عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

رؤية العارفين أرقى من الرؤية البصرية

رؤية العارفين أرقى من الرؤية البصرية
روى الصدوق في التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ؛ قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال قلت له : أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال : نعم ، وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت متى ؟ قال : حين قال لهم : ألست بربكم قالوا بلى ، ثم سكت ساعة ، ثم قال : وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال أبو بصير فقلت له : جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال لا ، فإنك إذا حدثت به فأنكر منكر جاهل بمعنى ما تقوله ، ثم قدَّر أن ذلك تشبيه كفر . وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون (1)
ـ التحفة السنية ص 84 : ومن ثمة كان العلم الحاصل من الرؤية ألذ من العلم الحاصل من غيرها لازدياد الكشف فيها بسبب حضور نفس المعلوم عند الحس وصورته عند الذهن ، فاللذة الزايدة إنما هي باعتبار هذا الاِنكشاف الزايد من تصور معشوقه في خياله ، فإنه يلتذ بتصوره لا محالة .
لكن لا نسبة لهذه اللذة إلى اللذة الحاصلة من مشاهدته رأي العين ، وحيث أنها أقوى طرق الاِنكشاف ربما يعبر عن مطلق الاِنكشاف التام بأي طريق حصل بالرؤية والنظر كما في قوله سبحانه : إلى ربها ناظرة ، وما ورد من بعض الطرق : أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى ربه ليلة المعراج ونحو ذلك ، لتطابق العقل والنقل على امتناع الرؤية الحسية في حقه تعالى ، لاشتراطها بالوضع والجهة وكثافة المرئي وغير ذلك .
فالمراد بها أينما أطلقت في كلمات من يعتنى بتصحيح كلامهم : غاية الاِنكشاف التام الذي لا يكون ما فوقه مجازاً مقبولاً لوجود العلاقة البينة ، إن ثبت كون اللفظ حقيقة في خصوص البصرية ، وإلا فمن استعمال المشترك في معناه الآخر حقيقة اعتماداً على وضوح القرينة وهي اشتراط الحسية بما يمتنع في حقه سبحانه .
وأحسن ما ينكشف به هذا المطلب ما سبقت روايته عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله : لم أعبد رباً لم أره ، لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقايق الاِيمان ، حيث أثبت عليه السلام الرؤية أولاً ، ثم استدرك ذلك بصرفها من العينية لاَنها المتبادر ، إلى القلبية .
ـ شرح الاَسماء الحسنى ج 1 ص 185 ـ 191. . . ومنها قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، وجه الاِحتجاج : أن النظر في اللغة جاء بمعنى الاِنتظار ويتعدى بنفسه ، وبمعنى التفكر ويستعمل بفي ، وبمعنى الرأفة ويستعمل باللام ، وبمعنى الرؤية ويستعمل بإلى كما في الآية ، فوجب حمله على الرؤية كما قيل .
ويظهر من صاحب القاموس أن النظر المتعدي بنفسه يجيء بمعنى الرؤية أيضاً ، وجعله من باب الحذف والاِيصال خلاف الاَصل ، وأنه جاء بمعنى الحكم ويستعمل بكلمة بين فقال : نظره كضربه وسمعه ، وإليه نظراً ومنظراً ونظراناً ومنظرة وتنظاراً : تأمله بعينه كتنظره ، والاَرض أرت العين نباتها ، ولهم : أعانهم ، وبينهم : حكم .
واعترض على هذا الدليل أيضاً بأن النظر لا يدل على الرؤية ، فإن النظر تقليب الحدقة نحو المرئي . بل ادعى بعضهم أن النظر المستعمل بإلى موضوع لذلك ولتحققه بدونها ، يقال نظرت إلى الهلال فما رأيته ، ولو كان بمعنى الرؤية لكان تناقضاً ، ولم أزل أنظر إلى الهلال حتى رأيته ، ولو حمل على الرؤية لكان الشيء غاية لنفسه .
أقول : يمكن جعله من باب الاِكتفاء بالمراد عن الاِرادة ، كقوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ، وهذا باب واسع كما في المغني وغيره ، فمعنى قولهم نظرت إلى الهلال فما رأيته أردت رؤية الهلال فما رأيته ، وهكذا في الآخر ، بل في كل موضع يقال إنه لتقليب الحدقة ، فالنظر محمول على معناه الحقيقي وهو الرؤية المرادة بتلك الاِرادة ، بل إذا نظرت المعاني المستعمل فيها النظر وجدت روح جلها لو لم يكن كلها ، الرؤية . وأجيب أيضاً : بأن معنى قولهم نظرت إلى الهلال فما رأيته ونحوه ، نظرت إلى مطلع الهلال .
واعترض أيضاً على هذا الدليل بأنا لا نسلم أن لفظة إلى صلة للنظر ، بل واحدة الآلاء ومفعول به للنظر بمعنى الاِنتظار ، أي نعمة ربها منتظرة ، ولو سلم فالنظر الموصول بإلى قد جاء للاِنتظار قال الشاعر :
وشعث ينظرون إلى هلال * كما نظر الظما حب الغمام
والجواب : أما عن الثاني فبمثل ما ذكر عن حديث التقليب وكون النظر المستعمل بإلى بمعنى الاِنتظار مما لم يثبت عند البلغاء ، وأما عن الاَول فبأن انتظار النعمة غم ، بل قيل الاِنتظار موت أحمر ، والآية مسوقة لبيان النعم .
وهذا الجواب زيف ، لاَن الآية دالة على أن الحالة التى عبر عنها بقوله سبحانه : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، سابقة على حالة استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، بقرينة المقابلة لقوله تعالى : وجوه يومئذ باسره تظن أن يفعل بها فاقرة ، أي تظن أن يفعل بها فعل هو في شدته وفظاعته داهية فاقرة تقصم فقار الظهر، ولم يفعل بها بعد ، وحينئذ كان انتظار النعمة بعد البشارة بها سروراً يستتبع نضارة الوجه ، كما أن انتظار إكرام الملك لا يكون موجباً للغم إذا تيقن وصوله إليه .
بل الحق في الجواب أن كون إلى في الآية بمعنى النعمة لا يخفى بعده وغرابته وإخلاله بالفهم عند تعلق النظر به ، ولهذا لم يحمل الآية عليه أحد من أئمة التفسير .

