عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

تکريم اصحاب الکهف

تکريم اصحاب الکهف

يشرح الذكر الحكيم لنا كيفية عثور الناس على قبور أصحاب الكهف وانّ الناس اختلفوا في كيفية تكريمهم وإحياء ذكراهم والتبرّك بهم على قولين: فمن قائل: يُبنى على قبورهم بنيان ليُخلَد ذكراهم بين الناس. إلى قائل آخر: يبنى على قبورهم مسجداً يصلّى فيه.
وقد حكى سبحانه كلا الاقتراحين من دون تنديد بواحد منهما، قال سبحانه: (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا انَّ وَعْدَ اللّهِحَقٌّ وَانَّ السّاعَةَ لا رَيْبَفيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً ربُّهُمْ أَعْلُمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً).(1)
قال المفسرون: إنّ الاقتراح الاَوّل كان لغير المسلمين ويوَيده قولهم في حقّ أصحاب الكهف رَبّهم أَعْلَمُ بِهِم وهو ينمَّ عن اهتمام بالغ بحالهم ومكانتهم فحوَّلوا أمرهم إلى ربّهم.
وأمّا الاقتراح الثاني فنفس المضمون (اتخاذ قبورهم مسجداً) شاهد على أنّ المقترحين كانوا هم الموَمنين، وما اقترحوا ذلك إلاّ للتبرّك بالمكان الذي دفنت فيه أجساد هوَلاء الموحدين.
والقرآن يذكر ذلك الاقتراح من دون أن يعقب عليه بنقد أورد وهو يدل على كونه مقبولاً عند مُنزل الوحي.
قال الطبري في تفسير الآية: إنّ المبعوث دخل المدينة فجعل يمشي بين ظهري سوقها فيسمع أُناساً كثيرين يحلفون باسم عيسى بن مريم، فزاده فرقاً ورأى أنّه حيران، فقام مُسْنِداً ظهره إلى جدار من جُدُر المدينة، ويقول في نفسه: واللّه ما أدري ما هذا أمّا عشية أمس فليس على الاَرض إنسان يذكر عيسى بن مريم إلاّ قتل، وأمّا الغداة فأسمعهم وكلّ إنسان يذكر أمر عيسى لا يخاف، ثمّ قال في نفسه:
لعلّهذه ليست بالمدينة التي أعرف.(2)
إنّ سيرة المسلمين تكشف عن جواز بناء المساجد على قبور الصالحين الذين يُتبرّك بهم ولهم مكانة عالية في قلوبهم، ويدل على ذلك الاَمور التالية:
أ. دفن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في بيته الذي فيه وكان في جوار المسجد النبوي ولما كثر المسلمون وازداد عددهم وضاق المسجد بهم أدخلوا الجانب الشرقي ـ الذي كان فيه بيوت أزواج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والبيت الذي دفن فيه ـ في المسجد النبوي على نحو يقف المصلون أطراف القبر من الجوانب الاَربعة ويحيطون به.
يقول الطبري في حوادث سنة 88: إنّه في شهر ربيع الاَوّل من هذه السنة قدم كتاب الوليد على عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم المسجد النبوي وإضافة حجر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن يوسعه من قبلته وسائر نواحيه، باشتراء الاَملاك المحيطة به، فأخبر عمر الفقهاء العشرة وأهل المدينة بذلك، فحبذوا بقاء تلك الحُجُر على حالها ليعتبر بها المسلمون، ويكون أدعى لهم إلى الزهد اقتداءً بنبيهم، فكاتب ابن عبد العزيز الوليد في ذلك، فأرسل إليه يأمره بالخراب،وتنفيذ ما ذكره في كتابه الاَوّل، فضجَّ بنو هاشم وتباكوا، ولكن عمر نفّذ ما أمره به الوليد، فأدخل الحجرة النبوية (حجرة عائشة) في المسجد، فدخل القبر في المسجد وسائر حجرات أُمّهات الموَمنين وقد بني عليه سقف مرتفع كما أمر الوليد.(3)
فإذا كان هذا العمل بمرأى ومسمع من فقهاء المدينة العشرة والمسلمين عامة، وفي مقدم التابعين منهم علي بن الحسين زين العابدين وابنه محمد بن علي الباقر (عليهم السلام)اللّذين لم يشك أحد في زهدهما وعلمهما وعرفانهما. فهو أوضح دليل على جواز إقامة المسجد عند قبور الاَنبياء والصالحين والصلاة فيه.
وقد أقر هذا العمل كلّالتابعين وجاء بعدهم إمام دار الهجرة مالك بر أئمّة المذاهب الاَربعة فلم يعترضوا عليه بشيء.
ب . يقول السمهودي في حقّ السيدة فاطمة بنت أسد أُمّ الاِمام أمير الموَمنين علي (عليه السلام) : فلمّا توفيت خرج رسول اللّه فأمر بقبرها فحفر في موضع المسجد الذي يقال له اليوم قبر فاطمة.(4)
والعبارة تدل على أنّهم بنوا المسجد بعد تدفينها.
وقال في موضع آخر: إنّ مصعب بن عمير وعبد اللّه بن جحش دفنا تحت المسجد الذي بني على قبر حمزة.(5)
ج. انّ السيدة عائشة قضت حياتها في بيتها وصلّت فيه تمام عمرها، ولم يكن بينها وبين القبر أيّ جدار إلى أن دفن عمر فبني جدار حال بينها وبين القبور الثلاثة.(6)
د. روى البيهقي انّ فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت تذهب إلى زيارة قبر عمها حمزة فتبكي وتصلي عنده.(7)
أخرج الحاكم، عن سليمان بن داود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهم السلام)، عن أبيه، انّ فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كانت تزور قبر عمها حمزة كلّ جمعة فتصلي وتبكي عنده.
قال الحاكم: وهذا الحديث رواته عن آخرهم ثقات. وأقرّه الذهبي عليه ونقله البيهقي في سننه.(8)
وهذا يدل على بناء المسجد على قبر حمزة في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والصلاة فيه.
هـ. انّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في معراجه الذي بدأ به من المسجد الاَقصى ـ نزل في المدينة، وطور سينا وبيت لحم، وصلـّى فيها، فقال جبرئيل: صليت في «طيبة» وإليها مهاجرتك، وصليت في طور سينا حيث كلم اللّه موسى، وصليت في بيت لحم حيث ولد المسيح.(9)
هل هناك فرق بين المدفن والمولد، مع انّ الصلاة في كلٍ، لغاية واحدة وهي التبرّك بالاِنسان المثالي الذي مسّ جسده الطاهر، ذلك التراب بداية عمره أو نهايته؟!
