عربي
Tuesday 23rd of April 2024
0
نفر 0

الوعظ والإرشاد وألنصيحة

تُشكّل صفة الوعظ والإرشاد وألنصيحة ميزة أساسية لمنهجية المبلغين والواعظين في جمیع المجالات ولو اخذنا علی سبیل المثال المفکر والواعظ الديلمي فاننا سنجده یتبع ذلک الاسلوب في صياغة مصنّفاته ، وتتجلّى بوضوح من خلال نظرة سريعة في كتابيه : «إرشادألقلوب» و «أعلام الدين»، حتى أنّها تُمثّل في قاموس ما يعتقده سببآَ لتأليفكتبه ، وعلّة لتحرير مصنّفاته ، كما صرّح - رضوان اللّه عليه - في مقدمة كتابه«أعلام الدين» قائلاً في سبب تأليفه : «ليكون لي تذكرة وعدة، ولمن يقف عليه بعدي تبصرة وعبرة».
ولتسليط الضوء على هذا الجانب المهم من ثقافة المؤلف - رضوان الله عليه - نرى لزاماً علينا أن نتحدث عن كتابه «أعلا م الدين في صفات ألمؤمنين»وما استنتجناه في مسيرة تحقيقه من ملاحظات وحقائق ، قد تمثل بمجموعها خطوطآَ عريضة وثابتة لمنهج المؤلف ، لا في كتابه المذكورفحسب ، بل يتعداه إلى بقية مصنفاته .
يقولَ الديلمي في مقدمة كتابه «أعلام الدين»: «فأوّل ما أبدأ به ذكرالمعارف بالله تعالى وبرسوله صلّى اللّه عليه وآله وحججه من بعده ، وما يجوزعليه وعليهم وما لا يجوز، ثمّ أثنّي بذكر فضل العالم والعلوم ، وما يتبع ذلك من العلوم الدينيّة والآداب الدنيائية، ولمْ ألتزم ذكرسندها لشهرتها عند العلماء في كتبها ألمصنفةّ المرويّة عن مشايخنا - رحمهم الله تعالى- وأحلت في ذلك على كتبهم وأسانيدهم ، إلاٌ ما شذٌ عنٌي من ذلك فلمْ أذكر إلا فصّ القول .
وسمّيت هذا ا الكتاب كتاب (أعلام الدين في صفات المؤمنين وكنز علوم العارفين) فحقّ على من وقف عليه ، واستفاد به ، أن يدعو لمصنّفه ، ويترحّم عليه ،ويدع الهوى والميل في إعابة شيء منه ، فإنّه يشتمل على ترك الدنيا والرغبة فيالآخرة، حسب ما يأتي ذكره وتفصيله ».
ومن هذا ألنصّ نستنتج اُموراً عِدّة، من أهمّها أنّ المؤلّف لم يلتزم بذكرأسانيد الروايات والأحاديث التي نقلها في كتابه مكتفياً بالإحالة إلى مصادرالروايات ، ومن هذا المنطلق نستعرض عدّة نقاط ترتبط ارتباطاً وثيقآَ بما ذكرهالمؤلّف ، من خلال دراسة استقرائية لفصول الكتاب ، وهي :
1 ـ إنّ المؤلّف دمج بين بعض خطب الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ، حتّى ظهر النصّ وكأنّه خطبة واحدة، وبعد الرجوع إلى «نهج البلاغة»تمكنّا من تقطيع النص مع الإشارة إلى ذلك.
2 ـ نقل المؤلّف بعض الأحاديث تتصدّرها عبارة «وبهذا الإسناد» وهيعين العبارة الموجودة في مصدر الرواية، كـ «ثواب الأعمال» مثلاً إلاّ أنّ نقبل الحديث من مصدره بضميمة هذه العبارة من دون ألإشارة يورث وهماً سندياً، وهوأن مرجع العبارة هو الحديث السابق في نفس كتاب أعلام الدين كما لا يخفى ،فاضطررنا للإشارة للسند ألمقصود .
3 ـ نقل المؤلف مقاطع مطوّلة من الأحاديث والأقوال والنوادر والأشعار
من كتب معيّنة بصورة متسلسلة، مايليها حيث نقل عن مجموعة ورأم وأمالي الطوسي والكافي ، حتى أنّه نقل فصولاً كاملة عن كتاب كنز الفوائد للكراجكي .