تفسيرهم الموافق لمذهبنا

أورد السيوطي في الدر المنثور ـ أكثر من ثلاثين رواية وقولاً في تفسير قوله تعالى : إلى ربها ناظرة ، منها روايتان توافقان مذهبنا وهما :
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله وجوه يومئذ ناضرة ، قال : حسنة ، إلى ربها ناظرة : قال : تنتظر الثواب من ربها . . . . وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إلى ربها ناظرة ، قال : تنتظر منه الثواب . انتهى .
وستأتي بقية رواياته التي فيها تجسيم . وقد تقدم عدد من رواياتهم النافية لاِمكان الرؤية بالعين في تفسير لا تدركه الاَبصار (2)
ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية
وأما في الآخرة فذهب جمهور أهل السنة إلى إثبات رؤية الله تعالى للمؤمنين في الجنة ، واحتجوا بقوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ، وبقوله تعالى عن الكافرين : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ، وبحديث : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر ، وفي رواية : كما ترون الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب ، وهو في البخاري ومسلم .
وخالفهم في ذلك جماعة من أهل السنة والجماعة وغيرهم كالسيدة عائشة رضي الله عنها ومجاهد وأبي صالح السمان وعكرمة وغيرهم ، وكذا المعتزلة والاَباضية والزيدية ، واحتجوا بقول الله تعالى : لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار ، وأوَّلوا الآيات التي احتج بها جمهور أهل السنة بأن المراد بالآية هو : وجوه ناضرة مسرورة لاَنها تنظر ثواب ربها وعطاءه وجنته وإنعامه ، كما أنه هناك بالمقابل وجوه يومئذ باسرة عابسة تظن أن يفعل بها فاقرة أي مصابة بداهية كبيرة ، وهذا الكلام هو بيان ما يكون في أرض المحشر ، وحال المؤمنين والكافرين يومئذ ، والرؤيا إنما تكون في الجنة .
قالوا : فالمقام هنا مقام مقابلة بين وجوه تنتظر الثواب ووجوه تنتظر العقاب ، ورؤية الله تعالى غير مرادة هنا وخصوصاً أن الكلام يتعلق بالموقف قبل الدخول للجنة والنار ، وأنتم ـ يا جمهور أهل السنة والجماعة ـ تقولون بأن الرؤية إنما تتم في الجنة لا في أرض المحشر ، وهذا الكلام يتعلق في أرض المحشر .
ورد هؤلاء على من قال من أهل السنة بأن لفظ ( ناظرة ) لا تأتي عربية بمعنى منتظرة ، فقالوا : إن ذلك ليس صحيحاً ، بل قد ورد القرآن الكريم بإثبات أن معنى ناظرة منتظرة ! من ذلك قوله تعالى عن بلقيس : وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بهم يرجع المرسلون . النمل : 35 ، أي منتظرة بم يرجع المرسلون ، وهو واضح ظاهر .
كذلك قالوا بأن المراد بقوله تعالى : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ، أي عن ثواب ربهم وإكرامه وإنعامه ، والحجاب أيضاً هو عن كلامه لا عن رؤيته ، لاَن الله تعالى يقول وهو أصدق القائلين : ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم . البقرة : 174
ـ ثم قال في آخر بحثه ص 590 فتبين من هذا كله أن هذه الآيات لا يصح الاِستدلال بها في مسألة إثبات الرؤية ، والله تعالى الموفق . (3)
ونؤكد هنا على ضرورة ملاحظة قوله تعالى ( ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة ) الذي يدل على أن هذا المشهد أحد مشاهد المحشر قبل دخول الجنة والنار كما روي عن علي عليه السلام . وهذا قرينة على أن ( ناظرة ) بمعنى منتظرة . ودليل على أن الذين فسروها بالنظر إلى الله تعالى في الجنة لم يلتفتوا إلى بقية الآيات !