وبما انّ الكتاب ـ مضافاً إلى السيرة المستمرة بعد رحيل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يومنا هذا ـ دليل قطعي، يكون محكماً يوَخذ به، وما دلّ على خلافه، يكون متشابهاً، فيرد إلى المحكم ويفسره بفضله.
ربما يتراءى من بعض الروايات عدم جواز اتخاذ قبور الاَنبياء مساجد.
فروي عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال: قاتل اللّه اليهود اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وفي رواية أُخرى: لعن اللّه اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وفي رواية ثالثة: ألا وإنّ من كل قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد.(10)
ولنا مع هذه الاَحاديث وقفة قصيرة، وذلك لاَنّ تاريخ اليهود لا يتفق مع مضامين تلك الروايات، لاَنّ سيرتهم قد قامت على قتل
الاَنبياء وتشريدهم وإيذائهم إلى غير ذلك من أنواع البلايا التي كانوا يصبّونها على أنبيائهم.
ويكفي في ذلك قوله سبحانه: (لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَولَ الَّذينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ فَقيرٌ وَنَحْنُ أَغْنياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الاََنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَريق) .(11)
وقوله سبحانه: (قُلْ قَدْجاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلي بِالْبَيِّناتِ وَبِالّذي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ) .(12)
وقال سبحانه: (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الاََنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ...) .(13)
أفتزعم انّ أُمّة قتلت أنبياءها في مواطن مختلفة تتحول إلى أُمّة تشيد المساجد على قبور أنبيائها تكريماً وتبجيلاً لهم.
وعلى فرض صدور هذا العمل عن بعضهم، فللحديث محتملات أُخرى غير الصلاة فيها والتبرّك بصاحب القبر وهي:
أ. اتخاذ القبور قبلة.
ب. السجود على القبور تعظيماً لها بحيث يكون القبر مسجوداً عليه.
ج. السجود لصاحب القبر بحيث يكون هو المسجود له، فالقدر المتيقن هو هذه الصور الثلاث لا بناء المسجد على القبور تبرّكاً بها.
والشاهد على ذلك انّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) حسب بعض الروايات يصف هوَلاء بكونهم شرار الناس .
أخرج مسلم في كتاب المساجد: انّ أُمّ حبيبة وأُمّ سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال رسول اللّه : (صلى الله عليه وآله وسلم)إنّ أُولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بني على قبره مسجداً، وصوّروا فية تلك الصور، أُولئك شرار الخلق عند اللّه يوم القيامة.(14)
إنّ وصفهم بشرار الخلق يميط اللثام عن حقيقة عملهم إذ لا يوصف الاِنسان بالشر المطلق إلاّ إذا كان مشركاً ـ و إن كان في الظاهر من أهل الكتاب ـ قال سبحانه: (إِنَّ شَرَّ الدّوابّ عِنْدَ اللّهِ الصُّمُّ البُكْمُ الّذينَ لا يَعْقِلُون).(15)
وقال: (إِنَّ شَرَّ الدَّوابّ عِنْدَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُوَمِنُونَ) (16)
وهذا يعرب عن انّ عملهم لم يكن صرفَ بناء المسجد على القبر والصلاة فيه، أو مجرد إقامة الصلاة عند القبور، بل كان عملاً مقروناً بالشرك بألوانه وهذا كما في اتخاذ القبر مسجوداً له أومسجوداً عليه أو قبلة يصلى عليه.
قال القرطبي: وروى الاَئمّة عن أبي مرثد الغنوي قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا تصلّوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها «لفظ مسلم» أي لا تتخذّوها قبلة فتصلّوا عليها أو إليها كما فعل اليهود و النصارى فيوَدي إلى عبادة من فيها.(17)
إنّ الصلاة عند قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما هو لاَجل التبرّك بمن دفن، ولا غروَ فيه وقد أمر سبحانه الحجيج باتخاذ مقام إبراهيم مصلى قال سبحانه: (وَاتَّخِذوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصلّى) .(18)
إنّ الصلاة عند قبور الاَنبياء كالصلاة عند مقام إبراهيم غير انّ جسد النبي إبراهيم (عليه السلام) لامس هذا المكان مرّة أو مرات عديدة، ولكن مقام الاَنبياء احتضن أجسادهم التي لا تبلى أبداً.
هذا وانّ علماء الاِسلام فسروا الروايات الناهية بمثل ما قلناه.
قال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الاَنبياء تعظيماً لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثاناً، لعنهم ومنع المسلمين عن مثل ذلك. فأمّا من اتخذ مسجداً في جوار صالح وقصد التبّرك بالقرب منه لا للتعظيم ولا للتوجه ونحوه، فلا يدخل في الوعيد المذكور.(19)
وقال السندي شارح سنن النسائي: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، أي قبلة للصلاة ويصلون إليها، أو بنوا مساجد يصلون فيها، ولعلّ وجه الكراهة أنّه قد يفضي إلى عبادة نفس القبر.
إلى أن يقول: يحذر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أُمّته أن يصنعوا بقبره ما صنع اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم من اتخاذ تلك القبور مساجد، إمّا بالسجود إليها تعظيماً لها أو بجعلها قبلة يتوجهون في الصلاة إليها.(20)
وهناك لون آخر من التوسل وهو التوسل بحقّ الاَنبياء والمرسلين، والمراد الحقّ الذي تفضل به سبحانه عليهم فجعلهم أصحاب الحقوق، وليس معنى ذلك انّ للعباد أو للصالحين على اللّه حقّاً ذاتياً يلزم عليه تعالى الخروج منه، بل الحقّ كلّه للّه، وإنّما المراد، الحقّ الذي منحه سبحانه لهم تكريماً، وجعلهم أصحاب حقّ على اللّه، كما قال سبحانه: (وَكانَ حَقّاً عَلَيْنا نَصْرُ الْمُوَمِنينَ) .(21)

