّين: 424 وما بعد.
4- مقاتل الطالبيّين: 428 - 429. وفي الموضع نفسه عن زيدبن علي: «يبايع الناس لرجل منّا عند قصر الضرتين سنة تسع وتسعين ومائة، في عشرٍ من جمادى الاُولى، يباهي الله به الملائكة».
5- تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 528 :8؛ مروج الذهب 439 :3؛ تجارب الاُمم 114 :4؛ المنتظم في تاريخ الاُمم والملوك 73 :10؛ الكامل في التاريخ 302 :6؛ تاريخ الإسلام 70 :13. وفيها جميعاً: «يدعو إلى الرضا من آل محمّد والعمل بالكتاب والسنّة»، وفي: مقاتل الطالبيّين: 428 إضافة: «والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
6- تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 529 :8، 570 - 574.
7- عند الحديث عن: دوافع المأمون في تولية الإمام الرضا (عليه السلام) ولاية العهد، النقطة الثانية.
8- تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 560 :8.
9- الكافي 151 :8، الحديث 134.
10- الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 267 :2.
11- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 134 :2.
12- الكافي 257 :8، الحديث 371.
13- الكافي 487 :1، الحديث 2؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 255 :2.
14- اختيار معرفة الرجال: 465، الحديث 884.
15- قرب الإسناد: 152.
16- الخرائج والجرائح 341 :1؛ وعنه: بحار الأنوار 73 : 49، باب وروده (عليه السلام) البصرة والكوفة.
17- الخرائج والجرائح 349 :1؛ وعنه: بحار الأنوار 79 : 49.
18- تاريخ الإسلام 128 :19.

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

نقد الذات
صلاة ألف ركعة
جنة آدم عليه السلام
الإقتباسات القرآنية في أشعار المواكب الحسينية (1)
ما هي ليلة الجهني، و لماذا سُمِّيت بالجهني؟
من أذكار الحبيب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم
هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام
الشعائر الحسينية‌ العامة‌
الارتباط بالمعصومين(ع) و أقسامها
النتائج الأخروية للارتباط بالمعصومین(ع)ـ القسم ...

 
user comment