عربي
Tuesday 23rd of April 2024
1
نفر 0

ثورة الإمام الحسين عليه السلام تسبيح الملائكة

جاسم المعموري إن لثورة الإمام الحسين (عليه السلام ) مزايا وخصائص ، غير متوفرة في أية ثورة اُخرى عبر تاريخ البشرية برمته , وذلك لأنها ثورة الغيب والروح على المحسوس والمادة , ثورة الحق على الباطل , ثورة الشراكة والشورى على الطغيان والاستبداد , ثورة الرحمن على الشيطان , وهي تسبيح الملائكة , وأناشيد العاشقين , وتراتيل المتهجدين
ثورة الإمام الحسين عليه السلام تسبيح الملائكة

 جاسم المعموري

إن لثورة الإمام الحسين (عليه السلام ) مزايا وخصائص ، غير متوفرة في أية ثورة اُخرى عبر تاريخ البشرية برمته , وذلك لأنها ثورة الغيب والروح على المحسوس والمادة , ثورة الحق على الباطل , ثورة الشراكة والشورى على الطغيان والاستبداد , ثورة الرحمن على الشيطان , وهي تسبيح الملائكة , وأناشيد العاشقين , وتراتيل المتهجدين , وضمير الثائرين , وغاية المجتهدين , ودموع المحبين , وصلاة الخاشعين .

لذلك لم يكن الربح أو الخسارة , والنصر أو الشهادة في ساحة تلك الثورة ، هو المقياس عند سيدها (عليه السلام) , بل كان هدفه أكبر من ذلك بكثير , فلقد كان يريد أن يصل الإسلام المحمدي النقي إلى قلوب الناس جميعا , حتى آخر جيل من أجيال البشرية على الأرض ، إسلام الرحمة والمحبة والسلام , إسلام المساواة والعدالة والحرية , إسلام الكرامة والإباء وصون الحقوق , فهو الذي يقول (( إني لم أخرج أشراً ولا بَطِراً ولا مفسداً ولا ظالما , وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) , أريد أن آمرَ بالمعروف وأنهى عن المنكر).

ويقول (عليه السلام) ((سمعت جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله) يقول : من رأى سلطاناً جائراً , مستحلاً لحرم الله , ناكثاً لعهد الله , مخالفاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله , يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان , فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول , كان حقاً على الله أن يدخله مدخله)) .

كان (عليه السلام) يريد أن يُعبد الله وحده , فلا يشاركه في ذلك أحد من أولئك الذين ثار عليهم , وهذا من أهم ما يميزها عن غيرها من الثورات عبر التاريخ , فلقد كان زعيمها من المكانة عند الله أسماها , ومن الرتبة أعلاها , ومن النفوس أزكاها , وكان عند المسلمين إماما واجب الطاعة ، بنصوص الهية قرآنية ونبوية كانت تعيش معهم في كل لحظة من لحظات حياتهم , بل هي من ضروريات الإسلام التي يعرفها ويعلم بها الصغير والكبير, والجاهل والعالم , والصديق والعدو , والمؤمن والمنافق , بل حتى غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم , فلا ينكر إمامته وعصمته إلا منكر لله ورسالاته ، وعدو لرسله وأنبيائه , وأنها كانت من الوضوح ومازالت ، وإن الذين سمعوها من جده الأطهر الأكرم الأزكى (صلى الله عليه واله) , كانوا يرددونها على الملأ باستمرار, فحفظتها الأجيال جيلا بعد جيل ، في قلوبها الطاهرة , وضمائرها الحيّة , وفي كتبها وقراطيسها , يلقنونها الأطفال أناشيدا يتغنون بها صباحاً مساءا , ويتبركون بها لشفاء صدورهم وذهاب عللهم , حتى أصبحت من المتواترات التي لاتقبل الإجتهاد .

لذلك كان فعله - عليه أفضل صلاة الله وسلامه - وقوله وتقريره سنة ، أعطت الضوء الأخضر للأخيار من أبناء هذه الأمة ، كي يثوروا على الطغيان والظلم والإستبداد والجهل والفساد , وأخذ الثوار يقضّون مضاجع الظالمين , ويحرمونهم لذة الإنتصار المزعوم على الإسلام , ويحيلون بينهم وبين النيل من فكره ومبادئه الأساسية ، وكانوا في صميم الأحداث , وفي الخندق الأول للمواجهة .

