عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

اعرف مذهبک

اعرف مذهبک
لا بد من الوقوف على بعض المفردات فنعرف شیئاً من معانیها اللغویة ثم ما أرید بها فی المعنى الاصطلاحی ولو بصورة موجزة ، ومن هذه المفردات هی : کلمة الحزب ، المذهب ، والفرقة ، والمشایعة ، والدین ، والملة .

الحزب

الحزب : الصنف من الناس : أو الطائفة ، والأحزاب : الطوائف التی تجتمع على فکر معین وکل حزب بما لدیهم فرحون : کل طائفة یعتبرون انفسهم هم الاهم .
والحزب النصیب أو القسم والجزء ، ومنه الحزب من القرآن وفی الحدیث : طرأ علی حزبی من القرآن فأحببت أن لا أخرج حتى أقضیه . وفی حدیث أوس بن حذیفة : سألت اصحاب رسول الله صلى الله علیه وآله کیف تحزبون القرآن ؟
وحازب القوم وتحزبوا : تجمعوا وصالوا أحزاباً ( وهزم الأحزاب وحده ) لما کان یوم الخندق والمسلمون أقل عدة وعدداً من الکافرین أرسل سبحانه وتعالى على الأحزاب ریح الصبا فی لیلة شاتیة فأحصرتهم وحفت التراب فی وجوههم وأطفأت النیران وکفت القدور وقلعت الأوتاد وبعث ألفاً من الملائکة فی ذوائب عسکرهم فماحت الخیل بعضها فی بعض وقذف فی قلوبهم الرعب فانهزموا من غیر قتال (1) .
أقول بعد معرفتنا لمدلول الکلمة لفة ، ونشیر إلى أن الاستعمال الاصطلاحی أصبح الیوم مقروناً بالجانب السیاسی ، فمجرد أن نطلق کلمة حزب سرعان ما یتبادر إلى الذهن المفهوم السیاسی . والحزب هم جماعة فیهم قوة وتتالف قلوبهم علی امر ما .

المذهب

المذهب المتوضأ ، المکان الذی یذهب إلیه الشخص . وهو مفعل من الذهاب
قال الزبیدی : ومن المجاز المذهب المعتقد الذی یذهب إلیه وذهب فلان لذهبة أی لمذهبه الذی یذهب فیه ، والمذهب الطریقة ، یقال ذهب فلان مذهباً حسناً أی طریقة حسنة . والمذهب الأصل .
والمذهب بالضم الشیء المطلی بالذهب (2) .
ولما عرفت من اللغة أن المذهب یراد به المعتقد الذی یذهب إلیه ، فهذا الاستعمال یرد کذلک فی الاصطلاح لکنه یشمل الحوانب السیاسیة والفقهیة والاقتصادیة وغیرها بید أن أکثر ما یستعمل فی الجانب الفقهی عند المسلمین ، وفی الجانب الاقتصادی عند المادیین .