ويدل على ذلك من الروايات ما يلي:
أ. روى أبو سعيد الخدري: قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : من خرج من بيته إلى الصلاة، وقال: اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ السائلين عليك، وأسألك بحقّ ممشاي هذا،فانّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعة وخرجت اتقاء سُخْطِك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تعيذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي انّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت، أقبل اللّه عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك.(22)
ب. روى عمر بن الخطاب، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما اقترف آدم الخطيئة، قال: ربّي أسألك بحقّمحمّد لما غفرت لي، فقال اللّه عزّوجلّ: يا آدم كيف عرفت محمّداً ولم أخلقه قال: لاَنّك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّمن روحك، رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلاّاللّه، محّمد رسول اللّه، فعلمت انّك لم تضف إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك، فقال اللّه عزّ وجلّ: صدقت يا آدم انّه لاَحبّ الخلق إليّ ، وإذا سألتني بحقّه فقد غفرت ولولا محمّد ما خلقتك.(23)
ج. روى الطبراني بسنده عن أنس بن مالك انّه لما ماتت فاطمة بنت أسد حفروا قبرها، فلمّا بلغوا اللحد حفر رسول اللّه بيده وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل رسول اللّه فاضطجع فيه، وقال: اللّه الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لاَُمّي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها، ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك والاَنبياء الذين من قبلي، فانّك أرحم الراحمين.(24)
إلى هنا تم البحث عن أقسام التوسل الثلاثة وعرفت انّ الجميع يدعمه الكتاب والسنة وتصور انّ التوسل بغيره سبحانه تأليه وعباده لغيره قد عرفت بطلانه وذلك لوجهين:
الوجه الاَوّل: لو كان التوسل بدعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذاته أو حقّه شركاً يلزم أن يكون كلّ توسل كذلك حتى التوسل بالغير في الاَمور العادية مع أنّه باطل بالضرورة، لاَنّ الجميع من قبيل التوسل بالاَسباب، عادية كانت أو غير عادية، طبيعيةً كانت أو غير طبيعية.
الوجه الثاني: قد عرفت في تعريف العبادة انّه الخضوع أمام الغير بما هو إله أو ربّ أو مفوض إليه أُموره سبحانه، وليس واحد من هذه القيود متحّققاً في التوسل بالاَنبياء والصالحين والشهداء بل يتوسل بهم بما انّهم عباد مكرمون يستجاب دعاوَهم عند اللّه سبحانه، أو انّ لذواتهم وحقوقهم منزلة عند اللّه، فالتوسل بهم يثيربحار رحمته.
كيف يكون التوسل بنبي التوحيد(صلى الله عليه وآله وسلم) شركاً مع أنّه يتوسل به بما انّه مكافح للشرك ومقوض لدعائمه؟
د. التوسل بدعاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والصالحين بعد رحيلهم من أقسام التوسل الرائجة بين المسلمين هو التوسل بدعاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أو الصالحين بعد رحيلهم .

