عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

مفاتيح الجنان(300_400)

مفاتيح الجنان(300_400)

فتعرض عَليهِ ما قَدر لكلّ أحد من المقدّرات . وأعمال ليالي القَدر نوعان: فقسم منها عام يؤدّى في كُلِّ لَيلَة من الّليالي الثّلاثة وقسم خاص يؤتي فيما خصَّ بهِ مِن هذه الّليالي . والقسم الأوّل عدّة اعمال:

الأول: الغسل، قالَ العّلامة المجلسي (رض): الأفضل أن يغتسل عِندَ غروب الشّمس ليكون عَلى غسل لصلاة العشاء (١) .

الثاني: الصلاة ركعتان يقرأ في كُلِّ ركعة بَعد الحَمد التَّوحيد سبع مرَّات ويَقول بَعد الفراغ سبعين مرَّة: أسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ . وفي النّبوي : مَن فعل ذلِكَ لا يقوم مِن مقامِهِ حتّى يَغفر الله لَهُ ولأبويه... الخبر (٢) .

الثالث: تأخذ المصحف فتنشره وتضعه بين يديك وتقول:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكِتابِكَ المُنْزَلِ وَما فِيْهِ وَفِيْهِ اسْمُكَ الاكْبَرُ وَأَسْماؤُكَ الحُسْنى وَمايُخافُ وَيُرْجى أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ عُتَقائِكَ مِنَ النّارِ. وتدعو بما بداً لَكَ من حاجة (٣) .

الرّابع: خذ المُصحف فدعه عَلى رأسك وَقُلْ:

اللَّهُمَّ بِحَقِّ هذا القُرْآنِ وَبِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ بِهِ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيْهِ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ فَلا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ . ثم قل عَشر مرِّات: بِكَ يا أللهُ ، وعَشر مرّات: بِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعَشر مرّات: بِعَليٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِفاطِمَةَ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِالحَسَنِ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِالحُسَيْنِ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِعَليٍّ بْنِ الحُسَيْنِ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِمُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِمُوسَى بْنِ جَعْفرٍ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِعَليٍّ بْنِ مُوسى عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِمُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِعَليِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه‌السلام ، وعَشر مرّات: بِالحُجَّةِ (عجل الله تعالى فرجه) ، وتسأل حاجتك (٤) .

الخامس: زيارة الحسين عليه‌السلام في الحديث: إنَّه إذا كانَ لَيلَة القَدر نادى مناد مِن السّماء السّابِعَة مِن بطنان العَرشِ أنَّ الله قَد غفر لمن زار قبر الحسين عليه‌السلام (٥) .

_________________

١ - زاد المعاد: ١٨٥.

٢ - زاد المعاد: ١٨٥.

٣ - الاقبال ١ / ٣٤٦ باب ٢٣.

٤ - الاقبال ١ / ٣٤٦ باب ٢٣.

٥ - رواه الطوسي في التهذيب ٦ / ٤٩ ح ١١١ عن الصادق عليه‌السلام مع زيادات.
٣٠١

السادس: إحياء هذه الّليالي الثّلاثة ففي الحديث مَنْ أحيا لَيلَة القَدر غفرت لَهُ ذنوبه ولو كانَت ذنوبه عدد نجوم السّماء ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار (١) .

السّابع: الصلاة مائةَ ركعة فأنّها ذات فضل كثير والأفضل أن يقرأ في كُلّ ركعة بَعد الحَمد التَّوحيد عَشر مرّات (٢) .

الثامِن: تقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَمْسَيتُ لَكَ عَبْداً داخِراً لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً (٣) وَلا أَصْرِفُ عَنْها سُوءً، أَشْهَدُ بِذلِكَ عَلى نَفْسِي، وَأَعْتَرِفُ لَكَ بِضَعْفِ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْجِزْ لِي ما وَعَدْتَنِي وَجَمِيعَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ مِنَ المَغْفِرَةِ فِي هذِهِ اللَّيْلَة، وَأَتْمِمْ عَلَيَّ ما آتَيْتَنِي فَإِنِّي عَبْدُكَ المِسْكِينُ المُسْتَكِينُ الضَّعِيفُ الفَقِيرُ المَهِينُ. اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي ناسِيا لِذِكْرِكَ فِيما أَوْلَيْتَنِي، وَلا لاِحْسانِكَ (٤) فِيما أَعْطَيْتَنِي وَلا آيساً مِنْ إِجابَتِكَ وَإِنْ أَبْطَأْتَ عَنِّي فِي سَرَّاءَ (٥) أَوْ ضَرَّاءَ أَوْ شِدَّةٍ أَوْ رَخاءٍ أَوْ عافِيَةٍ أَوْ بَلاءٍ أَوْ بُؤْسٍ أَوْ نَعَماءَ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٦) .

وقَد روى الكفعمي هذا الدُّعاء عَن الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، كانَ يدعو بِهِ في هذه الليالي قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً (٧) .

وقالَ العّلامة المجلسي (رض): إنَّ أفضَل الاعمال في هذه الليالي هُوَ الاستغفار والدُّعاء لمطالب الدُّنيا وَالآخرَة للنفس وللوالدين والاقارَب وللاخوان المؤمنين والاحياء منهم والأموات والذِّكر والصلاة عَلى مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ ما تيسر. وقَد ورد في بعض الأحاديث استحباب قراءة دعاء الجوشن الكبير في هذه الليالي الثلاث (٨) .

أقول: قَد أوردنا الدُّعاء فيما مضى (٩) وقَد روي أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لَهُ ماذا أسأل الله تعالى إذا أدركت لَيلَة القَدر؟ قالَ: العافية (١٠) .

_________________

١ - زاد المعاد: ١٨٥ عن الباقر عليه‌السلام .

٢ - الاقبال ١ / ٣١٣ باب ٢٣.

٣ - في الاقبال: ضرّاً ولا نفعاً.

٤ - ولا لإحسانك - خ -.

٥ - في سرّاءَ كنت - خ -.

٦ - الاقبال ١ / ٣٤٨ باب ٢٣.

٧ - البلد الامين: ٢٠٣.

٨ - زاد المعاد: ١٨٦.

٩ - ص ١٤٤.

١٠ - مستدرك الوسائل ٧ / ٤٥٨ برقم ٨٦٥٤ عن لبّ اللباب مخطوط.
٣٠٢

أمّا القسم الثاني أي ملخّص كُل لَيلَة مِن ليالي القَدر فهو كما يلي:

أعمال اللّيلة التّاسِعَة عَشرة

الأول: أن يَقول مائةَ مرةٍ: اسْتَغْفِرُ الله رَبِّي وأَتُوبُ إِلَيْهِ (١) .

الثاني: مائةَ مرةٍ: اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ .

الثالث: دعاء: يا ذا الَّذِي كانَ ...، وقَد مضى الدُّعاء في القسم الرابع مِن الكتاب.

الرابع: يقول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الاَمْرِ الحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ وَفِي القَضاء الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ المَبْرُورِ حَجُّهُمُ المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، المَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ، المُكَفَّرِ عَنْهُم سَيِّئاتُهُمْ، وَاجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي، وَتَفْعَلَ بِي كَذا وَكَذا . ويسأل حاجته عوض هذه الكلمة.

اللّيلة الواحدة والعشرون

وفضلها أعظم مِن اللّيلة التّاسِعَة عَشر، وينبغي أن يؤدي فيها الاعمال العامة لليالي القَدر مِن الغسل والاحياء والزيارة والصلاة ذات التَوحيد سبع مرات ووضع المصحف عَلى الرأس ودعاء الجوشن الكبير وغير ذلِكَ وقَد أكدت الأحاديث استحباب الغسل والاحياء والجّد في العبادة في هذه اللّيلة والليلة الثّالِثَة والعِشرين وإنَّ لَيلَة القَدر هي إحدهما وقَد سئل المعصوم عليه‌السلام في عدة أحاديث عَن لَيلَة القَدر أي الليلتين هي فَلَمْ يعّين بل قالَ: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، أو قالَ: ما عَلَيكَ أن تفعل خَيراً في ليلتين. ونحو ذلِكَ. وقالَ شيخنا الصّدوق فيما املى عَلى المشايخ في مجلس واحد من مذهب الإمامية: ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل.

وليبدأ من هذه الليلة في دعوات العشر الأواخر مِن الشّهر، منها : هذا الدُّعاء وقَد رواه الكليني في (الكافي) عَن الصادق عليه‌السلام قالَ: تقول في العشرة الأواخر مِن شَهر رَمَضان كُل لَيلَة:

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣١٢ باب ٢٣.

٢ - الاقبال ١ / ٣٤٤ باب ٢٣.

٣ - الاقبال ١ / ٣٤٨ باب ٢٣.

٤ - انظر الاقبال ١ / ٣٥٦ باب ٢٥.

٥ - أمالي الصدوق: المجلس ٩٣ ذيل حديث ١.
٣٠٣

أَعُوذُ بِجَلالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضانَ أَوْ يَطْلُعَ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ وَلَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ (١) .

وَروى الكفعمي في هامش كتاب (البلد الأمين): أنَّ الصادق عليه‌السلام كانَ يَقول في كُل لَيلَة مِن العشر الأواخر بَعد الفرائض والنوافل: اللَّهُمَّ أَدِّ عَنّا حَقَّ ما مَضى مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ وَاغْفِرْ لَنا تَقْصِيرَنا فِيْهِ، وَتَسَلَّمْهُ مِنّا مَقْبُولا، وَلا تُؤاخِذْنا بِإِسْرافِنا عَلى أَنْفُسِنا، وَاجْعَلْنا مِنَ المَرْحُومِينَ وَلا تَجْعَلْنا مِنَ المَحْرُومِينَ . وقال: مَن قاله غفر الله لَهُ ما صدر عنه فيما سلف من هذا الشهر وعصمه من المعاصي فيما بقي مِنهُ (٢) .

ومنها: ما رواه السيّد ابن طاووس في (الاقبال) عَن ابن أبي عمير عن مرازم قالَ: كانَ الصادق عليه‌السلام يَقول في كُل لَيلَة مِن العشر الأواخر:

اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ المُنْزَلِ: ( شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيْهِ القُرْآنَ هُدىً لِلْنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرْقانِ ) (٣) فَعَظَّمْتَ حُرْمَةَ شَهْرِ رَمَضانَ بِما أَنْزَلْتَ فِيْهِ مِنَ القُرْآنِ (٤) وَخَصَصْتَهُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ وَجَعَلْتَها خَيْراً مِنْ أَلْف شَهْرٍ. اللَّهُمَّ وَهذِهِ أَيامُ شَهْرِ رَمَضانَ قَدْ انْقَضَتْ وَلَيالِيهِ قَدْ تَصَرَّمَتْ، وَقَدْ صِرْتُ يا إِلهِي مِنْهُ إِلى ماأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي وَأَحْصى لِعَدَدِهِ مِنَ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ فأَسْأَلُكَ بما سَأَلَكَ بِهِ مَلائِكَتُكَ المُقَرَّبُونَ، وَأَنْبِياؤُكَ المُرْسَلُونَ، وَعِبادُكَ الصّالِحُونَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَن تَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ، وَتُدْخِلَنِي الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَأَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ، وَتَتَقَبَّلَ تَقَرُّبِي، وَتَسْتَجِيبَ دُعائي، وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِالاَمْنِ يَوْمَ الخَوْفِ مِنْ كُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ القِيّامَةِ. إِلْهِي وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَبِجَلالِكَ العَظِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ أَيّامُ شَهْرِ رَمَضانَ وَليالِيهِ وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أوْ ذَنْبٌ تُؤأَخِذُنِي بِهِ، أوْ خَطِيئَةٌ تُرِيدُ أَنْ تَقْتَصَّها مِنِّي لَمْ تَغْفِرْها لِي سَيِّدِي سَيِّدِي سَيِّدِي أَسْأَلُكَ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ إِذْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ إِنْ كُنْتَ رَضِيْتَ عَنِّي فِي هذا

_________________

١ - الكافي ٤ / ١٦٠ باب الدعاء في عشر الاواخر من شهر رمضان، ح ١.

٢ - بل هامش المصباح للكفعمي: ٥٨٢، فصل ٤٥ مع اختلاف قليل لفظي.

٣ - البقرة: ٢ / ١٨٥.

٤ - فيه القرآن: خ.
٣٠٤

الشَّهْرِ فَازْدَدْ عَنِّي رِضىً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيتَ عَنِّي فَمَنْ الانَ فَارْضَ عَنِّي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا الله يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوا أَحَدٌ . وأكثر من قول: يا مُلَيِّنَ الحَدِيدِ لِداوُدَ عليه‌السلام ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالكُرَبِ العِظامِ عَنْ أَيّوبَ عليه‌السلام ، أَي مُفَرِّجَ هَمِّ يَعْقُوبَ عليه‌السلام ، أَيْ مُنَفِّسَ غَمِّ يُوسُفَ عليه‌السلام ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما أَنْتَ أَهْلُهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ بِي ما أَنا أَهْلُهُ (١) .

ومنها: ما رواه في (الكافي) مسنداً وفي (المقنعة) و (المصباح) مرسلاً، تقول أول لَيلَة مِنهُ أي في اللّيلة الحادية والعشرين: يا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهارِ، وَمُولِجَ النَّهارِ فِي اللَّيْلِ، وَمُخْرِجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ، وَمُخْرِجَ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ، يا رازِقَ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ، يا الله يا رَحْمنُ، يا الله يا رَحِيمُ، يا الله يا الله يا الله لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيمانا يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَالاِنابَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَ عليهم‌السلام (٢) .

دعاء الّليلة الثّانية والعِشرين

يا سالِخَ النَّهارِ مِنَ اللَّيْلِ فَإِذا نَحْنُ مُظْلِمُونَ، وَمُجْري‌َالشَّمْسِ لِمُسْتَقَرِّها بِتَقْدِيرِكَ يا عَزِيزُ يا عَلِيمُ، وَمُقَدِّرَ القَمَرِ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالعُرْجُونِ القَدِيمِ، يا نُورَ كُلِّ نُورٍ، وَمُنْتَهى

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣٦٤ باب ٢٥.

٢ - الكافي ٤ / ١٦٠ ح ٢، مصباح الكفعمي: ٥٨٢.
٣٠٥

كُلِّ رَغْبَةٍ، وَوَلِيَّ كُلِّ نِعْمَةٍ، يا الله يا رَحْمنُ، يا الله يا قُدُّوسُ، يا أَحَدُ يا واحِدُ يا فَرْدُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ (١) بَيْتِهِ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْماناً يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ، وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ، وَالاِنابَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلِ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام (٢) .

دعاء اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين

يا رَبَّ لَيْلَةِ القَدْرِ وَجاعِلَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَرَبَّ اللّيْلِ وَالنَّهارِ وَالجِبالِ وَالبِحارِ وَالظُّلَمِ وَالاَنْوارِ وَالأَرْضِ وَالسَّماء، يا بارِيُ يا مُصَوِّرُ يا حَنّانُ يا مَنّانُ، يا الله يا رحَمنُ يا الله يا قَيُّومُ يا الله يا بَدِيعُ، يا الله يا الله يا الله لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وإِيْمانا يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام (٣) .

وَروى مُحَمَّد بن عيسى بسنده عَن الصّالحين عليهم‌السلام قالوا: كرّر في اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين مِن شَهر رَمَضان هذا الدُّعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعَلى كُلّ حال وفي الشّهر كُلِّهِ وَكيفَ أمكنك،

_________________

١ - وعلى أهل - خ -.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٢٩.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٢٩.
٣٠٦

ومتى حضرك مِن دهرك تقول بَعد تمجيده تَعالى والصلاة عَلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ فلان بن فلان وتقول عوض فلان بن فلان: الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَلِيلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فِيْها طَوِيلاً (١) .

وتقول أيضاً: يا مُدَبِّرَ الاُمُورِ، يا باعِثَ مَنْ فِي القُبُورِ، يا مُجْرِيَ البُحُورِ يا مُلَيِّنَ الحَدِيدِ لِداوُدَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا . وتسأل حاجتك، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، وارفع يديك إلى السّماء أي عِندَ قولك يا مُدَبِّرَ الامُورِ... إلى آخر الدُّعاء وادع بهذا الدُّعاء راكعاً وساجداً وقائماً وقاعداً وكرّره وادع بهِ في اللّيلة الآخيرة أيضاً (٢) .

دعاء اللّيلة الرّابعة والعِشرين

يا فالِقَ الاِصْباحِ وَجاعِلَ اللّيْلِ سَكَنا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ حُسْبانا، يا عَزِيزُ يا عَلِيمُ يا ذَا المَنِّ وَالطَّوْلِ وَالقُوَّةِ وَالحَوْلِ وَالفَضْلِ وَالاِنْعامِ وَالجَلالِ وَالاِكْرامِ، يا الله يا رَحْمنُ يا الله يا فَرْدُ يا وِتْرُ يا الله يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا حَيُّ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي وَإِيْمانا يَذْهَبُ بِالشَّكِّ عَنِّي، وَرِضاً بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ (٣) .

دُعاء اللّيلة الخامِسَة والعِشرين

يا جاعِلَ اللَّيْلِ لِباساً، وَالنَّهارِ مَعاشاً، وَالأَرْضِ مِهاداً، وَالجِبالِ أَوْتاداً، يا الله يا

_________________

١ - تهذيب الاحكام ٣ / ١٠٢ ح ٢٦٥ وفيه: عن الصادقين عليهم‌السلام .

٢ - الاقبال ١ / ٤١٥ باب ٣٤.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٣١.
٣٠٧

قاهِرُ، يا الله يا جَبَّارُ، يا الله يا سَمِيعُ، يا الله يا قَرِيبُ، يا الله يا مُجِيبُ، يا الله يا الله يا الله لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي`يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي وَإِيْمانا يَذْهَبُ بِالشَّكِّ عَنِّي، وَرِضاً بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام (١) .

دعاء اللّيلة السّادِسَة والعِشرين

يا جاعِلَ اللّيْلِ وَالنَّهارِ آيَتَيْنِ، يا مَنْ مَحا آيَةَ اللّيْلِ وَجَعَلَ آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْهُ وَرِضْوانا، يا مُفَصِّلَ كُلِّ شَيْءٍ تَفْصِيلاً، يا ماجِدُ يا وَهّابُ يا الله يا جَوادُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ عَلَيْهِمْ (٢) .

دُعاء اللّيلة السّابِعَةِ والعِشرين

يا مآدَّ الظِّلِّ وَلَو شِئْتَ لَجَعَلْتَهُ ساكِنا وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا ثُمَّ قَبَضْتَهُ قَبْضا

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٣١.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٣٢.
٣٠٨

يَسِيراً، يا ذَا الجودِ وَالطَّوْلِ وَالكِبْرِياءِ وَالآلاِء لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ عالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ يا قُدُّوسُ يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ يا عَزِيزُ يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ يا الله يا خالِقُ يا بارِيُ يا مُصَوِّرُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ (١) .

دُعاء اللّيلة الثّامِنَة والعِشرين

يا خازِنَ اللَّيْلِ فِي‌الهَواءِ، وَخازِنَ النُّورِ فِي السَّماء، وَمانِعَ السَّماء أَنْ تَقَعَ عَلى الأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ وَحابِسَهُما أَنْ تَزُولا، يا عَلِيمُ يا عَظِيمُ يا غَفُورُ يا دائِمُ يا الله يا وارِثُ يا باعِثُ مَنْ فِي القُبُورِ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، والكِبْرِياءُ وَالآلاُء. أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ عَلَيْهِمْ (٢) .

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٣٢.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٣٣.
٣٠٩

دعاء اللّيلة التّاسِعَة والعِشرين

يا مُكَوّرَ اللَّيْلِ عَلى النَّهارِ، وَمُكَوّرَ النَّهارِ عَلى اللَّيْلِ، يا عَلِيمُ يا حَكِيمُ، يا رَبَّ الأَرْبابِ، وَسَيِّدَ السَّاداتِ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، يا أقْرَبَ إلى مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْماناً يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ (١) .

دعاء اللّيلة الثّلاثين

الحَمْدُ للهِ لا شَرِيكَ لَهُ، الحَمْدُ للهِ كَما يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزَّ جَلالِهِ وَكَما هُوَ أَهْلُهُ، يا قُدِّوسُ يا نُورُ، يا نُورَ القُدْسِ، يا سُبُّوحُ، يا مُنْتَهى التَّسْبِيحِ، يا رَحْمنُ يا فاعِلُ الرَّحْمَةِ، يا اللهُ، يا عَلِيمُ، يا كَبِيرُ، يا أللهُ يا لَطِيفُ، يا جَلِيلُ، يا أللهُ، يا سَمِيعُ، يا بَصِيرُ، يا الله يا الله يا أللهُ، لَكَ الاَسَّماء الحُسْنى، وَالاَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياءُ وَالآلاُء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ فِي السُّعَداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وَإِيْمانا يَذْهَبُ الشَّكِّ عَنِّي، وَتَرْضِيَنِي بِما قَسمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ (٢) وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَيْهِم (٣) .

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٣٤.

٢ - والتوبة: خ.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٣٤.
٣١٠

بقيّة اعمال الليلة الحادية والعشرين

روى الكفعمي عَن السيّد ابن باقي أنه: تقول في اللّيلة الحادِية والعِشرين:

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْسِمْ لِي حِلْما يَسُدُّ عَنِّي بابَ الجَهْلِ، وَهُدىً تَمُنُّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ ضَلالَةٍ، وَغِنىً تَسُدُّ بِهِ عَنِّي بابَ كُلِّ فَقْرٍ وَقُوَّةً تَرُدُّ بِها عَنِّي كُلَّ ضَعْفٍ، وَعِزاً تُكْرِمُنِي بِهِ عَنْ كُلِّ ذُلٍّ، وَرِفْعَةً تَرْفَعُنِي بِها عَنْ كُلِّ ضَعَةٍ، وَأَمْنا تَرُدُّ بِهِ عَنِّي كُلِّ خَوْفٍ، وَعافِيَةً تَسْتُرُنِي بِها عَنْ كُلِّ بَلاءٍ، وَعِلْما تَفْتَحُ لِي بِهِ كُلَّ يَقِينٍ، وَيَقِينا تُذْهِبُ بِهِ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ، وَدُعاءً تَبْسُطُ لِي بِهِ الاِجابَةَ فِي هذِهِ اللّيْلَةِ وَفِي هذِهِ السَّاعَةِ، السَّاعَةِ السَّاعَةِ السَّاعَةِ يا كَرِيمُ، وَخَوْفاً تَنْشُرُ (١) لِي بِهِ كُلَّ رَحْمَةٍ، وَعِصْمَةً تَحُولُ بِها بَيْنِي وَبَيْنَ الذُّنُوبِ حَتَّى اُفْلِحَ عِنْدَ المَعْصُومِينَ عِنْدَكَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢) .

وروي عَن حماد بن عثمان قالَ: دخلت عَلى الصادق عليه‌السلام لَيلَة احدى وعَشرين مِن شَهر رَمَضان فقالَ لي: يا حماد اغتسلت؟ فقلت: نعم جَعَلتَ فداك، فدعا بحصير. ثم قالَ إلى لزقي فصّل فَلَمْ يزل يصلي وانا أصلّي إلى لزقه حتى فرغنا مِن جميع صلواتنا ثم أخذ يدعو وأنا أؤمِّن عَلى دعائه إلى أن اعترض الفَجر فأذن وأقامَ ودعا بعض غلمانه فقمنا خلفه فتقدم فصلّى بنا الغداة فقرأ بفاتحة الكتاب و ( إنّا أَنزَلناهُ في لَيلَة القَدر ) في الأوّلى وفي الركعة الثّانِيَة بفاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ الله أحد ) فلمّا فرغنا مِن التسبيح والتحميد والتقديس والثناء عَلى الله تَعالى والصلاة عَلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والدُّعاء لجميع المؤمنين والمُؤمِنات والمسلمين والمسلمات خرَّ ساجداً لا أسمع مِنهُ إِلاّ النّفس ساعة طويلة ثم سمعته يَقول: لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالاَبْصارِ ... إلى آخر الدُّعاء المروي في الاقبال (٣) .

وروى الكليني انه كانَ الباقر عليه‌السلام إذا كانَت لَيلَة احدى وعَشرين وثلاث وعَشرين اخذ في الدُّعاء حتى يزول الليل (ينتصف) فإذا زال الليل صلّى (٤) .

_________________

١ - تيسّر - خ -.

٢ - البلد الامين: ٢٠٢ في أدعية ليالي شهر رمضان.

٣ - الاقبال ١ / ٣٦٦ فصل ١ من باب ٢٥.

٤ - الكافي ٤ / ١٥٥ ح ٥ من باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان.
٣١١

واعلم أنّه يستحب الغسل في كلّ ليلة من هذه الليالي العشر.

وَروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كانَ يغتسل في كُل لَيلَة مِن هذا العشر (١) .

ويُستَحب الاعتكاف في هذا العشر ولَهُ فضل كثير وهُوَ أفضل الأوقات للاعتكاف، وَروي أنه يعدل حجتين وعمرتين (٢) .

وكانَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كانَ العشر الأواخر اعتكف في المسجد وضربت لَهُ قبة مِن شعر وشَمَّر المئزر وطوى فراشه (٣) .

واعلم أنَّ هذه لَيلَة تتجدد فيها أحزان آل مُحَمَّد وأش يا عهم ففيها في سنة أربعين مِن الهجرة كانَت شهادة مولانا أمير المؤمنين صَلَواتُ الله عَليهِ (٤) .

وَروي أنه ما رفع حجر عَن حجر في تِلكَ اللّيلة إِلاّ وكانَ تحته دما عبيطاً كما كانَ لَيلَة شهادة الحسين عليه‌السلام (٥) .

وقالَ المفيد (رض): ينبغي الاكثار في هذه اللّيلة مِن الصلاة عَلى مُحَمَّد وآل مُحَمَّد والجّد في اللّعن عَلى ظالمي آل مُحَمَّد عليهم‌السلام واللّعن عَلى قاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام (٦) .

اليَوم الحادي والعِشرون: يَوم شهادة أمير المؤمنين عليه‌السلام وَمِن المناسب أن يزار عليه‌السلام في هذا اليَوم والكلمات الَّتي نطق بها الخضر عليه‌السلام في هذا اليَوم وهِيَ كزيارة لَهُ عليه‌السلام فيهِ (٧) .

اللّيلة الثّالِثَة والعِشرون

ذكر في هدية الزائر أنّها أفضل مِن الليلتين السابقتين ويستفاد مِن أحاديث كثيرة أنّها هِيَ لَيلَة القَدر وهي ليلة الجهني وفيها يقدر كُل امر حكيم ولهذه اللّيلة عدة أعمال خاصّة سوى الاعمال الَّتي تشارك فيها الليلتين الماضيتين:

الأول: قراءة سورتي العنكبوت والروم وقَد آلى الصادق عليه‌السلام أنَّ مَن قرأ هاتين السورتين في هذه اللّيلة كانَ مَن أهَل الجَنَّةَ (٨) .

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤١١ في أوّل باب ٣٤.

٢ - وسائل الشيعة ٧ / ٣٩٧ كتاب الاعتكاف ح ٣.

٣ - التهذيب ٤ / ٢٨٧ ح ٨٦٩.

٤ - مسارّ الشيعة: ٢٦ و ٢٧.

٥ - رواه ابن أبي الدنيا في مقتل الامام امير المؤمنين عليه‌السلام : ١١٣ - ١١٤، ح ١٠٧ و ١٠٨ مع اختلاف قليل في الالفاظ.

٦ - مسارّ الشيعة: ٢٦ و ٢٧.

٧ - الكافي ١ / ٤٥٤ ح ٤ من باب مولد أمير المؤمنين عليه‌السلام من كتاب الحجة.

٨ - الاقبال ١ / ٣٨١ باب ٢٧.
٣١٢

الثاني: قراءة سورة حَّم دخان (١) .

الثالث: قراءة سورة القَدر ألف مرةٍ (٢) .

الرابع: أن يكرر في هذه اللّيلة بل في جَميع الأوقات هذا الدُّعاء: اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ ... الخ. وقَد ذِكرناه في خلال أدعية العشر الأواخر بَعد دعاء اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين.

الخامس: يَقول: اللَّهُمَّ امْدُدْ لِي فِي عُمْرِي، وَأَوْسِعْ لِي فِي رِزْقِي، وَأَصِحَّ لِي جِسْمِي، وَبَلِّغْنِي أَمَلِي، وَإِنْ كُنْتُ مِنَ الاَشْقِياءِ فَامْحُنِي مِنَ الاَشْقِياءِ وَاكْتُبْنِي مِنَ السُّعَداءِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ المُنْزَلِ عَلى نَبِيِّكَ المُرْسَلِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ( يَمْحُو الله ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ اُمَّ الكِتابِ ) (٣) (٤) .

السادس: يَقول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَفِيما تُقَدِّرُ مِنَ الاَمْرِ المَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الاَمْرِ الحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ القَضاء الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ فِي عامِي هذا المَبْرُورِ حَجُّهُمُ، المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، المَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ، المُكَفَّرُ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ، وَاجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي، وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي (٥) .

السابع: يدعو بهذا الدُّعاء المروي في الاقبال: يا باطِنا فِي ظُهُورِهِ، وَيا ظاهِراً فِي بُطُونِهِ، وَياباطِنا (٦) لَيْسَ يَخْفَى، وَياظاهِراً (٧) لَيْسَ يُرى، يا مَوْصُوفاً لا يَبْلُغُ بِكَيْنُونَتِهِ مَوْصُوفٌ وَلا حَدٌ مَحْدُودٌ، وَياغائِبا غَيْرَ مَفْقُودٍ، وَياشاهِداً (٨) غَيْرَ مَشْهُودٍ يُطْلَبُ فَيُصابُ وَلَمْ يَخْلُ مِنْهُ السَّماواتُ وَالأَرْضُ وَمابَيْنَهُما طَرْفَةَ عَيْنٍ، لا يُدْرَكُ بِكَيْفٍ، وَلا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ وَلا بِحَيْثٍ، أَنتَ نُورُ النُّورُ وَرَبُّ الأَرْبابِ، أَحَطْتَ بِجَمِيعِ الاُمور، سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ، سُبْحانَ مَن هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرَهُ. ثم تدعو بما

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣٨٦ باب ٢٧.

٢ - الاقبال ١ / ٣٨٢ باب ٢٧.

٣ - الرعد: ١٣ / ٣٩.

٤ - الاقبال ١ / ٣٧٩ باب ٢٧.

٥ - الاقبال ١ / ٣٨١ باب ٢٧ عن أبي عبدالله عليه‌السلام .

٦ - يا باطناً: خ.

٧ - يا ظاهراً: خ.

٨ - ويا غائبٌ.. وشاهدٌ: خ؛ وغائباً: نسخة.
٣١٣

تَشاء (١) .

الثامِن: أن يأتي غسلاً آخر في آخر الليل سوى مايغتسله في أوله (٢) .

واعلم أنَّ للغسل في هذه اللّيلة وإحياؤها وزيارة الحسين عليه‌السلام فيها والصلاة مائةَ ركعة فضل كثير وقَد أكّدتها الأحاديث. روى الشَيخ في التهذيب عَن أبي بصير قالَ: قالَ لي الصادق عليه‌السلام : صلّ في اللّيلة الَّتي يرجى أن تكون لَيلَة القَدر مائةَ ركعة تقرأ في كُل ركعة ( قل هُوَ الله أحد ) عَشر مرات، قالَ: قُلتَ: جعلت فداك فأن لَمْ أقو عَليها قائماً قالَ: صلّها جالساً قُلتَ فإن لَمْ أقو قالَ: أدها وَأَنْتَ مستلق في فراشك (٣) .

وعَن كتاب دعائم الاسلام أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يطوي فراشه ويشّد مئزره للعبادة في العشر الأواخر مِن شَهر رَمَضان وكان يوقظ أهله لَيلَة ثلاث وعَشرين وكانَ يرش وجوه النيّام بالماء في تِلكَ اللّيلة وكانت فاطمة صلوات الله عَليها لا تدع أهلها ينامون في تِلكَ اللّيلة وتعالجهم بقلَّة الطعام وتتأهَّب لها مِن النَّهار أي كانَت تأمرهم بالنوم نهاراً لئلا يغلب عليهم النعاس ليلا وتقول محروم من حرم خَيرها (٤) .

وَروي أنّه مرض ابو عبدالله عليه‌السلام مرضاً شديداً، فلمّا كان لَيلَة ثلاث وعَشرين أمر مواليه فحملوه الى المسجد، فكان فيه ليلته (٦) .

قالَ العّلامة المجلسي (رض): عَلَيكَ في هذه اللّيلة أن تقرأ القرآن ما تيسّر لَكَ وأن تدعو بدعوات الصحيفة الكاملة لا سيّما دعاء مكارم الأخلاق ودعاء التَوبة وينبغي أن يراعى حرمة ايّام ليالي القَدر والاشتغال فيها بالعبادة وتلاوة القرآن المجيد والدُّعاء فَقد روي بأسناد معتبرة أنَّ يَوم القَدر مثل ليلته.

اللّيلة السّابِعَة والعِشرين

ورد فيها الغسل، وَروى أنَّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام كانَ يَقول فيها مِن أول اللّيلة إلى آخرها:

اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّجافِي عَنْ دارِ الغُرورِ، وَالاِنابَةَ إِلى دارِ الخُلُودِ وَالاِسْتِعْدادِ لِلْمَوْتِ

_________________

١ - الاقبال ١ / ٣٨٢ باب ٢٧.

٢ - الاقبال ١ / ٣٧٥ باب ٢٧.

٣ - تهذيب الاحكام ٣ / ٦٤ ح ٢١٦ مع اضافات في أوّله. وفيه: فإذا كانت الليلة التي يُرجى فيها ما يرجى فصلّ مئة ركعة.

٤ - دعائم الاسلام ١ / ٢٨٢ ذكر ليلة القدر.

٥ - الاقبال ١ / ٣٨٦ باب ٢٧.

٦ - زاد المعاد: ١٩٠.
٣١٤

قَبْلَ حُلُولِ الفَوْتِ (١) .

آخر لَيلَة مِن الشّهر

هِيَ لَيلَة كثيرة البركات وفيها أعمال:

الأول: الغسل (٢) .

الثاني: زيارة الحسين عليه‌السلام (٣) .

الثالث: قراءة سورة الأنعام والكهف ويس ومائةَ مرةٍ: أَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْهِ (٤) .

الرابع: أن يدعو بهذا الدُّعاء الَّذي رواه الكليني عَن الصادق عليه‌السلام : اللَّهُمَّ هذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فَيْهِ القُرْآنَ وَقَدْ تَصَرَّمَ، وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ يا رَبِّ أَنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ أَوْ يَتَصَرَّمَ شَهْرُ رَمَضانَ وَلَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَنِي بِهِ يَوْمَ أَلْقاكَ (٥) .

الخامس: أن يدعو بالدعاء: يا مُدَبِّرَ الاُمورِ... الخ، الَّذي مضى في أعمال اللّيلة الثّالِثَة والعِشرين ص ٣٠٧.