الفرقة ـ الفرق

قوله تعالى : ( فیها یفرق کل أمر حکیم ) (3) أی یقدر فی لیلة کل شیء یکون فی تلک السنة إلى مثلها من قابل من خیر أو شر أو طاعة أو معصیة أو مولود أو رزق عما قدر فی تلک اللیلة وقضی فهو المحترم .
وقوله تعالى : ( وقرآناً فرقناه ) (4) تفرأ بالتخفیف أی بیناه وهو من فرق یفرق وتقرأ بالتشدید أی أنزلناه مفرقاً .
الفرق بمعنى الفلق قوله تعالى : ( فرقنا بکم البحر ) (5) أی فلقنا بکم .
والفرقان : القرآن ویوم الفرقان : یوم بدر ، وعن الفراء یوم الفتح والفریق الطائفة قوله تعالى : ( فریق منهم ) أی طائفة منهم وقوله تعالى : ( فریقاً من أموال الناس ) أی طائفة . وقوله تعالى : ( مثل الفریقین کالأعمى والأصم ) (6) أراد بهما المؤمنین والکفار .
والفارقات : الملائکة قوله تعالى : (فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا) (7)الملائکة تنزل تفرق ما بین الحلال والحرام .
والفارق الذی یفرق بین الحق والباطل والحلال والحرام وفی قول أمیر المؤمنین علیه السلام :
« أنا الفاروق الأعظم » فالفارق اسم سمی به علی علیه السلام وربما انتحله غیره .
وفرق ـ بالتخفیف ـ للصلاح فرقاً وبالتشهید فرق للإفساد تفریقاً والتفرق والافتراق شیء واحد ، ومنهم من یجعل التفرق للأبدان والافتراف فی الکلام والفرق والفرقة والفریق الطائفة من الشیء المتفرق والفرقة : طائفة من الناس ، والفریق أکثر منه .
والفرقان القرآن . وکل ما فرق به بین الحق والباطل فهو فرقان قوله تعالى ( وإذ آتینا موسى الکتاب والفرقان ) (8) کل ما یفرق بین الحق والباطل .
وقیل الفرقان : الحجة ، والنصر قوله تعالى : ( وما أنزلنا على عبدنا یوم الفرقان ) (9) أی یوم بدر ( وإذ آتینا موسى الکتاب والفرقان لعلکم تهتدون ) یمکن حملها على النصر بمناسبة لعلکم تهتدون وقوله تعالى : ( ولقد آتینا موسى وهارون الفرقان وضیاء ) (10) .
فسمی جل ثناؤه الکتاب المنزل على النبی محمد صلى الله علیه وآله فرقانا وسمی الکتاب المنزل على موسى وهارون علیهما السلام فرقانا (11) .
وقال الراغب : الفرق مقارب الفلق لکن الفلق یقال اعتباراً بالانشقاق والفرق یقال اعتباراً بالانفصال قوله تعالى : ( فانفلق فکان کل فرق کالطود العظیم ) (12) ، والفریق الجماعة المتفرقة عن آخرین قوله تعالى : ( وإن منهم لفریقاً یلوون السنتهم بالکتاب ) (13) .
( فریق فی الجنة وفریق فی السعیر ) (14) ، ( إنه کان فریق من عبادی ) ، ( أی الفریقین . . ) ( وتخرجون فریقاً منکم من دیارهم ) (15) ، ( وإن فریقاً منهم لیکتمون الحق ) (16) . وفریقاً یفرق بین الإشیاء أی یفصل بینهما قوله تعالى : ( وقرآنا فرقناه ) أی بینا فیه الأحکام وفصلناه ، وقیل فرقناه أی أنزلنا مفرقاً ، والتفریق أصله للتکثیر ، ویقال ذلک فی تشتیت الشمل قوله تعالى : ( یفرقون به بین المرء وزوجه ) (17) ، ( وفرقت بین بنی إسرائیل ) ، ( لا نفرق بین أحد من رسله ) ، ( إن الذین فرقوا دینهم ) .
والفرق والمفارقة تکون بالأبدان أکثر قوله تعالى : ( هذا فراق بینی وبینک ) (18) ، ( وظن أنه الفراق ) (19) أی غلب على قلبه أنه حین مفارقته الدنیا بالموت . ( ویریدون أن یفرقوا بین الله ورسله ) (20) أی یظهرون الإیمان بالله ویکفرون بالرسل خلاف ما أمرهم الله به . ویوم الفرقان أی الیوم الذی یفرق فیه بین الحق والباطل وبین الحجة والشبهة : قوله تعالى : ( یا أیها الذین آمنوا إن تتقوا الله یجعل لکم فرقان ) أی نوراً وتوفیقا على قلوبکم ویفرق به بین الحق والباطل (21) .
وقال الزبیدی : والفرق الطریق فی شعر الرأس ، والمفرق وسط الرأس ومن الطریق الموضع الذی یتشعب منه طریق آخر .
وقد جعل البعض التفرق للأبدان والافتراق فی الکلام . وتفارق القوم فارق بعضهم بفضاً وفارق فلان امرأته مفارقة وفراقاً باینها وذلک مأخوذ من الفرقة بالضم (22) .
ولو تجاوزنا المعنى اللغوی إلى المعنى الاصطلاحی لرأینا المعنى هنا مساوق للغة أیضاً ، بحیث یراد من الفرقة هی الطائفة أو المجموعة من الناس الذی یجمعها هوى واحد وعقیدة واحدة لذا استعمالها فی الجانب العقیدی أکثر من بقیة الاستعمالات إن صحت .
إلا أن افتراق الأمة وانشعابها إلى طوائف واتجاهات مختلفة متناحرة کل واحدة منها قد سلکت واد متمسکة بما یحلو لها من الأوهام والعقائد ، إنه عمل أضعف الجامعة الإسلامیة وقادها إلى الذل والهوان وجعل المسلمون أشبه ما یکون بحالة الفریسة أمام عدوها الکاسر الغاشم . وقد حذر الرسول صلى الله علیه وآله من هذه العاقبة التی ستؤول بالمسلمین ، إلیک بعض تلک الأخبار :
قال صلى الله علیه وآله : لیأبین على أمتی ما أتى على بنی إسرائیل حدو النعل بالنعل .
وقال صلى الله علیه وآله : إن بنی إسرائیل تفرقت على اثنین وسبعین ملة وتفترق أمتی على ثلاث وسبعین ملة کلهم فی النار إلا واحدة .
وقال أمیر المؤمنین علیه السلام : لتفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعین فرقة والذی نفسی بیده إن الفرق کلها ضالة إلا من اتبعنی وکان من شیعتی (23) .

