عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

الاباضیة

الاباضیة

الاباضیة فرقة معتدلة من الخوارج وسمیت بالاباضیة نسبة إلى مؤسسها عبد الله بن اباض. ویعدّ الاباضیة مذهبهم مذهباً اجتهادیاً فقهیاً سنیاً یتبنى آراء عبد الله بن اباض السیاسیة وآراء جابر بن زید الفقهیة. عرفوا باسم جماعة « القعدة » وتبلورت کفرقة لها منهجها الفقهی الخاص بها فی اوائل القرن الثانی الهجری.

عوامل الظهور :
ـ مخالفة آراء الازارقة المتشددة والمتطرفة التی تستبیح الحرمات وترتکب المنکرات، وتَبَرُّؤُهم منها.
ـ انکار الاعمال الاجرامیة ومسلک العنف لبقیة فرق الخوارج، ودعوتهم إلى السلم، وعدم تجویزهم مقاتلة المسلمین الا عُرَّضوا لعدوان او واجهوا قتالاً فیکون حینئذ حمل السلاح دفاعاً عن النفس.
ـ تشتت أهل النهروان بعد الهزیمة التی حلت بهم على ید اصحاب أمیر المؤمنین ( علیه السلام ) فـفضلت جماعة الالتزام بالهدوء والرویة والجنوح إلى المسالمة خاصة وانهم یؤلِّفون اقلیة، وقررت هذه الجماعة السفر إلى البصرة والتمرکز فیها بقیادة ابی بلال ومن بعده عبد الله بن اباض.
ـ ترکیز عبد الله بن اباض على اتباع نهج الاعتدال والتقیة والدعوة لهذا النهج باعتباره الناطق باسم جماعة الاباضیة، ویبرز ذلک فی رسالته التی کتبها إلى عبد الملک بن مروان المدعومة بالحجج والدلائل ضد خصومه.
ـ الفوضى التی أصابت الدولة الامویة نتیجة لکثرة النزاعات والخلافات والثورات فتصور الکثیر إِمکان نجاح أی حرکة سیاسیة ووصولها إلى الحکم.
ـ اعتدال الاباضیة فی آرائهم المذهبیة والفقهیة من جانب، وعدائهم السیاسی للخلافة الامویة، یضاف إلى ذلک قولهم بأن الامامة أو الخلافة حق لأی مسلم صالح فلا تکون مقتصرة على قریش ولا على بطونها المختلفة من الامویین أو العباسیین أو العلویین، دفع باعداد من المسلمین بللانضواء تحت امرتهم وفرقتهم.
ـ قیام مسلم بن أبی کریمة باتباع العمل السری والاهتمام بالارشاد والتوجیه والتربیة وتخرج اعداد کبیرة على یده حملوا العلم وروجوا افکار فرقتهم فی المغرب والیمن والحجاز امثال الربیع بن حبیب الفراهیدی والمعافری وعبد الرحمن بن رستم وغیرهم.

النشأة والتطور :
ـ تأسست فرقة الاباضیة على ید عبد الله بن اباض المقاعسی التمیمی بعد اختلافه مع ابن الازرق فی اواخر القرن الاول الهجری، وتطورت معالم الفرقة على ید جابر بن زید التابعی، بعد ذلک ازدهر امر الفرقة بجهود تلامیذ جابر.
ـ انتشرت آراء ومبادئ الفرقة الاباضیة بعد رئاسة ابی عبیدة مسلم بن أبی کریمة لعلاقته القویة بالدولة الرستمیة فی المغرب العربی.
ـ صنَّف علماء الاباضیة کتباً عدیدة ساعدت على نشر مذهبهم ومعتقداتهم کالمسنـد للفراهیدی وکتب جابر بن زید وغیرها.
ـ کوّنوا دولاً امتلکت زمام الامور فی بلدان اسلامیة کالجزائر ولیبیا وسلطنة عمان ازدهرت فیها معالم الفرقة الاباضیة، ولا تزال افکارهم هی السائدة فی قسم من هذه البلدان.
ـ فی زمن الامام عبد الرحمن بن رستم صاحب الدولة الرستمیة والذی یعد من تلامیذ مسلم بن أبی کریمة توسعت آفاق المذهب الاباضی وانفتحت السبل امام انتشاره.
ـ تشعبت عن الاباضیة فرق اندثرت فیما بعد وهی :
1 ـ الحفصیة : اصحاب حفص بن أبی المقدام.
2 ـ الحارثیة : اصحاب الحارث الاباضی.
3 ـ الیزیدیة : اصحاب یزید بن انیسة.
4 ـ أصحاب طاعة لا یراد الله بها.
ـ خروج ابی یحیى عبد الله بن یحیى الکندی ( طالب الحق ) على الحکومة الامویة وبسط نفوذه على حضرموت وصنعاء وسیطرته الکاملة على بلاد الیمن وکان ذلک عام ( 128هـ )، وبعدها استولى على مکة ثم المدینة، وکانت الدولة المرکزیة المروانیة مشغولة باخـماد تحرکات بنی العباس، فانتهز ( طالب الحق ) الفرصة ومدّ نفوذه على الحجاز کله. وفی عام ( 130هـ ) جهز مروان بن محمد جیشاً استطاع القضاء على الاباضیة وقتل عبد الله بن یحیى الکندی.