ولكن ثمة سوَالاً يطرح نفسه وهو:
انّ التوسل بدعاء الغير إنّما يصحّ إذا كان الغير حياً يسمع دعاءك ويستجيب لك ويدعو اللّه سبحانه لقضاء وطرك ونجاح سوَالك، أمّا إذا كان المستغاث ميتاً انتقل من هذه الدنيا فكيف يصحّ التوسل بمن انتقل إلى رحمة اللّه وهو لا يسمع؟
والجواب: انّ الموت ـ حسب ما يوحي إليه القرآن والسنّة النبوية ـ ليس بمعنى فناء الاِنسان وانعدامه، بل معناه الانتقال من دار إلى دار وبقاء الحياة بنحو آخر والذي يعبر عنه بالحياة البرزخية.
وتدل على بقاء الحياة آيات من الذكر الحكيم نقتصر على بعضها:
قوله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ في سَبيلِ اللّهِ أَمْواتٌ بَلْأَحْياءٌ وَلكِنْلا تَشْعُرُونَ) .(25)
وقد كان المشركون يقولون: إنّ أصحاب محمّد يقتلون أنفسهم في الحروب دون سبب، ثمّ يقتلون ويموتون فيذهبون، فوافى الوحي رداً عليهم بأنّه ليس الاَمر على ما يقولون، بل هم أحياء وإن كان المشركون وغيرهم لا يدركون ذلك.
(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون) .
(فَرِحينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ خَوفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) .
(يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَإِنَّ اللّهَ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُوَمِنينَ) (26)
المصادر :
1- الكهف/21
2- ـ تفسير الطبري:15/145.
3- تاريخ الطبري:5/222؛البداية والنهاية:8/65.
4- وفاء الوفاء:3/897.
5- المصدر السابق:3/922.
6- وفاء الوفاء:2/541.
7- السنن الكبرى: 4/78.
8- مستدرك الحاكم:1/377.
9- الخصائص الكبرى:1/154.
10- صحيح البخاري: 2/111 ؛ سنن النسائي:2/871، ؛ صحيح مسلم:2/68.
11- ـ آل عمران/181.
12- آل عمران/183.
13- النساء/155.
14- ـ صحيح مسلم:2/66،
15- الاَنفال/22.
16- الاَنفال/55.
17- ـ تفسير القرطبي:10/38.
18- 2 ـ البقرة/125.
19- فتح الباري في شرح صحيح البخاري:1/525
20- سنن النسائي:2/41.
21- الروم/47
22- سنن ابن ماجة:1/256رقم 778، باب المساجد؛ مسند أحمد:3/21.
23- دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة لاَبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي:5/489،
24- معجم الطبراني الاَوسط: 356 ؛ حلية الاَولياء:3/121؛ مستدرك الحاكم: 3/108.
25- البقرة/154
26- آل عمران/169ـ 171

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...
الكعبة‌
صموئيل النبي (ع)
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم ...
حقيقة معنى الانتقال من الأمويين الى العباسيين
خالد بن الوليد و الطوق في الجيد

 
user comment