المشایعة

الشیع : مقدار من العدد کقولهم أقمت عنده شهراً أو شیع شهر .
والشیعة : القوم الذین یجتمعون على الأمر . وکل قوم اجتمعوا على أمر فهم شیعة وکل قوم أمرهم واحد یتبع بعضهم رأی بعض فهم شیع .
قال الأزهری : معنى الشیعة الذین یتبع بعضهم بعضاً ولیس کلهم متفقین ثم استشهد بالآیة الکریمة : (إِنَّ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَکَانُوا شِیَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِی شَیْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا کَانُوا یَفْعَلُونَ)(24) قال : کل فرقة تکفر الفرقة المخالفة لها ، یعنی به الیهود والنصاری لأن النصاری بعضهم یکفر بعضاً ، وکذلک الیهود بعضهم یکفر بعضاً .
ثم النصاری تکفر الیهود ، والیهود تکفرهم .
والشیع الفرق أی یجعلکم فرقاً متخلفین قوله تعالى : (أَوْ یَلْبِسَکُمْ شِیَعًا وَیُذِیقَ بَعْضَکُم بَأْسَ بَعْضٍ) (25) وأما قوله تعالى : (وَإِنَّ مِن شِیعَتِهِ لَإِبْرَاهِیمَ) (26) قال ابن الأعرابی الهاء ـ من شیعة ـ لمحمد صلى الله علیه وآله أی إبراهیم خبر مخبره فاتبعه ودعا له . وقال الفراء : یقول هو على منهاجه ودینه وإن کان إبراهیم سابقاً له ، وقیل معناه أی من شیعته نوح ومن أهل ملته . قال الأزهری وهذا القول أقرب لأنه معطوف على قصة نوح .
أقول وما ذکره الفراء والأزهری حسب ظهور الآیة أن إبراهیم من شیعة نوح علیه السلام وهذا قول ویعنی أنه على منهاجه وسنته فی التوحید والعدل واتباع الحق وأیضاً هذا عن مجاهد .
ثم روی عن النبی صلى الله علیه وآله أنه جلس لیلاً یحث أصحابه فی المسجد فقال : یا قوم إذا ذکرتم الأنبیاء الأولین فصلوا علیهم ، وإذا ذکرتم أبی إبراهیم فصلوا علیه ثم صلوا علیّ .
قالوا یا رسول الله بم نال إبراهیم ذلک ؟
قال : اعلموا أن لیلة عرج بی إلى السماء فرقیت السماء الثالثة نصب لی منبر من نور فجلست على رأس المنبر وجلس إبراهیم تحتی بدرجة وجلس جمیع الإأنبیاء الأولین حول المنبر فإذا بعلی قد أقبل وهو راکب ناقة من نور ووجهه کالقمر وأصحابه حوله کالنجوم فقال إبراهیم یا محمد هذا أی نبی معظم وأی ملک مقرب ؟
قلت : لا نبی معظم ولا ملک مقرب هذا أخی وابن عمی وصهری ووارث علمی علی بن أبی طالب .
قال : وما هؤلاء الذین حوله کالنجوم ؟
قلت : شیعته . فقال إبراهیم : اللهم اجعلنی من شیعة علی . فأتى جبرائیل بعده ( وإن من شیعته لإبراهیم ).
الشیعة : الاتباع والأعوان والأنصار مأخوذ من الشیاع . وکل قوم اجتمعوا على أمر فهم شیعة ثم صارت جماعة مخصوصة .
وقال الزجاج : والشیعة : اتباع الرجل وأنصاره وجمعها شیع ، وأشیاع جمع الجمع ویقال شایعه کما یقال والاه من الولی ، ومنه شیعة الرجل ، وفی الحدیث : القدریة شیعة الدحال أی أولیاؤه وأنصاره وأصل الشیعة الفرقة من الناس ویقع على الواحد والاثنین والجمع والمذکر والمؤنث بافظ واحد ومعنى واحد .
قال الطبرسی : الشیعة الجماعة التابعیة لرئیس لهم ، وصار بالعرف عبارة عن شیعة علی بن أبی طالب علیه السلام الذین کانوا معه على أعدائه وبعده مع من قام مقامه من أبنائه وروى ابو بصیر عن أبی جعفر علیه السلام قال لیهنکم الاسم قلت وما هو قال الشیعة قلت إن الناس یعیرننا بذلک قال أما تسمع قول الله سبحانه وتعالى : ( وإن من شیعته لإبراهیم ) وقوله : ( فاستغاثه الذی من شیعته على الذی من عدوه ) (27) .
قال ابن منظور : وقد غلب هذا الاسم على من یتولى علیاً وأهل بیته رضوان الله علیهم أجمعین حتى صار لهم اسماً خاصاً فإذا قیل : فلان من الشیعة عرف أنه منهم . وفی مذهب الشیعة کذا أی عندهم واصل ذلک من المشایعة ، وهی المتابعة والمطاوعة . انتهى .
وقال الأزهری : والشیعة قوم یهوون عترة النبی صلى الله علیه وآله ویوالونهم .
والاتباع الأمثال قوله تعالى : ( کما فعل بأشیاعهم من قبل ) (28) أی بأمثالهم من الأمم الماضیة ومن کان مذهبه مذهبهم
والشیعة الفرقة وبه فسر الزجاج قوله تعالى : ( ولقد أرسانا من قبلک فی شیع الأولین ) (29) أی فی فرقهم وطوائفهم .
وقد عرفت أن أصل الشیعة الفرقة من الناس ثم غلبت التسمیة على کل من یوالی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب قولاً وعملاً .