السادس: أن يودع شَهر رَمَضان بدعوات الوداع التي رواها الكليني والصّدوق والمفيد والطوسي والسيّد ابن طاووس رضوان الله عليهم، ولعل أحسنها هُوَ الدُّعاء الخامس والأَرْبعون مِن الصحيفة الكاملة (٦) .

وَروى السيّد ابن طاووس عَن الصادق عليه‌السلام قالَ: مَن ودع شَهر رَمَضان في آخر لَيلَة مِنهُ وقالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلُهُ آخِرَ العَهْدِ مِن صِيامِي لِشَهْرِ رَمَضانَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَطْلُعَ فَجْرُ هذِهِ اللّيْلَةِ إِلاّ وَقَدْ غَفَرْتَ لِي . غفر الله تعالى له قَبلَ أن يصبح ورزقه الإنابة إِليهِ (٧) .

وَروى السيّد والشَيخ الصّدوق عن جابر بن عبد الله الأنصاري قالَ: دخلت عَلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر جمعة مِن شَهر رَمَضان فلما بصر بي قالَ لي يا جابر هذه آخر جمعة مِن شَهر رَمَضان فودعه وَقُلْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلُهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ صِيامِنا إِيّاهُ فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاجْعَلْنِي مَرْحُوما وَلا تَجْعَلْنِي مَحْرُوماً، فإنه مَن قالَ ذلِكَ ظفر بأحدى الحسنيين إمّا ببلوغ شَهر رَمَضان

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٠٢ باب ٣١.

٢ - الاقبال ١ / ٤١١ باب ٣٤.

٣ - الاقبال ١ / ٤١١ باب ٣٤.

٤ - الاقبال ١ / ٤١٩ باب ٣٤.

٥ - الكافي ٤ / ١٦٤ ح ٥ من باب الدعاء في العشر الاواخر.

٦ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٣٨١، الدعاء ٤٥.

٧ - الاقبال ١ / ٤٣٦ باب ٣٤.
٣١٥

مَن قابل، وإمّا بغفران الله ورحمته (١) .

وَروى السيّد ابن طاووس والكفعمي عَن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قالَ: مَن صلى آخر لَيلَة مِن شَهر رَمَضان عَشر ركعات يقرأ في كُل ركعة فاتحة الكتاب مرةٍ واحدة وقُلْ هُوَ الله أحد عَشر مرات ويَقول في ركوعه وسجوده عَشر مرات: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ . ويتشهد في كُل ركعتين ثم يسلم فإذا فرغ مِن آخر عَشر ركعات وسلم استغفر الله ألف مرةٍ يقول: أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، فإذا فرغ مِن الاستغفار سجد ويَقول في سجوده: يا حَي يا قَيُّومُ، يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، يا رَحْمنَ الدُّنْيا وَالآخرَةِ وَرَحِيمَهُما، يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا ألهَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، إِغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا، وَتَقَبَّلْ مِنّا صَلاتَنا وَصِيامَنا وَقِيامَنا .

قالَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : والَّذي بعثني بالحق نبّيا إنَّ جبرائيل أخبرني عَن إسرافيل عَن ربّه تبارك وتَعالى أنّه لا يرفَعُ رأسه من السجود حتى يغفر الله لَهُ ويتقبّل مِنهُ شَهر رَمَضان ويتجاوز عَن ذنوبِهِ (الخبر) (٢) .

وقَد رويت هذه الصلاة في لَيلَة عيد الفطر أيضاً ولكن في تِلكَ الرواية أنّه يُستَحب بالتسبيحات الأَرْبع في الركوع والسجود. وورد في دعاء السجود بَعد الصلاة عوض: إِغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إلى آخر الدُّعاء: إِغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَتَقَبَّلْ صَوْمِي وَصَلاتِي وَقِيامِي (٣) .

اليوم الثلاثون

روى السيّد لليوم الآخير مِن الشّهر دعاءً أوّله: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٤) .

ويختم القرآن غالبا في هذا اليوم فينبغي أن يدعي عِندَ الختم بالدعاء الثاني والأَرْبعين مِن الصحيفة الكاملة (٥) ، ولمن شاء أن يدعو بهذا الدُّعاء والوجيز الَّذي رواه الشَيخ عَن أمير المؤمنين صَلواتُ الله عَليهِ: اللَّهُمَّ اشْرَحْ بِالْقُرْآنِ صَدْرِي، وَاسْتَعْمِلْ بِالْقُرْآنِ بَدَنِي، وَنَوّرْ بِالْقُرْآنِ بَصَرِي، وَاطْلِقْ بِالْقُرْآنِ لِسانِي، وَأَعِنِّي عَلَيْهِ ما أَبْقَيْتَنِي فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ .

_________________

١ - رواه ابن طاووس في الاقبال ١ / ٤٢٢ باب ٣٤، والصدوق في فضائل الاشهر الثلاثة: ١٣٩، ح ١٤٩.

٢ - الاقبال ١ / ٤١٨ باب ٣٤.

٣ - ثواب الاعمال: ٧٥.

٤ - الاقبال ١ / ٤٤٦ باب ٣٥.

٥ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٣٣٣، الدعاء ٤٢، أوّله: اللّهم إنّك أعنتني على ختم كتابك. وفي مصباح المتهجّد: ٥١٩.

٦ - الاقبال ٢ / ٢٩٠ باب ٥، مصباح المتهجّد للطوسي كما في مستدرك الوسائل ٤ / ٣٧٨ برقم ٤٩٨٢.
٣١٦

ويدعو أيضاً بهذا الدُّعاء المروي عَن أمير المؤمنين عليه‌السلام : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِخْباتَ المُخْبِتِينَ، وَإِخْلاصَ المُوقِنِينَ، وَمُرافَقَةَ الاَبْرارِ، وَاسْتِحْقاقَ حَقائِقِ الاِيْمانِ، وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَوُجُوبَ رَحْمَتِكَ، وَعَزائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ، وَالنَّجاةَ مِنَ النّار (١) .

خاتمة

في صلوات الليالي ودعوات الايّام المشهورة

صلوات الليالي

وقَد ذَكَرها العّلامة المجلسي (رض) في كتاب (زاد المعاد) في الفصل الأخَير مِن أعمال شَهر رَمَضان، وإنني اقتصر هنا عَلى ما ذكر هناك. قالَ:

صلاة اللّيلة الأولى: أربع ركعات في كُل ركعة بَعد الحَمد التَوحيد خمس عَشرة مرةٍ.

اللّيلة الثّانِيَة: أربع ركعات في كُل ركعة بَعد الحَمد عَشرون مرةٍ ( إنّا أَنزَلناهُ ) .

الثّالثة: عَشر ركعات في كُل ركعة الحَمد والتَوحيد خمسون مرةٍ.

الرّابعة: ثمان ركعات في كُل ركعة الحَمد و ( إِنّا أَنزَلناهُ ) عَشرون مرةٍ.

الخامِسَة: ركعتان في كُل ركعة منهما الحَمد والتَوحيد خمسون مرةٍ ويَقول بَعد الفراغ مائةَ مرةٍ: اللهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .

السادسة: أربع ركعات في كُل منها الحَمد وسورة ( تبارك الَّذي بيده الملك ) .

السابعة: أربع ركعات في كُل منها الحَمد وثلاث عَشرة مرةٍ ( إنّا أَنزَلناهُ ) .

الثّامِنَة: ركعتان في كل منها الحَمد والتَوحيد عَشر مرات ويَقول بَعد السّلام ألف مرةٍ: سُبْحانَ اللهِ .

التاسعة: ست ركعات بين المغرب والعشاء في كُل منها الحَمد وآية الكرسي سبع مرات ويَقول بَعد الفراغ خمسين مرةٍ: اللّهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .

العاشرة: عَشرون ركعة في كُل ركعة الحَمد والتَوحيد ثلاثون مرةٍ.

الحادِية عَشَرة: ركعتان في كُل منها الحَمد وعَشرون مرةٍ ( إنّا أعطيناك الكَوثَر ) .

_________________

١ - المناقب للخوارزمي: ٨٦، باب ٧، ح ٧٦، وكفاية الطالب للكنجي: ٣٣٣، باب ٨٤.
٣١٧

الثّانية عَشرة: ثمان ركعات في كُل منها الحَمد وثلاثون مرةٍ ( إنّا أَنزَلناهُ ) .

الثّالثة عَشرة: أربع ركعات في كُل منها الحَمد والتَوحيد خمساً وعَشرون مرةٍ.

الرّابعة عَشرة: ست ركعات في كُل ركعة الحَمد وثلاثون مرةٍ سورة ( إذا زلزلت ) .

الخامِسَة عَشرة: أربع ركعات في الأوّليين يقرأ بَعد الحَمد التَوحيد مائةَ مرةٍ وفي الآخريين يقرأها خمسون مرةٍ.

السّادِسَة عَشرة: اثنتا عَشرة ركعة في كُل ركعة الحَمد واثنتا عَشرة مرةٍ سورة ( ألهاكم التكاثر ) .

السّابِعَة عَشرة: ركعتان في الأوّلى يقرأ بَعد الحَمد ما شاء مِن السّور وفي الثّانية يقرأ بَعدها التَوحيد مائةَ مرةٍ ويَقول بَعد السّلام مائةَ مرةٍ: لا إِلهَ إِلاّ الله .

الثّامِنَة عَشرة: أربع ركعات في كل ركعة الحَمد وخمس وعَشرون مرةٍ سورة ( إنّا أعطيناك الكَوثَر ) .

التّاسِعَة عَشرة: خمسون ركعة بـ الحمد وخمسين مرةٍ سورة ( إذا زلزلت ) والظاهر أن المراد أن تقرأ في كُل ركعة مرة واحدة فإن مِن الصعب أن يقرأ سورة ( إذا زلزلت ) في لَيلَة واحدة الفين وخمسمائة مرةٍ.

صلاة اللّيلة العشرين والحادِية والعشرين والثّانِيَة والعِشرين والثّالِثَة والعِشرين والرّابعة والعِشرين: في كُل مِن هذه الليالي يصلّي ثمان ركعات بما تيسّر مِن السّور.

الخامِسَة والعشرون: ثمان ركعات في كُل منها الحَمد والتَوحيد عَشر مرات.

السّادِسَة والعِشرون: ثمان ركعات في كُل منها الحَمد والتَوحيد مائةَ مرةٍ.

السّابِعَة والعِشرون: أربع ركعات في كُل منها الحَمد وسورة تبارك الَّذي بيده الملك فإن لَمْ يتمكن قرأ التَوحيد خمساً وعَشرين مرةٍ.

الثّامِنَة والعِشرون: ست ركعات في كُل منها الحَمد وآية الكرسي مائةَ مرةٍ والتَوحيد مائةَ مرةٍ وسورة الكَوثَر مائةَ مرةٍ وبَعد الصلاة يصلّي عَلى النبي وآلِهِ مائةَ مرةٍ.

أقول: صلاة اللّيلة الثّامِنَة والعِشرين عَلى ما وجدتها في الأحاديث ست ركعات بـ فاتحة الكتاب وآية الكرسي عَشر مرات والكَوثَر عَشراً و ( قُلْ هُوَ الله أحد ) عَشراً ويصلّي عَلى النبي وآلِهِ مائةَ مرةٍ (١) .

_________________

١ - كما في مصباح الكفعمي: ٥٦٢، فصل ٤٥.
٣١٨

التّاسِعَة والعِشرون: ركعتان في كُل منهما الحَمد والتّوحيد عَشرون مرةٍ.

الثلاثون: اثنتا عَشرة ركعة في كُل ركعة الحَمد والتَوحيد عَشرون مرةٍ ويصلّي بَعد الفراغ عَلى مُحَمَّد وآل مُحَمَّد مائةَ مرةٍ وهذه الصلوات كلّها يفصل بين كُل ركعتين منها بالسلام كما ذكر (١) .

دعوات الأيام

وأمّا دعوات الايام: فَقد روي عَن ابن عبّاس عَن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فضلا كَثِيراً لصِّيام كل يَوم مِن شَهر رَمَضان وذكر لكل يَوم مِنهُ دعاءً يخصّه ذا فضل كثير واجر جزيل ونَحنُ نقتصر عَلى إيراد الدّعوات:

دعاء اليَوم الأول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِيامِي فِيْهِ (٢) صِيامَ الصَّائِمِينَ، وَقِيامِي فِيْهِ (٣) قِيامَ القائِمِينَ، وَنَبِّهْنِي فِيْهِ عَنْ نَوْمَةِ الغافِلِينَ، وَهَبْ لِي جُرْمِي فِيهِ (٤) يا ألهَ العالَمِينَ، وَاعْفُ عَنِّي يا عافِيا عَنِ المُجْرِمِينَ.

اليَوم الثاني: اللَّهُمَّ قَرِّبْنِي فِيْهِ إِلى مَرْضاتِكَ، وَجَنِّبْنِي فِيْهِ مِنْ سَخَطِكَ وَنَقِماتِكَ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِقِرأَةِ آياتِكَ، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اليَوم الثالث: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ الذِّهْنَ وَالتَّنْبِيهَ، وَباعِدْنِي فِيْهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمْويهِ، وَاجْعَلْ لِي نَصِيبا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُ فِيْهِ بِجُودِكَ، يا أَجْوَدَ الاَجْوَدِينَ.

اليَوم الرابع: اللَّهُمَّ قَوِّنِي فِيْهِ عَلئ إِقامَةِ أَمْرِكَ، وَأَذِقْنِي فِيْهِ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ، وَأَوْزِعْنِي فِيْهِ لاَداءِ شُكْرِكَ بِكَرَمِكَ، وَاحْفَظْنِي فِيْهِ (٥) بِحِفْظِكَ وَسَترِكَ، يا أبْصَرَ النَّاظِرِينَ.

اليَوم الخامس: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ المُسْتَغْفِرِينَ، واجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحينَ، واجْعَلْنِي فِيْهِ (٦) مِنْ أَوْلِيائِكَ المُقَرَّبِينَ، بَرَأْفَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اليَوم السادس: اللَّهُمَّ لاتَخْذُلْنِي فِيْهِ لِتَعَرُّضِ مَعْصِيَتِكَ، وَلا تَضْرِبْنِي بِسِياطِ نَقْمَتِكَ،

_________________

١ - زاد المعاد: ٢١٣.

٢ - فيه: خ.

٣ - فيه: خ.

٤ - فيه: خ.

٥ - فيه: خ.

٦ - فيه: خ.
٣١٩

وَزَحْزِحْنِيِ فِيْهِ مِنْ مُوجِباتِ سَخَطِكَ، بِمَنِّكَ وَأَيادِيكَ يا مُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ .

اليَوم السابع: اللَّهُمَّ أَعِنِّي فِيْهِ عَلى صِيامِهِ وَقِيامِهِ، وَجَنِّبْنِي فِيْهِ مِنْ هَفَواتِهِ وَآثامِهِ، وَارْزُقْنِي فِيْهِ ذِكْرَكَ بِدَوامِهِ، بِتَوْفِيقِكَ يا هادِيَ المُضِلِّينَ.

اليَوم الثامِن: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ رَحْمَةَ الاَيْتامِ، وَإِطْعامَ الطَّعامِ، وَإِفْشاءَ السَّلامُ، وَصُحْبَةَ الكِرامِ، بِطَوْلِكَ يا مَلْجَأَ الامِلِينَ.

اليَوم التاسع: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيْهِ نَصِيبا مِنْ رَحْمَتِكَ الواسِعَةِ، وَاهْدِنِي فِيْهِ لِبَراهِينِكَ السَّاطِعَةِ، وَخُذْ بِناصِيَتِي إِلى مَرْضاتِكَ الجامِعَةِ، بِمَحَبَّتِكَ يا أَمَلَ المُشْتاقِينَ.

اليَوم العاشر: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ المُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ، وَاجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ الفائِزِينَ لَدَيْكَ، وَاجْعَلْنِي فِيْهِ مِنْ المُقَرَّبِينَ إِلَيْكَ، بِإحْسانِكَ يا غايَةَ الطَّالِبِينَ.

اليَوم الحادي عَشر: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلى فِيْهِ الاِحْسانَ، وَكَرِّهْ إلى فِيْهِ الفُسُوقَ وَالعِصْيانَ، وَحَرِّمْ عَلَيَّ فِيْهِ السَّخَطَ وَالنِّيرانَ، بِعَوْنِكَ يا غِياثَ المُسْتَغِيثِينَ.

اليَوم الثاني عَشر: اللَّهُمَّ زَيِّنِّي فِيْهِ بِالسِّتْرِ وَالعَفافِ، وَاسْتُرْنِي فِيْهِ بِلِباسِ القُنُوعِ وَالكَفافِ، وَاحْمِلْنِي فِيْهِ عَلى العَدْلِ وَالاِنْصافِ، وَآمِنِّي فِيْهِ مِنْ كُلِّ ما أَخافُ بِعِصْمَتِكَ يا عِصْمَةَ الخائِفِينَ.

اليوم الثالث عَشر: اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي فِيْهِ مِنَ الدَّنَسِ وَالاَقْذارِ، وَصَبِّرْنِي فِيْهِ عَلى كائِناتِ الاَقْدارِ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِلتُّقى وَصُحْبَةِ الاَبْرارِ، بِعَوْنِكَ يا قُرَّةَ عَيْنِ المَساكِينِ.

اليوم الرابع عَشر: اللَّهُمَّ لا تؤاخِذْنِي فِيْهِ بِالعَثَراتِ، وَأَقِلْنِي فِيْهِ مِنَ الخَطايا وَالهَفَواتِ، وَلا تَجْعَلْنِي فِيْهِ غَرَضا لِلْبَلايا وَالآفاتِ، بِعِزَّتِكَ يا عِزَّ المُسْلِمِينَ.

اليَوم الخامس عَشر: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ طاعَةَ الخاشِعِينَ، وَاشْرَحْ فِيْهِ صَدْرِي بِإنابَةِ المُخْبِتِينَ، بِأَمانِكَ يا أَمانَ الخائِفِينَ.
٣٢٠

اليوم السادس عَشر: اللَّهُمَّ وَفِّقْنِي فِيْهِ لِمُوافَقَةِ الاَبْرارِ، وَجَنِّبْنِي فِيهِ مُرافَقَةَ الاَشْرارِ، وَآوِنِي فِيْهِ بِرَحْمَتِكَ إِلى دارِ (١) القَرارِ، بِإِلهِيَّتِكَ يا ألهَ العالَمِينَ.

اليوم السابع عَشر: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيْهِ لِصالِحِ الاَعْمالِ، وَاقْضِ لِي فِيْهِ الحَوائِجَ وَالامالِ يا مَنْ لا يَحْتاجُ إِلى التَّفْسِيرِ وَالسُّؤالِ، يا عالِماً بِما فِي صُدُورِ العالَمِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطِّاهِرِينَ (٢) .

اليوم الثامِن عَشر: اللَّهُمَّ نَبِّهْنِي فِيْهِ لِبَرَكاتِ أَسْحارِهِ، وَنَوِّرْ فِيْهِ قَلْبِي بِضِياءِ أَنْوارِهِ، وَخُذْ بِكُلِّ أَعْضائِي إِلى اتِّباعِ آثارِهِ، بِنُورِكَ يا مُنِّورَ قُلُوبِ العارِفِين.

اليوم التاسع عَشر: اللَّهُمَّ وَفِّرْ فِيْهِ حَظِّي مِنْ بَرَكاتِهِ، وَسَهِّلْ سَبِيلِي إِلى خَيْراتِهِ، وَلا تَحْرِمْنِي قَبُولَ حَسَناتِهِ، يا هادِيا إِلى الحَقِّ المُبِينِ.

اليَوم العشرون: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي فِيْهِ أَبْوابَ الجِنانِ، وَأَغْلِقْ عَنِّي فِيْهِ أَبْوابَ النِّيْرانِ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِتِلاوَةِ القُرْآنِ، يا مُنْزِلَ السَّكِينَةِ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ.

اليَوم الحادي والعشرون: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيْهِ إِلى مَرْضاتِكَ دَلِيلا، وَلا تَجْعَلْ لِلْشَّيْطانِ فِيْهِ عَلَيَّ سَبِيلاً وَاجْعَلْ الجَنَّةَ لِي مَنْزِلاً وَمَقِيلاً، يا قاضِيَ حَوائِج الطَّالِبِينَ.

اليوم الثاني والعِشرون: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي فِيْهِ أَبْوابَ فَضْلِكَ، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ فِيْهِ بَرَكاتِكَ، وَوَفِّقْنِي فِيْهِ لِمُوجِباتِ مَرْضاتِكَ، وَأَسْكِنِّي فِيْهِ بَحْبُوحاتِ جَنَّاتِكَ، يا مُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ.

اليوم الثالث والعِشرون: اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي فِيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَطَهِّرْنِي فِيْهِ مِنَ العُيُوبِ، وَامْتَحِنْ قَلْبِي فِيْهِ بِتَقْوى القُلُوبِ، يا مُقِيلَ عَثَراتِ المُذْنِبِينَ.

اليَوم الرابع والعِشرون: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِيْهِ ما يُرْضِيكَ، وَأَعُوذُ بِكَ (٣) مِمّا يُؤْذِيكَ،

_________________

١ - في دار - خ -.

٢ - في نسخة بين الخطين.

٣ - في المصدر: فيه ممّا يؤذيك.
٣٢١

وَأَسْأَلُكَ التَّوْفِيقَ فِيْهِ لاَنْ اُطِيعَكَ وَلا أَعْصِيكَ، يا جَوادَ السَّائِلِينَ .

اليَوم الخامس والعِشرون: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِيْهِ مُحِبّا لاَوْلِيآئِكَ، وَمُعادِيا لاَعْدائِكَ، مُسْتَنّا بِسُنَّةِ خاتَمِ أَنْبِيائِكَ، يا عاصِمَ قُلُوبِ النَّبِيِّينَ.

اليَوم السادس والعِشرون: اللَّهُمَّ اجْعَلْ سَعْيِي فِيْهِ مَشْكُوراً، وَذَنْبِي فِيْهِ مَغْفُوراً، وَعَمَلِي فِيْهِ مَقْبُولاً، وَعَيْبِي فِيْهِ مَسْتُوراً، يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ.

اليَوم السابع والعِشرون: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيْهِ فَضْلَ لَيْلَةِ القَدْرِ، وَصَيِّرْ اُمُورِي فِيْهِ مِنَ العُسْرِ إِلى اليُسْرِ، وَاقْبَلْ مَعاذِيرِي، وَحُطَّ عَنِّي الذَّنْبَ وَالوِزْرَ، يا رَؤُوفاً بِعِبادِهِ الصَّالِحِينَ.

اليَوم الثامِن والعِشرون: اللَّهُمَّ وَفِّرْ حَظِّي فِيْهِ مِنَ النَّوافِلِ، وَأَكْرِمْنِي فِيْهِ بِإِحْضارِ المَسائِلِ، وَقَرِّبْ فِيْهِ (١) وَسِيلَتِي إِليكَ مِنْ بَيْنِ الوَسائِلِ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ إِلْحاحُ المُلِحِّينَ.

اليَوم التاسع والعِشرون: اللَّهُمَّ غَشِّنِّي فِيْهِ بِالرَّحْمَةِ، وَارْزُقْنِي فِيْهِ التَّوْفِيقَ وَالعِصْمَةَ وَطَهِّرْ قَلْبِي مِنْ غَياهِبِ التُّهْمَةِ، يا رَحِيماً بِعِبادِهِ المُؤْمِنِينَ.

اليَوم الثلاثون: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِيامِي فِيْهِ بِالشُّكْرِ وَالقَبُولِ عَلى ما تَرْضاهُ وَيَرْضاهُ الرَّسُولُ مُحْكَمَةً فُرُوعَهُ بِالاُصُولِ، بِحَقِّ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِين.

أقول: اختلفت كتبَ الدعوات في تقديم بعض الدعوات والعبادات عَلى بعض، والرواية في ذلِكَ غير معتبرة عِندَي لذلِكَ لَمْ اتعّرض لشي مِنهُ وقَد ذكر الكفعمي دعاء اليَوم السابع والعِشرين لليوم التاسع والعِشرين ولا يبعد أن يكون الأنسب عَلى مذهب الشيعة الدُّعاء بهِ في اليَوم الثالث والعشرين (٢) .

_________________

١ - فيه: خ.

٢ - زاد المعاد: ٢١٣ - ٢٢٠.
٣٢٢

الفصل الرابع

في أعمال شَهر شّوال

اللّيلة الأولى: هِيَ مِن الليالي الشريفة وقَد وردت في فضل العبادة فيها واحيائها أحاديث كثيرة، وَروي أنّها لا تقل عَن لَيلَة القَدر (١) ولها عدة أعمال:

الأول: الغسل إذا غربت الشمس (٢) .

الثاني: احياؤها بالصلاة والدُّعاء والاستغفار والبيتوتة في المسجد (٣) .

الثالث: أن يَقول في أعقاب صلوات المغرب والعشاء والصبح وعقيب صلاة العيد: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ، الحَمْدُ للهِ عَلى ما هَدانا، وَلهُ الشُّكْرُ عَلى ما أَوْلانا (٤) .

الرابع: أن يرفع يديه إلى السّماء إذا فرغ مِن فريضة المغرب ونافلته ويقول: يا ذا المَنِّ وَالطَّوْلِ، يا ذا الجُودِ، يا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَناصِرَهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَحْصَيْتَهُ وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ. ثم يسجد ويَقول في سجوده مائةَ مرةٍ: أتُوبُ إِلى اللهِ. ثم يسأل الله تَعالى ما يشاء يقضي إن شاء الله تَعالى (٥) .

وعَلى رواية الشَيخ يسجد بَعد صلاة المغرب ويَقول: يا ذا الحَوْلِ، يا ذا الطَّوْلِ، يا مُصْطَفِيا مُحَمَّداً وَناصِرَهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَنَسِيتُهُ أَنا وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ، ثم قل مائةَ مرةٍ: أَتُوبُ إِلى اللهِ (٦) .

الخامس: زيارة الحسين عليه‌السلام فإن لها فضلا عظيماً وسيأتي في باب الزيارات ما يخّص هذه اللّيلة من الزيارة ص ٥٤٥.

السادس: أن يدعو عَشر مرات بالدعاء: يا دائِمَ الفَضْلِ (٧) ، الَّذي مضى في اعمال لَيلَة الجمعة ص ٧٩.

السابع: أن يصّلي العشر ركعات الَّتي مضت في أعمال اللّيلة الاخَيرة مِن شَهر رَمَضان.

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٦٣ باب ٣٦.

٢ - الاقبال ١ / ٤٥٧ باب ٣٦.

٣ - الاقبال ١ / ٤٦٣ باب ٣٦.

٤ - الاقبال ١ / ٤٥٩ باب ٣٦.

٥ - الاقبال ١ / ٤٥٨ باب ٣٦.

٦ - مصباح المتهجّد: ٦٤٨.

٧ - مصباح الكفعمي: ٦٤٧، فصل ٤٦.
٣٢٣

الثامِن: يصلّي ركعتين يقرأ في الأوّلى وبَعد الحَمد التَوحيد ألف مرةٍ ويقرأها في الثّانِيَة مرةٍ واحدة ويسجد بعد السلام فيقول: أَتُوبُ إِلى اللهِ.

ثم يَقول: يا ذا المَنِّ وَالجُودِ، يا ذا المَنِّ وَالطَّوْلِ، يا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا ، ويسأل حاجته. وَروي أنَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كانَ يصلّيها كما ذكر فإذا رفع رأسه يَقول: والَّذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل الله تَعالى شيئاً إلاّ أعطاه ولو اتاه مِن الذُّنوب عدد رمل الصحراء غفر الله تعالى لَهُ (١) .

ووردت التَوحيد في رواية أخرى مائةَ مرةٍ عوض الألف مرةٍ ولكن عَلى هذه الرواية يصلّي هذه الصلاة بَعد فريضة المغرب ونافلته (٢) .

وقَد روى الشَيخ والسيّد بَعد هذه الصلاة هذا الدُّعاء:

يا الله يا الله يا أللهُ، يا رَحْمنُ يا أللهُ، يا رَحِيمُ يا أللهُ، يا مَلِكُ يا أللهُ، يا قُدُّوسُ يا أللهُ، يا سَلامُ يا أللهُ، يا مُؤْمِنُ يا الله يا مُهَيْمِنُ يا أللهُ، يا عَزِيزُ يا أللهُ، يا جَبَّارُ يا أللهُ، يا مُتَكَبِّرُ يا أللهُ، يا خالِقُ يا أللهُ، يا بارِيُ يا أللهُ، يا مُصَوِّرُ يا أللهُ، يا عالِمُ يا أللهُ، يا عَظِيمُ يا أللهُ، يا عَلِيمُ يا أللهُ، يا كَرِيمُ يا أللهُ، يا حَلِيمُ يا أللهُ، يا حَكِيمُ يا أللهُ، يا سَمِيعُ يا أللهُ، يا بَصِيرُ يا أللهُ، يا قَرِيبُ يا أللهُ، يا مُجِيبُ يا أللهُ، يا جَوادُ يا أللهُ، يا ماجِدُ يا أللهُ، يا مَلِيُّ يا أللهُ، يا وَفِيُّ يا أللهُ، يا مَوْلى يا أللهُ، يا قاضِي يا أللهُ، يا سَرِيعُ يا أللهُ، يا شَدِيدُ يا أللهُ، يا رَؤُوفُ يا أللهُ، يا رَقِيبُ يا أللهُ، يا مَجِيدُ يا أللهُ، يا حَفِيظُ يا أللهُ، يا مُحِيطُ يا أللهُ، يا سَيِّدَ السَّاداتِ يا أللهُ، يا أوَّلُ يا أللهُ، يا أخِرُ يا أللهُ، يا ظاهِرُ يا أللهُ، يا باطِنُ يا أللهُ، يا فاخِرُ يا أللهُ، يا قاهِرُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا وَدُودُ يا أللهُ، يا نُورُ يا أللهُ، يا رافِعُ يا أللهُ، يا مانِعُ يا أللهُ، يا دافِعُ يا أللهُ، يا فاتِحُ يا أللهُ، يا نَفَّاحُ (٣) يا أللهُ، يا جَلِيلُ يا أللهُ، يا جَمِيلُ يا أللهُ، يا شَهِيدُ يا أللهُ، يا شاهِدُ يا أللهُ،

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٦٠ باب ٣٦ وفيه: بعدد رمل عالج. في معجم الوسيط: العالج: ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض.

٢ - الاقبال ١ / ٤٥٩ باب ٣٦ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام .

٣ - يا نفّاع - خ -.
٣٢٤

يا مُغِيثُ يا أللهُ، يا حَبِيبُ يا أللهُ، يا فاطِرُ يا أللهُ، يا مُطَهِّرُ يا أللهُ، يا مَلِكُ (١) يا أللهُ، يا مُقْتَدِرُ يا أللهُ، يا قابِضُ يا أللهُ، يا باسِطُ يا أللهُ، يا مُحْييُ يا أللهُ، يا مُمِيتُ يا أللهُ، يا باعِثُ يا أللهُ، يا وارِثُ يا أللهُ، يا مُعْطِيُ يا أللهُ، يا مُفْضِلُ يا أللهُ، يا مُنْعِمُ يا أللهُ، يا حَقُ يا أللهُ، يا مُبِينُ يا أللهُ، يا طَيِّبُ يا أللهُ، يا مُحْسِنُ يا أللهُ، يا مُجْمِلُ يا أللهُ، يا مُبْدِيُ يا أللهُ، يا مُعِيدُ يا أللهُ، يا بارِيُ يا أللهُ، يا بَدِيعُ يا أللهُ، يا هادِي يا أللهُ، يا كافِي يا أللهُ، يا شافِي يا أللهُ، يا عَلِيُّ يا أللهُ، يا عَظِيمُ يا أللهُ، يا حَنَّانُ يا أللهُ، يا مَنَّانُ يا أللهُ، يا ذا الطَوْلِ يا أللهُ، يا مُتَعالِي يا أللهُ، يا عَدْلُ يا أللهُ، يا ذا المَعارِجِ يا أللهُ، يا صادِقُ يا أللهُ، يا صَدُوقُ يا أللهُ، يا دَيَّانُ يا أللهُ، يا باقِي يا أللهُ، يا واقِي يا أللهُ، يا ذا الجَلالِ يا أللهُ، يا ذا الاِكْرامِ يا أللهُ، يا مَحْمُودُ يا أللهُ، يا مَعْبُودُ يا أللهُ، يا صانِعُ يا أللهُ، يا مُعِينُ يا أللهُ، يا مُكَوِّنُ يا أللهُ، يا فَعَّالُ يا أللهُ، يا لَطِيفُ يا أللهُ، يا غَفُورُ (٢) يا الله، يا شَكُورُ يا أللهُ، يا نُورُ يا أللهُ، يا قَدِيرُ (٣) يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاه يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاهُ يا أللهُ، يا رَبَّاه يا أللهُ، أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِرِضاكَ، وَتَعْفُو عَنِّي بِحِلْمِكَ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلالِ الطَّيِّبِ وَمِنْ (٤) حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ فَإِنِّي عَبْدُكَ لَيْسَ لِي أَحَدٌ سِواكَ، وَلا أَحَدٌ أَسْأَلُهُ غَيْرُكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، ما شاءَ الله لا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ. ثم تسجد وتقول: يا أللهُ، يا أللهُ، يا أللهُ، يا رَبُّ يا رَبُّ يا رَبُّ، يا مُنْزِلَ البَرَكاتِ بِكَ تُنْزَلُ كُلُّ حاجَةٍ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ فِي مَخْزُونِ الغَيْبِ عِنْدَكَ وَالاَسَّماء المَشْهُورَةِ عِنْدَكَ المَكْتُوبَةِ عَلى سُرادِقِ عَرْشِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ

_________________

١ - يا مليك - خ -.

٢ - يا جليل يا الله - خ -.

٣ - يا قديم - خ -.

٤ - من: خ.
٣٢٥

وَآلِ مُحَمَّدٍ وأَنْ تَقْبَلَ مِنِّي شَهْرَ رَمَضانَ وَتَكْتُبَنِي مِنَ الوافِدِينَ إِلى بَيْتِكَ الحَرامِ وَتَصْفَحَ لِي عَنِ الذُّنُوبِ العِظامِ وَتَسْتَخْرِجَ لي (١) يا رَبِّ كُنُوزَكَ يا رَحْمنُ (٢) .

التاسع: يصلّي أربع عَشرة ركعة يقرأ في كُل ركعة الحَمد وآية الكرسي وثلاث مرات سورة قل هُوَ الله أحد ليكون لَهُ بكل ركعة عبادة أربعين سنة وعبادة كُل من صام وصلّى في هذا الشّهر (٣) .

العاشر: قالَ الشَيخ في المصباح اغتسل في آخر الليل واجلس في مصّلاك إلى طلوع الفَجر (٤) .

اليَوم الأوّل: يوم عيد الفطر وأعمالهُ عديدة.

الأول: أن تكّبر بَعد صلاة الصبح وبَعد صلاة العيد بما مّر من التكبيرات في لَيلَة العيد بَعد الفَريضَة (٥) .

الثاني: أن تدعو بَعد فريضة الصبح بما رواه السيّد رض مِن دعاء: اللَّهمَّ إِنِّي تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ أَمامِي ... (٦) الخ. وقَد أورد الشَيخ هذا الدُّعاء بَعد صلاة العيد (٧) .