الافکار والمعتقدات :
ـ قالوا : بأن المذنب من اهل ملتنا ان کان ذنبه کبیراً فهو کافر نعمة تحل موارثته ومناکحته وأکل ذبیحته، ولیس مؤمناً ولا کافراً على الاطلاق.
ـ قالوا : من زنى أو سرق أو قذف فإنه یقام علیه الحد ثم یستتاب مما فعل، فان تاب ترک، وان أبى التوبة قتل على الرّدة.
ـ قالوا : مخالفونا من اهل القبلة کفار غیر مشرکین واجازوا شهادتهم وحرموا دماءهم فی السر واستحلوها فی العلانیة وصححوا مناکحتهم والتوارث منهم وزعموا انهم فی ذلک محاربون لله ولرسوله، لایدینون دین الحق وقالوا : باستحلال بعض اموالهم دون بعض والذی استحلوه الخیل والسلاح فأما الذهب والفضة فانهم یردونهما على اصحابهما عند الغنیمة.
ـ قالوا : ان دار مخالفیهم من اهل الاسلام دار توحید الاّ معسکر السلطان فإنه دار بغی.
ـ اختلفوا فی النفاق أیسمى شرکاً أم لا ؟ فقالوا ان المنافقین فی عهد رسول الله ( صلی الله علیه وآله وسلم ) کانوا موحدین الا انهم ارتکبوا الکبائر فکفروا بالکبیرة لا بالشرک.
ـ وقال الحفصیة منهم : ان بین الایمان والشرک خصلة واحدة وهی معرفة الله تعالى وحده فمن عرفه ثم کفر بما سواه فهو کافر لکنه بریء من الشرک.
ـ قالوا : بجواز وجود امامین فی وقت واحد.
ـ اجازوا نکاح المسلمة من کفار قومهم فی دار التقیة فاما فى دار حکمهم فلا یستحلون ذلک وتوقف قوم منهم فی هذه المسألة وفی أمر الزوجة وقالوا : ان ماتت لم نصل علیها ولم نأخذ میراثها لانا لاندری حالها.
ـ قالوا : بأن فعل العبد مخلوق لله تعالى احداثاً وابداعاً ومکتسبة للعبد حقیقة لا مجازاً.
ـ قالوا : بنفی الصفات التی توهم المشابهة بین الله تعالى وبین خلقه کالوجه والعین والید والدنو والتجلی والنزول.
ـ اکدوا القول بخلق القرآن وانه فعل الله وفعله کله حادث غیر قدیم.
ـ فی مسألة الصفات قالوا : بأنها عین ذاته سبحانه ولیست زائدة على الذات فهی لیست صفات قائمة بذاتها.
ـ فی مسألة القدر تبنى الاباضیة آراء الاشاعرة حیث اثبتوا ان العالم بأسره جواهره واعراضه وما فیه من خیر وشر وطاعة ومعصیة خلقه الله تعالى ودّبره.
ـ بامتناع رؤیة الله سبحانه وتعالى فی الدنیا والآخرة.
ـ عدّوا طلحة والزبیر وعائشة من البغاة الذین خرجوا على الخلیفة الشرعی.
ـ اوجبوا الخروج على الامام الجائر، وازالته بأی شیء قدروا علیه بالسیف أو بغیره.
ـ قالوا انه لا شفاعة لمن مات مصراً على الکبیرة غیر تائب منها.
ـ لم یشترطوا لزوم الامام من قریش أو حتى من العرب بل جوزوا ان یکون الامام عبداً أو امرأة.
ـ ورایهم فی التولی والتبری له مفهومه الخاص، فولایة من اتصف بالایمان فرض واجب ثبت وجوبه بادلة قطعیة، واما البراءة فتجب ایضاً البراءة من الفاسقین مطلقاً سواء من المشرکین او کانوا اهل کفر نعمة.
ـ تنصیب الامام بالوصیة باطل على المذهب الاباضی ولا یکون التعیین له إلا عن طریق البیعة.