وفی الحدیث : ( طال ما اتکؤوا على الأرائک وقالوا نحن من شیعة علی ) ولعل هذا الحدیث وأضرابه مما یقتضی بظاهره نفی الاسم عمن لیس فیهم أوصاف مخصوصة زیادة على المذکر المتعارف مخصةص بنفس الکمال من التشیع .
وتشیع الرجل : إذا ادعى دعوى الشیعة (30) .
قال ابن خلدون : اعلم أن الشیعة لغة هم الصحب والاتباع ویطلق فی عرف الفقهاء والمتکلمین من الخلف والسلف على اتباع علی وبینه رضی الله عنهم (31) انتهى .
بعدما استقرینا بعض آیات من الذکر الحکیم فی شأن استعمال کلمة شیعة بمعنى الجماعة أو الطائفة أو الفرقة والاتباع .
فقد جاءت نصوص کثیرة حتى بلغت حد التواتر ، کلها تؤکد ان المصطلح الذی خصص بمن والى علیاً وأبناءه إنما صدر من صاحب الرسالة وفی الأیام الأولى من دعوته المبارکة نذکر بعض الأحادیث .
1 ـ روى الزمخشری فی ربیع الابرار عن النبی صلى الله علیه آله أنه قال یا علی إذا کان یوم القیامة أخذت بحجزة الله وأنت أخذت بحجزتی ، وأخذ ولدک بحجزتک وأخذ شیعة ولدک تحجزهم فنرى این یؤمر بنا (32) .
الأخذ بالحجزة کنایة عن شدة الاعتصام والمبالغة فی الاتباع .
2 ـ قال العلامة الکنجی فی التذکرة ص 22 ط النجف بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاری ، قال : کنا عند النبی صلى الله علیه وآله فأقبل علی بن أبی طالب . فقال صلوات الله علیه قد أتاکم أخی ثم التفت إلى الکعبة فضربها بیده ثم قال : والذی نفسی بیده أن هذا وشیعته هم الفائزون یوم القیامة .
3 ـ قال ابن حجر العسقلانی فی صواعقة : وأخرج الحافظ جمال الدین الزرندی عن ابن عباس أن هذه الآیة وهی قوله تعالى : ( إن الذین آمنوا وعملوا الصالحات أولئک هم خیر البریة ) (33) لما نزلت قال صلى الله علیه وآله هو أنت وشیعتک تأتی أنت وشیعتک یوم القیامة راضین مرضیین ویأتی عدوک غضابى مقمحین . وبلفظ مقارب له نقله السیوطی فی الدر المثور ومقارب له فی النهایة لابن الأثیر ومما أورده ابن حجر فی فضل أهل البیت علیهم السلام قوله تعالى : ( ولسوف یعطیک ربک فترضى ) [ الضحى آیة 5 ] قال وأخرج أحمد فی المناقب أنه صلى الله علیه وآله قال لعلی : أما ترضى أنک معی فی الجنة والحسن والحسین وشیعتنا عن ایماننا وشمائلنا .
وأخرج الدارقطین عن النبی قال : یا أبا الحسن أما إنک وشیعتک فی الجنة .
وأخرج ابن مردویه عن علی علیه السلام قال رسول الله صلى الله علیه وآله : أما تسمع قول الله : ( إن الذین آمنوا وعملوا الصاحات أولئک هم خیر البریة ) أنت وشیعتک وموعدی وموعدکم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غداً غراً محجلین(34)
4 ـ وفی مناقب ابن المغازلی بسنده عن أنس بن مالک قال : قال رسول الله صلى الله علیه وآله : یدخل من أمتی الجنة سبعون ألفاً لا حساب علیهم ، ثم التفت إلى علی علیه السلام فقال : هم من شیعتک وأنت إمامهم ص 292 .
وقد عرفت مما ذکرناه لک من الاستعمال اللغوی أن الشیعة والمشایعة بمعنى الموالاة والمتابعة وإن إأول من والى علیاً وتابعه هم جل الصحابة وفی حیاة الرسول . لنذکر فی المقام شاهداً واحداً من بین عشرات الشواهد :
5 ـ قال محمد کرد علی فی خططه : عرف جماعة من کبار الصحابة بموالاة علی فی عصر رسول الله صلى الله علیه وآله مثل سلمان الفارسی القائل : بایعنا رسول الله على النصح للسلمین والائتمام بعلی بن أبی طالب والموالاة له ، ومثل أبی سعید الخدری الذی یقول : أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وترکوا واحدة ، ولما سئل عن الأربع قال : الصلاة والزکاة وصوم شهر رمضان والحج
قیل فما الواحدة التی ترکوها ؟ قال : ولایة علی بن أبی طالب .
قیل له : وإنها لمفروضة معهن قال : نعم هی مفروضة معهن ، ومثل أبی ذر الغفاری وعمار بن یاسر وحذیفة بن الیمان وذی الشهادتین خزیمة بن ثابت وأبی أیوب الأنصاری ، وخالد بن سعید بن العاص ، وقیس بن سعد بن عبادة .
ثم أردف المصنف قائلاً : وأما ما ذهب إلیه بعض الکتاب من أن أهل مذهب التشیع من بدعة عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء ، فهم وهم ، وقلة معرفة بحقیقة مذهبهم ، ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشیعة وبراءتهم منه ومن أقوله وأعماله وکلام علمائهم فی الطعن فیه بلا خلاف بینهم علم مبلغ هذا القول من الصواب لا ریب فی أن أول ظهور الشیعة کان فی الحجاز بلد التشیع . .
وقال وفی دمشق یرجع عهدهم إلى القرن الأول للهجرة (35) .