الثالث: اخراج زكاة الفطرة صاعاً عَن كُل نسمة قَبلَ صلاة العيد عَلى التفصيل المبين في الكتب الفقهية واعلم أن زكاة الفطرة مِن الواجبات المؤكدة وهِيَ شرط في قَبول صيام شَهر رَمَضان وهِيَ أمان عَن الموت إلى السنة القابلة وقَد قّدم الله تَعالى ذكرها على الصلاة في الآية الكريمة: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) (٨) .

الرابع: الغسل، والأحسن أن يغتسل مِن النهر إذا تمكّن ووقت الغسل مِن الفَجر إلى حين أداء صلاة العيد كما قالَ الشيخ وفي الحديث ليكن غسلك تَحتَ الظلال أو تَحتَ حائط فإذا هممت بذلِكَ فقل: اللَّهُمَّ إِيْماناً بِكَ وَتَصْدِيقاً بِكِتابِكَ وَاتِّباعَ سُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله . ثم سّم باسم الله واغتسل فإذا فرغت مِن الغسل فقل: اللَّهمَّ اجْعَلْهُ كُفَّارَةً لِذُنُوبِي، وَطَهِّرْ دِيْنِي. اللَّهمَّ اذْهِبْ عَنِّي الدَّنَسَ (٩) .

الخامس: تحسين الثياب واستعمال الطّيب والاصحار في غير مكة للصلاة تَحتَ السّماء (١٠) .

السادس: الافطار أول النَّهار قَبلَ صلاة العيد والأفضل أن يفطر عَلى التمر أو عَلى شَيٍ مِن

_________________

١ - لي: خ.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٤٩، والاقبال ١ / ٤٦١ باب ٣٦.

٣ - الاقبال ١ / ٤٦١ باب ٣٦.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٥١.

٥ - الاقبال ١ / ٤٦٨ فصل ٢ من باب ٣٧.

٦ - الاقبال ١ / ٤٦٨ فصل ٢ من باب ٣٧.

٧ - مصباح المتهجّد: ٦٥٥.

٨ - الاعلى: ٨٧ / ١٤ و ١٥.

٩ - الاقبال ١ / ٤٧٥ باب ٣٧.

١٠ - مسارّ الشيعة: ٣١.
٣٢٦

الحلوى (١) .

وقالَ الشَيخ المفيد يُستَحب أن يبتلع شيئاً مِن تربة الحسين عليه‌السلام فإنها شفاء من كل داء (٢) .

السابع: أن لا تخرج لصلاة العيد إِلاّ بَعد طلوع الشمس وأن تدعو بما رواه السيّد في (الاقبال) مِن الدّعوات منها ما رواه عَن أبي حمزة الثمالي عَن الباقر عليه‌السلام قالَ: أدع في العيدين والجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا الدُّعاء:

اللَّهُمَّ مَنْ تَهيَّأَ فِي هذا اليَوْمِ أَوْ تَعَبَّأ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَعطاياهُ فَإِنَّ إِلَيْكَ يا سَيِّدِي تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي رَجاءَ رَفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَنَوافِلِكَ وَفَواضِلِكَ وَفَضائِلِكَ وَعَطاياكَ وَقَدْ غَدَوْتُ إِلى عِيْدٍ مِنْ أَعْيادِ اُمَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَلَمْ أَفِدْ إِلَيْكَ اليَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ أَثِقُ بِهِ قَدَّمْتُهُ، وَلا تَوَجَّهْتُ بِمَخْلُوقٍ أَمَّتُه، وَلكِنْ أَتَيْتُكَ خاضِعاً مُقِرّاً بِذُنُوبِي وَإِسآَتِي إِلى نَفْسِي، فَ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ إِغْفِرْ لِيَ العَظِيمَ مِنْ ذُنُوبِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ العِظامَ إِلاّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٣) .

الثامِن: صلاة العيد: وهِيَ ركعتان يقرأ في الأوّلى الحَمد وسورة الاعَلى ويكبّر بَعد القراءة خمس تكبيرات وتقنت بَعد كُل تكبيرة فتقول:

اللَّهُمَّ (٤) أَهْلَ الكَبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ التَّقوى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيْداً، وَلِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذُخْراً (٥) وَمَزِيداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيْهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ (٦) . اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ (٧) عِبادُكَ

_________________

١ - الاقبال ١ / ٤٧٧ - ٤٧٨ فصل ٥ و ٦ من باب ٣٧.

٢ - مسارّ الشيعة: ٣١.

٣ - الاقبال ١ / ٤٧٧ فصل ٤ من باب ٣٧.

٤ - اللّهم أنت - خ -.

٥ - ذخراً وشرفاً - خ -.

٦ - وعليهم أجمعين - خ -.

٧ - ما سألك منه - خ -.
٣٢٧

الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ (١) مِمّا اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ (٢) . ثّم تكبّر السّادِسَة وتركع وتسجد ثم تنهض للركعة الثّانِيَة فتقرأ فيها بَعد الحَمد سورة الشمس ثم تكبّر أربع تكبيرات تقنت بَعد كُل تكبيرة وتقرأ في القنوت ما مر فإذا فرغت كبّرت الخامِسَة فركعت وأتممت الصلاة وسبّحت بَعد الصلاة تسبيح الزهراء عليها‌السلام (٣) .

وقَد وردت دعوات كثيرة بَعد صلاة العيد ولعل أحسنها هُوَ الدُّعاء السادس والأَرْبعون مِن الصحيفة الكاملة (٤) . ويُستَحب أن يبرز في صلاة العيد تَحتَ السماء وأن يصلي عَلى الأَرْض مِن دون بساط ولا بارية (٥) وأن يرجع عن المصلي مِن غير الطريق الَّذي ذَهَبَ مِنهُ (٦) وأن يدعو لاخوانه المؤمنين بقبول أعمالهم.

التاسع: أن يزور الحسين عليه‌السلام (٧) .

العاشر: قراءة دعاء الندبة وسيأتي إن شاء الله تَعالى. وقالَ السيّد ابن طاووس (رض) اسجد إذا فرغت مِن الدُّعاء فقل:

أَعُوذُ بِكَ مِنْ نارٍ حَرُّها لايُطْفاء، وَجَدِيدُها لا يُبْلى، وَعَطْشانُها لايُرْوى . ثم ضع خدك الأيمن عَلى الأَرْض وَقُلْ: إِلهِي لا تُقَلِّبْ وَجْهِي فِي النَّارِ بَعْدَ سُجُودِي وَتَعْفِيرِي لَكَ بِغَيْرِ مَنٍّ مِنِّي عَلَيْكَ بَلْ لَكَ المَنُّ عَلَيَّ. ثم ضع خدك الأيسر عَلى الأَرْض وَقُلْ: ارْحَمْ مَنْ أَساءَ وَاقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ . ثم عد إلى السجود وَقُلْ: إِنْ كُنْتُ بِئْسَ العَبْدُ فَأَنْتَ نِعْمَ الرَّبُّ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يا كَرِيمُ . ثم قل: العَفْوَ العَفْوَ . مائةَ مرةٍ. ثم قالَ السيّد ولا تقطع يومكَ هذا باللعب والاهمال وأنت لاتعلم أمردود أم مقبول الاعمال فان رجوت القَبول فقابل ذلِكَ بالشكر الجميل وإن خفت الرد فكن أسير الحزن الطويل (٨) .

اليَوم الخامس والعِشرون: فيهِ عَلى بعض الأقوال توفي الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصادق عليه‌السلام في سنة مائةَ وثماني وأربعين (٩) وقَد ارتأى البعض أنَّ وفاته كانَت في النصف مِن رجب وكانَ سَبَب

_________________

١ - بك فيه - خ -.

٢ - المخلصون - خ -.

٣ - مصباح المتهجّد: ٦٥٤.

٤ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٣٩١، الدعاء ٤٦، أوّله: يا من يرحم من لا يرحمه العباد...

٥ - الاقبال ١ / ٤٨٧ فصل ١٤ من باب ٣٧ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف لفظي.

٦ - الاقبال ١ / ٤٨٣ فصل ١١ من باب ٣٧ عن الرضا عليه‌السلام .

٧ - مصباح المتهجّد: ٦٦٥.

٨ - مصباح الزائر: ٣٤٥ في آخر فصل: فضل زيارة الحسين عليه‌السلام في ليلة عيد الفطر.

٩ - كما رواه الطبرسي في اعلام الورى: ٢٦٦، وفي تاج المواليد ضمن مجموعة نفيسة: ١٢٥.
٣٢٨

وفاته سمّا دس لَهُ في العنب (١) .

وَروي أنه عليه‌السلام حينما حضرته الوفاة فتح عينيه وقالَ: اجمعوا لي الاقارَب فلمّا اجتمعوا كلّهم نظر إليهم وقالَ: لا يبلغ شفاعتنا من استخف بصلاته ولَمْ يهتم بها (٢) .

الفصل الخامس

في أعمال شهر ذي القعدة

إعلم أنّ هذا الشهر هو أول الأشهر الحرم التي ذكرها الله في كتابه المجيد. وروى السيد ابن طاووس في حديث: أنّ شهر ذي القعدة موقع إجابة الدعاء عند الشدة (٣) .

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة في اليوم الاحد من هذا الشهر ذات فضل كثير وفضلها ملخصا: أنّ من صلاها قبلت توبته، وغفرت ذنوبه، ورضي عنه خصماؤه يوم القيامة، ومات على الايمان وما سلب منه الدين، ويفسح في قبره وينور فيه، ويرضى عنه أبواه ويغفر لأبويه ولذريته ويوسّع في رزقه، ويرفق به ملك الموت عند موته ويخرج الروح من جسده بيسر وسهولة. وصفتها: أن يغتسل في يوم الأحد ويتوضأ ويصلي أربع ركعات يقرأ في كل منها الحمد مرة وقُل هُو الله أحَد ثلاث مرات والمعوّذتين مرّة، ثم يستغفر سبعين مرة ثم يختم بكلمة: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ. ثم يقول: يا عَزِيزُ يا غَفَّارُ اغْفِرْ لِي ذُنوبِي وَذُنُوبَ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ أَنْتَ (٤) .

أقول: الظاهر أنّ هذا الاستغفار والدعاء الذي ورد بعده يؤدّى بعد الصلاة. واعلم أنّ في الحديث أنّ من صام من شهر حرام ثلاثة أيام: الخميس والجمعة والسبت كتب له عبادة تسعمائة سنة (٥) . وقال الشيخ الأجل علي بن إبراهيم القمّي إنّ السيئات تضاعف في الأشهر الحرم وكذلك الحسنات.

اليوم الحادي عشر: كان فيه في سنة مائة وثماني وأربعين ولادة الإمام الرضا عليه‌السلام (٦) .

الليلة الخامسة عشرة: ليلة مباركة ينظر الله تعالى فيها إلى عباده المؤمنين بالرحمة، وأجر

_________________

١ - أيضاً في اعلام الورى وتاج المواليد.

٢ - عقاب الاعمال للصدوق: ٢٢٨ مع اختلاف في الالفاظ.

٣ - انظر الاقبال ٢ / ١٧ فصل ١ من باب ٢.

٤ - الاقبال ٢ / ٢٠ فصل ٤ من باب ٢ مع اختلاف لفظي.

٥ - الاقبال ٢ / ٢١ فصل ٥ من باب ٢ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦ - بحارالانوار ٤٩ / ٣ عن اعلام الورى. وفي ص ٩ عن مصباح الكفعمي وغيره.
٣٢٩

العامل فيها بطاعة الله أجر مائة سائح - أي الصائم الملازم للمسجد - لم يعص الله طرفة عين كما في (النبوي)؛ فاغتنم هذه الليلة واشتغل فيها بالعبادة والطاعة والصلاة وطلب الحاجات من الله . فقد روي أنه من سأل الله تعالى فيها حاجة أعطاه ما سأل (١) .

اليوم الثالث والعشرون: من سنة مائتين توفي فيه الإمام الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ على بعض الأقوال (٢) ، ومن المسنون فيه زيارة الرضا عليه‌السلام من قرب ومن بعد. قال السيد ابن طاووس في الاقبال : ورأيت في بعض تصانيف أصحابنا العجم رضوان الله عليهم: أنه يستحب أن يزار مولانا الرضا عليه‌السلام يوم ثالث وعشرين من ذي القعدة من قرب أو بعد ببعض زياراته المعروفة أو بما يكون كالزيارة من الرواية بذلك (٣) .

الليلة الخامسة والعشرون ليلة دحو الأَرْض: انبساط الأَرْض من تحت الكعبة على الماء - وهي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى، وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل. وروي عن الحسين بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي وأنا غلام فتعشينا عند الرضا عليه‌السلام ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة فقال له: ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه‌السلام وولد فيها عيسى بن مريم عليه‌السلام وفيها دحيت الأَرْض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهراً. وقال على رواية أخرى: ألا إن فيها يقوم القائم عليه‌السلام (٤) .

اليوم الخامس والعشرون يوم دحو الأَرْض: وهو أحد الأيام الأَرْبعة التي خصت بالصيام بين أيام السنة. وروى: أن صيامه يعدل صيام سبعين سنة، وهو كفارة لذنوب سبعين سنة، على رواية أخرى، ومن صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مائة سنة ويستغفر لمن صامه كل شي بين السماء والأَرْض وهو يوم انتشرت فيه رحمة الله تعالى، وللعبادة والاجتماع لذكر الله تعالى فيه أجر جزيل (٥) .

وقد ورد لهذا اليوم - سوى الصيام والعبادة وذكر الله تعالى والغسل - عملان:

الأول: صلاة مروية في كتب الشيعة القميّين، وهي ركعتان تصلى عند الضحى بـ الحمد مرة

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٢٢ فصل ٦ من باب ٢ مع اختلاف لفظي.

٢ - رواه عليّ بن يوسف بن المطهّر الحلّي في العدد القوية: ٢٧٥.

٣ - هامش الاقبال ٢ / ٢٣ فصل ٨ من باب ٢ عن بعض نسخ الاقبال.

٤ - الاقبال ٢ / ٢٤ فصل ١٠ من باب ٢.

٥ - الاقبال ٢ / ٢٦ و ٢٧ فصل ١٢ من باب ٢ مع اختلاف في الالفاظ عن امير المومنين وعن رسول الله صلوات الله عليهما وعلى آلهما.
٣٣٠

والشمس خمس مرات ويقول بعد التسليم:

لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ . ثم يدعو وَيقول: يا مُقِيلَ العَثَراتِ أَقِلْنِي عَثْرَتِي يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ أَجِبْ دَعْوَتِي يا سامِعَ الاَصْواتِ اسْمَعْ صَوْتِي وَارْحَمْنِي وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي وَما عِنْدِي يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرام (١) .

الثاني: هذا الدعاء الذي قال الشيخ في (المصباح) إنه يستحب الدعاء به:

اللّهُمَّ داحِيَ الكَعْبَةِ وَفالِقَ الحَبَّةِ وَصارِفَ اللَّزْبَةِ وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَةٍ، أَسأَلُكَ فِي هذا اليَوْمِ مِنْ أَيَّامِكَ الَّتِي أَعْظَمْتَ حَقَّها وَأَقْدَمْتَ سَبْقَها وَجَعَلْتَها عِنْدَ المُؤْمِنِينَ وَدِيعَةً وَإِلَيْكَ ذَرِيعَةً وَبِرَحْمَتِكَ الوَسِيعَةِ ان تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ المُنْتَجَبِ فِي المِيثاقِ القَرِيبِ يَوْمَ التَّلاقِ فاتِقِ كُلِّ رَتْقٍ وَداعٍ إِلى كُلِّ حَقٍّ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الاَطْهارِ الهُداةِ المَنارِ دَعائِمِ الجَبَّارِ وَوُلاةِ (٢) الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَعْطِنا فِي يَوْمِنا هذا مِنْ عَطائِكَ المَخْزُونِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ وَلا مَمْنُوعٍ (٣) ، تَجْمَعُ لَنا بِهِ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاَوْبَةِ، يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ وَأَكْرَمَ مَرْجُوٍّ يا كَفَيُّ يا وَفِيُّ، يا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيُّ أُلطُفْ لِي بِلُطْفِكَ وَاسْعِدْنِي بِعَفْوِكَ وَأَيِّدْنِي بِنَصْرِكَ وَلا تُنْسِنِي كَرِيمَ ذِكْرِكَ بِوُلاةِ أَمْرِكَ وَحَفَظَةِ سِرِّكَ، وَاحْفَظْنِي (٤) مِنْ شَوائِبِ الدَّهْرِ إِلى يَوْمِ الحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَأَشْهِدْنِي أَوْلِياَئكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِي وَحُلُولِ رَمْسِي وَانْقِطاعِ عَمَلِي وَانْقَضاء أَجَلِي اللّهُمَّ وَاذْكُرْنِي عَلى طُولِ البِلى إِذا حَلَلْتُ بَيْنَ أَطْباقِ الثَّرى وَنَسِيَنِي النَّاسُونَ مِنَ الوَرى وَاحْلِلْنِي دارَ المُقامَةِ وَبَوِّئْنِي مَنْزِلَ الكَرامَةِ وَاجْعَلْنِي مِنْ مُرافِقي أَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ اجْتِبائِكَ واصْطِفائِكَ، وَبارِكْ لِي فِي لِقائِكَ وَارْزُقْنِي حُسْنَ العَمَلِ قَبْلَ حُلُوِل الاَجَلِ بَريئاً مِنَ الزَلَلِ وَسُوءِ الخَطَلِ، اللّهُمَّ وَأَوْرِدْنِي حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَاسْقِنِي مِنْهُ مَشْرَبا رَوِيا سائِغا هَنِيئاً لا

_________________

١ - وسائل الشيعة ٨ / ١٨٢ ح ١٠٣٧١ عن الاقبال.

٢ - ولاة: خ.

٣ - ولا ممنونٍ - خ -.

٤ - احفظني: خ.
٣٣١

أَظْمأُ بَعْدَهُ وَلا اُحَلا وِرْدَهُ وَلا عَنْهُ أُذادُ، وَاجْعَلْهُ لِي خَيْرَ زادٍ وَأَوْفى مِيعادٍ يَوْمَ يَقُومُ الاَشْهادُ . اللّهُمَّ وَالْعَنْ جَبابِرَةَ الأوَّلِينَ وَالآخرينَ وَبِحُقُوقِ (١) أَوْلِيائِكَ المُسْتَأْثِرِينَ، اللّهُمَّ وَاقْصِمْ دَعائِمَهُمْ وَاهْلِكْ أَشْ يا عَهُمْ وَعامِلَهُمْ وَعَجِّلْ مَهالِكَهُمْ وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسالِكَهُمْ وَالعَنْ مُساهِمَهُمْ وَمُشارِكَهُمْ، اللّهُمَّ وَعَجِّلْ فَرَجَ أَوْلِيائِكَ وَارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظالِمَهُمْ وأَظْهِرْ بِالحَقِّ قائِمَهُمْ وَاجْعَلْهُ لِدِينِكَ مُنْتَصِراً وَبِأَمْرِكَ فِي أَعْدائِكَ مُؤْتَمِراً، اللّهُمَّ احْفُفْهُ بِملائِكَةِ النَّصْرِ وَبِما أَلْقَيْتَ إِلَيْهِ مِنَ الاَمْرِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مُنْتَقِما لَكَ حَتَّى تَرْضى وَيَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ جَدِيداً غَضّا وَيَمْحَضَ الحَقَّ مَحْضا وَيَرْفُضَ االباطِلَ رَفْضا، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى جَمِيعِ آبائِهِ وَاجْعَلْنا مِنْ صَحْبِهِ وَاُسْرَتِهِ وَابْعَثْنا فِي كَرَّتِهِ حَتَّى نَكُونَ فِي زَمانِهِ مِنْ أَعْوانِهِ، اللّهُمَّ أَدْرِكْ بِنا قِيامَهُ وَأَشْهِدْنا أّيَّامَهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ (٢) وَارْدُدْ إِلَيْنا سَلامَهُ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ (٣) وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ (٤) .

إعلم أنّ السيد الداماد رض قال في رسالته المسماة (الأَرْبعة أيام في خلال أعمال يوم دحو الأَرْض): إنّ زيارة الرضا عليه‌السلام في هذا اليوم هي آكد آدابه المسنونة كذلك، ويتأكد استحباب زيارته عليه‌السلام في اليوم الأوّل من شهر رجب الفرد وقد حث عليها حثاً بالغاً (٦) .

اليوم الأخير من الشهر: في هذا اليوم من سنة مائتين وعشرين على المشهور استشهد الإمام محمد بن علي التقي عليه‌السلام في بغداد، وقد سمّه المعتصم بالله العباسي (٦) ، وكان شهادته بعد سنتين ونصف من وفاة المأمون كما كان الإمام نفسه يتنبأ بذلك فيقول: الفرج بعد المأمون بثلاثين شهراً (٧) ؛ تشعر هذه الكلمة بما كان يعانيه من الأذى والمحن من سوء معاشرة المأمون له حتى اعتبرالموت فرجه الذي يرتقبه! كما عانى من المحن ماعاناه أبوه العظيم الإمام الرضا عليه‌السلام حينما

_________________

١ - ولحقوق - خ -.

٢ - وصلّ على محمّد - خ -.

٣ - عليهم - خ -.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٦٩.

٥ - أربعة أيام: ٥٢، وتحفة الزائر للمجلسي: ٤٠١.

٦ - الكافي ١ / ٤٩٢.

٧ - رواه الاربلي في كشف الغمّة في ذكر وفاته عليه‌السلام عن الدلايل.
٣٣٢

ولي العهد، وكان كلما رجع من الجامع يوم الجمعة رفع يديه إلى السماء وهو عرقان مغبراً فقال: إلهي إن كان فرجي في موتي فعجّل وفاتي لساعتي! وكان دائم الكآبة والغم حتى قضى نحبه (١) ، وقد توفي الإمام محمد بن علي التقي عليه‌السلام وله من العمر خمس وعشرون سنة وبضعة أشهر، ويقع قبره الشريف خلف قبر جده العظيم الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام في الكاظمية (٢) .

الفصل السادس

في أعمال شهر ذي الحجة

وهو شهر شريف وكان صلحاء الصحابة والتابعين يهتمون بالعبادة فيه اهتماما بالغا. والعشر الأوائل من أيامه هي الأيام المعلومات المذكورة في القرآن الكريم، وهي أيام فاضلة غاية الفضل، وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : مامن أيامٍ العمل فيها أحبّ إلى الله عزَّ وجلَّ من أيام هذه العشر (٣) . ولهذه العشر أعمال:

الأول: صيام الأيام التسعة الأوّل منها، فإنه يعدل صيام العمر كله (٤) .

الثاني: أن يصلي بين فريضتي المغرب والعشاء في كل ليلة من لياليها ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب والتوحيد مرة واحدة وهذه الآية: ( وَوأعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لأخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وأصْلِحْ وَلا تَتَّبِعَ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ ) (٥) ، ليشارك الحاج في ثوابهم (٦) .

الثالث: أن يدعو بهذا الدعاء من أول يوم من عشر ذي الحجة إلى عشيّة عرفة في دبر صلاة الصبح وقبل المغرب وقد رواه الشيخ والسيد عن الصادق عليه‌السلام :

اللّهُمَّ هذِهِ الأيَّامُ الَّتِي فَضَّلْتَها عَلى الأيامِ وَشَرَّفْتَها وَقَدْ بَلَّغْتَنِيها بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ فَأَنْزِلْ عَلَيْنا مِنْ بَرَكاتِكَ وَأَوْسِعْ عَلَيْنا فِيها مِنْ نَعَمائِكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَهْدِينا فِيها لِسَبِيلِ الهُدى وَالعَفافِ وَالغِنى وَالعَمَلِ فِيها بِما تُحِبُّ

_________________

١ - البحار ٤٩ / ١٤٠ ح ١٣ عن عيون اخبار الرضا عليه‌السلام .

٢ - الكافي ١ / ٤٩٢.

٣ - الاقبال ٢ / ٣٥ باب ٣ فصل ٤.

٤ - انظر الاقبال ٢ / ٤٨ باب ٣ فصل ٧، ثواب الاعمال ٧٤ مع اختلاف لفظي.

٥ - الاعراف: ٧ / ١٤٢.

٦ - الاقبال ٢ / ٣٥ فصل ٥ من باب ٣ عن الصادق عليه‌السلام .
٣٣٣

وَتَرْضى، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ يا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى وَيا سامِعَ كُلِّ نَجْوى وَيا شاهِدَ كُلِّ مَلأَ وَيا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَكْشِفَ عَنَّا فِيها البَلاءِ وَتَسْتَجِيبَ لَنا فِيها الدُّعاءُ وَتُقَوِّيَنا فِيها وَتُعِينَنا وَتُوَفِّقَنا فِيها لِما تُحِبُّ رَبَّنا وَتَرْضى وَعَلى ما افْتَرَضْتَ عَلَيْنا مِنْ طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَأَهْلِ وَلايَتِكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَهَبَ لَنا فِيها الرِّضا إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ، ولا تَحْرِمْنا خَيْرَ ما تُنْزِلُ فِيها مِنَ السَّماء وَطَهِّرْنا مِنَ الذُّنُوبِ يا عَلاّمَ الغُيُوبِ وَأَوْجِبْ لَنا فِيها دارَ الخُلُودِ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَتْرُكْ لَنا فِيها ذَنْبا إِلاّ غَفَرْتَهُ وَلا هَمّا إِلاّ فَرَّجْتَهُ وَلا دَيْنا إِلاّ قَضَيْتَهُ وَلا غائِبا إِلاّ أَدَّيْتَهُ وَلا حاجَةً مِنْ حَوائِجِ الدُّنْيا وَالآخرةِ إِلاّ سَهَّلْتَها وَيَسَّرْتَها إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ يا عالِمَ الخَفِيَّاتِ يا راحِمَ العَبَراتِ يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ يا رَبَّ الأَرْضِينَ وَالسَّماواتِ يا مَنْ لا تَتَشابَهُ عَلَيْهِ الأصْواتُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنا فِيها مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ وَالفائِزِينَ بِجَنَّتِكَ وَالنَّاجِينَ (١) بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ (٢) .

الرابع: أن يدعو في كل يوم من أيام العشر بهذه الدعوات الخمس وقد جاء بها جبرائيل إلى عيسى بن مريم هدية من الله تعالى ليدعو بهذا الدعاء في أيام العشر وهذه هي الدعوات الخمس:

١ - أَشْهَد أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

٢ - أَشْهَد أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ أَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

٣ - أَشْهَد أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ أّحَداً صَمَداً لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ

_________________

١ - الفائزين... الناجين: خ.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٧٢ وفي آخره: وسلّم عليهم تسليماً.
٣٣٤

لَهُ كُفُوا أَحَدٌ .

٤ - أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيُّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

٥ - حَسْبِيَ الله وَكَفىْ سَمعَ الله لِمَنْ دَعا لَيْسَ وَراءَ الله مُنْتَهى أَشْهَدُ للهِ بِما دَعا وَأَنَّهُ بَرِيٌ مِمَّنْ تَبَرَأَ وَأَنَّ للهِ الآخِرَةَ وَالأوّلى. ثم ذكر عيسى عليه‌السلام أجرَاً جزيلاً للدعاء بكل من هذه الدعوات الخمس مائة مرة ولا يبعد أن يكون الداعي بكل من هذه الدعوات في كل يوم عشر مرات ممتثلاً لما ورد في الحديث كما احتمله العلامة المجلسي (رض) والأفضل أن يُدعى بكل منها في كل يوم مائة مرة (١) .

الخامس: أن يهلل في كل يوم من العشر بهذا التهليل المروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام بأجره الجزيل، والأفضل التهليل به في كل يوم عشر مرات: لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ اللَّيالِي وَالدُّهُورِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ أَمْواجِ البُحُورِ لا إِلهَ إِلاّ الله وَرَحْمَتُهُ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الشَّوْكِ وَالشَّجَرِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الشَّعْرِ وَالوَبَرِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الحَجَرِ والمَدَرِ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ لَمْحِ العُيُونِ لا إِلهَ إِلاّ الله فِي اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ (٢) إِذا تَنَفَّسَ لا إِلهَ إِلاّ الله عَدَدَ الرِّياحِ فِي البَرارِي وَالصُّخُورِ لا إِلهَ إِلاّ الله مِنْ اليَوْمِ إِلى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ (٣) .

اليوم الأول: يوم شريف جداً وقد ورد فيه عدة أعمال:

الأول: الصيام فإنه يعدل صوم ثمانين شهراً (٤) .

الثاني: صلاة فاطمة عليها‌السلام ، قال الشيخ روي أنها أربع ركعات بسلامين، وهي كصلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد خمسين مرة ويسبح بعد السلام تسبيحها عليها‌السلام

_________________

١ - اقبال الاعمال ٢ / ٤٦ فصل ٦ من باب ٣ وفي آخر ذكر فضل كلّ من الدعوات الخمس.

٢ - وفي الصبح - خ -.

٣ - اقبال الاعمال ٢ / ٤٧ فصل ٦ من باب ٣ وفي آخره فضل قرائة الدعاء.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٧١ عن الكاظم عليه‌السلام .
٣٣٥

ويقول: سُبْحانَ ذِي العِزِّ الشَّامِخِ المُنِيفِ سُبْحانَ ذِي الجَلالِ الباذِخِ العَظِيمِ سُبْحانَ ذِي المُلْكِ الفاخِرِ القَدِيمِ سُبْحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّمَلِة فِي الصَّفا سُبْحانَ مَنْ يَرى وَقْعَ الطَّيْرِ فِي الهَواءِ سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرُهُ (١) .

الثالث: الصلاة ركعتان قبل الزوال بنصف ساعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وكلاًّ من التوحيد وآية الكرسي والقدر عشر مرات (٢) .

الرابع: من خاف ظالماً فقال في هذا اليوم: حَسْبِي حَسْبِي حَسْبِي مِنْ سُؤالِي عِلْمُكَ بِحالِي كفاه الله شره (٣) . وإعلم أنّ في هذا اليوم ولد إبراهيم الخليل عليه‌السلام وعلى رواية الشيخين: كان فيه أيضاً تزويج فاطمة من أمير المؤمنين عليه‌السلام (٤) .

اليوم السابع: يوم حزن الشيعة كان فيه في سنة مائة وأربع عشرة وفاة الإمام محمد بن علي الباقر عليه‌السلام في المدينة (٥) .

اليوم الثامن: يوم التروية وللصيام فيه فضل كثير ورُوى أنّه كفارة لذنوب ستّين سنة (٦) . وقال الشيخ الشهيد رض: إنه يستحب فيه الغسل (٧) .

الليلة التاسعة: ليلة مباركة وهي ليلة مناجاة قاضي الحاجات والتوبة فيها مقبولة والدعاء فيها مستجاب وللعامل فيها بطاعة الله أجر سبعين ومائة سنة وفيها عدة أعمال:

الأول: أن يدعو بهذا الدعاء الذي روي أن من دعا به في ليلة عرفة أو ليالي الجمع غفر الله له: اللّهُمَّ يا شاهِدَ كُلِّ نَجْوى وَمَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى وَعالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ وَمُنْتهى كُلِّ حاجَةٍ يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ عَلى العِبادِ يا كَرِيمَ العَفْوِ يا حَسَنَ التَّجاوُزِ يا جَوادُ يا مَنْ لايُواري مِنْهُ لَيْلٌ داجٍ وَلا بَحْرٌ عَجَّاجٌ وَلا سَّماء ذاتُ ابْراجٍ وَلا ظُلَمٌ ذاتُ ارْتِتاجٍ (٨) يا مَنْ الظُّلْمَةُ عِنْدَهُ ضِياءٌ؛ أَسأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ الَّذِي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ فَجَعَلْتَهُ دَكّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقا وَبِاسْمِكَ الَّذِي رَفَعْتَ بِهِ السَّماواتِ بِلا عَمَدٍ وَسَطَحْتَ بِهِ الأَرْضَ عَلى وَجْهِ ماءٍ جَمَدٍ، وَبِاسْمِكَ المَخْزُونِ المَكْنُونِ المَكْتُوبِ الطَّاهِرِ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٦٧١.

٢ - الاقبال ٢ / ٤٩ فصل ٨ من باب ٣.

٣ - الاقبال ٢ / ٤٩ فصل ٩ من باب ٣.

٤ - مصباح المتهجّد: ٦٧١.

٥ - بحار الانوار ٤٦ / ٢١٧ عن الشهيد في الدروس.

٦ - الاقبال ٢ / ٤٩ فصل ١٠ من باب ٣ عن الصادق عليه‌السلام .

٧ - ذكرى الشيعه ١ / ١٩٨ فصل ٣.

٨ - ارتياجٍ - خ -.
٣٣٦

أَجَبْتَ وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَبِاسْمِكَ السُّبُّوحِ القُدُّوسِ البُرْهانِ الَّذِي هُوَ نُورٌ عَلى كُلِ نُورٍ وَنُورٌ مِنْ نُورٍ يُضيُ مِنْهُ كُلُّ نُورٍ إِذا بَلَغَ الأَرْضَ انْشَقَّتْ وَإِذا بَلَغَ السَّماواتِ فُتِحَتْ وَإِذا بَلَغَ العَرْشَ اهْتَزَّ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَرْتَعِدُ مِنْهُ فَرائِص مَلائِكَتِكَ، وَأَسأَلُكَ بِحَقِّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ المُصْطَفى صلى‌الله‌عليه‌وآله وَعَلى جَمِيعِ الأَنْبِياءِ وَجَمَيعِ المَلائِكَةِ، وَبِالاسْمِ الَّذِي مَشى بِهِ الخِضْرُ عَلى قُلَلِ (١) الماءِ كَما مَشى بِهِ عَلى جَدَدِ الأَرْضِ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي فَلَقْتَ بِهِ البَحْرَ لِمُوسى وَاغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ وَأَنْجَيْتَ بِهِ مُوسى بْنَ عُمْرانَ وَمَنْ مَعَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ مُوسى بْنَ عِمْرانَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الأيْمنِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَأَلْقَيْتَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْكَ وَبِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ أَحْيا عِيسى بْنُ مَرْيَمَ المَوْتى وَتَكَلَّمَ فِي المَهْدِ صَبِيّا وَأَبْرَأَ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإِذْنِكَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَجَبْرئِيلُ وَمِيكائِيلُ وَإِسْرافِيلُ وَحَبِيبُكَ مُحَمَّدٌ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمَلائِكَتُكَ المُقَرَّبُونَ وَأَنْبِياؤُكَ المُرْسَلُونَ وَعِبادُكَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرْضِينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ ذُو النُونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِبا فَظَنَّ أَنْ لَنْ تَقْدِرَ (٢) عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سبُحْانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَنَجَّيْتَهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ تُنْجِي (٣) المُؤْمِنِينَ، وَبِاسْمِكَ العَظِيمِ الَّذِي دَعاكَ بِهِ داوُدُ وَخَرَّ لَكَ ساجِداً فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعَتْكَ بِهِ آسِيَةُ امْرأَةُ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ: ( رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتا فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٤) فَاسْتَجَبْتَ لَها دُعائَها، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ أَيُّوبُ إِذْ حَلَّ بِهِ البَلاُء فَعافَيْتَهُ وَآتَيْتَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ وَذِكْرى لِلعابِدِينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي

_________________

١ - طلل - خ -.

