الباب الأول فيما يعمل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و فيه مقدمة و فصول
مقدمة
قد ورد عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم في فضيلة هذا الوقت روايات عديدة و يطلق عليه ساعة الغفلة كما يطلق ذلك على ما بين غروب الشمس و ذهاب الشفق أيضا و ينبغي أن يكون الإنسان فيه متيقظا فإن النوم في ذلك الوقت شؤمروى رئيس المحدثين في الفقيه عن الباقر ع أنه قالنومة الغداة مشئومة تطرد الرزق و تصفر اللون و تغيره و هو نوم كل مشئوم إن الله تبارك و تعالى يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإياكم و تلك النومة
و روى أيضا في الكتاب المذكور عن أبي الحسن الرضا عفي تفسير قوله تعالى
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 10
" فَالْمُقَسِّماتِ أَمْرا " قال إن الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فمن نام ما بينهما نام عن رزقه
و قد رويأن صلاة الصبح تكتب في أعمال الليل و أعمال النهار معا
روى ثقة الإسلام في الكافي عن الصادق عفي قوله تعالىإِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداقال يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل و ملائكة
النهار فإذا صلى العبد الصبح في [مع] [من] طلوع الفجر أثبتت له مرتين أثبتها ملائكة الليل و ملائكة النهار
و هاهنا إشكال و هو أنه قد روى جماعة من علمائناعن الصادق عأن رجلا من النصارى سأل أباه الباقر ع عن الساعة التي ليست من ساعات
الليل و لا من ساعات النهار فقال ع هي الساعة التي
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 11
بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
و لا يخفى أن هذا ينافي ما نقل أصحابنا عليه الإجماع من أن صلاة الصبح من صلاة النهار و أنه لم يخالف في ذلك إلا سليمان بن مهران
الأعمش حيث عدها من صلاة الليل مستدلابقول النبي صصلاة الليل عجمي
أي إخفاتية و قد يستدل له أيضابما رواه رئيس المحدثين في الفقيه عن أبي جعفر ع أنه قالكان رسول الله ص لا يصلي بالنهار شيئا حتى
تزول الشمس.
و يمكن التفصي عن هذا الإشكال بأن الرواية قد وردت بأن ذلك السائل كان قسيسا من علماء النصارى و أنه سأل الباقر ع عن مسائل عديدة لم
تكن معروفة إلا بين أكابر علمائهم و هذه المسألة من جملتها فلعل الإمام ع أجاب السائل عما يوافق عزمه [على ما يوافق عرفه] و اعتقاده و
ذلك لا ينافي كون النهار حقيقة شرعية فيما بين طلوع الفجر و غروب الشمس و أما ما استدل به
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 12
الأعمش منقول النبي صصلاة النهار عجمي
فقد أجاب عنه علماؤنا قدس الله أرواحهم بأنه من قبيل تغليب الأكثر على الأقل أو أنه ع جعل صلاة الصبح من صلاة الليل مبالغة في التغليس
بهافقد رويأنه صلى الله عليه و آله و سلم كان يغلس بها حتى أنه كان إذا فرغ منها انصرف النساء و هن لا يعرفن من الغلس
و روى رئيس المحدثين في الفقيهأن يحيى بن أكثم سأل أبا الحسن الأول ع عن صلاة الفجر لا يجهر فيها بالقراءة و هي من صلاة النهار فقال
لأن النبي ص كان يغلس بها فقرآنها من الليل
و بهذا
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 13
يظهر الجواب عن ما استدل به الأعمش [للأعمش] مع أن الظاهر أن مراد الإمام ع نفي صلاة النافلة ردا على المخالفين القائلين باستحباب
صلاة الضحى
تبصرة
لا بأس في تحقيق الفجر الأول و الثاني بإيراد كلام في هذا المقام ذكره العلامة جمال الملة و الحق و الدين قدس الله روحه في منتهى المطلب قال طاب ثراه اعلم أن ضوء النهار من ضوء [ضياء] الشمس و إنما يستضيء بها ما كان ضياء كدرا [مكدرا] في نفسه كثيفا في جوهره كالأرض و القمر و أجزاء الأرض المتصلة و المنفصلة و كل ما يستضيء من جهة الشمس فإنه يقع له ظل من ورائه و قد قدر الله سبحانه و تعالى بلطيف حكمته دوران الشمس حول الأرض فإذا كانت تحتها وقع ظلها فوق الأرض على شكل مخروط و يكون الهواء المستضيء بضياء الشمس محيطا بجوانب ذلك المخروط فتستضيء نهايات الظل بذلك الهواء المضيء لكن ضوء الهواء ضعيف إذ هو مستعار فلا ينفذ كثيرا في أجزاء المخروط بل كلما ازداد بعدا ازداد ضعفا فإذا متى يكون في وسط المخروط تكون في أشد الظلام فإذا قربت الشمس
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 14
من الأفق الشرقي مال مخروط الظل عن سمت الرأس و قربت الأجزاء المستضيئة في حواشي الظل بضياء الهواء من البصر و فيه أدنى قوة
فيدركه البصر عند قرب الصباح و على هذا كلما ازدادت الشمس قربا من الأفق ازداد ضوء نهايات الظل قربا من البصر إلى أن تطلع الشمس
و أول ما يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقا مستطيلا كالعمود و يسمى الصبح الكاذب و يشبه بذنب السرحان لدقته و استطالته و
يسمى الأول لسبقه على الثاني و الكاذب لكون الأفق مظلما أي لو كان يصدق أنه نور الشمس لكان المنير مما يلي الشمس دون ما يبعد منه و
يكون ضعيفا دقيقا و يبقى وجه الأرض على ظلامة بظل الأرض ثم يزداد هذا الضوء إلى أن يأخذ طولا و عرضا فينبسط في عرض الأفق
كنصف دائرة و هو الفجر الثاني الصادق لأنه صدقك عن الصبح و بينه لك انتهى هذا كلامه أعلى الله مقامه.