الدّین

أقول فیه عدة معان ، ویمکن أن نوجوها بما یلی :
الدَّینُ : الجزاءُ والمکافأة . ودنته بفعله دیناً : جزیته .
وقیل الدَّینُ المصدرُ ، والدِّینّ ـ بالکسر ـ الإسم ، ویوم الدین : یوم الجزاء . وفی المثل السائر : کما تدین تدان أی کما تجازی تجازى ، أی تجازى بفعلک وبحسب ما عملت وقیل : کما تفعل یفعل بک .
ودانه دیناً أی جازاه .
وقوله تعالى : « إنا لمدینون » أی مجزیون محاسبون ؛ ومنه الدیان فی صفة الله عز وجل .
والدِّین : الحسابُ ، وفیه قوله تعالى : ( مالک یوم الدین ) [ الحمد آیة 4 ] وقوله تعالى ( ذلک الدین القیم ) [ التوبة آیة 36 ] .
أی ذلک الحساب الصحیح والعدد المستوى .
والدِّینُ : الطاعة . وقد دنته ودنت له أی أطعته یقال دان بکذا دیانة وتدین به فهو دین ومتدین .
والدِّینُ : الإسلام وقد دنت به . وفی حدیث امیر المؤمنین علیه السلام : محبةُ العلماء دین یدان به .
والدّینُ : العادة والشأن ، تقول العرب ما زال ذلک دینی ودیدنی ، أی عادتی .
ثم الدین لله هو طاعته والتعبد له . ودانه دیناً أی أذله واستعبده .
من هنا نعرف أن کلمة دان الرجل إذا اعتاد خیراً أو شراً ، ودان إذا أصابه الدین ، وهو داءٌ .
ومن معانی الدین : ما یتدین به الرجل . والدین : السلطان . والدینُ : الورعُ . والدینُ : القهرُ . والدینُ : المعصیة . والدینُ : الطاعة .
وقد جاء فی الحدیث ما یخص الخوارج : أنهم یمرقون من الدین مروق السهم من الرّمیة ، یرید أن دخولهم فی الإسلام ثم خروجهم منه لم یتمسکوا منه بشیءٍ کالسهم الذی دل فی الرمیة ثم نفذ فیها وخرج منها ولم یعلق به منها شیء .
قال الخطابی : یمرقون من الدین : یعنی یخرجون من الطاعة ، أی من طاعة الإمام المفترض الطاعة وینسلخون منها (36) .