٢ - نقدر - خ -.

٣ - نُنجي - خ -.

٤ - التحريم: ٦٦ / ١١.
٣٣٧

دَعاكَ بِهِ يَعْقُوبُ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ يُوسُفَ وَجَمَعْتَ شَمْلَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ سُلَيْمانُ فَوَهَبْتَ لَهُ مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّكَ أَنْتَ الوَهابُ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَخَّرْتَ بِهِ البُراقَ لِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله إِذْ قالَ تَعالى: ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ إِلى المَسْجِدِ الأقْصى ) (١) ، وَقَوْلُهُ: ( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) (٢) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَنَزَّلَ بِهِ جَبْرئِيلَ عَلى مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ آدَمُ فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ وَأَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ. وَأَسأَلُكَ بِحَقِّ القُرْآنِ العَظِيمِ وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَبِحَقِّ إِبْراهِيمَ وَبِحَقِّ فَضْلِكَ يَوْمَ القَضاء وَبِحَقِّ المَوازِينِ إِذا نُصِبَتْ وَالصُّحُفِ إِذا نُشِرَتْ وَبِحَقِّ القَلَمِ وَما جَرى وَاللَّوْحِ وَما أَحْصى وَبِحَقِّ الاسْمِ الَّذِي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ العَرْشِ قَبْلَ خَلْقِكَ الخَلْقَ وَالدُّنْيا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ بِأَلْفَي عامٍ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ المَخْزُونِ فِي خَزائِنِكَ الَّذِي إِسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيُّ مُرْسَلٌ وَلا عَبْدٌ مُصْطَفى، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي شَقَقْتَ بِهِ البِحارَ وَقامَتْ بِهِ الجِبالُ وَاخْتَلَفَ بِهِ اللَيْلُ وَالنَّهارُ، وَبِحَقِّ السَّبْعِ المَثانِي وَالقُرْآنِ العَظِيمِ وَبِحَقِّ الكِرامِ الكاتِبِينَ وَبِحَقِّ طهَ وَيَّس وَكهيعص وَحمَّعَّسَّقَّ وَبِحَقِّ تَوْراةِ مُوسى وَإِنْجِيلِ عِيسى وَزَبُورِ داوُدَ وَفُرْقانِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَعَلى جَمِيعِ الرُّسُلِ وَباهِيّا شَراهيّا؛ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ تَلْكَ المُناجاةِ الَّتِي كانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مُوسى بْنِ عُمْرانَ فَوْقَ جَبَلِ طُورِ سَيْناءَ، وأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي عَلَّمْتَهُ مَلَكَ المَوْتِ لِقَبْضِ الأَرْواحِ، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ

_________________

١ - الاسراء: ١٧ / ١.

٢ - الزخرف: ٤٣ / ١٣ و ١٤.

٣ - من قوله: وباسمك الّذي... إلى هنا: نسخة.
٣٣٨

الَّذِي كُتِبَ عَلى وَرَقِ الزَّيْتُونِ فَخَضَعَتِ النِّيرانُ لِتِلْكَ الوَرَقَةِ فَقُلْتَ: ( يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاما ) (١) ، وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ المَجْدِ وَالكَرامَةِ، يا مَنْ لا يُخْفِيهِ سائِلٌ وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ يا مَنْ بِهِ يُسْتَغاثُ وَإِلَيْهِ يُلْجَأُ أَسأَلُكَ بِمَعاقِدِ العِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ وَبِاسْمِكَ الأَعْظَمِ وَجَدِّكَ الأعْلى وَكَلِماتِكَ التَّامَّاتِ العُلى. اللّهُمَّ رَبَّ الرِّياحِ وَما ذَرَتْ وَالسَّماء وَما أّظَلَّتْ وَالأَرْضِ وَما أَقَلَّتْ وَالشَّياطِينِ وَما أَضَلَّتْ وَالبِحارِ وَما جَرَتْ وَبِحَقِّ كُلِّ حَقٍّ هُوَ عَلَيْكَ حَقُّ وَبِحَقِّ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ وَالرَّوْحانِيِّينَ وَالكَرُوبِيِّينَ وَالمُسَبِّحينَ لَكَ بِاللَيْلِ وَالنَّهارِ لا يَفْتُرُونَ وَبِحَقِّ إِبْراهِيمَ خَلِيلِكَ وَبِحَقِّ كُلِّ وَلِيٍّ يُنادِيكَ بَيْنَ الصَّفا وَالمَرْوَةِ وَتَسْتَجِيبُ لَهُ دُعائَه، يا مُجِيبُ أَسأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الأسَّماء وَبِهذِهِ الدَّعَواتِ أّنْ تَغْفِرَ لَنا ما قَدَّمْنا وَما أَخَّرْنا وَما أَسْرَرْنا وَما أَعْلَنَّا وَما أَبْدَيْنا وَما أَخْفَيْنا وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِّنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. يا حافِظَ كُلِّ غَرِيبٍ يا مُوْنِسَ كُلِّ وَحِيدٍ يا قُوَّةَ كُلِّ ضَعِيفٍ يا ناصِرَ كُلِّ مَظْلُومٍ يا رازِقَ كُلِّ مَحْرُومٍ يا مُوْنِسَ كُلِّ مُسْتَوْحِشٍ يا صاحِبَ كُلِّ مُسافِرٍ يا عِمادَ كُلِّ حاضِرٍ يا غافِرَ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، يا غِياثَ المُسْتَغِيثِينَ يا صَرِيخَ المُسْتَصْرِخِينَ يا كاشِفَ كَرْبِ المَكْرُوبِينَ يا فارِجَ هَمِّ المَهْمُومِينَ يا بَدِيعَ السَّماواتِ وَالأَرْضِينَ يا مُنْتَهى غايَةِ الطَّالِبِينَ يا مُجِيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ يا أرْحَمَ الرَّاِحِمينَ يا رَبَّ العالَمِينَ يا دَيَّانَ يَوْمِ الدِّينِ يا أَجْوَدَ الأجْوَدِينَ يا أكْرَمَ الأكْرَمِينَ يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ يا أبْصَرَ النَّاظِرِينَ يا أقْدَرَ القادِرِينَ، اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ السَّقَمَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ العِصَمْ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعاءَ وَاغْفِرْ لِي

_________________

١ - الأنبياء: ٢١ / ٦٩.
٣٣٩

الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ قَطْرَ السَّماء وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُعَجِّلُ الفَناءِ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَجْلِبُ الشَّقاءِ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تُظْلِمُ الهَواءَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الغِطاءَ وَاغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتِي لايَغْفِرُها غَيْرُكَ يا أللهُ، وَاحْمِلْ عَنِّي كُلَّ تَبِعَةٍ لأحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَيُسْراً وَأنْزِلْ يَقِينَكَ فِي صَدْرِي وَرَجائَكَ فِي قَلْبِي حَتَّى لا أَرْجُو غَيْرَكَ اللّهُمَّ احْفَظْنِي وَعافِنِي فِي مَقامِي وَاصْحَبْنِي فِي لَيْلِي وَنَهارِي وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي وَمِنْ تَحْتِي وَيَسِّرْ لِيَ السَّبِيلَ وَأَحْسِنَ لِي التَّيْسِيرَ وَلا تَخْذُلْنِي فِي العَسِيرِ وَاهْدِنِي يا خَيْرَ دَلِيلٍ وَلا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي فِي الاُمُورِ وَلَقِّنِي كُلَّ سُرُورٍ، وَاقْلِبْنِي إِلى أَهْلِي بِالفَلاحِ وَالنَّجاحِ مَحْبُوراً فِي العاجِلِ وَالآجِلِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ طَيِّباتِ رِزْقِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي فِي طاعَتِكَ وَأَجِرْنِي مِنْ عَذابِكَ وَنارِكَ وَاقْلِبْنِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي إِلى جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ وَمِنْ تَحْوِيلِ عافِيَتِكَ وَمِنْ حُلُولِ نَقِمَتِكَ وَمِنْ نُزُولِ عَذابِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ وَدَرَكِ الشَّقاءِ وَمِنْ سُوءِ القَضاء وَشَماتَةِ الأعْداء وَمِنْ شَرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماء وَمِنْ شَرِّ مافِي الكِتاب المُنْزَلِ، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِنَ الأشْرارِ وَلا مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَلا تَحْرِمْنِي صُحْبَةَ الأخْيارِ وَأَحْيِنِي حَياةً طَيِّبَةً وَتَوَفَّنِي وَفاةً طَيِّبَةً تُلْحِقُنِي بِالأبْرارِ وَارْزُقْنِي مُرافَقَةَ الأَنْبِياءِ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ وَلَكَ الحَمْدُ عَلى الإسْلامِ وَإِتِّباعِ السُّنَّةِ يا رَبِّ كَما هَدَيْتَهُمْ لِدِينِكَ وَعَلَّمْتَهُمْ كِتابَكَ، فَاهْدِنا وَعَلِّمْنا وَلَكَ الحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ عِنْدِي خاصَّةً كَما خَلَقْتَنِي فَأَحْسَنْتَ خَلْقِي وَعَلَّمْتَنِي فَأَحْسَنْتَ تَعْلِيمِي وَهَدَيْتَنِي فَأَحْسَنْتَ هِدايَتِي فَلَكَ الحَمْدُ عَلى إِنْعامِكَ عَلَىَّ قَدِيما وَحَدِيثا، فَكَمْ مِنْ كَرْبٍ يا سَيِّدِي قَدْ
٣٤٠

فَرَّجْتَهُ وَكَمْ مِنْ غَمٍّ يا سَيِّدِي قَدْ نَفَّسْتَهُ وَكَمْ مِنْ هَمٍّ يا سَيِّدِي قَدْ كَشَفْتَهُ وَكَمْ مِنْ بَلاءٍ يا سَيِّدِي قَدْ صَرَفْتَهُ وَكَمْ مِنْ عَيْبٍ يا سَيِّدِي قَدْ سَتَرْتَهُ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى كُلِّ حالٍ فِي كُلِّ مَثْوىً وَزَمانٍ وَمُنْقَلَبٍ وَمَقامٍ وَعَلى هذِهِ الحالِ وَكُلِّ حالٍ . اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَفْضَلِ عِبادِكَ نَصِيبا فِي هذا اليَوْمِ مِنْ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ أَوْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ أَوْ سُوءٍ تَصْرِفُهُ أَوْ بَلاٍء تَدْفَعُهُ أَوْ خَيْرٍ تَسُوقُهُ أَوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها أَوْ عافِيَةٍ تُلْبِسُها، فَإنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَبِيَدِكَ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَأَنْتَ الواحِدُ الكَرِيمُ المُعْطِي الَّذِي لا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ وَلا يَنْقُصُ نائِلُهُ وَلا يَنْفَدُ ماعِنْدَهُ بَلْ يَزْدادُ كَثْرَةً وَطيبا وَعَطاءً وَجُوداً، وارْزُقْنِي مِنْ خَزائِنِكَ الَّتِي لاتَفْنى وَمِنْ رَحْمَتِكَ الواسِعَةِ إِنَّ عَطائَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُوراً وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١) .

الثاني: أن يسبح ألف مرة بالتسبيحات العشر التي رواها السيّد (٢) وستأتي في أعمال يوم عرفة.

الثالث: أن يقرأ الدعاء: اللّهُمَّ مَنْ تَعَبَّأَ وَتَهَيَّأَ ... المسنون قراءته يوم عرفه وليلة الجمعة ونهارها وقد مر في خلال أعمال ليلة الجمعة ص ٧٨.

الرابع: أن يزور الحسين عليه‌السلام وأرض كربَلاءِ ويقيم بها حتى يعيِّد ليقيه الله شر سنته (٣) .

اليوم التاسع يوم عرفة وهو يوم عرفة وهو عيد من الأعياد العظيمة وإن لم يسم عيداً وهو يوم دعا الله فيه عباده فيه إلى طاعته وعبادته وبسط لهم موائد إحسانه وجوده والشيطان فيه ذليل حقير طريد غضبان أكثر من أي وقت سواه. وروي أن الإمام زين العابدين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ سمع في يوم عرفة سائلا يسأل الناس فقال له: ويلك أتسأل غير الله في هذا اليوم وهو يوم يرجى فيه للاجنة في الأَرْحام أن تعمها فضل الله تعالى فتسعد (٤) . ولهذا اليوم عدة أعمال:

الأول: الغسل (٥) .

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٥٠ فصل ١٢ من باب ٣.

٢ - الاقبال ٢ / ٥٦ فصل ١٢ من باب ٣.

٣ - الاقبال ٢ / ٥٦ فصل ١٢ من باب ٣.

٤ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ١١ ح ٣١٨٢ مع اختلاف لفظي فقط.

٥ - الاقبال ٢ / ٦٩ فصل ٢٠ من باب ٣.
٣٤١

الثاني: زيارة الحسين صلوات الله عليه فإنها تعدل ألف حجة وألف عمرة وألف جهاد بل تفوقها (١) ، والأحاديث في كثرة فضل زيارته عليه‌السلام في هذا اليوم متواترة ومن وفق فيه لزيارته عليه‌السلام والحضور تحت قبته المقدّسة فهو لا يقل أجرَاً عمَّن حضر عرفات بل يفوقه وستأتي صفة زيارته عليه‌السلام في هذا اليوم في باب الزيارات صلى‌الله‌عليه‌وآله ٧٥٣ إن شاء الله تعالى.

الثالث: أن يصلي بعد فريضة العصر قبل أن يبداً في دعوات عرفة ركعتين تحت السماء ويقر لله تعالى بذنوبه ليفوز بثواب عرفات ويغفر ذنوبه (٢) ثم يشرع في اعمال عرفة ودعواته المأثورة وعن الحجج الطاهرة صلوات الله عليهم وهي أكثر من أن تذكر في هذه الوجيزة ونحن نقتصر منها بما يسعه الكتاب.

قال الكفعمي في المصباح : يستحب الصوم يوم عرفة لمن لا يضعف عن الدعاء، والاغتسال قبل الزوال، وزيارة الحسين صلوات الله عليه فيه وفي ليلته، فإذا زالت الشمس فابرز تحت السماء وصلِّ الظهرين تحسن ركوعهما وسجودهما فإذا فرغت فصل ركعتين في الأوّلى بعد الحمد التوحيد وفي الثانية بعد الحمد سورة ( قل يا أيها الكافرون ) ثم صلّ أربعاً في كل ركعة الحمد والتوحيد خمسين مرة.

أقول: هذه الصلاة هي صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام التي مضت في أعمال يوم الجمعة ثم قل ما ذكره ابن طاووس في كتاب الاقبال مرويّا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو:

سُبْحانَ الَّذِي فِي السَّماء عَرْشُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي الأَرْضِ حُكْمُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي القُبُورِ قَضاؤُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي البَحْرِ سَبِيلُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي النَّارِ سُلْطانُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي الجَنَّةِ رَحْمَتُهُ سُبْحانَ الَّذِي فِي القِيامَةِ عَدْلُهُ سُبْحانَ الَّذِي رَفَعَ السَّماء سُبْحانَ الَّذِي بَسَطَ الأَرْضَ سُبْحانَ الَّذِي لامَلْجأ وَلامنجى مِنْهُ إِلاّ إِلَيْهِ. ثم قل: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ مائة مرة واقرأ التوحيد مائة مرة، وآية الكرسي مائة مرة، وصل على محمد وآله مائة مرة وقل: لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيُّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ

_________________

١ - ثواب الاعمال: ٨٩ عن ابي عبدالله عليه‌السلام .

٢ - الاقبال ٢ / ٦٧ فصل ١٩ من باب ٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف لفظي.
٣٤٢

شَيْءٍ قَدِيرٌ عشراً، أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ عشراً، يا الله عشراً، يا رَحْمنُ عشراً، يا رَحِيمُ عشراً، يا بَدِيعُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ عشراً، يا حَيُّ يا قَيُّومُ عشراً، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ عشراً، يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ عشراً، آمِينَ عشراً . ثم قل: اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ يا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلى مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ يا مَنْ هُوَ بِالمَنْظَرِ الأعْلى وَبِالاُفُقِ المُبِينِ يا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . وسل حاجتك تقضى إن شاء الله تعالى (١) ثم ادع بهذه الصلوات التي روي عن الصادق عليه‌السلام أن من أراد أن يسرَّ محمداً وآل محمد عليهم‌السلام فليقل في صلاته عليهم: اللّهُمَّ يا أجْوَدَ مَنْ أَعْطى وَياخَيْرَ مَنْ سُئِلْ وَيا أرْحَمَ مَنْ اسْتُرْحِمْ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الأوَّلِينَ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الآخِرِينَ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي المَلأَ الأعْلى وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي المُرْسَلِينَ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ (٢) وَالشَّرَفَ وَالرِّفْعَةَ وَالدَّرَجَةَ الكَبِيرَةَ، اللّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَلَمْ أَرَهُ فَلا تَحْرِمْنِي فِي القِيامَةِ (٣) رُؤْيَتَهُ وَارْزُقْنِي صُحْبَتَهُ وَتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِهِ وَاسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِ مَشْرَبا رَوِيّا سائِغا هَنِيئاً لا أَظْمأُ بَعْدَهُ أَبَداً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَلَمْ أَرَهُ فَعَرِّفْنِي فِي الجِنانِ وَجْهَهُ، اللّهُمَّ بَلِّغْ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله مِنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاماً (٤) .

ثم ادعُ بدعاء أُمِّ داود وقد مرّ ذكره في أعمال رجب ثم سبح بهذا التسبيح وثوابه لا يحصى كثرة تركناه اختصاراً وهو:

سُبْحانَ الله قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله بَعْدَ كُلِّ أَحَد وَسُبْحانَ الله مَعَ كُلِّ أَحَدٍ!

_________________

١ - مصباح الكفعمي: ٦٦١ - ٦٦٢.

٢ - والفضيلة: خ.

٣ - في يوم القيامة - خ -.

٤ - مصباح الكفعمي: ٤٢٣ فصل ٣٨.
٣٤٣

وَسُبْحانَ الله، يَبْقى رَبُّنا وَيَفْنى كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ اللهِ تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً بَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً مَعَ كُلِّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً يَفْضُلُ تَسْبِيحَ المُسَبِّحِينَ فَضْلاً كَثِيراً لِرَبِّنا الباقِي وَيَفْنى كُلُّ أَحَدٍ وَسُبْحانَ الله تَسْبِيحاً لا يُحْصى ولا يُدْرى وَلا يُنْسى وَلا يَبْلى وَلا يَفْنى وَلَيْسَ لَهُ مُنْتَهى وَسُبْحانَ اللهِ تَسْبِيحا يَدُومُ بِدَوامِهِ وَيَبْقى بِبَقائِهِ فِي سِنِيِّ العالَمِينَ وَشُهُورِ الدُّهُورِ وَأَيَّامِ الدُّنْيا وَساعاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَسُبْحانَ الله أَبَدَ الأبَدِ وَمَعَ الأبَدِ لا يُحْصِيهِ العَدَدُ ولا يُفْنِيهِ الأمَدُ وَلا يَقْطَعُهُ الأبَدُ وَتَبارَكَ الله أَحْسَنُ الخالِقِينَ .

ثم قل: الحَمْدُ للهِ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَالحَمْدُ للهِ بَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ! الى آخر ما مرّ في التسبيح غير أنّك تقول عوض سبحان الله، الحمدلله، فإذا انتهيت الى أحسن الخالقين، تقول: لا إله إلّا الله قبل كل أحد، إلى آخره تستبدل بسبحان الله، لا إله إلا الله، ثمّ تقول: والله أكبر قبل كلّ أحد إلى آخره تستبدل بسبحان الله، الله اكبر.

ثم تدعو بالدّعاء: اللّهُمَّ مَنْ تَعَبَّأَ وَتَهَيَّاءَ ...، وقد مر في أعمال ليلة الجمعة (١) ثم ادع بما ذكره الشيخ الطوسي في مصباحه وهو من أدعية علي بن الحسين عليه‌السلام : اللّهُمَّ أَنْتَ الله رَبُّ العالَمِينَ (٢) .

أقول: هذا الدعاء يدعى به في الموقف في عرفات وهو دعاء طويل قد أعرضنا عن ذكره. وادع أيضاً في هذا اليوم وأنت خاشع بالدعاء السابع والأَرْبعين من الصحيفة الكاملة وهو يحتوي على جميع مطالب الدنيا والآخرة صلوات الله على منشئها (٣) .

ومن دعوات هذا اليوم المشهورات دعاء سيد الشهداء عليه‌السلام روى بشر وبشير ابنا غالب الأسدي قالا: كنا مع الحسين بن علي عليهما‌السلام عشية عرفة فخرج عليه‌السلام من فسطاطه متذللاً خاشعاً فجعل يمشي هونا هونا حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل

_________________

١ - مصباح الكفعمي: ٦٦٢ - ٦٧١.

٢ - مصباح المتهجّد: ٦٨٩.

٣ - الصحيفة الكاملة السجادية: ٤٠٢ الدعاء ٤٧ أوّله: الحمد لله ربّ العالمين...
٣٤٤

مستقبل البيت ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ثم قال:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ وَهُوَ الجَوادُ الواسِعُ، فَطَرَ أَجْناسَ البَدائِعِ وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعِ وَلا تَخْفى عَلَيْهِ الطَلائِعِ وَلا تَضِيعُ عِنْدَهُ الوَدائِعُ (١) جازي كُلِّ صانِعٍ وَرايِشُ (٢) كُلِّ قانِعٍ وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ مُنْزِلُ (٣) المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ وَللْكُرُباتِ دافِعٌ وَلِلْدَّرَجاتِ رافِعٌ وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ؛ فَلا إِلهَ غَيْرُهُ وَلا شَيَْ يَعْدِلُهُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرَّا بِأَنَّكَ رَبِّي وَ (٤) إِلَيْكَ مَرَدِّي. إِبْتَدأتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُرابِ ثُمَّ اسْكَنْتَنِي الأصْلابَ آمِنا لِرَيْبِ المَنُونِ وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنِينَ، فَلَم أَزَلْ ظاعِنا مِنْ صُلْبِ إِلى رَحِمٍ فِي تَقادُمٍ مِنْ الأيَّامِ الماضِيَةِ وَالقُرُونِ الخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرأْفَتِكَ بِي وَلُطْفِكَ لِي (٥) وَإِحْسانِكَ إلى فِي دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الكُفْرِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي (٦) لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي وَفِيهِ أَنْشّأْتَنِي وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي (٧) ، وَلَمْ تَجْعَلْ إلى شَيْئاً مِنْ أَمْرِي ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدى إِلى الدُّنْيا تامّاًَ سَوِيّاً وَحَفَظْتَنِي فِي المَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الحَواضِنِ وَكَفَّلْتَنِي الاُمَّهاتِ الرَّواحِمَ (٨)،

_________________

١ - اتى بالكتاب الجامع، وبشرع الاسلام النور السّاطع، للخليفة صانع وهو المستعان على الفجائع: نسخة.

٢ - أي مصلح أحوال كلّ راضٍ بما قسم له. منه رحمه‌الله .

٣ - منزل: خ.

٤ - وأنّ اليك: نسخة.

٥ - بي: نسخة.

٦ - رأفة منك وتحنّناً عليَّ: نسخة.

٧ - لم تُشّهرني بخلقي - خ -.

٨ - الرّحائم: نسخة.
٣٤٥

وَكَلأتَنِي مِنْ طَوارِقِ الجانِّ وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ حَتَّى إِذا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقا بِالكَلامِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الأنِعْامِ وَرَبَّيْتَنِي زائِداً فِي كُلِّ عامٍ، حَتَّى إِذا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي (١) أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ وَرَوَّعْتَنِي (٢) بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ (٣) ، وَأيْقَظْتَنِي لِما ذَرَأْتَ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَأَوْجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ وَفَهَّمْتَنِي ما جاءتْ بِهِ رُسُلُكَ وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ. ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ (٤) الثَّرى لَمْ تَرْضَ لِي يا إِلهِي نِعْمَةً (٥) دُونَ اُخْرى وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْواعِ المَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ العَظِيمِ الأَعْظَمِ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ القَدِيمِ إلى، حَتَّى إِذا اتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي إِلى (٦) ما يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي؛ كُلُّ ذلِكَ إِكْمالٌ (٧) لأنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ إلى فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِيٍ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ وَتَقَدَّسَتْ (٨) أَسْماؤُكَ وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ. فَأَيُّ نِعَمِكَ يا إِلهِي أحْصِي عَدَداً وَذِكْراً أَمْ أَيُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً؟ وَهِي يا رَبِّ أَكْثَرُ (٩) مِنْ أَنْ يُحْصِيها العادُّونَ أَوْ يَبْلُغَ عِلْما بِها الحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأنا (١٠) أَشْهَدُ يا إِلهِي بِحَقِيقَةِ إِيْمانِي وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقِينِي وَخالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي وَعَلائِقِ مَجارِي نُورِ

_________________

١ - مرّتي: يعني قوّتي.

٢ - روّعتني: يعني ألهمتني.

٣ - فطرتك - خ -.

٤ - حرّ - خ -.

٥ - بنعمةٍ - خ -.

٦ - دللتني على - خ -.

٧ - إكمالاً: خ.

٨ - تقدّست: خ.

٩ - أكبر - خ -.

١٠ - فأنا - خ -.
٣٤٦

بَصَرِي وَأَسارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي وَخُرْقٍ مَسارِبِ نَفْسِي (١) وَخَذارِيفِ مارِنِ عِرْنيني وَمَسارِبِ سِماخِ (٢) سَمْعِي وَما ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِسانِي وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكّي وَمَنابِتِ أَضْراسِي وَمَساغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي وَحِمالَةِ اُمِّ رَأْسِي وَبُلوعِ فارِغِ حَبَائِلِ (٣) عُنُقِي وَمااشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِي وَحَمائِلُ حَبْلِ وَتِينِي وَنِياطِ حِجابِ قَلْبِي وَأَفْلاذِ حَواشِي كَبِدِي وَماحَوَتْهُ شَراسِيفُ أضْلاعِي وَحِقاقُ مَفاصِلِي وَقَبْضُ عَوامِلِي وَأَطْرافِ أَنامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَعَصَبِي وَقَصَبِي وَعِظامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي وَجَمِيعِ جَوارِحِي وَماانْتَسَجَ عَلى ذلِكَ أَيّامَ رِضاعِي وَما أَقَلَّتِ الأَرْضُ مِنِّي وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي؛ أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدى الأعْصارِ وَالأحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ اُؤَدِّي شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مااسْتَطَعْتُ ذلِكَ إِلاّ بِمَنِّكَ المُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرُكَ أَبَداً جَدِيداً وَثَناءً طارِفاً عَتِيداً! أَجَلْ، وَلَوْ حَرَصْتُ أَنا وَالعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامِكَ سالِفِهِ وَآنِفِهِ (٤) ما حَصَرْناهُ عَدَداً وَلا أَحْصَيْناهُ أَمَداً. هَيْهاتَ أَنَّى ذلِكَ وَأَنْتَ المُخْبِرُ فِي كِتابِكَ النَّاطِقِ وَالنَّبَأ الصَّادِقِ: ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها ) (٥) صَدَقَ كِتابُكَ اللّهُمَّ وَإِنْباؤُكَ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ما أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ غَيْرَ أَنِّي يا إِلهِي أَشْهَدُ بِجُهْدِي وَجِدِّي وَمَبْلَغِ طاعَتِي (٦) وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِنا مُوقِنا: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضادَّهُ فِيما ابْتَدَعَ وَلا وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كان فِيهما آلِهَةٌ إِلاّ الله لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا! سُبْحانَ الله الواحِدِ الأحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ

_________________

١ - نفسي - خ -.

٢ - صماخ: خ.

٣ - بلوغ حبائل بارع: نسخة.

٤ - سالفة وآنفة - خ -.

٥ - النحل: ١٦ / ١٨.

٦ - طاقتي: خ.
٣٤٧

كُفْوا أَحَد، الحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِهِ المُرْسَلِينَ وَصَلّى الله عَلى خِيرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ المُخْلِصِينَ وَسَلَّمَ . ثُمَّ اندفع فِي المسألة واجتهد فِي الدّعاء وَقال وَعيناه سالتا دموعاً: اللّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشاكَ كَأَنِّي أَراكَ وَأسْعِدْنِي بِتَقْواكَ وَلاتُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَخِرْ لِي فِي قَضائِكَ وَبارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتَّى لا اُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ وَلا تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ، اللّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي وَاليَّقِينَ فِي قَلْبِي وَالاِخْلاصَ فِي عَمَلِي وَالنُّورَ فِي بَصَرِي وَالبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَمَتِّعْنِي بِجَوارِحِي وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الوارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي وَأَرِنِي فِيهِ ثارِي وَمَآرِبِي وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي، اللّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَإخْسَاءْ شَيْطانِي وَفُكَّ رِهانِي وَاجْعَلْ لِي يا إِلهِي الدَّرَجَةَ العُلْيا فِي الآخرةِ وَالأوّلى، اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَميعاً بَصِيراً وَلَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلْقا (١) سَوِيّا رَحْمَةً بِي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّا بِما بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي. رَبِّ بِما أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَيَّ (٢) وَفِي نَفْسِي عافَيْتَنِي رَبِّ بِما كَلاْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي رَبِّ بِما أَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي رَبِّ بِما أَعْطَيْتَنِي وَسَقَيْتَنِي رَبِّ بِما أَغْنَيْتَنِي وَاقْنَيْتَنِي رَبِّ بِما اعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي رَبِّ بِما أَلْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِي وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الكافِي؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِنِّي عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ اللَّيالِي وَالأيَّامِ وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الآخرةِ وَاكْفِنِي شَرَّ مايَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الأَرْضِ، اللّهُمَّ ما أَخافُ فَاكْفِنِي وَما أَحْذَرُ فَقِنِي وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي وَفِي أَهْلِي وَمالِي فَاخْلُفْنِي وَفِيما رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي وَفِي

_________________

١ - حيّاً - خ -.

٢ - بي - خ -.
٣٤٨

نَفْسِي فَذَلِّلْنِي وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي وَمِنْ شَرِّ الجِنِّ وَالاِنْسِ فَسَلِّمْنِي وَبِذُنُوبِي فَلا تَفْضَحْنِي وَبِسَرِيرَتِي فَلا تُخْزِنِّي وَبِعَمَلِي فَلا تَبْتَلِنِي وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنِي وَإِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِي إِلهِي إِلى مَنْ تَكِلُنِي إِلى قَرِيبٍ فَيَقْطَعُنِي أَمْ إِلى بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمُنِي أَمْ إِلى المُسْتَضْعِفِينَ لِي وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي؟ أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دارِي وَهَوانِي عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِلهِي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَك فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا أُبالِي سُبْحانَكَ غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الأَرْضُ وَالسَّماواتُ وَكُشِفَتْ (١) بِهِ الظُّلُماتُ وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ أَنْ لاتُمِيتَنِي عَلى غَضَبِكَ وَلاتُنْزِلْ بِي سَخَطَكَ لَكَ العُتْبى لَكَ العُتْبى حَتَّى تَرْضى قَبْلَ ذلِكَ. لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ رَبَّ البَلَدِ الحَرامِ وَالمَشْعَرِ الحَرامِ وَالبَيْتِ العَتِيقِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ البَرَكَةَ وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْنا، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ يا مَنْ أَسْبَغَ النَّعَماءِ بِفَضْلِهِ يا مَنْ أَعْطى الجَزِيلَ بِكَرَمِهِ يا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي يا صاحِبِي فِي وَحْدَتِي يا غِياثِي فِي كُرْبَتِي يا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي يا إِلهِي وَإِلهَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَرَبَّ جَبْرئِيلَ وَمِيكائِيلَ (٢) وَإِسْرافِيلَ وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ المُنْتَجَبِينَ وَمُنْزِلَ (٣) التَّوْراةِ وَالإنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالفُرْقانِ وَمُنَزِّلَ كهيَّعَصَّ وَطهَ وَيَّس وَالقُرْآنَ الحَكِيم، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي المَذاهِبُ فِي سَعَتِها وَتَضِيقُ بِيَ الأَرْضُ بِرُحْبِها (٤) وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الهالِكِينَ، وَأَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِي وَلَوْلا سَتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنْ المَفْضُوحِينَ وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائِي وَلْولا نَصْرُكَ إِيَّايَ (٥) لَكُنْتُ مِنَ المَغْلُوبِينَ. يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ يا مَنْ

_________________

١ - وانكشفت - خ -.

٢ - وميكال - خ -.

٣ - منزل - خ -.

٤ - بما رحبت - خ -.

٥ - لي - خ -.
٣٤٩

جَعَلَتْ لَهُ المُلُوكُ نَيْرَ المَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورِ وَغَيْبَ ما تَأْتِي بِهِ الأزْمِنَةُ وَالدُّهُورِ يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْف هُوَ إِلاّ هُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُ ماهُوَ إِلاّ هُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُهُ إِلاّ هُوَ (١) يا مَنْ كَبَسَ الأَرْضَ عَلى الماءِ وَسَدَّ الهَواءَ بِالسَّماء يا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الأسَّماء، يا ذا المَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ أَبَداً يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي البَلَدِ القَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنْ الجُبِّ وَجاعِلَهُ بَعْدَ العُبُودِيَّةِ مَلِكا يا رادَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنْ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنُ فَهُوَ كَظِيمٌ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلْوى عَنْ أَيُّوبَ وَمُمْسِكَ (٢) يَدَيْ إِبْراهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمُرِهِ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ يا مَنْ فَلَقَ البَحْرَ لِبَنِي إِسْرائِيلَ فَأَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ المُغْرَقِينَ يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مِنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ يا مَنْ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الجُحُودِ وَقَدْ غَدَوا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ. يا الله يا الله يا بَدِيءُ يا بَدِيعُ لانِدَّ لك (٣) يا دائِماً لانَفادَ لَكَ يا حَيّاً حِينَ لاحَيَّ يا مُحْيِيَ المَوْتى يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي وَرَآنِي عَلى المَعاصِي فَلَمْ يَشْهرْنِي (٤) يا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي يا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي يا مَنْ أَيادِيهِ عِنْدِي لاتُحْصى وَنِعَمُهُ لاتُجازى يا مَنْ عارَضَنِي بِالخَيْرِ وَالإحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالاِسائَةِ وَالعِصْيانِ يا مَنْ هَدانِي لِلاِيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الاِمْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي وَعُرْياناً فَكَسانِي وَجائِعاً فَأَشْبَعَنِي وَعَطْشاناً فَأَرْوانِي

_________________

١ - يا من لا يعلم ما يعلمه إلّا هو: نسخة.

٢ - ويا ممسك - خ -.

٣ - يا بديع لا بدء لك - خ -.

