عربي
Tuesday 23rd of April 2024
0
نفر 0

مناجات الرحمن

مناجات الرحمن

فمن ذلك ما رواه الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى و فضالة بن معاوية بن عمار قال‌قلت لأبي عبد الله ع رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا من القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه و دعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل فقال كل فيه فضل كل حسن قال قلت قد علمت أن كلا حسن و أن كلا فيه فضل فقال الدعاء أفضل أ ما سمعت قول الله تعالى‌وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ‌هي و الله العبادة أ ليست هي العبادة هي و الله العبادة هي و الله العبادة أ ليست أشدهن هي و الله أشدهن و الله أشدهن‌

و من ذلك ما رواه الحسين بن محبوب السراد يرفعه إلى أبي جعفر ع‌أنه سئل أيهما أفضل في الصلاة كثرة القراءة أو طول اللبث في الركوع و السجود فقال كثرة اللبث في الركوع و السجود أ ما تسمع لقول الله تعالى‌فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَإنما عنى بإقامة الصلاة طول اللبث في الركوع و السجود قال قلت فأيهما أفضل كثرة القراءة أو كثرة الدعاء فقال كثرة الدعاء أ ما تسمع لقوله تعالى‌قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ‌

                         فلاح‌ السائل ص : 31

فيما نذكره بالعقل من صفات الداعي التي ينبغي أن ينتهي إليها

يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه العلامة الورع رضي الدين ركن الإسلام أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس وفقه الله لما يريد منه و يرضى عنه الذي ينبغي أن يكون الداعي عليه أن يعرف أنه عبد مملوك لمالك قادر قاهر مطلع عليه و أن هذا العبد لا غنى له عن سيده و لا يخلو أبدا من الحاجة إليه و أن هذا المالك جل جلاله في أعظم الجلالة و المهابة و علو الشأن و أن هذا العبد في أدون الرذالة و المهانة و النقصان و أن أصله من التراب و من طين و من حمإ مسنون و من ماء مهين ثم يده صفر من حياته و من وجوده و من عافيته و من تدبير أصول سعادته في دنياه و آخرته فإذا أضاف هذا العبد إلى هذا الأصل الضعيف السقيم المهين الذميم مخالفة مولاه المحسن إليه القادر القاهر المطلع عليه و هون بجلاله و إقباله و عارضه في فعاله و مقاله و رأى غير ما يرى من مصالح أحواله فيجب أن يكون حاله عند الدعوات و المناجاة كما يكون العبد الخائن الذليل بين يدي مولاه يخاطب خطاب الذليل العزيز الجليل و خطاب الحقير الفقير للمالك الغني العلي الكبير و خطاب الضعيف السخيف للمولى المرهوب المخوف و خطاب أهل الجنايات و الخيانات لأعظم مالك قادر على الانتقام في سائر الأوقات و أن يكون مراده جل جلاله من دعائك له في مقدس حضرة وجوده مقدما على مرادك من رحمته و جوده فيكون تلذذك بحمده و تعظيم شأنه و الاعتراف بإحسانه أحب إليك في أوقات الدعاء من ذكر حوائجك

                         فلاح‌ السائل ص : 32

و لو كانت من مهماتك في دار الفناء أو لدفع أعظم البلاء فإنك أيها العبد لو عرفته جل جلاله على اليقين عرفت أن اشتغالك بحفظ حرمته و حق رحمته أبلغ فيما تراه من إجابته و مساعدته.

كما روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال‌إن الله عز و جل يقول من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي من سألني.

أقول أنا أ ما عرفت هذا المقام عن أهل القدوة من أئمة الإسلام‌أن النبي عليه أفضل السلام قال‌أفضل الدعاء دعائي و دعاء الأنبياء قبلي ثم ذكر تهليلا و تمجيدا و تحميدا

فقيل له ما معناه أين هذا من الدعاء فقال صلوات الله عليه و على آله و على من تقدم و تأخر عنه من الأصفياء ما معناه فأيما أعرف بمراد الداعي و السائل و أكمل في طلب الفضائل الله جل جلاله أو عبد الله بن جذعان حيث مدحه أمية بن أبي الصلت فقال‌

         أ أذكر حاجتي أم قد كفاني           حياؤك أن شيمتك الحياء

           إذا أثنى عليك المرء يوما           كفاه من تعرضه الثناءقلت أنا فجعل المادح ثناه على الممدوح يكفي في قضاء حاجته فالله جل جلاله أحق بذلك لكمال جوده و رحمته فإذا رأيت قلبك و عقلك و نفسك بين يدي الله جل جلاله على هذه الصفات عند الضراعات فاعلم أنك في حضرة وجوده و جوده فيا لها من عنايات و مفتاح سعادات و تعجيل إجابات و إذا رأيت قلبك غافلا و عقلك ذاهلا و وجدت نفسك لها عن الله جل جلاله شغلا شاغلا و كأنك تدعو و لست بحضرة أحد على اليقين

                         فلاح‌ السائل ص : 33

و لا أنت بين يدي مالك عظيم الشأن مالك العالمين و لا على وجهك ذل العبودية و لا خوف الهيبة المعظمة الإلهية و لا رعدة الجناة العصاة إذا رأى أحدهم مولاه فاعلم أنك محجوب بالذنوب عن علام الغيوب و معزول بالعيوب عن ذلك المقام المحبوب و ممنوع بخراب القلوب عن بلوغ المطلوب و احذر أن يكون الله جل جلاله قد شهد عليك أنك لا تؤمن به و من شهد عليهم الله جل جلاله بعدم الإيمان فإنهم هالكون أ ما قال سبحانه‌إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيمانا وَ عَلى‌ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ‌فابك على نفسك بكاء من اطلع مولاه على سوء عبوديته و خبث سريرته و سوء سيرته فطرده عن أبوابه و أبعده عن أعتابه و جعل من جملة عقابه أن شغله بدنياه عن شرف رضاه فإذا تأخرت عنك إجابة الدعوات و أنت على ما ذممناه من الصفات فالذنب لك على التحقيق و ما كنت داعيا لمولاك على التصديق و لا وقفت عنده على باب التوفيق


source : دار العرفان/فلاح السائل
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

دخول جيش السفياني الى العراق
فاطمة عليها السلام وليلة القدر
آثار الغيبة على الفرد والمجتمع وإفرازاتها
مدة حكم المهدي المنتظر
العمل الصالح
معالم " نهضة العلماء "
قصة استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه ...
زيارة السيد عبد العظيم الحسني علیه السلام
التوسل بأُم البنين عليها‌السلام
الحب بعد الأربعين

 
user comment