قالوا فی عدالة الصحابة ثلاثة أقوال :
1 ـ القول بعدالتهم جمیعاً إلا من فسقه القرآن کالولید بن عقبة وثعلبة بن حاطب.
2 ـ القول بعدالتهم جمیعاً وروایاتهم کلها مقبولة إلا ممن خاض بالفتنة.
3 ـ الصحابة کغیرهم من الناس من اشتهر بالعدالة فکذلک ومن لم یعرف حاله بحث عنه.
ـ تأثروا بالمذهب الظاهری فوقفوا على بعض النصوص وفسروها تفسیراً حرفیاً ظاهریاً.
ـ مصادر الاستنباط عندهم هی القرآن والسنة والرأی والاجماع.
ـ للاباضیة لجنة تقوم بالاشراف الکامل على شؤون المجتمع الاباضی الدینیة والتعلیمیة والاجتماعیة والسیاسیة، تسمى « العزابة » یرأسها شیخ منتخب یسمى شیخ العزابة.
ـ هناک لجنة اسمها ( ایروان ) تمثل المجلس الاستشاری المساعد للعزابة وهی السلطة الثانیة فی البلد.

من آراء الاباضیة الفقهیة :
ـ اجزاء قراءة الفاتحة فی الرکعتین الاولیین من الظهر والعصر.
ـ الوضوء لا یصح إلا بغسل الرجلین ولا یجتزئ بالمسح على الخفین.
ـ الرضاع قلیله وکثیره یحرم التزاوج.
ـ قالوا بوجوب القضاء على من نام فی شهر رمضان فاحتلم.
ـ عدم جواز رفع الیدین عند التکبیر.
ـ عدم جواز القنوت فی الصلاة.
ـ تحریم الزواج بین من ربطت بینهما علاقة اثم.
ـ فضل فقهاؤهم الصلح بین أی فئتین من المؤمنین وقع القتال بینهما وانه لا ینبغی لأحد أن یفضل أی فئة منهما على الاخرى.

أبرز الشخصیات :
1 ـ عبد الله بن اباض المقاعسی المری.
2 ـ جابر بن یزید الجعفی ابو الشعثاء.
3 ـ مسلم بن أبی کریمة التمیمی أبو عبیدة.
4 ـ عبد الاعلى بن السمح المعافری الیمنی أبو الخطاب.
5 ـ عبد الرحمن بن رستم بن بهرام .
6 ـ اسماعیل بن درار الغدامسی.
7ـ الربیع بن حبیب الفراهیدی ابو عمرو.

الانتشار ومواقع النفوذ :
ـ تکونت نواة الفرقة الاباضیة فی مدینة البصرة.
ـ استطاع الاباضیة تأسیس دولة لهم فی الیمن بقیادة عبد الله بن یحیى (طالب الحق).
ـ حکموا جنوب الجزیرة العربیة ووصلوا إلى مکة والمدینة فترة من الزمن ثم ازیلوا عنها.
ـ فرضوا سیطرتهم على الشمال الافریقی، وکونوا نظاماً مستقلاً استمر مئة وثلاثین سنة حتى تغلب علیهم الفاطمیون.
ـ اقاموا فی عمان دولة استقلوا بها عن الدولة العباسیة فی عهد ابی العباس السفاح وامتد نفوذها إلى جزیرة زنجبار.
ـ أقاموا دولة فی الجزائر سنة 160 هـ وقد بقیت إلى نحو 190 هـ ثم قضت علیها الدولة العبیدیة.
ـ أقاموا دولة فی لیبیا سنة 140 هـ ولم تعمر طویلاً فقد انتهت بعد ثلاث سنوات.
ـ وفی الاندلس اقاموا دولة ولا سیما فی جزیرتی میورقة ومینورقة.
ـ استقر بعض الاباضیة فی جزیرة جربة التونسیة حیث لا یزالون حتى الیوم.

