عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

حقوق افراد الاسرة

حقوق افراد الاسرة

اعطی الاسلام اهمية بالغة للاسرة في المجتمع الاسلامي وغیر الاسلامي وفصل الحقوق ووزع الواجبات بین افراد الاسرة وقد تعرض الامام السجاد عليه السلام في رسالة الحقوق بالتفصيل لمثل هذه العلاقة المقدسة بین مکونات هذه المفردة المهمة في عالم الانسلان ..

حق الأم:

قال الامام السجاد عليه السلام: (فحق أمك أن تعلم أنها حملتك، حيث لا يحمل أحداً أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً، وأنها وقتك بسمعها وبصرها، ويدها ورجلها وشعرها وبشرها، وجميع جوارحها، مستبشرة بذلك، فرحة موبلة(مواظبة ومستمرة.) محتملة لما فيه مكروهها، وألمها، وثقلها وغمها حتى دفعتها عنك يد القدرة، وأخرجتك إلى الأرض، فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظلك وتضحي وتنعمك لبؤسها، وتلذذك بالنوم بأرقها، وكان بطنها لك وعاء وحجرها لك حواء(ما يحتوي الشيء ويحيط به) وثديها لك سقاءً، ونفسها لك وقاءً، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه..).
الأم: هذه الكلمة العذبة، الطيبة التي تفيض عطفاً وحناناً، وحباً وإخلاصاً، وتضحية وإيثار. وإنها تمثل العطاء بمدلوله الإسلامي الإنساني فيها تتجسد كل معاني الخير، ومن نفسها تقدم أعلى ما عندها راغبة في العطاء، تقدم سعادتها وراحتها وقلبها ونفسها وكل ما تطاله يدها دون منٍّ ولا جزاء.
حملت وليدها وهناً على وهن وأطعمته من ثمرة قلبها وروته من صدرها، فكانت تضعف ليقوى وتبذل ليشتد. لقد أشغلت سمعها وبصرها ويدها ورجلها وبشرها وجميع جوارحها، كل ذلك قدمته راغبة لئلا يتأذى أو يتضرر وليدها.
وبعد الحمل والخروج إلى عالم النور لم تكتف الأم الحنون عن تقديم عطاياها بل سلكت مسلك الإيثار بأجمل صوره وأجلها، فبذلت جميع طاقاتها للحفاظ عليه والسهر على راحته إلى أن يكبر ويأخذ طريقه في الحياة والإمام زين العابدين في رسالته الكريمة شرح واقع الحال عندها ودفع الولد إلى شكرها على ما قدمته من جميل وهذه كانت وصية الله في كتابه الكريم. قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)(1)
ما أعجز الإنسان عن أداء حقوق أمه، وإذا قدم لها جميع الخدمات والمبرات لما أدى أبسط شيء من حقوقها (فيا رضا الله ورضا الوالدين).

حق الأب:

(وأما حق أبيك فتعلم أنه أصلك، وأنك فرعه، وأنك لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله..).
أولى الإسلام ركنا الأسرة اهتماماً كبيراً، وأما حق الأب على الولد فهو كبير أيضاً كحق الأم. فالأب يسعى في تحصيل لقمة العيش له ولأسرته فيبذل جهداً كبيراً يتحمل مشقات كثيرة من أجل إسعاد أولاده.
الأب يمثل الأصل والابن يمثل الفرع، ولا وجود للفرع دون الأصل لأنه السبب في وجوده ونموه وازدهاره.
وما نراه اليوم أن الفرع قد يطغى على الأصل، فيرى الابن نفسه أكبر من أبيه وأكثر فهماً وتطوراً فيتطاول على الوالدين وينال من كرامتهما ناسياً أنه من تربية أيديهما ونتاج فضلهما وثمرة لوجودهما.
هذا النوع من الأنباء هو الإنسان عاق منحرف ابتعد عن الصواب وغفل عن وصية الله له التي تحث الأولاد على طاعة الوالدين واحترامهما. قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)(2)
والإسلام دعا إلى تمتين روابط الرحم بين أفراد الأسرة الواحدة فالولد البار يقوم بأداء حق الوالدين ويطيعهما ويوفر لهما كل أسباب الرضا فلا يفحش في الكلام لهم ولا يغلظ وإنما المعاملة بالعطف والرقة وخفض الجناح والكلام الطيب ولئن كانت الكلمة الطيبة صدقة فإنها في حق الوالدين أكبر من الصدقة وأنبل. ورد في أحكام القرآن لأبي بكر ابن عربي الأندلسي ، أن شيخاً قال أبياتاً يعتب فيها على ولده قرأها على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهي:
غذوتك مولوداً وقد كنت يافعاً تعل بما أحنى عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا ساهراً أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيني تهمل
تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي إليك مدى ما فيك كنت أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل (3)
فلما سمع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذه الأبيات قال للولد: (أنت ومالك لأبيك).