هكذا حفظ لنا الإمام الحسين (عليه السلام) الدين ، ناصعاً مشرقاً واضحاً ومباركا , بفضل كمال إيمانه بالله تعالى , وعشقه له , وتعلقه به , واستعداده لخوض المنايا في سبيله وسبيل مبادئه العليا , وثباته على ذلك كله حتى أتاه اليقين , تجسيدا لقول جده ( صلى الله عليه وآله) : (( حسين مني وأنا من حسين , أحب الله من أحب حسينا )) .

وبكلمة أخرى كأنه ( صلى الله عليه وآله) أراد أن يقول : أنا أؤدي الأمانة واوصل الرسالة , والحسين يحميها من أعداءها , ويمنعهم من تغيير مسارها ، ومحو تعاليمها ، وتبديل أهدافها , وهكذا وصل نور هذه الثورة إلينا .

فعرّفنا معنى الصلاة ومعنى الحب ومعنى السلام والحرية والعدالة , وعرّفنا معنى إنسانيتنا التي لم نعرفها كما ينبغي إلا بالحسين وتضحياته ، وصبره وإيمانه ، وبسالته وشجاعته , لذلك يجدر بكل الشعوب في العالم ، أن تطلع على تفاصيل هذه الثورة , وأن تتخذ منها شعاراً لسلوكها , وطريقا لحريتها , وصراطاً لربها , ومنهاجاً لحياتها , وسبيلاً لكرامتها , وعبرةً لحاضرها ومستقبلها , ودرساً لنيل حقوقها , ومعرفة لواجباتها , وأعتقد أن من واجب الإنسانية جمعاء أن تخلد الحسين ( عليه السلام) وثورته بأحسن مايكون , عسى أن تتمكن من رؤية النور في سجن أزماتها المظلم , تلك الأزمات الروحيّة والماديّة التي طالما استعصتْ على الحل , واثقلتْ كاهل الإنسانية بوجع لايهدأ , وحزن لاينتهي , وظلام لاينقشع , وظلم لايزول ..
 

فشكرا لك ياأبا الثوار وسيد الشهداء , ياسبط الرحمة وإمام المحبة , وعاشق الحرية ومنشد السلام , وطالب الإصلاح ومنار العاشقين , وملاذ المستضعفين ومجير الخائفين , ومنجد الفقراء والمحتاجين , ودليل العارفين , وسبيل المؤمنين , وراية المهتدين .

وسلام الله على تلك الدموع التي يذرفها العاشقون على محراب دمك , وعلى تلك القلوب التي فتحت أبوابها لحبك , وعلى تلك الأرواح الزاكية التي جاهدت بين يديك , وسلام الله على تلك الأيادي التي قطعت ثمنا لزيارتك , وعلى تلك الأجساد التي يفجرها الحاقدون وهي تحمل أرواحها في الطريق اليك , وعلى تلك النفوس التي آمنت بثورتك ، وسارت على نهجك حتى الشهادة , وسلام عليك ياأبا عبد الله ورحمة الله وبركاته.

1
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

جذور التشيع في تركيا من أين يمتد ؟!
مناقب الحسنين(عليهما السلام) في الصحيحين
عاشوراء في خطابات القادة
قصيدة تلقى قبل اذان الصبح في حضرة الامام الحسين ...
الملهوف على قَتلى الطفوف
في رثاء الحسين ( عليه السلام ) للعرندس
اصحاب الامام الحسين عليه السلام يوم الطف
الولاية عند الامام الحسين عليه السلام
الإمام الحسين والقرآن الكريم
شعر الإمام الحسين ( عليه السلام )

 
user comment

جاسم المعموري
السلام عليكم ورحمة الله شكرا لكم سماحة الشيخ المبجل ادام الله ظلكم الوارف واطال عمركم الشريف لنشركم مقالة حبنا وعشقنا للحسين الشهيد عليه السلام , فان الكثير من المواقع الالكترونية والورقية وغيرها نشرته دون الاشارة الى اسم الكاتب , ويشهد الله ان غايتنا هي ليست نشر الاسم الذي لايساوي ذرة تراب من نعل قدم الحسين , ولكن غايتنا كانت الثواب والدعاء .. شكرا لكم ونسالكم الدعاء ..
پاسخ
0     0
16 دى 1399 ساعت 11:49 بعد از ظهر