أحداث ووقائع :
ـ فی سنة 129 ( هـ ) فی موسم الحج وبینما الناس فی عرفة اذ طلعت علیهم رایات الثورة على مروان وآل مروان فهادنهم عبد الواحد بن سلیمان ـ وهو اذ ذاک والی المدینة لمروان ـ حتى ینفر الحجیج من مکة ثم بعث لابی حمزة بجماعة ینتسبون للخلفاء الاوائل، فرحب بمن ینتسب لابی بکر وعمر، وعبس فی وجه من انتسب إلى عثمان وعلی ( علیه السلام)، ولما انقضت الهدنة بین الطرفین اخلى عبد الواحد بن سلمان مکة ومضى إلى المدینة فدخلها ابو حمزة بغیر قتال.
ـ فی عام 130 ( هـ ) دارت معارک طاحنة بین ابی حمزة الاباضی وعبد الملک بن محمد بن عطیة انهزم فیها جیش الخوارج الاباضیة وقتل ابو حمزة واکثر اصحابه وتفرقت الاباضیة، فلما جاء نبأ مقتلهم إلى المدینة وثب اهلها على من بقى منهم فیها فقتلوهم عن آخرهم.
ـ حدثت أول ثورة للاباضیة فی الاعوام الاخیرة من حکم مروان الثانی تحت زعامة عبد الله بن یحیى ( طالب الحق ) وابی حمزة سنة 129 هـ وکان اهل حضرموت یعظمون من قدر عبد الله بن یحیى الذی أرسل ابا حمزة إلى صنعاء فهزم الحاکم الاموی واخضعها إلى سلطانه.

من ذاکرة التاریخ :
ـ کتب نافع بن الازرق ـ زعیم فرقة الأزارقة من الخوارج ـ الى ابن الصفار وعبد الله بن إباض فی مکة یدعوهما ومن معهما إلى تکفیر القعدة ـ مصطلح کان یطلق على الاباضیة ـ والقول بشرک مخالفیهم واستباحة دمائهم وقتل اطفالهم وسبی نسائهم، فقرأ ابن الصفار الکتاب فی نفسه، ولم یطلع اصحابه علیه خشیة ان یختلفوا اما ابن اباض فقرأ الکتاب واظهر انکاره لما ورد فیه قائلاً فی ابن الازرق : قاتله الله أی رأی رأى، صدق نافع بن الازرق لو کان القوم مشرکین، کان اصوب الناس رأیاً وحکماً فیما یشیر به ولکنه قد کذب وکذبنا فیما یقول، ان القوم براء من الشرک ولکنهم کفار بالنعم والاحکام. لا یحل لنا إلا دماؤهم وما سوى ذلک من اموالهم فهو حرام علینا، فقال ابن الصفار : بَرِئَ الله منک فقد قصرت وبَرِئَ الله من ابن الازرق فقد غلا وبَرِئَ الله نکما جمیعاً وقال الآخر فبَرِئَ الله منک ومنه.
ـ جاء جابر بن یزید لزیارة مالک بن دینار، فحضرت الصلاة فأبى جابر أن یؤمهم بالصلاة وقال : ثلاثة ربهن اولى بهن رب البیت احق بالامامة فی بیته، ورب الفراش احق بصدر فراشه، ورب الدابة احق بصدر دابته.
المصادر : تحقیق راسخون 2014

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

علماء السنة يجيزون لعن يزيد بن معاوية
آية اليوم يئس الذين ومسألة الإمام
العقل والروح مسيرة إحيائية واحدة
اليوم الآخر في القرآن الكريم
الرعية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك ...
بغض بعض الصحابة لعلي(عليه السلام)
هل ان عيسی عليه السلام ابن الله جل وعلا
كيف يجزى الانسان بثار عمله في الدنيا
المعاد (1)
الامام علي (ع ) يرفض المبايعة على سيرة الشيخين :

 
user comment