4 ـ أورد المصنف كتاب «البرهان على ثبوت الإيمان» لأبي الصلاحالحلبي بتمامه ، ولم نعثر على أيّ نسخة للكتاب إلاّ ما نقله الديلمي في أعلام الدين .
كما أورد المصنّف أيضاً «الأربعون الودعانية» بكاملها ، وهي أربعونحديثاً رواها ابن ودعان الموصلي ، راجع ص 331.
5 ـ ذكر المصنف كلاماً بمقدارعِدة صفحات ، بعد قوله : «يقول العبد الفقير. . . جامع هذا الكتاب» وبعد التتبّع وجدنا مجمل هذه النصوص بعينها تارة،وباختلاف يسير تارة أخرى ، في كتاب «تنبيه الخواطر» للشيخ ورّام المتوفى سنة605 هـ .
6 ـ نقل المؤلّف نصوصاً روائية كثيرة عن كتاب «ثواب الاعمال»وكتاب «المؤمن »، إلاّ أن الغريب في المقام أنّ المؤلف لفّق بين حديثين أو ثلاثةأو أكثر، حتى ظهرت بصورة حديث واحد براوِ واحد، ممّا أدى إلى أختلاط الأسانيد والروايات .
کلمة للعلامة الديلمي :
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه (الحسن بن أبي الحسن الديلمي)أعانه الله على طاعته ، وتغمّده برأفته ورحمته :
انني حيث بليت بدارالغربة، وفقدت الأنيس الصالح في الوحشة، وحملتني معرفة الناس على الوحدة، خفت على ما عساهحفظته من الاداب الدينية والعلوم العلوية- وهو قليل من كثير، ويسيرمن كبير- أن يشذ عن خاطري ، ويزول عن ناظري - لعدم المذاكر- اثبت ما سنح لي إيراده ،وسهل علي اسناده ، ليكون لي تذكرة وعدة، ولمن يقف عليه بعدي تبصرة وعبرة وفق اللّه المراعاة له والعمل به ، وجعله خالصآَ لوجهه الكريم ، وموجباً لثوابه الجزيل العظيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
فأول ما أبدأ به ذكر المعارف باللّه تعالى وبرسوله صلى، اللّه عليه وآله وحججه من بعده ، وما يجوزعليه وعليهم وما لا يجوز.
ثم اثني بذكرفضل العالم والعلوم .
وما يتبع ذلك من العلوم الدينية والآداب الدنيائية، ولم ألتزم ذكر سندها، لشهرتها عند العلماء في كتبها ألمصنفة المروية عن مشايخنا- رحمهم الله تعالى - وأحلْتُ في ذلك على كتبهم وأسانيدهم ،إلاّ ما شذ عنيمن ذلك فلم أذكر إلآ فص (1) القول .
وسميت هذا الكتاب كتاب (أعلام الدين في صفات المؤمنين وكنزعلوم العارفين) فحق على ، من وقف عليه ، واستفاد به ، أن يدعو لمصنفه ، ويترحّم عليه ،ويدع الهوى والميل في إعابة شيء منه ، فإنه يشتمل على ترك الدنيا والرغبة في الآخرة،حسب ما يأتي ذكره وتفصيله .
المصادر :
1- فص الأمر: حقيقته ، يقال : أنا آتيك بالأمر من فصه ، يعني من مخرجه الذي قد خرج منه(لسان العرب - فصص -7: 66).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

كرامة النفس في القرآن والحديث
الشيخ حسين قلي الهمداني
مبادئ بناء المجتمع في الاسلام
العلاقة المثالية.. بين الرجل والمرأة
كتائب الحسين تصل إلى عدن ومفاجئات في الساحة ...
جريمة انفجار مسجد الامام الصادق (ع) لطخت جبین ...
ما سر عداء الرجل الشرقي للرومانسية؟!
قائد الثورة: شعوب اليمن والبحرين وفلسطين مظلومة ...
اختیار الزوجین
أصول الدين عند الشيعة

 
user comment