و اعلم أنه لا يتعلق بطلوع الفجر الأول من العبادات
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 15
إلا أمور يسيرة كدخول وقت فضيلة الوتر فإن أفضل أوقاتها ما بين الفجرينكما رواه شيخ الطائفة في التهذيب بسند صحيح عن إسماعيل بن
سعيد [سعد] الأشعري قالسألت أبا الحسن الرضا ع عن ساعات الوتر فقال أحبها إلى الفجر الأول
و رويأن رجلا سأل أمير المؤمنين ع عن الوتر أول الليل فلم يجبه فلما كان بين الصبحين خرج أمير المؤمنين ع إلى المسجد فنادى أين
السائل عن الوتر ثلاث مرات نعم ساعة الوتر هذه ثم قام ع فأوتر.
و أما الفجر الثاني فالعبادات المتعلقة به كثيرةفإذا تحققت طلوعه فقل يا فالقه من حيث لا أرى و مخرجه من حيث أرى صل على محمد و آله
و اجعل
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 16
أول يومنا هذا صلاحا و أوسطه فلاحا و آخره نجاحا
و قل أيضا ما رواه رئيس المحدثين في الفقيه بسند صحيح عن الصادق ع قالكان نوح ع يقول إذا أصبح و أمسى اللهم إني أشهدك أنه ما
أصبح بي من نعمة و عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك لك الحمد و لك الشكر بها على حتى ترضى و بعد الرضا يقولها إذا
أصبح عشرا و إذا أمسى عشرا فسمي بذلك عبدا شكورا
و قل أيضا ما رواه ثقة الإسلام في الكافي بسند حسن عن أبي عبد الله عأن أمير المؤمنين ع كان يقول إذا أصبح سبحان الملك القدوس ثلاثا
اللهم إني
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 17
أعوذ بك من زوال نعمتك و من تحويل عافيتك و من فجأة نقمتك و من درك الشقاء و من شر ما سبق في الليل و النهار اللهم أسألك بعزة
ملكك و قوة سلطانك و بشدة قوتك و بعظم [و بعظيم] سلطانك و بقدرتك على جميع خلقك [و شدة قوتك و بعظيم سلطانك و بقدرتك على خلقك]
أن تفعل بي كذا و كذا
و مما يقال عند طلوع الفجرما رواه قدس الله روحه في الكافي أيضا بسند صحيح عن الباقر ع قالمر رسول الله ص برجل يغرس غرسا في
حائط له فوقف و قال أ لا أدلك على غرس هو أثبت أصلا و أسرع إيناعا و أطيب ثمرا و أبقى قال بلى فدلني يا
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 18
رسول الله صلى الله عليك و آلك فقال إذا أصبحت و أمسيت فقل سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فإن لك عند الله إن قلته بكل
تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة و هن من الباقيات الصالحات قال فقال الرجل فإني أشهدك يا رسول الله أن حائطي
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 19
هذا صدقة مقبوضة على فقراء المؤمنين [المسلمين] من أهل الصدقة فأنزل الله عز و جل آيات من القرآنفَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى وَ صَدَّقَ
بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى
و روى السيد الجليل جمال العارفين رضي الدين علي بن طاوس قدس الله روحه عن الباقر ع أنه قالمن أصبح و عليه خاتم فصه عقيق متختما
به في يده اليمنى فأصبح من قبل أن يرى أحدا فقلب فصه إلى باطن كفه و قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر إلى آخرها ثم قال آمنت بالله وحده لا
شريك له و كفرت بالجبت و الطاغوت و آمنت بسر آل محمد و علانيتهم و ظاهرهم و باطنهم و أولهم و آخرهم
مفتاحالفلاحفيعملاليوموالليلةمنالواجبات ص : 20
وقاه الله تعالى في ذلك اليوم شر ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و ما يلج في الأرض و ما يخرج منها و كان في حرز الله و كنفه حتى
يمسي
و ما يقال عند الصبح ما روي عن الصادق ع أستودع الله العلي الأعلى الجليل العظيم ديني و نفسي و أهلي و مالي و ولدي و إخواني
المؤمنين و جميع ما رزقني ربي و جميع من يعنيني أمره أستودع الله المخوف المرهوب المتضعضع لعظمته كل شيء ديني و نفسي و أهلي
و مالي و ولدي و إخواني المؤمنين و جميع ما رزقني ربي و جميع من يعنيني أمره يقول ذلك ثلاث مرات
source : دار العرفان