تفسيرهم الذي فيه تجسيم

ـ صحيح البخاري : باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة . . . . عن جرير قال كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا .(4)
ـ سنن الترمذي : عن إسرائيل ، عن ثوير ، قال سمعت ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره مسير ألف سنة ، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة . وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر مرفوعاً . ورواه عبدالملك بن أبجر عن ثوير ، عن ابن عمر موقوفاً . ورواه عبيد الله الاَشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله ولم يرفعه .(5)
ـ سنن الترمذي : عن إسرائيل عن ثوير قال سمعت ابن عمر يقول . . . . الخ . هذا حديث غريب ، وقد روى غير واحد عن إسرائيل مثل هذا مرفوعاً ، وروى عبد الملك بن الجبر عن ثوير ، عن ابن عمر قوله ولم يرفعه . وروى الاَشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله ولم يرفعه ، ولا نعلم أحداً ذكر فيه عن مجاهد غير الثوري . انتهى . ورواه (6)
أحمد في ج 2 ص 64 ورواه الحاكم في المستدرك ج 2 ص 509 ، ولكن فيه ( ألفي سنة ) بدل ألف سنة ، قال : عن ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل ينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه ، ينظر في أزواجه وخدمه وسرره .
ـ وقال السيوطي في الدرالمنثور ج 3 ص 37
وأخرج أبوالشيخ والبيهقي في كتاب الرؤية عن الحسن في قوله : لا تدركه الاَبصار، قال : في الدنيا ، وقال الحسن : يراه أهل الجنة في الجنة ، يقول الله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، قال ينظر إلى وجه الله .
ـ وقد استعرض السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 290 ، أكثر رواياتهم وأقوالهم في تفسير الآية ، وقد تقدم منها ما يوافق مذهب أهل البيت عليهم السلام ، ونورد فيما يلي بقيتها ،
ونلاحظ أن أكثرها غير مسند إلى النبي صلى الله عليه وآله ، بل هو أقوال مفسرين ، وأكثرهم علماء سلطة أو معادون لاَهل البيت عليهم السلام . قال السيوطي في ج 6 ص 290 :
وأخرج ابن المنذر والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة والبيهقي في الرؤية عن ابن عباس في قوله : وجوه يومئذ ناضرة ، قال يعني حسنها ، إلى ربها ناظرة ، قال: نظرت إلى الخالق .
وأخرج ابن المنذر والآجري عن محمد بن كعب القرظي في قوله : وجوه يومئذ ناضرة ، قال نضر الله تلك الوجوه وحسنها للنظر إليه .
وأخرج ابن المنذر والآجري واللالكائي والبيهقي عن عكرمة : وجوه يومئذ ناضرة ، قال : ناضرة من النعيم ، إلى ربها ناظرة ، قال : تنظر إلى الله نظراً .
وأخرج الدار قطني والآجري واللالكائي والبيهقي عن الحسن في الآية قال : النضرة الحسن ، نظرت إلى ربها فنضرت بنوره .
وأخرج ابن جرير عن الحسن ، وجوه يومئذ ناضرة : يقول حسنة ، إلى ربها ناظرة ، قال : تنظر إلى الخالق .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : وجوه يومئذ ناضرة ، قال مسرورة . إلى ربها ناظرة ، قال أنظر ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه أن لو جعل نور أعين جميع خلق الله من الاِنس والجن والدواب وكل شيء خلق الله فجعل نور أعينهم في عينى عبد من عباده ثم كشف عن الشمس ستراً واحداً ودونها سبعون ستراً ما قدر على أن ينظر إلى الشمس ، والشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي ، والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش ، والعرش جزء من سبعين جزء من نور الستر . قال عكرمة : أنظروا ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه أن نظر إلى وجه الرب الكريم عياناً .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، قال : تنظر إلى وجه ربها .