٤ - يخذلني - خ -.
٣٥٠

وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي وَجاهِلاً فَعَرَّفَنِي وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي وَغايِباً فَرَدَّنِي وَمُقِلاً فَأَغْنانِي وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَنِي؛ فَلَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِي وَنَفَّسَ كُرْبَتِي وَأَجابَ دَعْوَتِي وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَغَفَرَ ذُنُوبِي وَبَلَّغَنِي طَلَبِي وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمِ مِنَحِكَ لااُحْصِيها، يا مَوْلايَ أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ أَنْتَ الّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ أَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فَلَكَ الحَمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنا يا إِلهِي المُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي. أَنا الَّذِي أَسَأْتُ أَنا الَّذِي أَخْطَأْتُ أَنا الَّذِي هَمَمْتُ أَنا الَّذِي جَهِلْتُ أَنا الَّذِي غَفَلْتُ أَنا الَّذِي سَهَوْتُ أَنا الَّذِي أَعْتَمَدْتُ أَنا لَّذِي تَعَمَّدْتُ أَنا الَّذِي وَعَدْتُ أَنا الَّذِي أَخْلَفْتُ أَنا الَّذِي نَكَثْتُ أَنا الَّذِي أَقْرَرْتُ أَنا الِّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي، وَأَبُوُء بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي يا مَنْ لاتَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ وَالمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحا مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. فَلَكَ الحَمْدُ إِلهِي وَسَيِّدِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَرائةٍ لِي (١) فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَسْتَقْبِلُكَ (٢) يا مَوْلايَ أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟

_________________

١ - لي: خ.

٢ - أستقيلك - خ -.



أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِي وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ؟ فَلَكَ الحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ يا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الآباءِ وَالاُمَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي وَمِنَ العَشائِرِ وَالإِخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي وَمِنَ السَّلاطِينِ أَنْ يُعاقِبُونِي، وَلَوْ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذا ما أَنْظَرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي؛ فَها أَنا ذا يا إِلهِي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدِي خاضِعٌ ذَلِيلٌ حَصِيرٌ فَقِيرٌ لا ذو بَرائةٍ فَأَعْتَذِرُ وَلا ذو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ وَلاحُجَّةٍ فَاحْتَجُّ بِها وَلاقائِلٌ لَمْ اجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَما عَسى الجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ يَنْفَعُنِي كَيْفَ وَأَنَّى ذلِكَ وَجَوارِحِي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ (١) وَعَلِمْتُ يَقِينا غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سائِلِي مِنْ عَظائِمِ الاُمُورِ وَأَنَّكَ الحَكَمُ (٢) العَدْلُ الَّذِي لاتَجُورُ وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يا إِلهِي فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ المُسْتَغْفِرِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُوَحِّدِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الخائِفِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الوَجِلِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُهَلِّلِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُسَبِّحِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُكَبِّرِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ رَبِّي وَرَبُّ آبائِيَ الأوّلِينَ. اللّهُمَّ هذا ثَنائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً وَإِخْلاصِي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً وَإِقْرارِي بآلائِكَ مُعَدِّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّا إِنِّي لَمْ أُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها إِلى حادِثٍ

_________________

١ - علمت - خ -.

٢ - الحكيم - خ -.
٣٥٢

مالَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي (١) بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ العُمرِ مِنَ الاِغْناءِ مِنَ (٢) الفَقْرِ وَكَشْفِ الضُّرِّ وَتَسْبِيبِ اليُسْرِ وَدَفْعِ العُسْرِ وَتَفْرِيجِ الكَرْبِ وَالعافِيَةِ فِي البَدَنِ وَالسَّلامَةِ فِي الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلى قَدْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ماقَدَرْتُ وَلا هُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ رَحِيمٍ لا تُحْصى آلاؤُكَ وَلا يُبْلَغُ ثَناؤُكَ وَلا تُكافى نَعْماؤكَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَتْمِمْ عَلْينا نِعَمَكَ وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، اللّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ المُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ السُّوءَ وَتُغِيثُ المَكْرُوبَ وَتُشْفِي السَّقِيمَ وَتُغْنِي الفَقِيرَ وَتَجْبُرُ الكَسِيرَ وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ وَتُعِينُ الكَبِيرَ وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ وَلا فَوْقَكَ قَدِيرٌ وَأَنْتَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، يا مُطْلِقَ المُكَبَّلِ الأسِيرِ يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ يا عِصْمَةَ الخائِفِ المُسْتَجِيرِ يا مَنْ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِي فِي هذِهِ العَشِيَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنَ العالَمِينَ مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيها وَآلاٍ تُجَدِّدُها وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها إِنَّكَ لَطِيفٌ بِما تَشاءُ خَبِيرٌ وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ وَأَكْرَمُ مَنْ عَفى وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلْ يا رَحْمنَ الدُّنْيا وَالآخرةِ وَرَحِيمَهُما لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي وَوَثِقْت بِكَ فَنَجَّيْتَنِي وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وَتَمِّمْ لَنا نَعْمائكَ وَهَنِّئْنا عَطائَكَ وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرِينَ وَلاِ لائِكَ ذاكِرِينَ آمِينَ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ. اللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ وَقَدَرَ فَقَهَرَ وَعُصِيَ فَسَتَرْ وَاسْتُغْفَرَ فَغَفَرَ يا غايَةَ

_________________

١ - تتغمّدني - خ -.

٢ - بعد - خ -.
٣٥٣

الطَّالِبِينَ وَمُنْتَهى أَمَلِ الرَّاجِينَ يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْما وَوَسِعَ المُسْتَقِيلينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْما، اللّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هذِهِ العَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ البَشِيرِ النَّذِيرِ السِّراجِ المُنِيرِ الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلى المُسْلِمِينَ وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ . اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ المُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الأصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ فَاجْعَلْ لَنا اللّهُمَّ فِي هذِهِ العَشِيَّةِ نَِصيبا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ وَنُوراً تَهْدِي بِهِ وَرَحْمَةً تَنْشُرُها وَبَرَكَةً تُنْزِلُها وَعافِيَةً تُجَلِّلُها وَرِزْقاً تَبْسُطُهُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللّهُمَّ أَقْلِبْنا فِي هذا الوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غانِمِينَ وَلا تَجْعَلْنا مِنَ القانِطِينَ وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِكَ قانِطِينَ وَلا تَرُدَّنا خائِبِينَ وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودِينَ، يا أجْوَدَ الأجْوَدِينَ وَيا أكْرَمَ الأكْرَمِينَ إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنِينَ وَلِبَيْتِكَ الحَرامِ آمِّينَ قاصِدِينَ فَأَعِنّا عَلى مَناسِكِنا وَكَمِّلْ لَنا حَجَّنا وَاعْفُ عَنّا وَعافِنا فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِينا فَهِيَ بِذِلَّةِ الاِعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ، اللّهُمَّ فَأَعْطِنا فِي هذِهِ العَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ وَاكْفِنا ما اسْتَكْفَيْناكَ فَلا كافِيَ لِنا سِواكَ وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ، نافِذٌ فِينا حُكْمُكَ مُحِيطٌ بِنا عِلْمُكَ عَدْلٌ فِينا قَضاؤُكَ اقْضِ لَنا الخَيْرَ وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ، اللّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظِيمَ الأجْرِ وَكَرِيمَ الذُّخْرِ وَدَوامَ اليُسْرِ وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعِينَ وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الهالِكِينَ وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللّهُمَّ اجْعَلْنا فِي هذا الوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ وَثابَ (١) إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ

_________________

١ - وتاب - خ -.
٣٥٤

وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهُ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، اللّهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا (١) وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا يا خَيْرَ مَنْ سُئِلْ وَيا أرْحَمَ مَنْ اسْتُرْحِمَ يا مَنْ لا يَخفى عَلَيْهِ إِغْماضُ الجُفُونِ وَلا لَحْظُ العُيُونِ وَلا ما اسْتَقَرَّ فِي المَكْنُونِ وَلا ما انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ القُلُوبِ أَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ؟ سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّا كَبِيراً تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالأَرْضونَ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ وَالمَجْدُ وَعُلُوُّ الجَدِّ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ وَالفَضْلِ وَالإنْعامِ وَالأيْادِي الجِسامِ وَأَنْتَ الجَوادُ الكَرِيمُ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ، اللّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلالِ وَعافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي وَآمِنْ خَوْفِي وَاعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، اللّهُمَّ لاتمْكُرْ بِي وَلا تَسْتَدْرِجْنِي وَلا تَخْدَعْنِي وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإنْسِ . ثم رفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان، وقال بصوتٍ عالٍ: يا أَسْمَع السَّامِعِينَ يا أَبْصَر النَّاظِرِينَ وَيا أَسْرَعَ الحاسِبِينَ وَيا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ المَيامِينَ، وَأَسأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِي الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي؛ أَسأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَكَ المُلْكُ وَلَكَ الحَمْدُ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يا رَبِّ يا رَبِّ . وكان يكرر قوله: يا رَبِّ، وشغل من حضر ممن كان حوله عن الدعاء لأنفسهم وأقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ثم علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشمس وأفاض الناس معه .

أقول: إلى هنا تم دعاء الحسين عليه‌السلام في يوم عرفة على ما أورده الكفعمي في كتاب (البلد الأمين) وقد تبعه المجلسي في كتاب زاد المعاد (٢) ولكن زاد السيد ابن طاووس (رض) في (الاقبال) بعد: يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه الزيادة: إِلهِي أَنا الفَقِيرُ فِي غِنايَ فَكَيْفَ لاأَكُونُ فَقِيراً فِي

_________________

١ - اللّهم وفّقنا وسددنا واعصمنا - خ -.

٢ - زاد المعاد: ٢٦٠ - ٢٨٠، البلد الامين: ٢٥١ - ٢٥٨.
٣٥٥

فَقْرِي إِلهِي أَنا الجاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لا أَكُونُ جَهُولاً فِي جَهْلِي؟ إِلهِي إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبِيرِكَ وَسُرْعَةَ طَواءِ مَقادِيرِكَ مَنَعاً عِبادَكَ العارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلى عَطاءٍ وَاليَّأْسِ مِنْكَ فِي بَلاٍ، إِلهِي مِنِّي ما يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَمِنْكَ ما يَلِيقُ بِكَرَمِكَ، إِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي أَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُما بَعْدَ وَجُودِ ضَعْفِي؟ إِلهِي إِنْ ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ وَلَكَ المِنَّةُ عَلَيَّ وَإِنْ ظَهَرَتِ المَساوِيُ مِنِّي فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ، إِلهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَكَفَّلْتَ (١) لِي وَكَيْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي، أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الحَفِيُّ بِي؟ ها أَنا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالِي وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالِي وَهُوَ مِنْكَ بَرَزٌ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبْ آمالِي وَهِي قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ أَحْوالِي وَبِكَ قامَتْ؟ إِلهِي ما أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي وَما أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي! إِلهِي ما أَقْرَبَكَ مِنِّي وَأَبْعَدَنِي عَنْكَ وَما أَرْأَفَكَ بِي! فَما الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ؟ إِلهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الاثارِ وَتَنَقُّلاتِ الأطْوارِ أَنَّ مُرادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إلى فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى لا أَجْهَلَكَ فِي شَيْءٍ، إِلهِي كُلَّما أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ وَكُلَّما آيَسَتْنِي أَوْصافِي أَطْمَعَتْني مِنَنُكَ، إِلهِي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَسَاوِيَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ مَساوِؤُهُ مَساوِيَ، وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوي فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاواهُ دَعاوي، إِلهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيئَتُكَ القاهِرَةِ لَمْ يَتْرُكا لِذِي مَقالٍ مَقالاً وَلا لِذِي حالٍ حالاً، إِلهِي كَمْ مِنْ طاعَةٍ بنَيْتُها وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادِي عَلَيْها عَدْلُكَ بَلْ أَقالَنِي مِنْها فَضْلُكَ، إِلهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلاً جَزْما فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْما، إِلهِي كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ القاهِرُ وَكَيْفَ لاأَعْزِمُ وَأَنْتَ الأمِرُ؟ إِلهِي تَرَدُّدي فِي الآثارِ يُوجِبُ

_________________

١ - توكّلت - خ -.
٣٥٦

بُعْدَ المَزارِ فاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ أَيَكُونُ لِغَيْرُكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ المُظْهِرَ لَكَ؟ مَتى غبْتَ حَتَّى تَحْتاجَ إِلى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ وَمَتى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الآثارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ؟ عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقِيباً وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلَ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً، إِلهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلى الآثارِ فَارْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الأنْوارِ وَهِدايَةِ الاِسْتِبْصارِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها مَصُونَ السِّرِّ عَنْ النَّظَرِ إِلَيْها وَمَرْفُوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعْتِمادِ عَلَيْها إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . إِلهِي هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَهذا حالِي لا يَخْفى عَلَيْكَ مِنْكَ أَطْلُبُ الوُصُولَ إِلَيْكَ وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِلهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ المَخْزُونِ وَصُنِّي بِسِتْرِكَ المَصُونِ إِلهِي حَقِّقْنِي بِحَقائِقِ أَهْلِ القُرْبِ وَاسْلُكَ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الجَذْبِ، إِلهِي أَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي وَبِاخْتِيارِكَ عَنْ اخْتِيارِي وَأوْقِفْنِي عَلى مَراكِزِ اضْطِرارِي، إِلهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنِي وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنِي وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِي وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنِي وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِي، إِلهِي تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي؟ إِلهِي أَنْتَ الغَنِيُّ بِذاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لاتَكُونُ غَنِيّا عَنِّي؟ إِلهِي إِنَّ القَضاء وَالقَدَرَ يُمَنِّيِني وَإِنَّ الهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتَّى اسْتَغْنِي بِكَ عَنْ طَلَبِي، أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الأنْوارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ وَأَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الأغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ وَلَمْ يَلْجَأَوا إِلى غَيْرِكَ أَنْتَ المُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ العَوالِمُ
٣٥٧

وَأَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمْ المَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَما الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟! لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوَّلاً، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الإحْسانَ وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ مابَدَّلْتَ عادَةَ الاِمْتِنانِ؟ يا مَنْ أَذاقَ أَحِبَّأَهُ حَلاوَةَ المُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ وَيا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيائهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ، أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ وَأَنْتَ البادِيُ بِالإحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ العابِدِينَ وَأَنْتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ وَأَنْتَ الوَهَّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ المُسْتَقْرِضِينَ، إِلهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ وَاجْذُبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ، إِلهِي إِنَّ رَجائِي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ كَما أَنَّ خَوْفِي لا يُزايِلُنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ فَقَدْ دَفَعَتْنِي العَوالِمُ إِلَيْكَ وَقَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، إِلهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِي أَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي، إِلهِي كَيْفَ أسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي أَمْ كَيْفَ لا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَنِي؟ إِلهِي كَيْفَ لا أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي فِي الفُقَراءِ أَقَمْتَنِي أَمْ كَيفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي وَأَنْتَ الَّذِي لا إِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيْءٍ فَما جَهِلَكَ شَيٌْ وَأَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إلى فِي كُلِّ شَيْءٍ فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْءٍ . يا مَنْ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِه فَصارَ العَرْشُ غَيْبا فِي ذاتِهِ مَحَقْتَ الآثارَ بِالآثارِ وَمَحَوْتَ الأغْيارَ بِمُحِيطاتِ أَفْلاكِ الأنْوارِ، يا مَنْ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الأبْصارُ يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ الاِسْتِواءِ، كَيْفَ تَخْفى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الحاضِرُ؟ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ (١) .

وعلى أي حال فقد وردت أدعية وأعمال كثيرة في هذا اليوم لمن وفق فيه لحضور عرفات،

_________________

١ - الاقبال ط القديم: ٣٤٨ - ٣٥٠ وسقط من ط الجديد ولعلّه بسهو من المحقّق.
٣٥٨

وأفضل أعمال هذا اليوم الشريف الدعاء وهو يوم قد امتاز بالدعاء امتيازاً وينبغي الإكثار فيه من الدعاء للإخوان المؤمنين أحياءً وأمواتا، والرواية الواردة في شان عبد الله بن جندب رض في الموقف بعرفات ودعائه لإخوانه المؤمنين مشهورة (١) ، ورواية زيد النرسي في شان الثقة الجليل معاوية بن وهب في الموقف ودعائه في حق إخوانه في الآفاق واحداً واحداً (٢) ، وروايته عن الصادق عليه‌السلام في فضل هذا العمل مما ينبغي الاطلاع عليه والتدبر فيه . والرجاء الواثق من إخواني المؤمنين ان يجعلوا هؤلاء العظماء قدوة يقتدون بهم فيؤثرون على أنفسهم إخوانهم المؤمنين بالدعاء ويعدونني في زمرتهم وأنا العاصي الذي سودت وجهي الذنوب فلا ينسونني من الدعاء حيّا وميتا . واقرأ في هذا اليوم الزيارة الجامعة الثالثة وقل في آخر نهار عرفة:

يا رَبِّ إِنَّ ذُنُوبِي لا تَضُرُّكَ وَإِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِي لا تَنْقُصُكَ فَأَعْطِنِي مالا يَنْقُصُكَ وَاغْفِرْ لِي مالا يَضُرُّكَ (٣) . وَقل أيضاً: اللّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي خَيْرَ ما عِنْدَكَ لِشَرِّ ما عِنْدِي فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَرْحَمْنِي بِتَعَبِي وَنَصَبِي فَلا تَحْرِمْنِي أَجْرَ المُصابِ عَلى مُصِيبَتِهِ (٤) .

أقول: قال السيد ابن طاووس في خلال أدعية يوم عرفة: إذا دنا غروب الشمس فقل: بِسْمِ الله وَبِالله وَسُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ ... الدعاء وهذا هو دعاء العشرات السالف. فجدير ان لا يترك في آخر نهار عرفة قراءة دعاء العشرات المسنون في كل صباح ومساء، وهذه الأذكار التي أوردها الكفعمي هي الأذكار الواردة في آخر دعاء العشرات كما أورده السيد رحمه‌الله (٤) .

الليلة العاشرة: ليلة مباركة وهي إحدى اللّيالي الأَرْبع التي يستحب إحياؤها وتفتح فيها أبواب السماء (٦) ، ومن المسنون فيها زيارة الحسين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ (٧) . ودعاء: يا دائِمَ الفَضْلِ عَلى البَرِيَّةِ... الذي مضى في خلال أعمال ليلة الجمعة .

اليوم العاشر: يوم عيد الأضحى وهو يوم ذو شرافة بالغة وأعماله عديدة:

الأول: الغسل وهو سنّة مؤكّدة في هذا اليوم وقد أوجبه بعض العلماء (٨) .

_________________

١ - الوسائل ١٣ / ٥٤٤ ح ١٨٤٠٢، الكافي ٤ / ٤٦٥ ح ٧، التهذيب ٥ / ١٨٤ ح ٦١٥.

٢ - الدعوات للراوندي: ٢٩١، عدّة الداعي: ٢١٥، الاصول الستة عشر: ١٨٩ ح ١٥٥.

٣ - الاقبال ٢ / ١٨٧ فصل ٢٢ من باب ٣.

٤ - الاقبال ٢ / ١٨٧ فصل ٢٢ من باب ٣.

٥ - الاقبال ٢ / ١٨٢ - ١٨٤ فصل ٢٢ من باب ٣، مع اختلاف كثير مع دعاء العشرات الذي تقدّم في ص ١٢١، والبلد الامين للكفعمي: ٢٤ - ٢٦.

٦ - مصباح المتهجّد: ٦٦٩.

٧ - مصباح المتهجّد: ٧١٦.

٨ - من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٠٧ ح ١٤٦١ و ١٤٦٢.
٣٥٩

الثاني: أداء صلاة العيد كما وصفناها في عيد الفطر ولكن يستحب ان يؤخر في هذا اليوم الافطار عن الصلاة كما يستحب أن يفطر على لحم الأضحية (١) .

الثالث: قراءة الدعوات المأثورة قبل صلاة العيد وبعدها وهي مذكورة في كتاب (الاقبال) ولعل أفضل الأدعية في هذا اليوم هو الدعاء الثامن والأَرْبعون من الصحيفة الكاملة أوّلُه: اللّهُمَّ هذا يَوْمٌ مُبارَكٌ ... فادع به وادع أيضاً بالدعاء السادس والأَرْبعين: يا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لا يَرْحَمَهُ العِبادُ ....

الرابع: قراءة دعاء الندبة (٢) وسيأتي إن شاء الله تعالى ص ٦٣٧.

الخامس: التضحية وهي سُنَّة مؤكدة (٣) .

السادس: أن يكبر بالتكبيرات الآتية عقيب كل خمس عشرة فريضة أوّلها فريضة ظهر العيد وآخرها فريضة فجر اليوم الثالث عشر. هذا لمن كان في منى وأما من كان في سائر البلاد فيكبر بها عقيب عشر فرائض تبداً من فريضة ظهر العيد وتنتهي بفجر اليوم الثاني عشر والتكبيرات على رواية الكافي الصحيحة كما يلي: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ، الله أَكْبَرُ عَلى ماهَدانا الله أَكْبَرُ عَلى مارَزَقَنا مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعامِ وَالحَمْدُ للهِ عَلى ما أَبْلانا. ويستحب تكرار هذه التكبيرات عقيب الفرائض ما تيسّر كما يستحب التكبير بها بعد النّوافل أيضاً (٤) .

اليوم الخامس عشر: ميلاد الإمام علي النقي عليه‌السلام وكانت ولادته في سنة ٢١٢ هـ (٥) .

الليلة الثامنة عشرة: ليلة عيد الغدير وهي ليلة شريفة، روى السيد في (الاقبال) لهذه اللّيلة صلاة ذات صفة خاصة ودعاء وهي اثنتا عشرة ركعة بسلام واحد (٦) .

اليوم الثامن عشر: يوم عيد الغدير وهو عيد الله الأكبر وعيد آل محمد عليهم‌السلام ، وهو أعظم الأعياد ما بعث الله تعالى نبيا إِلاّ وهو يعيد هذا اليوم ويحفظ‍ حرمته، واسم هذا اليوم في السماء يوم العهد المعهود، واسمه في الأَرْض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود (٧) .

وروي أنه سئل الصادق عليه‌السلام : هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال:

_________________

١ - من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٠٨ بعد ح ١٤٦٣ وح ١٤٦٥.

٢ - زاد المعاد: ٣٢٠.

٣ - انظر الاقبال ٢ / ٢٣٣ فصل ٨ من باب ٤.

٤ - الكافي ٤ / ٥١٦ - ٥١٧ ح ١ - ٥.

٥ - بحار الانوار ٥٠ / ١١٦ عن الكافي.

٦ - الاقبال ٢ / ٢٣٧ فصل ١ من باب ٥.

٧ - الاقبال ٢ / ٢٨٢ فصل ١٥ من باب ٥ عن الصادق عليه‌السلام .
٣٦٠

نعم أعظمها حرمة . قال الراوي: وأيُّ عيد هو؟ قال: اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال ومن كنت مولاه فعلي مولاه، وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة . قال الراوي وما ينبغي لنا ان نفعل في ذلك اليوم قال الصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد عليهم‌السلام والصلاة عليهم، وأوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه‌السلام ان يتخذ ذلك اليوم عيداً وكذلك كانت الأنبياء تفعل، كانوا يوصون أوصياؤهم بذلك فيتخذونه عيداً (١) .

وفي حديث أبي نصر البزنطي عن الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ أنه قال: يا بن أبي نصر أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فإن الله تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر ولدرهم فيه بألف درهم لاخوانك العارفين، وأفضل على إخوانك في هذا اليوم وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرّات (٢) .

والخلاصة أن تعظيم هذا اليوم الشريف لازم وأعماله عديدة:

الأول: الصوم وهو كفارة ذنوب ستين سنة. وقد روي أن صيامه يعدل صيام الدهر ويعدل مائة حجة وعمرة (٣) .

الثاني: الغسل (٤) .

الثالث: زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام وينبغي أن يجتهد المر أينما كان فيحضر عند قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد حكيت له عليه‌السلام زيارات ثلاث في هذا اليوم، أولاها زيارة أمين الله المعروفة (٥) ويزارها في القرب والبعد وهي من الزيارات الجامعة المطلقة أيضاً وستأتي في باب الزيارات إن شاء الله تعالى ص ٦٦٠.

الرابع: أن يتعوذ بما رواه السيد في الاقبال عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) .

الخامس: أن يصلّي ركعتين ثمّ يسجد ويشكر الله عزَّ وجلَّ مائة مرة، ثم يرفع رأسه من السجود ويقول:

_________________

١ - الكافي ٤ / ١٤٩ ح ٣ من باب صيام الترغيب مع اختصار من المؤلف هنا.

٢ - الاقبال ٢ / ٢٦٨ فصل ٩ من باب ٥ مع اضافات.

٣ - الاقبال ٢ / ٢٨٢ فصل ١٥ من باب ٥.

٤ - الاقبال ٢ / ٢٥٩ فصل ٥ من باب ٥.

٥ - الاقبال ٢ / ٢٧٣ فصل ١٣ من باب ٥.

٦ - الاقبال ٢ / ٢٧٥ فصل ١٤ من باب ٥، أوّله: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله خيرِ الاسماء....
٣٦١

اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمْدَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّكَ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفْوا أَحَدٌ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ كَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تَفَضَّلْتَ عَلَيَّ بِأَنْ جَعَلْتَنِي مِنْ أَهْلِ إِجابَتِكَ وَأَهْلِ دِينِكَ وَأَهْلِ دَعْوَتِكَ وَوَفَّقْتَنِي لِذلِكَ فِي مُبْتَدَِ خَلْقِي تَفَضُّلاً مِنْكَ وَكَرَما وَجُوداً، ثُمَّ أَرْدَفْتَ الفَضْلَ فَضْلاً وَالجُودَ جُوداً وَالكَرَمَ كَرَما رَأْفَةً مِنْكَ وَرَحْمَةً إِلى أَنْ جَدَّدْتَ ذلِكَ العَهْدَ لِي تَجْدِيداً بَعْدَ تَجْدِيدِكَ خَلْقِي، وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِياً ناسيا ساهِياً غافِلاً فَأَتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ بِأَنْ ذَكَّرْتَنِي ذلِكَ وَمَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ وَهَدَيْتَنِي لَهُ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ يا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ أَنْ تُتِمَّ لِي ذلِكَ وَلا تَسْلُبْنِيهِ حَتّى تَتَوَفَّانِي عَلى ذلِكَ وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ فَإِنَّكَ أَحَقُّ المُنْعِمِينَ أَنْ تُتِمَّ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ اللّهُمَّ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأَجَبْنا داعِيكَ بِمَنِّكَ فَلَكَ الحَمْدُ غُفْرانَكَ رَبَّنا وإِلَيْكَ المَصِيرُ، آمَنَّا بِالله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَصَدَّقْنا وَأَجَبْنا داعِيَ الله، وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ فِي مُوالاةِ مَولانا وَمَوْلى المُؤْمِنِينَ أمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ عَبْدِ الله وَأَخِي رَسُولِهِ وَالصِّدّيقِ الأكْبَرِ وَالحُجَّةِ عَلى بَرِيَّتِةِ المُؤَيِّدِ بِهِ نَبِيَّهُ وَدِينَهُ الحَقَّ المُبِينَ، عَلَما لِدِينِ الله وَخازِنا لِعِلْمِهِ وَعَيْبَةَ غَيْبِ الله وَمَوْضِعَ سِرِّ الله وَأَمِينَ الله عَلى خَلْقِهِ وَشاهِدَهُ فِي بَرِيَّتِهِ، اللّهُمَّ رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِيا يُنادِي لِلإيْمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الأبْرارِ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ القِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ فَإِنَّا يا رَبَّنا بِمَنِّكَ وَلُطْفِكَ أجَبْنا داعِيَكَ وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ وَصَدَّقْناهُ وَصَدَّقْنا مَوْلى المُؤْمِنِينَ وَكَفَرْنا بِالجِبْتِ والطَّاغُوتِ؛ فَوَلِّنا ما تَوَلَّيْنا وَاحْشُرْنا مَعَ أَئِمَّتِنا فَإِنَّا بِهِمْ مُؤْمِنُونَ وَلَهُمْ مُسْلِمُونَ؛ آمَنَّا بِسِرّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ وَشاهِدِهِمْ وَغائِبِهِمْ وَحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ وَرَضِينا بِهِمْ أَئِمَّةً وَقادَةً وَسادَةً وَحَسْبُنا بِهِمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الله
٣٦٢

دُونَ خَلْقِهِ لا نَبْتَغِي بِهِمْ بَدَلاً، ولا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيجَةً وَبَرِئْنا إِلى الله مِنْ كُلُّ مَنْ نَصَبَ لَهُمْ حَرْبا مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ مِنَ الأوّلِينَ وَالآخرينَ، وَكَفَرْنا بِالجِبْتِ والطَّاغُوتِ وَالأوْثانِ الأَرْبَعَةِ وَأَشْ يا عِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَكُلِّ مَنْ وَالاهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالإنْسَ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلى آخِرِهِ، اللّهُمَّ أَنَّا نُشْهِدُكَ أَنَّا نَدِينُ بِما دانَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَقَوْلُنا ما قالُوا وَدِينُنا ما دانُوا بِهِ؛ ما قالُوا بِهِ قُلْنا وَما دانُوا بِهِ دِنَّا وَما أَنْكَرُوا أَنْكَرْنا وَمَنْ وَالَوا وَالَيْنا وَمَنْ عادَوا عادَيْنا وَمَنْ لَعَنُوا لَعَنَّا وَمَنْ تَبَرَّأوا مِنْهُ تَبَرَّأنا مِنْهُ وَمَنْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ تَرَحَّمْنا عَلَيْهِ، آمَنَّا وَسَلَّمْنا وَرَضِينا وَاتَّبَعْنا مَوالِينا صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ، اللّهُمَّ فَتَمِّمْ لَنا ذلِكَ وَلا تَسْلُبْناه وَاجْعَلْهُ مُسْتَقِراً ثابِتا عِنْدَنا وَلا تَجْعَلْهُ مُسْتَعاراً وَأَحْيِنا ما أَحْيَيْتَنا عَلَيْهِ وَأَمِتْنا إذا أَمَتَّنا عَلَيْهِ؛ آلُ مُحَمَّدٍ أَئِمَّتُنا فَبِهِمْ نَأْتَمُّ وَإِيَّاهُمْ نُوالِي وَعَدوَّهُمْ عَدُوَّ الله نُعادِي فَاجْعَلْنا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخرةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ فَإنَّا بِذلِكَ راضُونَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . ثم يسجد ثانياً ويقول مائة مرة: الحَمْدُ للهِ، ومائة مرة: شُكْراً للهِ . وروي أن من فعل ذلك كان كمن حضر ذلك اليوم وبايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الولاية، الخبر . والأفضل أن يصلي هذه الصلاة قرب الزوال وهي الساعة التي نصب فيها أميرالمؤمنين عليه‌السلام بغدير خم إماماً للناس . وأن يقرأ في الركعة الأوّلى منها سورة القدر وفي الثانية التوحيد (١) .

السادس: أن يغتسل ويُصلي ركعتين من قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة و ( قل هو الله أحد ) عشر مرات وآية الكرسي عشر مرات و ( إنا أنزلناه عشراً ) ، فهذا العمل يعدل عند الله عزَّ وجلَّ مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة ويوجب أن يقضي الله الكريم حوائج دنياه وآخرته في يسر وعافية.

ولا يخفى عليك أن السيد في (الاقبال) قدم ذكر سورة القدر على آية الكرسي في هذه الصلاة وتابعه العلامة المجلسي في زاد المعاد فقدم ذكر القدر كما صنعت أنا في سائر كتبي ولكني بعد التَّتبع وجدت الأغلب ممّن ذكروا هذه الصلاة قد قدموا ذكر آية الكرسي على القدر واحتمال سهو القلم

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٢٧٧ فصل ١٥ من باب ٥.
٣٦٣

من السيد نفسه أو من الناسخين لكتابه في كلا موردي الخلاف وهما عدد الحمد وتقديم القدر بعيد غاية البعد كاحتمال كون ما ذكره السيد عملاً مستقلاً مغايراً للعمل المشهور والله تعالى هو العالم . والأفضل أن يدعو بعد هذه الصلاة بهذا الدعاء: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِيا . .. الدعاء بطوله (١) .

السابع: أن يدعو بدعاء الندبة (٢) .

الثامن: أن يدعو بهذا الدعاء الذي رواه السيد ابن طاووس عن الشيخ المفيد:

اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَعَلِيٍّ وَلِيِّكَ وَالشَّأنِ وَالقَدْرِ الَّذِي خَصَصْتَهُما بِهِ دُونَ خَلْقِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الأَئِمَّةِ القادةِ وَالدُّعاةِ السَّادَةِ وَالنُّجُومِ الزَّاهِرَةِ وَالأعْلامِ الباهِرَةِ وَساسَةِ العِبادِ وَأَرْكانِ البِلادِ وَالنَّاَقِة المُرْسَلَةِ وَالسَّفِينَةِ النَّاجِيَةِ الجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الغامِرَةِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ خُزَّانِ عِلْمِكَ وَأَرْكانِ تَوْحِيدِكَ وَدَعائِمِ دِينِكَ وَمَعادِنِ كَرامَتِكَ وَصَفْوَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ الأَتْقِياءِ الأَنْقِياءِ النُّجَباءِ الأبْرارِ وَالبابِ المُبْتَلى بِهِ النَّاسُ مَنْ أتاهُ نَجا وَمَنْ أباهُ هَوى، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَهْلِ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَسْأَلَتِهِمْ وَذَوِي القُرْبى الَّذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ وَفَرَضْتَ حَقَّهُمْ وَجَعَلْتَ الجَنَّةَ مَعادَ مَنِ اقْتَصَّ آثارَهُمْ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما أمَرُوا بِطاعَتِكَ وَنَهوا عَنْ مَعصِيَتِكَ وَدَلُّوا عِبادَكَ عَلى وَحْدانِيَّتِكَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَنَجِيبِكَ وَصَفْوَتِكَ وَأمِينكَ وَرَسُولِكَ إِلى خَلْقِكَ وَبِحَقِّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَيَعْسُوبَ الدِّينِ وَقائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ الوَصِيَّ الوَفِيَّ وَالصِّدِّيقِ الأكْبَرِ وَالفارُوقِ بَيْنَ الحَقِّ وَالباطِلِ وَالشَّاهِدِ لَكَ الدَّالَ عَلَيْكَ وَالصَّادِعِ بأَمْرِكَ وَالمُجاهِدِ فِي سَبِيلِكَ، لَمْ تَأْخُذْهُ فِيكَ لَوْمَةُ لائِمٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٢٨٣ فصل ١٥ من باب ٥، زاد المعاد: ٣٣٤.