الملّة

الملَّة : الشریعة والدین ، وفی الحدیث : لا یتوارث أهل ملتین ؛ الملَّة : الدین کملة الإسلام والنصرانیة والیهودیة ، وقیل : هی معظم الدین ، وجملة ما یجیءُ به الرسل وتملل وامتلَّ : دخل فی الملّة .
وفی القرآن الکریم : ( حتى تتبع ملتهم ) [ البقرة آیة 120 ] قال أبو إسحاق : الملّة فی اللغة وسنتهم وطریقهم (37) .
المصادر :
1- مادة حزب من لسان العرب ومجمع البحرین 1/ 308
2- لسان العرب لابن منظور مادة ذهب وتاج العروس لمرتضى الزبیدی 1/ 257
3- سورة الدخان ، الآیة : 4 .
4- سورة الإسراء ، الآیة : 106 .
5- سورة البقرة ، الآیة : 50 .
6- سورة هود ، الآیة : 24 .
7- سورة المرسلات ، الآیة : 4 .
8- سورة البقرة ، الآیة : 53 .
9- سورة الأنفاق ، الآیة : 41 .
10- سورة الأنبیاء ، الآیة : 48 .
11- مجمع البحرین مادة فرقان ، ولسان العرب 10 / 219
12- سورة الشعراء ، الآیة : 63 .
13- سورة آل عمران ، الآیة 78 .
14- سورة الشورى ، الآیة : 7 .
15- سورة البقرة ، الآیة : 85 .
16- سورة البقرة ، الآیة : 146 .
17- سورة البقرة ، الآیة : 102 .
18- سورة الکهف ، الآیة : 78 .
19- سورة القیامة ، الآیة : 28 .
20- سورة النساء ، الآیة : 150 .
21- انظر المفردات للراغب الأصفهانی مادة فرق .
22- تاج العروس ـ الزبیدی مادة تمرق .
23- انظر کنز العمال: 1/ 183 .
24- سورة الإنعام /159
25- سورة الانعام /65
26- سورة الصافات /83
27- سورة القصص ، الآیة : 15 .
28- سورة سبأ ، الآیة : 54 .
29- سورة الحجر ، الآیة : 10 .
30- انظر معمع البحرین مادة شیع ، ولسان العرب .
31- مقدمة ابن خلدون ص/ 138 .
32- ربیع الأبرار للزمخشری . بحار الانوار ج10 ص369
33- سورة البینة ، آیة : 7.
34- أنظر : ملامح شخصیة الإمام علی من کتب الجمهور ص / 77 ، 62 ـ 64
35- مناقب ابن المغازلی: ص /292 .
36- لسان العرب ، مادة دین .
37- لسان العرب ، مادة ملل .

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العلاقة بين المصحف العلوي والقرآن المتداول اليوم
في رحاب نهج البلاغة – الأول
حد الفقر الذی یجوز معه اخذ الزکاة
ومن وصيّة له لولده الحسن (عليهما السلام): [يذكر ...
شبهات حول المهدي
الدفن في البقيع
ليلة القدر خصائصها وأسرارها
آداب الزوجین
مفاتيح الجنان(600_700)
ما هو الدليل على أحقية الامام علي(علیه السلام) ...

 
user comment