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال : ينظرون إلى ربهم بلا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة . ( وهل لهذا معنى مفهوم غير النظر بالقلب ؟!)
وأخرج الدارقطني والخطيب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه هذه الآية: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، قال : والله ما نسخها منذ أنزلها ، يزورون ربهم تبارك وتعالى فيطعمون ويسقون ويتطيبون ويحلون ، ويرفع الحجاب بينه وبينهم فينظرون إليه وينظر إليهم عز وجل ، وذلك قوله عز وجل : لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا .
وأخرج أبوالشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : أول من ينظر إلى الله تبارك وتعالى الاَعمى .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبوالشيخ عن موسى بن صالح بن الصباح قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بأهل ولاية الله فيقومون بين يديه ثلاثة أصناف ، فيؤتى برجل من الصنف الاَول فيقول عبدي لماذا عملت ؟ فيقول : يا رب خلقت الجنة وأشجارها وثمارها وأنهارها وحورها ونعيمها وما أعددت لاَهل طاعتك فيها فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقاً إليها . . . . ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث فيقول عبدي لماذا عملت ؟ فيقول ربي حباً لك وشوقاً إليك وعزتك لقد أسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقاً إليك وحباً لك ، فيقول الله عبدي إنما عملت شوقاً إلي وحباً لي ، فيتجلى له الرب فيقول ها أنا ذا أنظر إليَّ ! ثم يقول فضلي عليك أن أعتقك من النار وأبيحك جنتي وأزيرك ملائكتي وأسلم عليك بنفسي ، فيدخل هو ومن معه الجنة .
ـ الجواهر الحسان للثعالبي ج 3 ص 416
قوله تعالى : إلى ربها ناظرة ، حمل جميع أهل السنه هذه الآية على أنها متضمنة رؤية المؤمنين لله عز وجل بلا تكييف ولا تحديد .انتهى. ولكن هل ذلك نظراًبالعين !
ـ تفسير الطبري ج 29 ص 119
عن مجاهد في : وجوه يومئذ ناضرة ، قال مسرورة . إلى ربها ناظرة ، قال : إلى ربها نظراً .
ـ وقال ابن حزم في المحلى ج 1 ص 33
مسألة : وأن الله تعالى يراه المسلمون يوم القيامة بقوة غير هذه القوة . قال عز وجل : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة . . . . ولو كانت هذه القوة لكانت لا تقع إلا على الاَلوان ، تعالى الله عن ذلك . وأما الكفار فإن الله عز وجل قال : إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . انتهى . وقد اضطر ابن حزم أن يجعل الرؤية غير بصرية وأن يوافق أهل البيت عليهم السلام .
ـ وقال القسطلاني في إرشاد الساري ج 10 ص 398
ـ قوله تعالى ( إلى ربها ناظرة ) بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة . وقال القاضي : تراه مستغرقة في مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه . انتهى . وهي رؤية غير بصرية كما ترى .