٢ - زاد المعاد: ٤٩١.
٣٦٤

وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَنِي فِي هذا اليَوْمِ الَّذِي عَقَدْتَ فِيهِ لِوَلِيِّكَ العَهْدَ فِي أَعْناقَ خَلْقِكَ وَاكْمَلْتَ لَهُمْ الدِّينَ مِنَ العارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ وَالمُقِرِّيْنَ بِفَضْلِهِ مِنْ عُتَقائِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ، وَلا تُشْمِتْ بِي حاسِدِي النِّعَمِ، اللّهُمَّ فَكَما جَعَلْتَهُ عِيدَكَ الأكْبَرَ وَسَمَّيْتَهُ فِي السَّماء يَوْمَ العَهْدِ المَعْهُودِ وَفِي الأَرْضِ يَوْمَ المِيثاقِ المَأخُوذِ وَالجَمْعِ المَسْؤُولِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَقْرُرْ بِهِ عُيُونَنا وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَنا وَلا تُضِلَّنا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنا وَاجْعَلْنا لأنْعُمِكَ مِنَ الشَّاكِرينَ يا أرْحَمْ الرَّاحِمِينَ الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَرَّفَنا فَضْلَ هذا اليَوْمِ وَبَصَّرَنا حُرْمَتَهُ وَكَرَّمَنا بِهِ وَشَرَّفَنا بِمَعْرِفَتِهِ وَهَدانا بِنُورِهِ، يا رَسُولَ الله يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلَيْكُما وَعَلى عِتْرَتِكُما وَعَلى مُحِبِّيكُما مِنِّي أَفْضَلُ السَّلامِ ما بَقِيَ الليْلُ وَالنَّهارُ وَبِكُما أتَوَجَّه إِلى الله رَبِّي وَرَبِّكُما فِي نَجاحِ طَلِبَتِي وَقَضاء حَوائِجِي وَتَيْسِيرِ اُمُورِي، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَلْعَنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّ هذا اليَوْمِ وَأَنْكَرَ حُرْمَتَهُ فَصَدَّ عَنْ سَبِيلِكَ لإطْفاءِ نُورِكَ فَأَبى الله إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ، اللّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَاكْشِفْ عَنْهُمْ وَبِهِمْ عَنْ المُؤْمِنِينَ الكُرُباتِ، اللّهُمَّ إمْلأ الأَرْضَ بِهِمْ عَدْلاً كَما مُلِئَتْ ظُلْما وَجُوراً وَأَنْجِزْ لَهُمْ ما وَعَدْتَهُمْ إنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ (١) .

وليقرأ إن أمكنته الأدعية المبسوطة التي رواها السيد في (الاقبال) (٢) .

التاسع: أن يهني من لاقاه من إخوانه المؤمنين بقوله: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِولايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ عليهم‌السلام (٣) .

وَيقول أيضاً:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي أكْرَمَنا بِهذا اليَوْمِ وَجَعَلَنا مِنَ المُوْفِينَ بِعَهْدِهِ إلَيْنا وَمِيثاقِهِ الَّذِي وَاثَقَنا

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٣٠٤ فصل ١٥ من باب ٥، والمقنعة للمفيد: ٢٠٥، باب ٢٠.

٢ - الاقبال ٢ / ٢٨٩ وتواليه فصل ١٥ من باب ٥.

٣ - الاقبال ٢ / ٢٦١ فصل ٦ من باب ٥، زاد المعاد: ٣٢٤.
٣٦٥

بِهِ مِنْ ولايَةِ وُلاةِ أمْرِهِ وَالقُوَّامِ بِقِسْطِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الجاحِدِينَ وَالمُكذِّبِينَ بِيَومِ الدِّينِ (١) .

العاشر: أن يقول مائة مرة: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ كَمالَ دِينِهِ وَتَمامَ نِعْمَتِهِ بِولايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيّ بْنِ أَبِي طالِبٍ عليه‌السلام (٢) .

واعلم أنه قد ورد في هذا اليوم فضيلة عظيمة لكل من أعمال تحسين الثياب والتزين واستعمال الطيب والسرور والابتهاج وإفراح شيعة أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ والعفو عنهم وقضاء حوائجهم وصلة الأَرْحام والتوسيع على العيال وإطعام المؤمنين وتفطير الصائمين ومصافحة المؤمنين وزيارتهم والتبسم في وجوههم وإرسال الهدايا إليهم وشكر الله تعالى على نعمته العظمى نعمة الولاية، والاكثار من الصلاة على محمد وآل محمد عليهم‌السلام ، ومن العبادة والطاعة. ودرهم يعطي فيه المؤمن أخاه يعدل مائة ألف درهم في غيره من الأيَّامِ وإطعام المؤمن فيه كإطعام جميع الأنبياء والصدّيقين (٣) .

ومن خطبة أمير المؤمنين عليه‌السلام في يوم الغدير: ومن فطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فئاما وفئاما يعدّها بيده عشراً فنهض ناهض فقال يا أمير المؤمنين وما الفئام؟ قال: مائتا ألف نبي وصديق وشهيد فكيف بمن يكفل عدداً من المؤمنين والمؤمنات فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر... (٤) إلخ. والخلاصة أنّ فضل هذا اليوم الشريف أكثر من أن يُذكر وهو يوم قبول أعمال الشيعة ويوم كشف غمومهم وهو اليوم الذي انتصر فيه موسى على السحرة وجعل الله تعالى النار فيه على إبراهيم الخليل برداً وسلاما ونصب فيه موسى عليه‌السلام وصيه يوشع بن نون وجعل فيه عيسى عليه‌السلام شمعون الصَّفا وصَيّا له وأشهد فيه سليمان عليه‌السلام قومه على استخلاف آصف بن برخيا وآخى فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه ولذلك ينبغي فيه أن يؤاخي المؤمن أخاه، وهي على ما رواه شيخنا في مستدرك الوسائل عن كتاب زاد الفردوس بأن يضع يده اليمنى على اليد اليمنى لأخيه المؤمن ويقول: واخَيْتُكَ فِي الله وَصافَيْتُكَ فِي الله وَصافَحْتُكَ فِي الله وَعاهَدْتُ الله

_________________

١ - البلد الامين: ٢٦٣.

٢ - البحار ٩٨ / ٣٢١ عن خط بعض الافاضل نقلاً عن خط الشهيد.

٣ - انظر الاقبال ٢ / ٢٦١ و ٢٦٢ فصل ٦ من باب ٥.

٤ - الاقبال ٢ / ٢٥٩ فصل ٥ من باب ٥.
٣٦٦

وَمَلائِكَتَهُ وكُتُبَهُ وَرُسُلَهُ وَأنْبِيائَهُ وَالأئِمَّةَ المَعْصُومِينَ عليهم‌السلام عَلى أَنِّي إنْ كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَالشَّفاعَةِ وَأُذِنَ لِي بِأنْ أدْخُلَ الجَنَّةَ لا أدْخُلُها إِلاّ وَأَنْتَ مَعِي . ثُمَّ يقول اخوه المؤمن: قبلت . ثُمَّ يقول: أسْقَطْتُ عَنْكَ جَمِيعَ حُقُوقِ الاُخُوَّةِ ماخَلا الشَّفاعَةَ وَالدُّعاءَ وَالزِّيارةَ (١) . والمحدث الفيض أيضاً قد أورد إيجاب عقد المواخاة في كتاب (خلاصة الأذكار) بما يقرب مما ذكرناه ثم قال: ثم يقبل الطرف الآخر لنفسه أو لموكله باللفظ الدال على القبول، ثم يسقط كل منهما عن صاحبه جميع حقوق الاخوّة ما سوى الدّعاء والزيارة (٢) .

اليوم الرابع والعشرون: هو يوم المباهلة على الأشهر باهل فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصارى نجران وقد اكتسى بعبائة وأدخل معه تحت الكساء عليا وفاطمة والحسن والحسين عليه‌السلام وقال: اللهم إنه قد كان لكل نبي من الأنبياء أهل بيت هم أخص الخلق إليه اللهم وهؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فهبط جبرائيل بآية التطهير في شأنهم ثم خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بهم عليهم‌السلام للمباهلة فلما ابصرهم النصارى ورأوا منهم الصدق وشاهدوا إمارات العذاب لم يجرأوا على المباهلة فطلبوا المصالحة وقبلوا الجزية عليهم (٣) . وفي هذا اليوم أيضاً تصدق أمير المؤمنين عليه‌السلام بخاتمه على الفقير وهو راكع فنزل فيه الآية: ( إِنَّما وَلِيُّكُمْ الله وَرُسُولُهُ ) (٤) .

والخلاصة أن هذا اليوم يوم شريف وفيه عدّة أعمال:

الأول: الغسل (٥) .

الثاني: الصيام (٦) .

الثالث: الصلاة ركعتان كصلاة عيد الغدير وقتا وصفةً وأجرَاً، ولكن فيها تقرأ آية الكرسي إلى ( هم فيها خالدون ) (٧) .

الرابع: أن يدعو بدعاء المباهلة وهو يشابه دعاء أسحار شهر رمضان وفي هذا الدّعاء تختلف نسخة الشيخ عن نسخة السيد اختلافاً كَثِيراً وإني أختار منهما رواية الشيخ في المصباح قال:

_________________

١ - مستدرك الوسائل ٦ / ٢٧٩ رقم ٦٨٤٣، ابواب بقية الصلوات المندوبة ح ٥.

٢ - خلاصة الاذكار: ٩٩ فصل ١٠.

٣ - زاد المعاد: ٣٤٩.

٤ - زاد المعاد: ٣٥١.

٥ - زاد المعاد: ٣٥٩.

٦ - زاد المعاد: ٣٥٩.

٧ - تقدّم في ص ٣٦٣.
٣٦٧

دعاء يوم المباهلة

مرويا عن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ بما له من الفضل تقول: اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِأبْهاهُ وَكُلُّ بَهائِكَ بَهِيُّ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِأَجَلِّهِ وَكُلُّ جَلالِكَ جَلِيلٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْمَلِهِ وَكُلُّ جَمالِكَ جَمِيلٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِأَعْظَمِها وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظِيمَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِأَنْوَرِهِ وَكُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِأَوْسَعِها وَكُلُّ رَحْمَتِكَ وَاسِعَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِأَكْمَلِهِ وَكُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِأَتَمِّها وَكُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِأَكْبَرِها وَكُلُّ أَسْمائِكَ كَبِيرَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها وَكُلُّ عِزَّتِكَ عَزِيزَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ مَشِيَّتِكَ بِأَمْضاها وَكُلُّ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ الَّتِي اسْتَطَلْتَ بِها عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ قُدْرَتِكَ مُسْتَطِيلَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ عِلْمِكَ بِأَنْفَذِهِ وَكُلُّ عِلْمِكَ نافِذٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِعِلْمِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ قَوْلِكَ بِأَرْضاهُ وَكُلُّ قَوْلِكَ رَضِيُّ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِقَوْلِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ مَسائِلِكَ بِأَحَبِّها وَكُلُّها إِلَيْكَ حَبِيبَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِمَسائِلِكَ
٣٦٨

كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ شَرَفِكَ بِأَشْرَفِهِ وَكُلُّ شَرَفِكَ شَرِيفٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِشَرَفِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ سُلْطانِكَ بِأَدْوَمِهِ وَكُلُّ سُلْطانِكَ دائِمٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِسُلْطانِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ مُلْكِكَ بِأَفْخَرِهِ وَكُلُّ مُلْكِكَ فاخِرٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِمُلْكِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ عَلائِكَ بِأَعْلاهُ وَكُلُّ عَلائِكَ عالٍ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِعَلائِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ آياتِكَ بِأَعْجَبِها وَكُلُّ آياتِكَ عَجِيبَةٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِآياتِكَ كُلِّها، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ مَنِّكَ بِأَقْدَمِهِ وَكُلُّ مَنِّكَ قَدِيمٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِمَنِّكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أّدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي . اللّهُمَّ وإِنِّي (١) أَسأَلُكَ بِما (٢) أَنْتَ فِيهِ مِنَ الشَأنِ وَالجَبَروتِ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِكُلِّ شَأْنٍ وَكُلُّ جَبَروتٍ اللّهُمَّ وإِنِّي (٣) أَسأَلُكَ بِما تُجِيبَنِي بِهِ حِينَ أَسأَلُكَ يا الله يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ أَسأَلُكَ بِبَهاءِ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ أَسأَلُكَ بِجَلالِ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سأَلُكَ بلا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ رِزْقِكَ بِأَعَمّهِ وَكُلُّ رِزْقِكَ عامٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِرِزْقِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ عَطائِكَ بِأَهْنأهِ وَكُلُّ عَطائِكَ هَنِيٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَطائِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ مِنْ خَيْرِكَ بِأَعْجَلِهِ وَكُلُّ خَيْرِكَ عاجِلٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِخَيْرِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ بِأَفْضَلِهِ وَكُلُّ فَضْلِكَ فاضِلٌ اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِفَضْلِكَ كُلِّهِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَنِي فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَنِي اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَابْعَثْنِي عَلى الاِيمانِ بِكَ وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ وَالوِلايَةِ لِعَليّ بْنِ أّبِي طالِب وَالبَرائةِ مِنْ عَدُوِّهِ وَالائتمامِ بِالأَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمْ

_________________

١ - اللّهمّ إنّي: خ.

٢ - ممّا - خ ل -.

٣ - اللّهمّ إنّي: خ.
٣٦٩

السَّلامُ فَإنِّي قَدْ رَضِيتُ بِذلِكَ يا رَبِّ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ فِي الأوَّلِينَ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ فِي الآخِرِينَ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ فِي المَلأ الأعْلى وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ فِي المُرْسَلِينَ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الكَبِيرَةَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَقَنِّعْنِي بِما رَزَقْتَنِي وَبارِكْ لَي فِيما آتَيْتَنِي وَاحْفَظْنِي فِي غَيْبَتِي وَكُلِّ غائِبٍ هُوَ لِي، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَابْعَثْنِي عَلى الإيمانِ بِكَ وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَسأَلُكَ خَيْرَ الخَيْرِ رِضْوانَكَ وَالجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الشَّرِّ سَخَطِكَ وَالنَّارِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاحْفَظْنِي مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَمِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عُقُوبَةٍ وَمِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَمِنْ كُلِّ بَلاءٍ وَمِنْ كُلِّ شَرٍّ وَمِنْ كُلِّ مَكْروهٍ وَمِنْ كُلِّ مَصِيبَةٍ وَمِنْ كُلِّ آفَةٍ نَزَلَتْ أَوْ تَنْزِلُ مِنَ السَّماء إِلى الأَرْضِ فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هذا اليَوْمِ وَفِي هذا الشَّهْرِ وَفِي هذِهِ السَّنَةِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْسِمْ لِي مِنْ كُلِّ سُرُورٍ وَمِنْ كُلِّ بَهْجَةٍ وَمِنْ كُلِّ اسْتِقامَةٍ وَمِنْ كُلِّ فَرَجٍ وَمِنْ كُلِّ عافِيَةٍ وَمِنْ كُلِّ سَلامَةٍ وَمِنْ كُلِّ كَرامَةٍ وَمِنْ كُلِّ رِزْقٍ وَاسِعٍ حَلالٍ طَيِّبٍ وَمِنْ كُلِّ نِعْمَةٍ وَمِنْ كُلِّ سَعَةٍ نَزَلَتْ أَوْ تَنْزِلُ مِنَ السَّماء إِلى الأَرْضِ فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هذا اليَوْمِ وَفِي هذا الشَّهْرِ وَفِي هذِهِ السَّنَةِ، اللّهُمَّ إِنْ كانَتْ ذُنُوبِي قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِي عِنْدَكَ وَحالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَغَيَّرَتْ حالِي عِنْدَكَ فَإنِّي أَسأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي لا يُطْفَاءُ وَبِوَجْهِ مُحَمَّدٍ حَبِيبِكَ المُصْطَفى وَبِوَجْهِ وَلِيِّكَ عَلِيَّ المُرْتَضى وَبِحَقِّ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ أَنْتَجَبْتَهُمْ أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي مامَضى مِنْ ذُنُوبِي وَأَنْ تَعْصِمَنِي فِيما بَقِيَ مِنْ عُمْرِي وَأَعُوذُ بِكَ اللّهُمَّ أَنْ أَعُودَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعاصِيكَ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي حَتّى تَتَوَفَّانِي وَأَنا لَكَ مُطِيعٌ وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ وَأَنْ تَخْتِمَ لِي عَمَلِي بِأَحْسَنِهِ وَتَجْعَلَ لِي ثَوابَهُ الجَنَّةَ وَأَنْ تَفْعَلَ
٣٧٠

بِي ماأَنْتَ أَهْلُهُ يا أهْلَ التَّقْوى وَيا أهْلَ المَغْفِرَةِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١) .

الخامس: أن يدعو بما رواه الشيخ والسيد بعد الصلاة ركعتين والاستغفار سبعين مرة، ومفتتح الدعاء: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ (٢) .

وينبغي التصدق في هذا اليوم على الفقراء تأسيا بمولى كل مؤمن ومؤمنة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وينبغي أيضاً زيارته عليه‌السلام والأنسب قراءة الزيارة الجامعة (٣) .

اليوم الخامس والعشرون: يوم شريف وهو اليوم الذي نزلت فيه سورة هل أتى في شأن أهل البيت عليهم‌السلام لأنهم كانوا قد صاموا ثلاثة أيام وأعطوا فطورهم مسكينا ويتيما وأسيراً وأفطروا على الماء، وينبغي على شيعة أهل البيت عليهم‌السلام في هذه الأيَّامِ ولا سيما في الليلة الخامسة والعشرين أن يتأسوا بمولاهم في التَّصدق على المساكين والأيتام وأن يجتهدوا في إطعامهم وأن يصوموا هذا اليوم (٤) . وعند بعض العلماء أنّ هذا اليوم هو يوم المباهلة فمن المناسب أن يقرأ فيه أيضاً زيارة الجامعة، ودعاء المباهلة (٥) .

اليوم الأخير من ذي الحجة

يوم الختام للسنة العربية، ذكر السيد في الاقبال طبقا لبعض الروايات أنّه يصلى فيه ركعتان بفاتحة الكتاب وعشر مرات سورة ( قل هو الله أحد ) وعشر مرات آية الكرسي ثم يدعى بعد الصلاة بهذا الدعاء:

اللّهُمَّ ما عَمِلْتُ فِي هذِهِ السَّنَةِ مِنْ عَمَلٍ نَهَيْتَنِي عَنْهُ وَلَمْ تَرْضَهُ وَنَسِيْتُهُ وَلَمْ تَنْسَهُ وَدَعَوْتَنِي إِلى التَّوْبَةِ بَعْدَ اجْتِرائِي عَلَيْكَ، اللّهُمَّ فَإِنِّي اسْتَغْفِرُكَ مِنْهُ فَاغْفِرْ لِي وَما عَمِلْتُ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ فَاقْبَلْهُ مِنِّي وَلا تَقْطَعْ رَجائِي مِنْكَ يا كَرِيمُ ، فإذا قلت هذا قال

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٧٥٩ - ٧٦٣.

٢ - مصباح المتهجّد: ٧٦٤، الاقبال ٢ / ٣٥٤ فصل ٥ من باب ٦.

٣ - زاد المعاد: ٣٥١ - ٣٥٢.

٤ - الاقبال ٢ / ٣٧٧ - ٣٧٨ فصل ٢ و ٣ من باب ٧.

٥ - زاد المعاد: ٣٦٨.
٣٧١

الشيطان يا ويلي (١) ما تعبت فيه هذه السنة هدمه أجمع بهذه الكلمات وشهدت له السنة الماضية أنه قد ختمها بخير (٢) .

الفصل السابع

في أعمال شهر محرّم

إعلم أن هذا الشهر هو شهر حزن أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم. وعن الرضا عليه‌السلام قال: كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرم لم يُر ضاحكا وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه‌السلام (٣) .

الليلة الأوّلى: روى لها السيد في (الاقبال) عدّة صلوات:

الأولى: مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد والتوحيد.

الثانية: ركعتان في الأوّلى منها الحمد وسورة الانعام وفي الثانية الحمد وسورة يَّس.

الثالثة: ركعتان في كل منهما الحمد وإحدى عشرة مرة ( قل هو الله أحد ) .

وفي الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من أدى هذه الصلاة في هذه الليلة وصام صبيحتها وهو أول يوم من السنة فهو كمن يدوم على الخير سنة ولا يزال محفوظا من السنة إلى قابل فان مات قبل ذلك صار إلى الجنة (٤) .

وأورد السيد أيضاً دعاءً مبسوطاً يدعى به عند رؤية الهلال في هذه الليلة (٥) .

اليوم الأول: إعلم أن غرّة محرّم هو أول يوم السنة وفيه عملان:

الأول: الصيام. وفي رواية ريّان بن شبيب عن الإمام الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ أنه قال: من صام هذا اليوم ودعا الله استجاب الله دعاءه كما استجاب لزكريا عليه‌السلام (٦) .

الثاني: عن الرضا عليه‌السلام أنه كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي أوّل يوم من محرم ركعتين فإذا فرغ رفع يديه ودعا بهذا الدّعاء ثلاث مرات:

اللّهُمَّ أَنْتَ الاِلهُ القَدِيمُ وَهذِهِ سَنَةٌ جَدِيدَةٌ فَأَسْأَلُكَ فِيها العِصْمَةَ مِنَ الشَّيْطانِ

_________________

١ - في الاقبال: يا ويله...

٢ - الاقبال ٢ / ٣٨٠ باب ٩.

٣ - أمالي الصدوق: المجلس ٢٧ ح ٢.

٤ - الاقبال ٣ / ٤١ فصل ٢ من باب ١.

٥ - الاقبال ٣ / ٣١ فصل ٢ من باب ١ أوّله: اللّهمّ أنت الله لا إله إلّا أنت...

٦ - أمالي الصدوق: المجلس ٢٧ ح ٥.
٣٧٢

وَالقُوَّةَ عَلى هذِهِ النَّفْسِ الاَمَّارَةِ بالسُّوءِ وَالاشْتِغالَ بِما يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ، يا كَرِيمُ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ يا عِمادَ مَنْ لاعِمادَ لَهُ يا ذَخِيرَةَ مَنْ لاذَخِيرَةَ لَهُ يا حِرْزَ مَنْ لاحِرْزَ لَهُ يا غِياثَ مَنْ لاغِياثَ لَهُ يا سَنَدَ مَنْ لاسَنَدَ لَهُ يا كنَزْ مَنْ لاكَنْزَ لَهُ، يا حَسَنَ البَلاِء يا عَظِيمَ الرَّجاءِ يا عِزَّ الضُّعَفاءِ يا مُنْقِذَ الغَرْقى يا مُنْجِيَ الهَلْكى يا مُنْعِمُ يا مُجْمِلُ يا مُفَضِّلُ يا مُحْسِنُ، أَنْتَ الَّذِي سَجَدَ لَكَ سَوادُ اللَّيْلِ وَنُورُ النَّهارِ وَضَوُْ القَمَرِ وَشُعاعُ الشَّمْسِ وَدَوِيُّ الماءِ وَحَفِيفُ الشَّجَرِ، يا الله لاشَرِيكَ لَكَ اللّهُمَّ اجْعَلْنا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ وَاغْفِرْ لَنا مالايَعْلَمُونَ وَلاتُؤاخِذْنا بِما يَقُولُونَ حَسْبِيَ الله لا إلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، آمَنَّا بِهِ كُلُّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ اُولُوا الاَلْبابِ، رَبَّنا لاتُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ (١) .

قال الشيخ الطوسي: يستحب صيام الأيام التسعة من أول محرم، وفي اليوم العاشر يمسك عن الطعام والشراب إلى بعد العصر ثم يفطر بقليل من تربة الحسين عليه‌السلام (٢) .

وروى السيد فضلاً لصوم شهر المحرم كله وأنه يعصم صائمه من كل سيئة (٣) .

اليوم الثالث: فيه كان خلاص يوسف عليه‌السلام من السجن فمن صامه يسر الله له الصعب وفرج عنه الكرب وفي الحديث النبوي أنه استجيب دعوته (٤) .

اليوم التاسع: يوم تاسوعاء يوم التاسوعا عن الصادق عليه‌السلام قال: تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين عليه‌السلام وأصحابه بكربَلاءِ واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه، وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها واستضعفوا فيه الحسين عليه‌السلام وأصحابه وأيقنوا انه لا يأتي الحسين عليه‌السلام ناصر ولايمدّه أهل العراق، ثم قال بابي المستضعف الغريب (٥) .

الليلة العاشرة ليلة عاشوراء: ليلة العاشوراء وقد أورد السيد في (الاقبال) لهذه الليلة أدعية وصلوات كثيرة بما لها من وافر الفضل منها الصلاة مائة ركعة كل ركعة بالحمد وقل هو الله أحد ثلاث مرات،

_________________

١ - الاقبال ٢ / ٣٨٠ باب ٩.

٢ - مصباح المتهجّد: ٧٧١.

٣ - الاقبال ٣ / ٤٤ فصل ٤ من باب ١ عن الصادق عليه‌السلام .

٤ - الاقبال ٣ / ٤٤ فصل ٥ من باب ١.

٥ - الكافي ٤ / ١٤٧ ح ٧ من باب صوم عرفة وعاشوراء من كتاب الصيام.
٣٧٣

ويقول بعد الفراغ من الجميع: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ وَلاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ . سبعين مرة، وقد ورد الاستغفار أيضاً بعد كلمة العلي العظيم في رواية أخرى .

ومنها الصلاة أربع ركعات في آخر الليل يقرأ في كل ركعة بعد الحمد كلا من آية الكرسي والتوحيد والفلق والناس عشر مرات ويقرأ التوحيد بعد السلام مائة مرة.

ومنها الصلاة أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد والتوحيد خمسين مرة وهذه الصلاة تطابق صلاة أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ذات الفضل العظيم. وقال السيد في ذكر هذه الصلاة: فإذا سلمت من الرابعة فأكثر ذكر الله تعالى والصلاة على رسوله واللعن على أعدائهم ما استطعت (١) .

وروي في فضل إحياء هذه الليلة أن من أحياها فكأنما عبد الله عبادة جميع الملائكة وأجر العامل فيها يعدل سبعين سنة (٢) ومن وفق في هذه الليلة لزيارة الحسين عليه‌السلام بكربَلاءِ والمبيت عنده حتى يصبح حشره الله يوم القيامة ملطخا بدم الحسين عليه‌السلام في جملة الشهداء معه عليهم‌السلام (٣) .

اليوم العاشر: يوم استشهد فيه الحسين عليه‌السلام وهو يوم المصيبة والحزن للأئمة عليهم‌السلام وشيعتهم. وينبغي للشيعة أن يمسكوا فيه عن السعي في حوائج دنياهم وأن لايدخروا فيه شَيْئاً لمنازلهم وأن يتفرغوا فيه للبكاء والنياح وذكر المصائب وأن يقيموا مآتم الحسين عليه‌السلام كما يقيمونه لاعزِّ أولادهم وأقاربهم وأن يزوروه بزيارة عاشوراء الآتية إن شاء الله تعالى وأن يجتهدوا في سب قاتليه ولعنهم وليعزّ بعضهم بعضا قائلا: أَعْظَمَ الله اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالحُسَيْنِ عليه‌السلام وَجَعَلَنا وَإِيَّاكُمْ مِنْ الطَّالِبِينَ بِثارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإمام المَهْدِيّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام (٤) (٥) .

وينبغي أن يتذاكروا فيه مقتل الحسين عليه‌السلام فيستبكي بعضهم بعضا وروي أنه لما أمر موسى عليه‌السلام بلقاء الخضر عليه‌السلام والتعلم منه كان أول ماتذاكروا فيه هو أن العالِمَ حدَّث موسى عليه‌السلام بمصائب آل محمد عليهم‌السلام فبكيا واشتد بكاؤهما.

وعن ابن عباس قال: حضرت في ذي قار عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فأخرج صحيفة بخطه وإملاء

_________________

١ - الاقبال ٣ / ٤٦ - ٤٨ فصل ٧ من باب ١.

٢ - الاقبال ٣ / ٤٥ فصل ٧ من باب ١.

٣ - الاقبال ٣ / ٥٠ فصل ٨ من باب ١ عن الطوسي والمفيد.

٤ - عليه‌السلام - خ -.

٥ - انظر زاد المعاد: ٣٧٢ - ٣٧٤.
٣٧٤

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقرأ لي من تلك الصحيفة وكان فيها مقتل الحسين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ وأنه كيف يقتل ومن الذي يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه ثم بكى بكاءً شديداً وأبكاني (١) .

أقول: لم يسع المقام لايراد موجز من مقتله عليه‌السلام فمن شاء فليطالع كتبنا الخاصة في المقتل وعلى أي حال فمن سقى الناس عند قبر الحسين عليه‌السلام في هذا اليوم كان كمن سقى أعوانه عليه‌السلام في كربلا. ولقراءة التوحيد ألف مرة في هذا اليوم، فضل وروي أن الله تعالى ينظر إلى من قرأها نظر الرحمة (٢) .

وقد روى السيد لهذا اليوم دعاءً يشابه دعاء العشرات بل الظاهر أنه نفس الدعاء على بعض رواياته (٣) ، وقد روى الشيخ عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام صلاة ذات أربع ركعات ودعاء يؤدَّى غدوة ولم نوردهما اختصاراً، من شاء فليطلبها من زاد المعاد (٤) . وينبغي أيضاً للشيعة الامساك عن الطعام والشراب في هذا اليوم من دون نية الصيام وأن يفطروا في آخر النهار بعد العصر بما يقتات به أهل المصائب كاللبن الخاثر والحليب ونظائرهما لا بالأغذية اللذيذة وأن يلبسوا ثياباً نظيفة ويحلوا الازرار ويكشطوا الاكمام على هيئة أصحاب العزاء.

وقال العلامة المجلسي في (زاد المعاد): والأحسن أن لا يصام اليوم التاسع والعاشر فإن بني أمية كانت تصومهما شماتة بالحسين عليه‌السلام وتبرّكا بقتله وقد افتروا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحاديث كثيرة وضعوها في فضل هذين اليومين وفضل صيامهما. وقد روي من طريق أهل البيت عليهم‌السلام أحاديث كثيرة في ذم الصوم فيهما لا سيما في يوم عاشوراء. وكانت أيضاً بنو أُمية لعنة الله عليهم تدخر في الدار قوت سنتها في يوم عاشوراء.

ولذلك روي عن الإمام الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنة عينه، ومن سمى يوم عاشوراء يوم بركة وادَّخر لمنزله فيه شَيْئاً لم يبارك له فيما ادَّخر وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله (٥) فينبغي أن يكف المر فيه عن أعمال دنياه ويتجرد للبكاء والنياحة

_________________

١ - انظر البحار ٤٤ / ٢٥٢ عن الامالي مع اضافات كثيرة.

٢ - الاقبال ٣ / ٨٠ فصل ١٥ من باب ١، عن الصادق عليه‌السلام .

٣ - الاقبال ٣ / ٥١ - ٥٤ فصل ٩ من باب ١. أوّله: سبحان الله والحمد لله...

٤ - مصباح المتهجّد: ٧٨٣ - ٧٨٦، زاد المعاد: ٣٨٨ - ٣٩٣. وأوّل الدعاء: اللّهمّ عذّب الفجرة...

٥ - زاد المعاد: ٣٧٢، أمالي الصدوق: المجلس ٢٧، ح ٤.
٣٧٥

وذكر المصائب ويأمر أهله بإقامة المأتم كما يقام لاعزِّ الأوّلاد والأقارب وأن يمسك في هذا اليوم من الطعام والشراب من دون قصد الصيام ويفطر آخر النهار بعد العصر ولو بشربة من الماء ولايصوم فيه إلاّ إذا وجب عليه صومه بنذر أو شبهه ولايدَّخر فيه شَيْئاً لمنزله ولايضحك ولا يقبل على اللهو واللعب ويلعن قاتلي الحسين عليه‌السلام ألف مرة قائلا: اللّهُمَّ العَنْ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ عليه‌السلام (١) .

أقول: يظهر من كلامه الشريف أن ما يروى في فضل يوم عاشوراء من الأحاديث مجعولة مفتراة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد بسط القول مؤلف كتاب (شفاء الصدور) عند شرح هذه الفقرة من زيارة عاشوراء: اللّهُمَّ إِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ . وملخص ما قال: إن بني أُمية كانت تتبرك بهذا اليوم بصور عديدة: منها: أنها كانت تستسن ادِّخار القوت فيه وتعتبر ذلك القوت مجلبة للسعادة وسعة الرزق ورغد العيش إلى العام القادم وقد وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت عليهم‌السلام في النهي عن ذلك تعرضا لهم. ومنها: عدّهم هذا اليوم عيداً والتأدب فيه بآداب العيد من التوسعة على العيال وتجديد الملابس وقصّ الشارب وتقليم الأظفار والمصافحة وغير ذلك مما جرت عليه طريقة بني أُمية وأتباعهم. ومنها: الالتزام بصيامه وقد وضعوا في ذلك أخباراً كثيرة وهم ملتزمون بالصوم فيه.

الرابع: من وجوه التبرك بيوم عاشوراء ذهابهم إلى استحباب الدعاء والمسألة فيه ولاجل ذلك قد افتروا مناقب وفضائل لهذا اليوم ضمَّنوها أدعية لفقوها فعلَّموها العُصاة من الأمة ليلتبس الامر ويشتبه على الناس وهم يذكرون فيما يخطبون به في هذا اليوم في بلادهم شرفاً ووسيلة لكل نبيّ من الأنبياء في هذا اليوم كإخماد نار نمرود، وإقرار سفينة نوح على الجودي، واغراق فرعون، وإنجاء عيسى عليه‌السلام من صليب اليهود، وكما روى الشيخ الصدوق عن جبلة المكية قالت: سمعت ميثم التمار (قدس الله روحه) يقول: والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشرة تمضي منه وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وإن ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى اعلم ذلك بعهد عهده إلى مولاي أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أن قالت جبلة فقلت يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين عليه‌السلام يوم بركة؟ فبكى ميثم قدس‌سره ثم قال: سيزعمون لحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وإنما تاب الله على آدم عليه‌السلام في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من جوف الحوت وإنما كان ذلك في ذي القعدة، ويزعمون أنه

_________________

١ - زاد المعاد: ٣٧٢.
٣٧٦

اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليه‌السلام على الجودي وإنما استوت في العاشر من ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لموسى عليه‌السلام وإنما كان ذلك في ربيع الأول (١) .