حق الولد:

(وأما حق ولدك فتعلم أنه منك، ومضاف إليك، في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب، والدلالة على ربه، والمعونة على طاعته فيك وفي نفسه فمثاب على ذلك، ومعاقب، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذور إلى ربه في ما بينه وبينه بحسن القيام عليه، والأخذ له منه ولا قوة إلا بالله..).
الولد قطعة من الكبد بل هو الكبد كله. قال أمير المؤمنين في وصيته لابنه الحسن (عليهما السّلام): (ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي، حتى كأن شيئاً لو أصابك أصابني وكأن الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي) والولد هو امتداد لحياة أبيه، واستمرار لوجوده هو بعضه بل هو كله. من هذا المنطلق يبادر الأب إلى الحفاظ على أولاده فيقوم بإعالتهم من مأكل ومطعم وكساء. وهذا العمل هو جزء كبير من الواجبات المطلوبة من الوالد. ولم يقتصر واجبه عند هذا الحد من الواجبات المادية بل عليه واجب أكبر في تربية أولاده تربية إسلامية فاضلة، فيغرس في أعماقه النزعات الكريمة، ويعوده على العادات الحسنة ويجنبه الرذائل ويقيم له الأدلة على الخالق العظيم الذي يملك كل شيء وبذلك يكون قد أدى واجبه نحو أسرته ونحو مجتمعه فالأسرة الصالحة لبنة في بناء مجتمع صالح وإن أخفق فهو مسؤول أمام الله تعالى، ومعاقب على ذلك.
والإمام زين العابدين يبين أن القضية ليست نتاج فحسب بل هي مسؤولية وحساب فالولد يعيد وجود أبيه فإن كان صالحاً براً تقياً نسب إلى أبيه، وإن كان شقياً طالحاً نسب أليه أيضاً فالإمام (عليه السّلام) يستثير في الوالد مكامن العز ويحرك في نفسه حب الاستمرارية في الحياة فإن أحسن تربيته يكون قد حقق لنفسه السمعة الطيبة والأحدوثة الحسنة، من هنا كان القول المأثور: (الولد سر أبيه).

حق الأخ:

(وأما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها، وظهرك الذي تلتجئ إليه، وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها فلا تتخذه سلاحاً على معصيته، ولا عدة للظلم بحق الله، ولا تدع نصرته على نفسه، ومعونته على عدوه، والحول بينه وبين شياطينه وتأدية النصيحة إليه، والإقبال عليه في الله، فإن انقاد لربه وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن الله آثر عندك، وأكرم عليك منه..).
الإسلام كدين إنساني اجتماعي جاء ليشد أواصر القربى ويقوي العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان، فشرع قانون الأخوة الإسلامية، الأخوة في الله، فمهما تباعدت البلاد ونأت الديار نجد المسلم العربي يفرح للقاء أخيه الهندي أو الإيراني أو المصري أو السوري أو العراقي أو الجزائري... أو أي أخ من بلد عربي مسلم آخر. وذلك تحت ظلال الأخوة الإسلامية (وإنما المؤمنون إخوة).
هذه الأخوة تتوثق أكثر إذا انضمت إليها أخوة النسب فإنهما تتآلفان وتتساندان في طريق الحق والإيمان، لكن أخوة النسب لا يقيم لها الإسلام وزناً إذا لم تكن ضمن الخط الإسلامي وفي طريق تقوى الله.
والإمام زين العابدين (عليه السّلام) يلقننا درساً من دروس الإسلام في التربية الاجتماعية فبلغت أنظارنا أن الأخ يد لأخيه وعز ومنعة وقوة له، هو سنده في الملمات وشريكه في السراء والضراء وله من الحقوق مايلي:
1- أن لا يتخذه سلاحاً على المعاصي (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ولا يستعين به على ظلم الناس والاعتداء عليهم بغير حق.
2- أن يرشده إلى سبل الخير ويهديه إلى طريق الرشاد.
3- أن يعينه على (الوسواس الخناس) ويحذره منه، ويخوفه من عقاب الله تعالى، يوم لا ينفع لا مال ولا بنون إلا ما أتى الله بقلب سليم.
4- أن ينصحه في أمور آخرته ودنياه، فإن أطاعه وانقاد للحق فذاك، وإلا فليعرض عنه، ولا يتصل به لأنه عصى الله وليكن سبحانه وتعالى أكرم عليك منه وآثر لديك.
المصادر :
1- سورة لقمان: الآية 14
2- سورة الإسراء: الآية24
3- أحكام القرآن لأبي بكر ابن عربي الأندلسي ج2 ص35

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
تربية أطفالنا في ظلّ الإسلام
الإيمان بالإمام المهدي (عج)
حديث الغدير في مصادر أهل السنة
عصمة الأنبياء (عليهم السلام) عند المذاهب ...
خصال الإمام
أدعية الإمام الرضا ( عليه السلام )
ما هو اسم الحسين عليه السلام
سورة الناس
نقد الذات

 
user comment