ـ وقال الاَلباني في فتاويه : إن عقيدة رؤية الله لم ترد في السنة فقط حتى تشككوا فيها ، إن هذه العقيدة أيضاً قد جاءت في القرآن الكريم المتواتر روايته عن رسول الله . . . . إن قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، هي وجوه المؤمنين قطعاً إلى ربها ناظرة . . . . المعتزلة والشيعة جاءوا بفلسفه ففسروا : وجوه إلى ربها ناظرة ، أي إلى نعيم ربها ناظرة ، أعطوا دلالة الآية ورفضوا التفسير الثاني للذين أحسنوا ، وهذه الفلسفة معول هدام للسنة الصحيحة . (7)
وبذلك كشف الشيخ الاَلباني حقيقة موقف القائلين بالرؤية ، فقد اعترف بأن تفسير ( ناظرة ) بالنظر المعنوي يحقق الاِنسجام والتوافق بين الآيات المحكمات مثل : لا تدركه الاَبصار ، وبين هذه الآية . ولكن الخطر كل الخطر منه على ( السنة الشريفة ) أن يهدمها معول تأويل هذه الآية !
فلماذا يا ترى يهتمون بالمحافظة على روايات الرؤية ويخافون أن تهدم ، ولا يهتمون بالآيات المحكمات النافية للرؤية ولايخافون أن تهدم!
ثم إن أحاديث السنة عند إخواننا منها ما ينفي الرؤية بالعين مطلقاً ومنها ما يثبتها صراحة ، وجميعها في البخاري ، الكتاب المعصوم بزعمهم من الجلد إلى الجلد ، فكيف صار بعض البخاري سنة يجب أن يحفظ من خطر الهدم ، وبعضه سنة لا مانع أن يهدم ، وتهدم معه آيات محكمات !
لعل جوابهم : أن الذين رووا أحاديث نفي الرؤية عن النبي هم عائشة وعدد من الصحابة وأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله ، بينما الذين رووا أحاديث الرؤية الخليفة عمر والمقربون منه ، وعند التعارض يجب أن نحافظ على روايات عمر ولا نسمح لاَحد أن يهدمها أو يمسها ، ويجب أن نعمل معول التأويل أو الهدم في آيات نفي الرؤية وأحاديثها لكي تخضع لما قاله كعب الاَحبار والخليفة عمر ومن وافقهما !
بل الظاهر أنه لا مانع عند إخواننا من أن ترد أقوال كل الصحابة وأن تهدم عصمة البخاري برد بعض أحاديثه ، لاَنهم إنما يريدون عصمة البخاري من أجل عصمة المولى عمر ! إنهم يقولون : الخليفة قال برؤية الله بالعين ، والقول ما قاله عمر ، وانتهى الكلام .
وإذا وصل الاَمر إلى هذا ، فعلى المسلم أن يسكت كما سكت نبيه صلى الله عليه وآله وهو على فراش الموت عندما صاحوا في وجهه (القول ما قاله عمر ) عندما كرروا شعارهم في وجهه قال لهم : قوموا عني ! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
المصادر :
1- الصدوق في التوحيد ص 117 ورواه المجلسي في بحار الاَنوار ج 4 ص 44
2- السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 290 ـ كرواية أبي سعيد الخدري في الدر المنثور ج 3 ص 37 .
3- قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص 583
4- صحيح البخاري ج 8 ص 178
5- سنن الترمذي ج 4 ص 93
6- سنن الترمذي ج 5 ص 103
7- الاَلباني في فتاويه ص 143

source : ایکنا
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

تأملات في البعد الاجتماعي للعقيدة
مفاتيح الجنان(200_300)
حياة علــي الأكبــر (عليه السلام)
21 من شهر رمضان ذكرى استشهاد الإمام أمير المؤمنين ...
السيدة زينب في عهد والدها أمير المؤمنين(عليه ...
صلاة عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ
لبس السواد على أبي الثوار وسيد الاحرار أبي ...
أعمال أيام مطلق الشهر و لياليه و أدعيتهما
هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام
الفرق بين علوم القرآن والتفسير

 
user comment