وحديث ميثم هذا كما رايت قد صرح فيه تصريحاً وأكّد تاكيداً أن هذه الأحاديث مجعولة مفتراة على المعصومين عليهم‌السلام . وهذا الحديث هو إمارة من إمارات النبوة والإمامة، ودليل من الأدلة على صدق مذهب الشيعة وطريقتهم فالإمام عليه‌السلام قد نبأ فيه جزماً وقطعاً بما شاهدنا حدوثه حقاً فيما بعد من الفرية والكذب رأي العين فالعجب أن يلفق مع ذلك دعاء يضمِّن هذه الأكاذيب فيورده في كتابه بعض من ليس من ذوي الخبرة والاطلاع من الغافلين فينشر الكتاب بين العوام من الناس وقراءة ذلك الدعاء لاشك أنها بدعة محرمة. والدعاء هو:

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُبْحانَ الله مِلَ المِيزانِ وَمُنْتَهى العِلْمِ وَمَبْلَغَ الرِّضا وَزِنَةَ العَرْشِ ، وفيه بعد عدة سطور ثم صل على محمد وآله عشر مرّات وقل: يا قابِلَ تَوْبَةِ آدَمَ يَوْمَ عاشُوراءَ! يا رَافِعَ إِدْرِيسَ إِلى السَّماء يَوْمَ عاشُوراءَ! يا مُسكِّنَ سَفِينَةِ نُوحٍ عَلى الجُودِيِّ يَوْمَ عاشُوراءَ ! يا غِياثَ إِبْراهِيمَ مِنَ النَّار يَوْمَ عاشُوراءَ... الخ)) ولاشك أن هذا الدعاء قد وضعه بعض نواصب المدينة أو خوارج مسقط أو أمثالهم متمما به ظلم بني أُمية. تم ملخصا ما ذكره مؤلف شفاء الصدور (٢) . وعلى كل حال فجدير أن تذكر في آخر النهار حال حرم الحسين عليه‌السلام حينئذ وبناته وأطفاله وهم أسارى بكربَلاءِ حزينات باكيات مصابات بما لم يخطر ببال أحد من الخلق ولايطيق اليراع شرحه. ولقد أجاد من قال:

فاجِعَةٌ إن أردتُ أكتبُها
    

    

مُجمَلَةً ذِكرةً لُمُدَّكِرِ

جَرتْ دُموعي فَحالَ حائِلُها
    

    

ما بينَ لَحظِ الجُفونِ والزُّبرِ

وقالَ قَلبي يَقيناً (٣) عَلَيَّ فَلا
    

    

والله ما قَد طُبِعتُ مِن حَجَرِ

بَكَتْ لَها الأَرْضُ والسَّماء
    

    

وما بَينَهُما في مَدامِعٍ حُمرِ

من از تحرير اين غم ناتوانم
    

    

كه تصويرش زده آتش بجانم

ترا طاقت نباشد از شنيدن
    

    

شنيدن كي بود مانند ديدن

ثم قم وسلم على رسول الله وعليٍّ المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى وسائر الأئمة من ذرية سيد الشهداء عليه‌السلام وعَزِّهم على هذه المصائب العظيمة بمهجة حرى وعين عبرى وزر بهذه

_________________

١ - أمالي الصدوق: المجلس ٢٧، ح ١.

٢ - شفاء الصدور: ٢٤٨ - ٢٦٢.

٣ - أي ترحم عليَّ.
٣٧٧

الزيارة:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَلِيمِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عِيسى رُوحِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَلِيِّ الله (١) السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الحَسَنِ الشَّهِيدِ سِبْطِ رَسُولِ اللهِ. السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ البَشِيرِ النَّذِيرِ وَابْنَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ الله وَابْنَ خِيَرَتِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ الله وَابْنَ ثارِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الوِتْرُ المَوْتُورُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الإمام الهادِي الزَّكِيُّ وَعَلى أَرْواحٍ حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَقامَتْ فِي جِوارِكَ وَوَفَدَتْ مَعَ زُوَّارِكَ السَّلامُ عَلَيْكَ مِنِّي مابَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، فَلَقَدْ عَظُمَتْ بِكَ الرَّزِيَّةُ وَجَلَّ المُصابُ فِي المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ وَفِي أَهْلِ السَّماواتِ أَجْمَعِينَ وَفِي سُكَّانِ الأَرْضِينَ، فَإنّا للهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ وَصَلَواتُ الله وَبَرَكاتُهُ وَتَحِيّاتُهُ عَلَيْكَ وَعَلى آبائِكَ الطَّاهِرِينَ (٢) الطَّيِّبِينَ المُنْتَجَبِينَ وَعَلى ذَراريهِمْ الهُداةِ المَهْدِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ وَعَلَيْهِمْ وَعَلى رُوحِكَ وَعَلى أَرْواحِهِمْ وَعَلى تُرْبَتِكَ وَعَلى تُربَتِهِمْ، اللّهُمَّ لَقِّهِمْ رَحْمَةً وَرِضْوانا وَرَوْحا وَرَيْحانا. السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا أبا عَبْدِالله يا بْنَ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَيا أبْنَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ وَيا أبْنَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا شَهيدُ يا أبْنَ الشَّهِيدُ يا أخَ الشَّهِيدِ يا أبا الشُّهداء. اللّهُمَّ بَلِّغْهُ عَنِّي فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي هذا اليَوْمِ وَفِي هذا الوَقْتِ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاما، سَلامُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ يا أبْنَ سَيِّدِ العالَمِينَ وَعَلى المُسْتَشْهَدِينَ مَعَكَ سَلاماً

_________________

١ - كلمة: وليّ الله في نسخة.

٢ - الطاهرين: خ.
٣٧٨

مُتَّصِلاً مااتَّصَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ . السَّلامُ عَلى الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهِيدِ السَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ الشَّهِيدِ السَّلامُ عَلى العَبّاسِ بْنِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ الشَّهِيدِ السَّلامُ عَلى الشُّهداء مِنْ وَلْدِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ السَّلامُ عَلى الشُّهداء مِنْ وَلْدِ الحَسَنِ السَّلامُ عَلى الشُّهداء مِنْ وَلْدِ الحُسَيْنِ السَّلامُ عَلى الشُّهداء مِنْ وَلْدِ جَعْفَرٍ وَعَقِيلٍ السَّلامُ عَلى كُلِّ مُسْتَشْهَدٍ مَعَهُمْ مِنْ المُؤْمِنِينَ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَلِّغْهُمْ عَنِّي تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاما، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله أَحْسَنَ الله لَكَ العَزاءَ فِي وَلَدِكَ الحُسَيْنِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ أَحْسَنَ الله لَكِ العَزاءَ فِي وَلَدِكِ الحُسَيْنِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَحْسَنَ الله لَكَ العَزاءَ فِي وَلَدِكَ الحُسَيْنِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ أَحْسَنَ الله لَكَ العَزاءَ فِي أَخِيكَ الحُسَيْنِ . يا مَوْلايَ يا أبا عَبْدِ الله أَنا ضَيْفُ الله وَضَيْفُكَ وَجارُ الله وَجارُكَ وَلِكُلِّ ضَيْفٍ وَجارٍ قِرىً وَقِرايَ فِي هذا الوَقْتِ أَنْ تَسْأَلَ الله سُبْحانَهُ وَتَعالى أَنْ يَرْزُقَنِي فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعاءِ قَرِيبٌ مُجِيبٌ (١) .

اليوم الخامس والعشرون: في هذا اليوم من السنة الرابعة والتسعين أو في اليوم الثاني عشر من السنة الخامسة والتسعين وكانت تسمى سنة الفقهاء توفي الإمام زين العابدين عليه‌السلام (٢) .

الفصل الثامن

في أعمال شهر صفر

إعلم أن هذا الشهر معروف بالنحوسة ولا شي أجدى لرفع النحوسة من الصدقة والأدعية الاستعاذات المأثورة. من أراد أن يصان مما ينزل في هذا الشهر من البَلاءِ فليقل كل يوم عشر مرّات كما روى المحدث الفيض وغيره:

_________________

١ - رواه ابن طاووس في مصباح الزائر: ٢٤٥.

٢ - نظر العدد القويّة: ٣١٥ في ذكر اليوم الخامس والعشرين.
٣٧٩

يا شَدِيدُ القُوى وَياشَدِيدَ المِحالِ (١) يا عَزِيزُ يا عَزِيزُ يا عَزِيزُ ذَلَّتْ بِعَظَمَتِكَ جَمِيعُ خَلْقِكَ، فَاكْفِنِي شَرَّ خَلْقِكَ يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفَضِّلُ يا لا إلهَ إِلاّ أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَيْناهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرينَ (٢) .

والسيد قد روى دعاء يدعى به عند الاستهلال (٣) .

اليوم الأوّل: فيه في السنة السابعة والثلاثين ابتدي القتال في واقعة صفين (٤) .

وفيه على بعض الأقوال في السنة الحادية والستين أدخل دمشق رأس سيد الشهداء عليه‌السلام ، فجعله بنو أُمية عيداً لهم، وهو يوم تتجدد فيه الأحزان (٥) .

كانَتْ مَآتِمُ بِالعِراقِ تَعدُّها
    

    

أَمَويةُ بالشامِ مِن أَعْيادِها

وفيه أيضاً على بعض الأقوال أو في الثالث منه في السنة الحادية والعشرين بعد المائة استشهد زيد بن علي بن الحسين عليه‌السلام (٦) .

اليوم الثالث: روى السيد ابن طاووس عن كتب أصحابنا الإمامية استحباب الصلاة في هذا اليوم ركعتين يقرأ في الأوّلى الحمد وسورة ( إنا فتحنا ) ، وفي الثانية الحمد والتوحيد ويصلّي بعد السلام على محمد وآله مائة ويقول مائة مرّة: اللّهُمَّ الْعَنْ آلَ أَبِي سُفْيانَ ، ويستغفر مائة مرة ثم يسأل حاجته (٧) .

اليوم السابع: استشهد فيه في سنة خمسين الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام على قول الشهيد والكفعمي وغيرهما (٨) . وكانت الشهادة في اليوم الثامن والعشرين من الشهر على قول الشيخين (٩) ، وفيه في سنة ١٢٨ كانت ولادة الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام في الأبواء، وهو منزل بين مكة والمدينة (١٠) .

اليوم العشرون: يوم الأَرْبعين وعلى قول الشيخين هو يوم ورود حرم الحسين عليه‌السلام المدينة

_________________

١ - يا شديد القوى، يا شديد المحال - خ -.

٢ - خلاصة الاذكار: ٩٦، فصل ١٠.

٣ - الاقبال ٣ / ٩٦ فصل ١ من باب ٣ أوّله: اللّهم أنت الله العليم.

٤ - انظر تاريخ الطبري ٥ / ١٠.

٥ - مصباح الكفعمي: ٥١٠، فصل ٤٢.

٦ - مصباح المتهجّد: ٧٨٧.

٧ - الاقبال ٣ / ٩٧ فصل ٢ من باب ٣.

٨ - مصباح الكفعمي: ٥١٠ فصل ٤٢.

٩ - مصباح المتهجّد للطوسي: ٧٩٠.

١٠ - رواه المفيد في المقنعة: ٤٧٦.
٣٨٠

عائدات من الشام وهو يوم ورود جابر بن عبد الله الأنصاري كربَلاءِ لزيارة الحسين وهو أول من زاره عليه‌السلام ويستحب فيه زيارته عليه‌السلام وعن الإمام العسكري عليه‌السلام قال: علامات المؤمن خمس: صلاة احدى وخمسين الفرائض والنوافل اليومية، وزيارة الأَرْبعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (١) .

وقد روى الشيخ في (التهذيب) و (المصباح) زيارة خاصة لهذا اليوم عن الصادق عليه‌السلام سنوردها في باب الزيارات إن شاء الله.

اليوم الثامن والعشرون: من سنة إحدى عشرة يوم وفاة خاتم النبيين صلوات الله عليه وآله وقد صادفت يوم الاثنين من أيام الأسبوع باتفاق الآراء وكان له عندئذ من العمر ثلاث وستون سنة هبط عليه الوحي وله أربعون سنة ثم دعا الناس إلى التوحيد في مكة مدة ثلاث عشرة سنة ثم هاجر إلى المدينة وقد مضى من عمره الشريف ثلاث وخمسون سنة وتوفي في السنة العاشرة من الهجرة، فبدأ أمير المؤمنين عليه‌السلام في تغسيله وتحنيطه وتكفينه ثم صلى عليه ثم كان الأصحاب يأتون أفواجاً فيصلون عليه فرادى من دون إمام يأتمون به وقد دفنه أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الحجرة الطاهرة في الموضع الذي توفي فيه (٢) .

عن أنس بن مالك قال: لما فرغنا من دفن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أتت إلى فاطمة عليها‌السلام فقالت: كيف طاوعتكم أنفسكم على أن تهيلوا التراب على وجه رسول الله ثم بكت وقالت: يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه يا أبتاه من ربه ما أدناه.. الخ (٣) . وعلى رواية معتبرة أنها أخذت كفّا من تراب القبر الطاهر فوضعته على عينيها وقالت:

ماذا على المُشتَمِّ تُربَة أحمدَ
    

    

أن لايَشَمَّ مَدى الزَّمانِ غَوالِيا

صُبَّتْ عَلَيَّ مَصائِبُ لَوْ أَنَّها
    

    

صُبَّتْ عَلى الأيامِ صِرْنَ لَيالِيا (٤)

وروى الشيخ يوسف الشّامي في كتاب الدّرّ النظيم أنها قالت في رثاء أبيها:

قُلْ لِلمُغَيَّبِ تَحْتَ أَثْوابِ (٥) الثَّرى
    

    

إن كُنْتَ تَسْمَعُ صَرخَتي ونِدائِيا

صُبَّت عَليَّ مَصائِبُ لَو أَنَّها
    

    

صُبَّتْ على الاَيامِ صِرْنَ لَيالِيا

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٧٨٧.

٢ - الارشاد ١ / ١٨٩ وانظر البحار ٢٢ / ٥٠٣ عن كشف الغمّة.

٣ - رواه الحاكم في المستدرك ١ / ٣٨٢ مع اختلاف في الالفاظ.

٤ - رواه الشهيد الثاني في مسكّن الفؤاد المطبوع ضمن المصنّفات الاربعة: ٩٥، فصل في النوح. وفيه: ماذا على من شمّ.

٥ - أطباق: خ.
٣٨١

قَد كُنْتُ ذاتَ حِمىً بظِلِّ مُحَمَّدٍ
    

    

لا أخشَ من ضَيمٍ وكانَ حِمالِيا (١)

فَاليومَ أَخضعُ لِلذَّلِيلِ وأتَّقي
    

    

ضَيمِي وَأَدفعُ ظالِمي بِردائِيا

فَإذا بَكتْ قَمَريّةٌ في لَيلِها
    

    

شَجَنا على غُصنٍ بَكيتُ صَباحِيا

فَلاجعَلَنَّ الحُزنَ بَعدَكَ مُؤنِسي
    

    

ولا جعَلنَّ الدَّمعَ فِيكَ وِشاحِيا (٢)

اليوم الأخير من الشهر: فيه في سنة ثلاث ومائتين على رواية الطبرسي وابن الأثير استشهد الإمام الرضا عليه‌السلام بعنب دس فيه السم وكان له من العمر خمس وخمسون سنة (٣) وقبره الشريف في بيت حميد بن قحطبة في قرية سناباد بأرض طوس وفي ذلك البيت دفن الرشيد أيضاً (٤) .

الفصل التاسع

في شهر ربيع الأول

الليلة الأولى: فيها في السنة الثالثة عشرة من البعثة هاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة إلى المدينة المنورة فاختبأ هذه الليلة في غار ثور وفاداه أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ بنفسه فنام في فراشه غير مجانب سيوف قبائل المشركين وأظهر بذلك على العالمين فضله ومواساته وإخاءه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت فيه الآية: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرضاةِ اللهِ ) (٥) .

اليوم الأول: قال العلماء يستحب فيه الصيام شكراً لله على ماأنعم من سلامة النبي وأمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِما، ومن المناسب زيارتهما عليهما‌السلام في هذا اليوم (٦) .

وقد روى السيد في (الاقبال) دعاءً لهذا اليوم (٧) وفيه كانت وفاة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام على قول الشيخ والكفعمي (٨) والمشهور على أنّها في اليوم الثامن (٩) . ولعل في هذا اليوم كان بدء مرضه عليه‌السلام .

اليوم الثامن: سنة مائتين وستين توفي الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام فنصب صاحب

_________________

١ - في المصدر: جماليا.

٢ - الدر النظيم: ١٩٨.

٣ - أعلام الورى: ٣٢٨، الكامل في التاريخ ٦ / ٣٥١.

٤ - رواه المفيد في الارشاد ٢ / ٢٧١.

٥ - زاد المعاد: ٤٠٣.

٦ - زاد المعاد: ٤٠٤.

٧ - الاقبال ٣ / ١١١ فصل ٢ من باب ٤. أوّله: اللّهمّ لا اله إلّا أنت...

٨ - مصباح المتهجّد: ٧٩١، ومصباح الكفعمي: ٥١٠، فصل ٤٢.

٩ - زاد المعاد: ٤٠٤.
٣٨٢

الأمر عليه‌السلام إماماً على الخلق ومن المناسب زيارتهما عليهما‌السلام في هذا اليوم (١) .

اليوم التاسع: عيد عظيم وهو عيد البقر وشرحه طويل مذكور في محله (٢) .

وروي أن من أنفق شَيْئاً في هذا اليوم غفرت ذنوبه. وقيل يستحب في هذا اليوم إطعام الاخوان المؤمنين وإفراحهم والتوسُّع في نفقة العيال ولبس الثياب الطيِّبة وشكر الله تعالى وعبادته. وهو يوم زوال الغموم والأحزان وهو يوم شريف جداً (٣) ، واليوم الثامن من الشهر كان يوم وفاة الامام الحسن العسكري عليه‌السلام ، فهذا اليوم يكون أوّل يوم من عصر امامة صاحب العصر أرواح العالمين له الفداء، وهذا ممّا يزيد اليوم شرفاً وفضلاً (٤) .

اليوم الثاني عشر: ميلاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علي رأي الكليني والمسعودي وهو المشهور لدى العامة ويستحب فيه الصلاة ركعتان في الأولى بعد الحمد، ( قل يا أيُّها الكافرون ) ثلاثاً، وفي الثانية التوحيد ثلاثاً. وفي هذا اليوم دخل صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة مهاجراً من مكة (٦) .

وقال الشيخ إن في مثل هذا اليوم في سنة اثنتين وثلاثين ومائة انقضت دولة بني مروان (٧) .

اليوم الرابع عشر: سنة أربع وستين مات يزيد بن معاوية فأسرع إلى دركات الجحيم (٨) وفي كتاب (اخبار الدول) أنه مات مصاباً بذات الجنب في حوران فأتي بجنازته إلى دمشق ودفن في الباب الصغير وقبره الان مزبلة وقد بلغ عمره السابعة والثلاثين ودامت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر انتهى (٩) .

الليلة السابعة عشرة: ليلة ميلاد خاتم الأنبياء (صلوات الله عليه) وهي ليلة شريفة جداً وحكى السيد قولاً بأن في مثل هذه الليلة أيضاً كان معراجه قبل الهجرة بسنة واحدة (١٠) .

اليوم السابع عشر: ميلاد خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على المشهور بين الإمامية والمعروف أن ولادته كانت في مكة المعظمة في بيته عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل (١١) في عهد أنوشروان العادل. وفي هذا اليوم الشريف أيضاً في سنة ثلاث وثمانين ولد الإمام

_________________

١ - زاد المعاد: ٤٠٤، الارشاد ٢ / ٣٣٦، تاريخ مواليد الائمّة ووفياتهم لابن الخشاب: ٤٢ ضمن مجموعة نفيسة.

٢ - انظر زاد المعاد: ٤٠٤.

٣ - زاد المعاد: ٤١١.

٤ - الاقبال ٣ / ١١٤ فصل ٣ من باب ٤.

٥ - الكافي ١ / ٤٣٩. أمّا المسعودي في مروج الذهب ٢ / ٢٧٤ قال: كان مولده عليه الصلاة والسلام لثمان خلون من ربيع الاوّل.

٦ - الاقبال ٣ / ١١٦ فصل ٦ من باب ٤.

٧ - مصباح المتهجّد: ٧٩١.

٨ - مصباح المتهجّد: ٧٩١.

٩ - أخبار الدول وآثار الأول ٢ / ١٤.

١٠ - الاقبال ٣ / ١١٨ فصل ٩ من باب ٤.

١١ - الاقبال ٣ / ١٢٢ فصل ١١ من باب ٤.
٣٨٣

جعفر الصادق عليه‌السلام فزاده فضلاً وشرفاً (١) . والخلاصة أن هذا اليوم يوم شريف جداً وفيه عدة أعمال:

الأول: الغسل (٢) .

الثاني: الصوم وله فضل كثير وروي أن من صامه كتب له صيام سنة (٣) . وهذا اليوم هو أحد الأيام الأَرْبعة التي خصّت بالصيام بين أيام السنة.

الثالث: زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قرب أو عن بعد (٤) .

الرابع: زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام بما زار به الصادق عليه‌السلام وعلمه محمد بن مسلم من ألفاظ الزيارة، وستأتي في باب الزيارات إن شاء اللهِ ص ٤٦٩.

الخامس: أن يصلي عند ارتفاع النهار ركعتين يقرأ في كل ركعة بعد الحمد سورة ( إنا أنزلناه ) «عشر مرات» والتوحيد «عشر مرات»، ثم يجلس في مصلاه ويدعو بالدعاء: اللّهُمَّ أَنْتَ حَيُّ لاتَمُوتُ ... الخ وهو دعاء مبسوط لم أجده مسنداً إلى المعصوم لذلك رايت أن أتركه رعاية للاختصار فمن شاء فليطلبه من زاد المعاد (٥) .

السادس: أن يعظم المسلمون هذا اليوم ويتصدقون فيه ويعملوا الخير ويسرّوا المؤمنين ويزوروا المشاهد الشريفة (٦) . والسيد في الاقبال قد بسط القول في لزوم تعظيم هذا اليوم وقال وجدت النّصارى وجماعة من المسلمين يعظّمون مولد عيسى عليه‌السلام تعظيماً لا يعظمون فيه احداً من العالمين وتعجبت كيف قنع من يعظم ذلك المولد من أهل الإسلام كيف يقنعون أن يكون مولد نبيهم الذي هو أعظم من كل نبي دون مولد واحد من الأنبياء (٧) .

الفصل العاشر

في شهر ربيع الثاني، وجمادى الأولى، وجمادى الآخِرة

قد خص السيد ابن طاووس غُرَّة كل من هذه الشهور الثلاثة بدعاء (٨) ، وقال الشيخ

_________________

١ - اعلام الورى: ٢٦٦.

٢ - زاد المعاد: ٤١٣.

٣ - زاد المعاد: ٤١٣.

٤ - زاد المعاد: ٤١٣.

٥ - زاد المعاد: ٤٣٢.

٦ - الاقبال ٣ / ١٢٢ فصل ١١ من باب ٤.

٧ - الاقبال ٣ / ١٤٢ فصل ١٤ من باب ٤.

٨ - الاقبال ٣ / ١٤٥ و ١٥١ و ١٥٧ في فصل ١ من ابواب ٥ و ٦ و ٧.
٣٨٤

المفيد رحمه‌الله إن في اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني سنة مائتين واثنتين وثلاثين ولد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام وهو يوم شريف جداً ويستحب فيه الصيام شكراً لله على هذه النعمة العظمى (١) . والمناسب في الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، من جمادى الأولى زيارة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وإقامة مأتمها فقد روي بسند صحيح أنها عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً وقد كانت وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الثامن والعشرين من صفر على المشهور فيلزم أن تكون وفاتها عليها‌السلام في أحد هذه الأيام الثلاثة (٢) .

وفي يوم النصف منه سنة ست وثلاثين فتح أمير المؤمنين عليه‌السلام البصرة وفيه كانت ولادة الإمام زين العابدين عليه‌السلام وزيارة هذين الإمامين عليهما‌السلام في هذا اليوم مناسبة (٣) .

وأما اعمال شهر جمادي الآخِرة فهي: أن يصلي كما روى السيد بن طاووس: أربع ركعات أي بسلامين في أي وقت شاء من الشهر يقرأ الحمد في الأولى مرّة وآية الكرسي مرّة و (إنا أنزلناه) خمساً وعشرين مرة وفي الثانية الحمد مرة و ( ألهاكم التكاثر ) مرة و ( قل هو الله أحد ) خمساً وعشرين مرة، وفي الثالثة الحمد مرة و ( قل يا أيّها الكافرون ) مرة و ( قل أعوذ برب الفلق ) خمساً وعشرين مرة وفي الرابعة الحمد مرة و ( إذا جاء نصر الله والفتح ) مرة و ( قل أَعوذ برب الناس ) خمساً وعشرين مرة، ويقول بعد السلام من الرابعة سبعين مرة: سُبحانَ الله وَالحَمْدُ لله وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ ، وسبعين مرة: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، ثم يقول ثلاثاً: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ . ثم يسجد ويقول في سجوده ثلاث مرات: يا حَيُّ يا قَيُّومُ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، ثم يسأل الله حاجته يصان من فعل ذلك في نفسه وماله وأهله وولده ودينه ودنياه إلى مثلها في السنة القادمة، وإن مات في تلك السنة مات على الشهادة أي كان له ثواب الشهداء (٤) .

اليوم الثالث من الشهر سنة إحدى عشرة توفيت فاطمة صلوات الله عليها فينبغي أن يقيم الشيعة عزاءها ويزوروها ويلعنوا ظالميها وغاصبي حقها وان السيد ابن طاووس في (الاقبال) قد ذكر وفاتها في هذا اليوم ثم ذكر لها هذه الزيارة: السَّلامُ عَليكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلى النّاسِ أَجْمَعِينَ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ

_________________

١ - حدائق الرياض للمفيد كما عنه السيّد في الاقبال ٣ / ١٤٩ فصل ٢ من باب ٥.

٢ - زاد المعاد: ٤٥٥.

٣ - زاد المعاد: ٤٥٥ عن المفيد والطوسي.

٤ - زاد المعاد: ٤٥٦، الاقبال ٣ / ١٦٠ فصل ٢ من باب ٧.
٣٨٥

المَمْنُوعَةُ حَقَّها . ثم يقول: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ المُكَرَّمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّماوات وَأَهْلِ الأَرْضِينَ . فقد روي أن من زارها بهذه الزيارة وإستغفر الله غفر الله له وأدخله الجنة (١) . أقول: قد أورد هذه الزيارة نجل السيد ابن طاووس أيضاً في كتاب زوائد الفوائد وقال: إنها تخص يوم وفاتها عليها‌السلام وهو الثالث من جمادى الآخِرة . وقال في كيفية الزيارة تصلي صلاة الزّيارة أو صلاتها عليها‌السلام وهي ركعتان تقرأ في كل منهما بعد الحمد سورة (قل هو الله أحد) ستين مرة فإن لم تقدر فاقرأ بعد الحمد في الأولى ( قل هو الله أحد ) وفي الثانية: ( قل يا أيّها الكافرون ) فإذا سلمت فقل: السَّلامُ عَلَيْكِ. .. إلى آخر الزيارة (٢) .

اليوم العشرون: ولدت فيه فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بعد البعثة بخمس سنين أو سنتين (٣) ويناسب فيها عدّة أعمال:

الأول: الصيام (٤) .

الثاني: الخيرات والصَّدقات على المؤمنين (٥) .

الثالث: زيارة سيدة نساء الدنيا والآخِرة وستأتي صفة زيارتها عليها‌السلام ص ٤٠٧.

الفصل الحادي عشر

في اعمال عامة الشهور، وأعمال النيروز،

وأعمال الأشهر الرومية

وأمّا أعمال عامة الشهور فعديدة:

أولها: الدعاء عند رؤية الهلال بالأدعية المأثورة وأفضلها الدعاء الثالث والأَرْبعون من الصحيفة الكاملة المذكور في خلال أعمال غرة شهر رمضان ص ٢٩٠.

الثاني: قراءة الحمد سبع مرات لدفع وجع العين (٦) .

_________________

١ - الاقبال ٣ / ١٦١ فصل ٣ من باب ٧.

٢ - الاقبال ٣ / ١٦٦ فصل ٦ من باب ٧ وفيه: فاذا سلّمت قلت: اللّهمّ إنّي أتوجّه اليك...

٣ - مصباح المتهجّد: ٧٩٣.

٤ - زاد المعاد: ٤٥٧.

٥ - مسارّ الشيعة: ٥٤.

٦ - انظر البحار ٩٢ / ٢٣١ ح ١٣ و ٢٥٧ ح ٥٠.
٣٨٦

الثالث: أكل شي من الجبن وروي أن من يعتد أكله رأس الشّهر أو شك أن لاتردّ له حاجة (١) .

الرابع: أن يصلِّي في الليلة الأولى من الشهر ركعتين يقرأ بعد الحمد في كل منهما سورة الأنعام ويسأل الله أن يكفيه كل خوف ووجع وأن لا يرى في ذلك الشهر ما يكرهه (٢) .

الخامس: أن يصلي في أول يوم من الشهر ركعتين يقرأ في الأولى بعد الحمد، التوحيد ثلاثين مرّة وفي الثانية بعد الحمد، القدر ثلاثين مرة ثم يتصدق بما تيسر فإذا فعل ذلك فقد اشترى السَّلامة في ذلك الشهر. وزاد في بعض الرّوايات وتقول إذا فرغت من الرّكعتين:

( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَما مِنْ دابَةٍ فِي الأَرْضِ إِلاّ عَلى الله رِزْقُها وَيَعلَمُ مُستَقرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌ فِي كتابٍ مُبينٍ ) (٣) .

( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَإِن يَمسَسْكَ الله بِضُرٍ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٤) . بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً. ماشاءَ الله لاقُوَّةَ إِلاّ بِالله حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلى الله إِنَّ الله بَصِيرٌ بِالعِبادِ، لا إلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلى مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، رَبِّ لاتَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الوارِثِينَ.

وأمّا أعمال يوم النيروز فهي: ماعلّمها الصادق عليه‌السلام معلى بن خنيس قال: إذا كان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك وتكون ذلك اليوم صائماً فإذا صليت النوافل والظهر فصل بعد ذلك أربع ركعات أي بسلامين تقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب وعشر مرات إنا أَنزلناه وفي الثانية فاتحة الكتاب وعشر مرات ( قل يا أَيّها الكافرون ) وفي الثالثة فاتحة الكتاب وعشر مرات ( قل هو الله أحد ) وفي الرابعة فاتحة الكتاب وعشر مرات ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) وتسجد بعد فراغك من الركعات

_________________

١ - بحار الانوار ٩٧ / ١٣٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف قليل لفظي.

٢ - بحار الانوار ٩٧ / ١٣٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف قليل لفظي.

٣ - هود: ١١ / ٦.

٤ - يونس: ١٠ / ١٠٧.

٥ - بحار الانوار ٩٧ / ١٣٣ عن الجواد عليه‌السلام .
٣٨٧

فتقول:

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الأَوْصِياء المَرْضِيِّينَ وَعَلى جَمِيعِ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ وَبارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكاتِكَ وَصَلِّ عَلى أَرْواحِهِمْ وَاجْسادِهِمْ، اللّهُمَّ بارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ لَنا فِي يَوْمِنا هذا الَّذِي فَضَّلْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ وَعَظَّمْتَ خَطَرَهُ، اللّهُمَّ بارِكْ لِي فِيما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ حَتّى لاأَشْكُرَ أَحَداً غَيْرَكَ وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، اللّهُمَّ ماغابَ عَنِّي فَلا يَغِيبَنَّ عَنِّي عَوْنُكَ وَحِفْظُكَ وَما فَقَدْتُ مِنْ شَيْءٍ فَلا تُفْقِدْنِي عَوْنَكَ عَلَيْهِ حَتّى لا أتَكَلَّفَ مالا أَحْتاجُ إِلَيْهِ، يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ . يغفر لك ذنوب خمسين سنة وتكثر من قولك: يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ (١) (٢) .

وأما أعمال الشهور الرومية فنقتصر منها هنا على ما في كتاب زاد المعاد : روى السيد الجليل علي بن طاووس (رض) أن قوماً من الأصحاب كانوا جلوساً إذ دخل عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلم عليهم فردوا عليه‌السلام . فقال: ألا أعلّمكم دواءً علمني جبرائيل عليه‌السلام حيث لا أحتاج إلى دواء الأطباء؟ وقال علي عليه‌السلام وسلمان وغيرهم: وما ذلك الدواء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : تأخذ من ماء المطر بنيسان وتقرأ عليه كلاًّ من فاتحة الكتاب وآية الكرسي و ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) و ( قل يا أيها الكافرون ) سبعين مرة، وزادت رواية أخرى سورة ( إنا أنزلناه ) أيضاً سبعين مرة والله أكبر سبعين مرة ولا إِلهَ إِلاّ الله سبعين مرة وتصلي على محمد وآل محمد سبعين مرة وتشرب من ذلك الماء غدوة وعشية سبعة أيام متواليات. والذي بعثني بالحق نبياً إنّ جبرائيل عليه‌السلام قال: إن الله يرفع عن الذي يشرب هذا الماء كل داء في جسده ويعافيه ويخرج من جسده وعظمه وجميع أعضائه ويمحو ذلك من اللّوح المحفوظ. والذي بعثني بالحق نبياً إن لم يكن له ولد بعد فشرب من ذلك الماء كان له ولد وإن كانت المراة عقيما وشربت من ذلك الماء رزقها الله ولداً وإن أحببت أن تحمل بذكر أو أنثى

_________________

١ - روي في كتب غير مشهورة استحباب الاكثار من هذا الدعاء ساعة تحوّل الشمس الى برج الحمل، وقيل: يقرأ ٣٦٦ مرّة: يا محوّل الحول والاحوال حوّل حالنا الى احسن الحال. وعلى رواية اخرى: يا مقلّب القلوب والابصار، يا مدبّر الليل والنهار، يا محوّل... الخ، كذا في زاد المعاد: ص ٥٣١. (منه).

٢ - زاد المعاد: ٥٣٠.
٣٨٨

حملت وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: ( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرانا وإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً ) (١) . ثم قال عليه‌السلام : وإن كان به صداع فشرب من ذلك يسكن عنه الصداع بإذن اللهِ، وإن كان به وجع العين يقطر من ذلك الماء في عينيه ويشرب منه ويغسل به عينه، ويشدّ أصول الأسنان ويطيب الفم ولايسيل من أصول الأسنان اللعاب ويقطع البلغم ولايتخم إذا أكل وشرب ولايتأذى بالريح (من القولنج وغيره) ولايشتكي ظهره ولاينجع بطنه ولا يخاف من الزكام ووجع الضّرس ولايشتكي المعدة ولا الدُّود ولا يحتاج إلى الحجامة ولايصيبه البواسير ولايصيُبه الحكة ولا الجدري ولا الجنون ولا الجذام ولا البرص ولا الرعاف ولا القي ولايصيبه عمىً ولا بكمٌ ولا خرسٌ ولا صممٌ ولا مقعد ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه ولايصيبه داء يفسد عليه صومه وصلاته ولايتأذى بوسوسة الجن ولا الشياطين .

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال جبرائيل عليه‌السلام : إنه من شرب من ذلك ثم كان به جميع الأوجاع التي تصيب الناس فإنه شفاء له من جميع الأوجاع فقال جبرائيل عليه‌السلام والذي بعثك بالحق من يقرأ هذه الآيات على هذا الماء فيشرب منه ملأ الله تعالى قلبه نوراً وضياءً ويُلقي الالهام في قلبه ويجري الحكمة على لسانه ويحشو لُبَّه من الفهم والبصيرة وأعطاه من الكرامات مالم يعط أحداً من العالمين ويرسل عليه ألف مغفرة وألف رحمة ويخرج الغش والخيانة والغيبة والحسد والبغي والكبر والحرص والغضب من قلبه والعداوة والبغضاء والنميمة والوقيعة في الناس، وهو الشفاء من كل داء.

أقول: هذه الرواية المشهورة ينتهي سندها إلى عبد الله بن عمر ولأجل ذلك يكون السند ضعيفاً وإنّي قد وجدت هذه الرواية بخط الشيخ الشهيد مروية عن الصادق عليه‌السلام بنفس هذه الآثار ولكن ترتيب الآيات فيها كما يلي: تقرأ على ماء المطر في نيسان فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، و ( قل يا أيّها الكافرون ) ، و ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، و ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) ، وقل هو الله أحد كلا منها سبعين مرة، وتقول: سبعين مرة: لا إِلهَ إِلاّ اللهِ ، وسبعين مرة: الله أَكْبَرُ، وسبعين مرة: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وسبعين مرة: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ ، وقد ذكر فيها في آثاره أنه إذا كان مسجوناً فشرب من ذلك الماء نجا من السجن وأنه لم يغلب على طبعه البرودة،

_________________

١ - الشورى: ٤٢ / ٥٠.
٣٨٩

وقد وردت في هذه الرواية أيضاً أكثر تلك الآثار المذكورة في الرّواية السالفة . وماء المطر ماء مبارك ذو منافع سواء مطر في نيسان أو في غيره من الشهور كما في الحديث المعتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: إشربوا من ماء السماء فإنه مطهر لأبدانكم ومزيل للداء كما قال تعالى: ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماء ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاَقْدامَ ) (١) . وإذا اجتمع قوم لهذا الدعاء فالأحسن أن يستوفي كل واحد منهم قراءة كل من تلك السورة والأذكار سبعين مرة والنَّفع لمن قرأها بنفسه أَعظم والأجر أوفر، وشهر نيسان يبدأ في هذه السنين عند مضي ثلاثة وعشرين يوماً تقريباً من النيروز وهو ثلاثون يوماً .

وعن الصادق عليه‌السلام قال: لا تدع الحجامة في سبع حزيران فإن فاتك فالأَرْبع عشرة، ويبدأ شهر حزيران عند مضي أربعة وثمانين يوماً تقريباً من النيروز وهو أيضاً ثلاثون يوماً وهو شهر نحس كما روي أن الصادق عليه‌السلام ذكر عنده حزيران فقال: هو الشهر الذي دعا فيه موسى عليه‌السلام على بني إسرائيل فمات في يوم وليلة من بني إسرائيل ثلاثمائة ألف من الناس.

وأيضاً بسند معتبر عنه عليه‌السلام قال: إن الله تعالى يقرب الآجال في شهر حزيران أي يكثر فيه الموت.

واعلم أنّ الشهور الرومية شهور شمسية يؤخذ حسابها من مسير الشمس وهي اثنا عشر شهراً كما يلي: تشرين الأول، تشرين الثاني، كانون الأول، كانون الثاني، شباط، آذار، نيسان، أيّار، حزيران، تموز، آب، أيلول. وهم يعتبرون كلاًّ من الشهور الأَرْبعة: (تشرين الثاني) و (نيسان) و (حزيران) و (أيلول) ثلاثين يوماً والشهور الباقية كلاًًّ منها واحداً وثلاثين يوماً سوى شهر شباط الذي يختلف عدد أيّامه فيعتبر ذا ثمانية وعشرين يوماً في ثلاث سنين متوالية وفي السنة الرابعة وهي سنة كبيستهم (٢) يُحسب له تسعة وعشرون يوماً وسنتهم ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم، وغرة تشرين الأول وهي مبدأ سنتهم توافق في هذه السنين يوم اجتياز الشمس الدرجة التاسعة عشرة من برج الميزان. وتفصيل ذلك في كتاب (بحار الأنوار) ونحن قد أوردنا هذا الموجز لكون هذه الشهور مذكورة في الاخبار انتهى (٣) .

_________________

١ - الانفال: ٨ / ١١.

٢ - لمعرفة السنة الكبيسة تقسّم عدد السنين التي أنت فيها على الرقم ٤ فإن خرج حاصل القسمة دون باقٍ فالسنة كبيسة، وإن بقي شيء فالسنة عادية مثلاً: ١٩٨٤ تقسيم ٤ يكون الخارج ٤٩٦ دون باقٍ، فالسنة كبيسة، وشباط فيها ٢٩ يوماً.

٣ - زاد المعاد: ٥٣٢ - ٥٣٥.
٣٩٠

الباب الثالث

في الزيارات

ويحتوي على مقدمة وفصول وخاتمة:

المقدمة في آداب السفر

إذا أردت الخروج إلى السفر فينبغي لك أن تصوم الأَرْبعاء والخميس والجمعة، وأن تختار من أيام الأسبوع يوم السبت أو يوم الثلاثاء أو يوم الخميس، واجتنب السفر في يوم الاثنين والأَرْبعاء، وقبل الظهر من يوم الجمعة.

هفت روزي نحس باشد در مهى
    

    

زان حذر كن تا نيابي هي چ رنج

سه وپنج وسيزده با شانزده
    

    

بيست ويك با بيست و چار وبيست وپنج

واجتنب السفر في اليوم الثالث من الشهر والخامس منه والثالث عشر والسادس عشر والحادي والعشرين (١) والرابع والعشرين والخامس والعشرين، ولا تسافر في محاق الشهر ولا إذا كان القمر في برج العقرب وإن دعت ضرورة إلى الخروج في هذه الأحوال والأوقات فليدع المسافر بدعوات السفر ويتصدق ويخرج متى شاء (٢) .

وروي أن رجلاً من أصحاب الباقر عليه‌السلام أراد السفر فأتاه ليودعه فقال له: إنّ أبي علي بن الحسين عليه‌السلام كان إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزَّ وجلَّ بما تيسر، أي بالصدقة بما تيسر له ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب وإذا سلمه الله وعاد من سفره حمد الله وشكره أيضاً بما تيسر له فودعه الرجل ومضى ولم يعمل بما وصاه الباقر عليه‌السلام فهلك في الطريق فأتى الخبر الباقر عليه‌السلام فقال: قد نُصح الرجل لو كان قَبِلَ (٣) .

وينبغي أن تغتسل قبل التّوجه ثم تجمع أهلك بين يديك وتصلي ركعتين وتسأل الله الخيرة وتقرأ آية الكرسي وتحمد الله وتثني عليه وتصلي على النبي وآله (صَلَواتُ الله عَليَهم) وتقول:

اللّهُمَّ إِنِّي اسْتَوْدِعُكَ اليَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَمَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلِ الشَّاهِدَ

_________________

١ - وفي بعض الروايات أنّه يحسن السفر في اليوم الحادي والعشرين من الشهر ولا يحسن في الثامن منه ولا في الثالث والعشرين منه. رواه ابن طاووس في مصباح الزائر: ٢٧.

٢ - مصباح الزائر لابن طاووس: ٢٦ - ٢٧ فصل ١.

٣ - المحاسن البرقي ٢ / ٨٦ ح ١٢٢٦ - ١٢٢٧.
٣٩١

مِنْهُمْ وَالغائِبَ، اللّهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِ الإيْمانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا، اللّهُمَّ اجْعَلْنا (١) فِي رَحْمَتِكَ وَلاتَسْلُبْنا فَضْلَكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ، اللّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعَثاءِ (٢) السَّفَرِ وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ وَسُوءِ المَنْظَرِ فِي الأهْلِ وَالمالِ وَالوَلَدِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ هذا التَّوجُّهِ طَلَباً لِمَرْضاتِكَ وَتَقَرُّباً إِلَيْكَ اللهم (٣) فَبَلِّغْنِي مااُؤَمِّلُهُ وَأَرْجُوهُ فيكَ وَفِي أَوْلِيائِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثم ودع أهلك وانهض وقف بالباب فسبح الله بتسبيح الزهراء عليها‌السلام وإقرأ سورة الحمد أمامك وعن يمينك وعن شمالك وكذلك آية الكرسي وقل:

اللّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي وَعَلَيْكَ خَلَّفْتُ أَهْلِي وَمالِي وَماخَوَّلْتَنِي وَقَدْ وَثِقْتُ بِكَ فَلا تُخَيِّبْنِي يا مَنْ لايُخَيِّبُ مَنْ أَرادَهُ وَلايُضَيِّعُ مَنْ حَفِظَهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاحْفَظْنِي فيما غِبْتُ عَنْهُ وَلاتَكِلْنِي إِلى نَفْسِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، الدعاء. ثم اقرأ سورة ( قل هو الله أحد ) إحدى عشرة مرة (٤) وسورة ( إنا أَنزلناه ) وآية الكرسي وسورة ( قل أعوذ برب الناس ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) ثم أمرر بيدك على جميع جسدك وتصدق بما تيسر وقل: اللّهُمَّ إِنِّي اشْتَرَيْتُ بِهِذِهِ الصَّدَقَةِ سَلامَتِي وَسَلامَةَ سَفَرِي وَمامَعِي اللّهُمَّ احْفَظْنِي وَاحْفَظْ مامَعِي وَسَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مامَعِي وَبَلِّغْنِي وَبَلِّغْ مامَعِي بِبَلاغِكَ الَحَسَن الجَمِيلِ . وتأخذ معك عصاً من شجر اللوز المر فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: من خرج إلى السفر ومعه عصى لوز مر وتلا قوله تعالى: ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ... إلى... وَالله عَلى مانَقُولُ وَكِيلٌ ) وهو في سورة القصص (٥) ، آمّنه الله تعالى من كل سبعٍ ضارٍ ومن كل لصٍ عادٍ ومن كل ذات حمةٍ حتى يرجع إلى منزله وكان معه سبع وسبعون من المعقبات الملائكة يستغفرون له حتى يرجع ويضعها (٦) .

ويستحب أن يخرج معتما متحنكا لكي لايصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق وتأخذ معك شَيْئاً من تربة الحسين عليه‌السلام وقل إذا أخذتها: اللّهُمَّ هذِهِ طِينَةُ قَبْرِ الحُسَيْنِ عليه‌السلام وَلِيِّكَ

_________________

١ - اجمعنا - خ -.

٢ - الوعثاء: التعب.

٣ - اللّهمّ: خ.

٤ - في مصباح الزائر: عشر مرّات.

٥ - القصص: ٢٨ / ٢٢ - ٢٨.

٦ - مصباح الزائر: ٢٨ - ٣٣ مع اضافات.
٣٩٢

وَابْنِ وَلِيِّكَ اتَّخّذْتُها حِرْزاً لِما أَخافُ وَما لاأَخافُ (١) . وخذ معك خاتم العقيق والفيروزج، والأحسن أن يكون العقيق أصفر منقوشاً على أحد وجهيه: ماشاءَ الله لاقُوَّةَ إِلاّ بِالله أسْتَغْفِرُ اللهِ ، وعلى الوجه الثاني: مُحَمَّد وَعلي .

روى السيد ابن طاووس في أمان الاخطار عن أبي محمد قاسم بن علا عن الصافي خادم الإمام علي النقي عليه‌السلام قال: استأذنته في الزيارة إلى طوس فقال لي: يكون معك خاتم فصة عقيق أصفر عليه: ما شاءَ الله لا قُوَّةَ إِلاّ بالله أستغفرُ اللهِ ، وعلى الجانب الآخِر: محمد وعلي ، فإنه أمان من القطع وأَتم للسلامة وأصون لدينك. قال فخرجت وأخذت خاتما على الصفة التي أمرني بها ثم رجعت إليه لوداعه فودعته وانصرفت فلما بعدت أمر بردي فرجعت إليه فقال: يا صافي فقلت: لبيك يا سيدي قال: ليكن معك خاتم آخر من فيروزج فآنه يلقاك في طريقك أسد بين طوس ونيشابور فيمنع القافلة من المسير فتقدم إليه وأره الخاتم وقل له: مولاي يقول لك تنح عن الطريق، ثم قال ليكن نقشه: الله الملك ، وعلى الجانب الآخِر: المُلكُ للهِ الواحِدِ القَهَّارِ ، فإنه خاتم أمير المؤمنين عليه‌السلام كان عليه: الله المَلِكُ ، فلما ولي الخلافة نقش على خاتمه: المُلكُ للهِ الواحد القهار ، وكان فصه فيروزج: وهو أمان من السباع خاصة وظفر في الحرب.

قال الخادم فخرجت في سفري ذلك فلقيني والله السبع فقلت ما أُمرت به فلما رجعت حدثته فقال لي بقيت عليك خصلة لم تحدثني بها إن شئت حدثتك بها فقلت يا سيدي أذكر عَلَيَّ لعلّي نسيتها فقال: نعم بتَّ ليلة بطوس عند القبر فصار إلى القبر قوم من الجن لزيارته فنظروا إلى الفص في يدك وقرأوا نقشه فأخذوه عن يدك وصاروا به إلى عليل لهم وغسلوا الخاتم بالماء وسقوه ذلك الماء فبري، وردوا الخاتم إليك وكان في يدك اليمنى فصيروه في يدك اليسرى فكثر تعجبك من ذلك ولم تعرف السبب فيه ووجدت عند رأسك حجراً يا قوتاً فأخذته وهو معك فاحمله إلى السوق فإنك ستبيعه بثمانين ديناراً وهو هدية القوم إليك فحملته إلى السوق فبعته بثمانين ديناراً، كما قال سيدي عليه‌السلام (٢) .

وعن الصادق عليه‌السلام قال من قرأ آية الكرسي في السفر في كل ليلة سَلِمَ وسَلِمَ ما معه (٣) ويقول: اللّهُمَّ اجْعَلْ مَسِيري عِبَراً وَصَمْتِي تَفَكُّراً وَكَلامِي ذِكْراً (٤) .

_________________

١ - مصباح الزائر: ٣٤.

٢ - الامان: ٤٨، فصل ٣.

٣ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٧٧ باب ٧٢.

٤ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٧٤ باب ٧٤ عن أحدهما عليهما‌السلام ح ٢٤٢١.
٣٩٣

وعن الإمام زين العابدين عليه‌السلام قال: لا أبالي إذا قلت هذه الكلمات أن لو اجتمع عليَّ الجن والإنس: بِسْمِ الله وَبِالله وَمِنَ الله وَإِلى الله وَفِي سَبِيلِ اللهِ، اللّهُمَّ إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي وَإِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي فَاحْفَظْنِي بِحِفْظِ الإيْمانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي وَمِنْ تَحْتِي، وَادْفَعْ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ فَإِنَّهُ لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ (١) .

أقول: دعوات السفر وآدابه كثيرة، ونحن هنا نقتصر بذكر عدّة آداب: -

الأول: ينبغي للمر أن لا يترك التسمية عند الركوب (٢) .

الثاني: أن يحفظ نفقته في موضع مصُون. فقد روي أنَّ من فقه المسافر حفظُ نفقته (٣) .

الثالث: أن يساعد أصحابه في السفر ولايحجم عن السعي في حوائجهم كي ينفس الله عنه ثلاثاً وسبعين كربة ويجيره في الدنيا من الهم والغم وينفس كربه العظيم يوم القيامة (٤) .

وروي أنَّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام كان لا يسافر الاّ مع رفقة لا يعرفونه ليخدمهم في الطريق فإنهم لو عرفوه منعوه عن ذلك (٥) ، ومن الاخلاق الكريمة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان مع صحابته في بعض الأسفار فأرادوا ذبح شاة يقتاتون بها فقال أحدهم: عليَّ ذبحها، وقال آخر: عليَّ سلخ جلدها، وقال الآخِر: عليَّ طبخها فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليَّ الإحتطاب، فقالوا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن نعمل ذلك فلا تتكلّفه أنت فأجاب: أنا اعلم أنّكم تعملونه ولكن لايسرني أن أمتاز عنكم فإن الله يكره أن يرى عبده قد فضّل نفسه على أصحابه (٦) .

وأعلم أنّ أثقل الخلق على الأصحاب في السفر من تكاسل في الاعمال وهو في سلامة من أعضائه وجوارحه فهو لايؤدِّي شَيْئاً من وظائفه مرتقباً رفقته يقضون له حوائجه.

الرابع: أن يصاحب الرجل من يماثله في الأنفاق (٧) .

الخامس: أن لا يشرب من ماء أي منزل يرده إِلاّ بعد ان يمزجه بماء المنزل الذي سبقه (٨) .

_________________

١ - مصباح الزائر: ٣٨.

٢ - الكافي ٤ / ٢٨٥ ح ٢ عن الصادق عليه‌السلام .

٣ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٨٠ باب ٨١ عن الصادق عليه‌السلام ح ٢٤٤٨.

٤ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٩٣ ح ٢٤٩٧ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ - رواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عليه‌السلام ٢ / ١٥٦ باب ٤٠ ح ١٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اضافات.

٦ - مكارم الاخلاق ١ / ٥٣٦ ح ١٨٦٦.

٧ - انظر الكافي ٤ / ٢٨٦ - ٢٨٧.

٨ - بحارالانوار ٦٢ / ٣٢٦ عن الرسالة الذهبيّة في الطب التي بعث بها الامام الرضا عليه‌السلام الى المأمون.
٣٩٤

ومن اللازم أن يتزود المسافر من تربة بلده وطينته التي ربّي عليها، وكلما ورد منزلاً طرح في الأناء الذي يشرب منه الماء شَيْئاً من الطين الذي تزوده من بلده ويشوب الماء والطين في الآنية بالتحريك ويؤخر شربه حتى يصفو (١) .

السادس: أن يحسن أخلاقه ويتزين بالحلم (٢) وسيأتي في آداب زيارة الحسين عليه‌السلام ما يناسب المقام ص ٥١٠.

السابع: أن يتزود لسفره، ومن شرف المرء أن يطيِّب زاده لا سيما في طريق مكة (٣) ، نعم لايستحسن في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام أن يتخذ زاداً لذيذاً كاللحم المشوي والحلويات وغير ذلك كما سيأتي في آداب زيارته عليه‌السلام وقال ابن الأعسم:

مِنْ شَرَفِ الإنْسانِ فِي الأسْفارِ
    

    

تَطْييبُهُ الزَّادَ مَعَ الاِكْثارِ

وَلْيُحْسِنِ الإنْسانُ فِي حالِ السَّفَرِ
    

    

أخْلاقَهُ زِيادَةً عَلى الحَضَرِ

وَلْيَدْعُ عِنْدَ الوَضْعِ لِلْخِوان‌ِ
    

    

مَنْ كانَ حاضِراً مِنَ الاخْوانِ

وَلْيُكْثِرِ المَزْح مَعَ الصَّحْبِ إِذا
    

    

لَمْ يُسْخِطِ الله وَلَمْ يَجْلِبْ أَذى

مَنْ جاءَ بلدةً فَذا ضَيْفٌ عَلى
    

    

اخْوانِهِ فِيها إِلى أَنْ يَرْحَلا

يُبَرُّ لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ لِيَأْكُل‌َ
    

    

مِنْ أَكْلِ أَهْلِ البَيْتِ فِي المُسْتَقْبَلِ

الثامن: من أهم الأشياء في السفر المحافظة على الفرائض بشرائطها وحدودها، وأداؤها في بد أوقاتها فما أكثر ما يشاهد الحجاج والزوار في الأسفار يضيعون الفرائض بتأخيرها عن أوقاتها أو بأدائها راكبين أو في المحامل أو متيممين بلا وضوء أو مع نجاسة البدن أو الثياب أو غيرها من أشباهها. فهذه كلها تنشأ عن استخفافهم بشأن الصلاة وعدم مبالاتهم بها. وقد روي في الحديث عن الصادق عليه‌السلام قال: صلاة الفريضة أفضل من عشرين حجة، وحجة واحدة أفضل من دار ملئت ذهباً يتصدق به حتى تفرغ (٤) .

ولا تدع بعد الصلاة المقصورة أن تقول ثلاثين مرّة: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ، فهو من السنن المؤكدة (٥) .

_________________

١ - بحارالانوار ٦٢ / ٣٢٦ عن الرسالة الذهبيّة في الطب التي بعث بها الامام الرضا عليه‌السلام إلى المأمون.

٢ - انظر مكارم الاخلاق ١ / ٥٣٦ ح ١٨٦٤.

٣ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٨٤ باب ٨٤.

٤ - وسائل الشيعة ٤ / ٤٠ مع اختلاف لفظي.

٥ - العروة الوثقى: المسئلة ١٥ من احكام صلاة المسافر.
٣٩٥

الفصل الأول

في آداب الزيارة

وهي عديدة نقتصر منها على أمور:

الأول: الغسل قبل الخروج لسفر الزيارة (١) .

الثاني: أن يتجنب في الطريق التكلم باللغو والخصام والجدال.

الثالث: أن يغتسل لزيارة الأئمة عليهم‌السلام (٢) وأن يدعو بالماثورة من دعواته. وستذكر في أول زيارة الوارث ص ٥٢٥.

الرابع: الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر (٣) .

الخامس: أن يلبس ثياباً طاهرة نظيفة جديدة ويحسن أن تكون بيضاء (٤) .

السادس: أن يقصِّر خطاه إذا خرج إلى الروضة المقدسة وأن يسير وعليه السكينة والوقار وأن يكون خاضعاً خاشعاً وأن يطأطئ رأسه فلا يلتفت إلى الاعلى ولا إلى جوانبه (٥) .

السابع: أن يتطيَّب بشي من الطيب فيما عداً زيارة الحسين عليه‌السلام (٦) .

الثامن: أن يشغل لسانه وهو يمضي إلى الحرم المطهر بالتكبير والتسبيح والتهليل والتمجيد ويعطر فاه بالصلاة على محمد وآله عليهم‌السلام (٧) .

التاسع: أن يقف على باب الحرم الشريف ويستأذن ويجتهد لتحصيل الرقة والخضوع والانكسار والتفكير في عظمة صاحب ذلك المرقد المنور وجلاله، وأنه يرى مقامه ويسمع كلامه ويرد سلامه كما يشهد على ذلك كله عندما يقرأ الاستئذان، والتدبر في لطفهم وحبهم لشيعتهم وزائريهم والتأمل في فساد حال نفسه وفي جفائه عليهم برفضه ما لا يحصى من تعاليمهم وفيما صدر عنه نفسه من الأذى لهم أو لخاصتهم وأحبابهم وهو في المال أذى راجع إليهم عليهم‌السلام فلو التفت إلى نفسه التفات تفكير وتدقيق لتوقفت قدماه عن المسير وخشع قلبه ودمعت عينه وهذا هو لبُّ آداب الزيارة كلها (٨) .

_________________

١ - الامام للسيد ابن طاووس: ٣٤.

٢ - المقنعة للمفيد: ٤٩٤.

٣ - المقنعة: ٤٩٤.

٤ - مصباح الزائر لابن طاووس: ١٩٧.

٥ - مصباح الزائر لابن طاووس: ١٩٧.

٦ - انظر مصباح الزائر لابن طاووس: ١٤٠.

٧ - مصباح الزائر لابن طاووس: ١٩٧.

٨ - انظر الدروس ٢ / ٢٣.
٣٩٦

وينبغي لنا هنا ان نورد أبيات السخاوي والحديث الذي رواه العلامة المجلسي (رض) في البحار نقلا عن كتاب عيون المعجزات. أما أبيات السخاوي وهي ما ينبغي أن يتمثل به في تلك الحالة فهي:

قالُوا غَداً نَأْتِي دِيارَ الحِمى
    

    

وَيَنْزِلُ الرَّكْبُ بِمَغْناهُمُ

فكُلُّ مَنْ كانَ مُطيعاً لَهُم
    

    

أَصْبَحَ مَسْرُوراً بِلُقْياهُمُ

قُلْتُ فَلِي ذَنْبٌ فَما حِيلَتِي
    

    

بِأَيّ وَجْهٍ أَتَلَقَّاهُمُ

قالُوا أَلَيْسَ العَفْوُ مِنْ شَأْنِهِم
    

    

لاسِيَّما عَمَّنْ تَرَجَّاهُمُ

فَجِئْتُهُمْ أَسْعى إِلى بابِهِم
    

    

أَرْجُوهُمُ طَوْراً وَأَخْشاهُمُ (١)

وينبغي أن يتمثّل بهذه الابيات:

ها عبدك واقف ذليل
    

    

بالباب يمدّ كفّ سائل

قد عزّ عليّ سوء حالي
    

    

ما يفعل ما فعلت عاقل

يا أكرم من رجاه راج
    

    

عن بابك لا يردّ سائل (٢)

وأما الرواية الشريفة فهي أنه استأذن إبراهيم الجمّال وكان من الشيعة على علي بن يقطين وهو وزير هارون الرشيد فحجبه لأنه جمّال. فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على موسى بن جعفر عليه‌السلام فحجبه فرآه ثاني يومه خارج الدار فقال علي بن يقطين: يا سيدي ما ذنبي؟ فقال: حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال، وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال. قال علي: فقلت يا سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة فقال إذا كان الليل فامض إلى إلبقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك وتجد نجيباً هناك مسرَجاً فاركبه وامض إلى الكوفة. فوافى البقيع وركب النجيب ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمال بالكوفة (في مدة قصيرة). فقرع الباب وقال: أنا عليّ بن يقطين. فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدّار: وما يعمل عليّ بن يقطين الوزير ببابي؟

_________________

١ - البداية والنهاية لابن كثير ١٣ / ١٨١، في وقائع سنة ٦٤٣.

٢ - وبعدها أشعار بالفارسيّة:

شاها چه ترا سگى ببايد
    

    

گر من بود آن سگ تو شايد

  هستم سگكى زحبس جتسه
    

    

بر شاخ گل هوات بسته

خود را بخودى كشيده داخل
    

    

پيش تو كشيده از سر ذل

  افكن نظري بر اين سگ خويش
    

    

سنگم مزن ومرانم از پيش

منه رحمه‌الله .
٣٩٧

فقال عليّ بن يقطين ما هذا إن أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له . فلما دخل قال: يا إبراهيم إن المولى عليه‌السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي فقال: يغفر الله لك فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمال أن يطأ خده فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانياً ففعل فلم يزل إبراهيم يطأ خدَّه وعلي بن يقطين يقول: اللهم إشهد . ثم انصرف وركب النجيب ورجع إلى المدينة من ليلته وأناخه بباب المولى موسى بن جعفر عليه‌السلام فأذن له ودخل عليه فقبله (١) .

من هذا الحديث يعرف مبلغ حقوق الاخوان.

العاشر: تقبل العتبة العالية المباركة. قال الشيخ الشهيد (رض) ولو سجد الزائر ونوى بالسجدة الشكر للهِ تعالى على بلوغه تلك البقعة كان أولى (٢) .

الحادي عشر: أن يقدم للدخول رجله اليمنى ويقدم للخروج رجله اليسرى كما يصنع عند دخول المساجد والخروج منها (٣) .

الثاني عشر: أن يقف على الضريح بحيث يمكنه الالتصاق به وتوهم العبد أن البعد أدب وهم فقد نص على الاتكاء على الضريح وتقبيله (٤) .

الثالث عشر: أن يقف للزيارة مستقبلاً القبر مستدبراً القبلة وهذا الأدب ممّا يخص زيارة المعصوم على الظاهر فإذا فرغ من الزيارة فليضع خده الأيمن على الضريح ويدعو الله بتضرع ثم ليضع الخد الأيسر ويدعو الله بحق صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته ويبالغ بالدعاء والالحاح ثم يمضي إلى جانب الرأس فيقف مستقبل القبلة فيدعو الله تعالى (٥) .

الرابع عشر: أن يزور وهو قائم على قدميه إلاّ إذا كان له عذر من ضعف أو وجع في الظهر أو في الرجل، أو غير ذلك من الاعذار.

الخامس عشر: أن يكبر إذا شاهد القبر المطهر قبل الشروع في الزيارة. وفي رواية أن من كبر أمام الإمام عليه‌السلام وقال: لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، كتب له رضوان الله الأكبر (٦) .

السادس عشر: أن يزور بالزيارات المأثورة المروية عن سادات الأنام عليه‌السلام ويترك الزيارات المخترعة التي لفقها بعض الأغبياء من عوام الناس إلى بعض الزيارات فأشغل بها الجهال. روى الكليني رحمه‌الله عن عبد الرحيم القصير قال: دخلت على الصادق عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك قد

_________________

١ - بحار الانوار ٤٨ / ٨٥ ح ١٠٥ عن عيون المعجزات للشيخ حسين بن عبدالوهاب: ١٠٣.

٢ - الدروس ٢ / ٢٥.

٣ - الدروس ٢ / ٢٣.

٤ - الدروس ٢ / ٢٣.

٥ - الدروس ٢ / ٢٣.

٦ - البحار ٢٤ / ٣٩٦ عن بصائر الدرجات.
٣٩٨

اخترعت دعاءً من نفسي . فقال عليه‌السلام : دعني عن اختراعك، إذا عرضتك حاجة فَلُذْ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصل ركعتين وأهدهما إليه. .. إلخ (١) .

السابع عشر: أن يصلي صلاة الزيارة وأقلها ركعتان. قال الشيخ الشهيد فإن كانت الزيارة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فليصل الصلاة في الروضة، وإن كانت لاحد الأئمة فعند الرأس ولو صلاها بمسجد المكان أي مسجد الحرم جاز (٢) .

وقال العلامة الجلسي رحمه‌الله : إن صلاة‌الزيارة وغيرها فيما أرى يفضل أن تؤتى خلف القبر أو عند الرأس الشريف (٣) . وقال أيضاً العلامة بحر العلوم في الدّرة:

وَمِنْ حَدِيثِ كَرْبَلاءِ وَالكَعْبَة‌ِ
    

    

لِكَرْبَلاءِ بانَ عُلُوُّ الرُّتْبَةِ

وَغَيْرُها مِنْ سائِرِ المَشاهِدِ
    

    

أَمْثالُها بِالنَّقْلِ ذِي الشَّواهِدِ

وَراعِ فِيهِنَّ اقْتِرابَ الرَّمْس‌ِ
    

    

وَآثِرِ الصَّلاةَ عِنْدَ الرَّأْسِ

وَصَلِّ خَلْفَ القَبْرِ فَالصَّحِيح
    

    

كَغَيْرِهِ فِي نَدْبِها صَريحُ

وَالفَرْقُ بَيْنَ هذِهِ القُبُورِ
    

    

وَغَيْرِها كَالنُّورِ فَوْقَ الطُّورِ

فَالسَّعْيُ لِلصَّلاةِ عِنْدَها نُدِب‌َ
    

    

وَقُرْبُها بَلِ اللّصُوقُ قَدْ طُلِبَ (٤)

الثامن عشر: تلاوة سورة يَّس في الركعة الأولى وسورة الرحمن في الثانية إن لم تكن صلاة الزيارة التي يصليها مأثورة على صفة خاصَّة وأن يدعو بعدها بالمأثور أو بما سنح له في أمور دينه ودنياه وليعمِّم الدُّعاء فإنه أقرب إلى الإجابة (٥) .

التاسع عشر: قال الشهيد رحمه‌الله : ومن دخل المشهد والإمام يصلي بدأ بالصلاة قبل الزيارة. وكذلك لو كان قد حضر وقتها وإِلاّ فالبد بالزيارة أولى لأنها غاية مقصده ولو أقيمت الصلاة استحب للزائرين قطع الزيارة والاقبال على الصلاة ويكره تركه وعلى ناظر الحرم أمرهم بذلك (٦) .

العشرون: عد الشهيد رحمه‌الله من آداب الزيارة تلاوة شي من القرآن عند الضريح وإهداءه إلى المزور والمنتفع بذلك الزائر وفيه تعظيم للمزور (٧) .

الحادي والعشرون: ترك اللغو ومالا ينبغي من الكلام وترك الاشتغال بالتكلم في أمور

_________________

١ - الكافي ٣ / ٤٧٦.

٢ - الدروس ٢ / ٢٣.

٣ - بحارالانوار ١٠٠ / ١٣٤.

٤ - الدرّة النجفية: ١٠٠ في عنوان المشاهد.

٥ - الدروس ٢ / ٢٣.

٦ - الدروس ٢ / ٢٥.

٧ - الدروس ٢ / ٢٣.
٣٩٩

الدنيا فهو مذموم قبيح في كل زمان ومكان وهو مانع للرزق ومجلبة للقساوة لا سيما في هذه البقاع الطاهرة والقباب السامية التي أخبر الله تعالى بجلالها وعظمتها في سورة النور: ( في بيوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ ) الآية (١) .

الثاني والعشرون: أن لا يرفع صوته بما يزور به كما نبهت عليه في كتاب (هدية الزائر).

الثالث والعشرون: أن يودع الإمام عليه‌السلام بالمأثور أو بغيره إذا أراد الخروج من البلد (٢) .

الرابع والعشرون: أن يتوب إلى الله ويستغفر من ذنوبه وأن يجعل أعماله وأقواله بعد الزيارة خيراً منها قبلها (٣) .

الخامس والعشرون: الانفاق على سدنة المشهد الشريف وينبغي لهؤُلاءِ أن يكونوا من أهل الخير والصلاح والدين والمرؤة وأن يحتملوا ما يصدر من الزوار فلا يصبّوا سخطهم عليهم ولا يحتدموا عليهم، قائمين بحوائج المحتاجين مرشدين للغرباء إذا ضلّوا وبالاجمال فالخدم ينبغي أن يكونوا خدّاماً حقاً قائمين بما لزم من تنظيف البقعة الشريفة وحراستها والمحافظة على الزائرين وغير ذلك من الخدمات (٤) .

السادس والعشرون: الانفاق على المجاورين لتلك البقعة من الفقراء والمساكين المتعففين والاحسان إليهم لا سيما السادة وأهل العلم المنقطعين الذين يعيشون في غربة وضيق وهم يرفعون لواء التعظيم لشعائر الله وقد اجتمعت فيهم جهات عديدة تكفي إحداها لفرض إعانتهم ورعايتهم (٥) .

السابع والعشرون: قال الشهيد: إن من جملة الآداب تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظيم الحرمة وليشتدَّ الشوق. وقال أيضاً: والنساء إذا زُرن فليكنَّ منفردات عن الرجال والأولى أن يزرن ليلا وليكنَّ متنكرات أي يبدلن الثياب النفيسة بالدّانية الرّخيصة لكي لايعرفن وليبرزن متخفيات متسترات. ولو زرن بين الرجال جاز وإن كره (٦) .

أقول: من هذه الكلمة يعرف مبلغ القبح والشناعة في ما دأبت عليه النسوة في زماننا من أن يتبرجن للزيارة فيبرزن بنفايس الثياب فيزاحمن الأجانب من الرجال في الحرم الطاهر ويضاغطنهم بابدانهنّ مقتربات من الضرايح الطاهرة أو يجلسن في قبلة المصلين من الرجال

_________________

١ - النور: ٢٤ / ٣٦.

٢ - الدروس ٢ / ٢٤.

٣ - الدروس ٢ / ٢٤.

٤ - الدروس ٢ / ٢٤ مع اختلاف لفظي.

٥ - انظر الدروس ٢ / ٢٤.

٦ - الدروس ٢ / ٢٤ و ٢٥.
٤٠٠


source : الحسنين/ دارالعرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

لبس السواد على أبي الثوار وسيد الاحرار أبي ...
أعمال أيام مطلق الشهر و لياليه و أدعيتهما
هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام
الفرق بين علوم القرآن والتفسير
وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر

 
user comment