عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

ذروة الانسانية

ذروة الانسانية

ذروة الانسانية


إن أميرالمؤمنين علي عليه السلام شخصيّة جمعت بين جنبيها كلّ القيم الانسانية، فتراه في موضع لا ينطق إلّابحماس وقوة وكأنّه قد قضى‌ عمره على‌ هذا المنطق، وقد امتلأت روحه حماساً وقتالًا، ولكن تجده في موضع آخر يختلف تماماً عمّا كان عليه سابقاً فهو في هذا موضع لم يكن فيه إلّاعارفاً وكأنّه لم يملك من الدنيا إلّاالدعاء والمناجات.
نأتي هنا بشاهدين من نهج البلاغة لكلا البعدين كي نتعرف أكثر على‌ منطق الاسلام الصحيح:
في أول لقاء لأميرالمؤمنين علي عليه السلام ومعاوية في صفين كان يسير الجيشان جيش معاوية وجيش أميرالمؤمنين نحو الفرات، عند ما اقترب الجيشان أمر معاوية أصحابه وجيشه أن يسبقوا جيش علي وأصحابه الى‌ النهر ليقطعوا عليهم الماء، ففرح أصحاب معاوية بهذه الخطوة وقالوا:
قد استعملنا حيلة رائعة لأن علياً وجيشه إذا لم يجدوا ماءً سيولون الأدبار.
فقال أميرالمؤمنين علي عليه السلام لمعاوية: إنّا سرنا إليك مسيرنا هذا وأنا أكره قتالكم قبل الإعذار إليكم وإنك قدمت خيلك فقاتلتنا قبل أن نقاتلك‌

وبدأتنا بالحرب ونحن من رأينا الكف حتى ندعوك ونحتج عليك وهذه أخرى قد فعلتموهما قد حلتم بين الناس وبين الماء.
فاجتمع معاوية مع أصحابه وقال لهم: ما ترون؟ أنمنعهم الماء أو نسقيهم؟ فقال بعضهم: امنعوهم وقال بعض: اسقوهم.
وقال عمرو بن العاص: اتركوهم ولا تمنعوهم فإنّ منعتموهم من الماء فسوف يأخذونه منكم عنوة فتذهب كرامتكم، وقال آخرون: كلا، لا نترك الفرات لهم ولا يستطيعون أن يأخذوه منا، فمنعوا جيش علي من الماء.
ثمّ قال علي عليه السلام وخطب أمام جيشه خطبة حماسية، كان أثرها في نفوسهم أكثر من ألف طبل، فقال:
أيها الناس! قد استطعموكم القتال فقروا على مذلة وتأخير محلة أو رووا السيوف من الدماء ترووا من الماء.
ثم عرّف الامام الموت والحياة في عبارة حماسية هيّجت مشاعر الجميع حيث قال:
 «فَالمَوْتُ فِى حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ وَالحَيَاةُ فِى مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ» «1».
تهيّج جيش علي بشدّة بعد خطبته وهجموا على العدو وأبعدوه عن الفرات مسافة طويلة وسيطر الجيش على‌ المشرعة ثمّ منعوا الماء عن معاوية وجيشه فأرسل معاوية رسالة ندامة وترجّى‌ الماء منهم، فقال أصحاب علي عليه السلام: لا نعطيكم الماء أبداً فأنتم كنتم أوّل من بدأ بمنع الماء،
__________________________________________________
 (1)- نهج البلاغة: 88، خطبه 51؛ بحار الأنوار: 32/ 442، باب 11، حديث 393.

وقلتم: لا نعطيكم الماء، ولكن أميرالمؤمنين قال لأصحابه: نحن لا نفعل هذا أبداً، فهذا غدر، وأنا لا أغدر عدوي بل اقابله وجهاً لوجه ولا أطلب الانتصار بمثل هذا التضييق فإنّه ليس من شأني ولا من شأن أي‌مسلم عزيز ذو كرامة «1».
__________________________________________________
 (1)- الانسان الكامل: 65- 66.
                        نظام العشرة فى المنظور الاسلامى، للعلامة انصاریان  ص: 228


source : دار العرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

القرآن و القواعد
التعامل مع القرآن بين الواقع والمفروض
علاج الامراض النفسیة بذکر الله
هدم قبور البقيع ..............القصة الكاملة
الحرب العالمية في عصر الظهور
الإمام الحسن العسكري (ع) والتمهيد لولادة وغيبة ...
إنّ الحسين (عليه السلام) مصباح الهدى وسفينة ...
الإمام موسى الكاظم عليه السلام والثورات العلوية
زيارة السيدة زينب الكبرى (عليها السلام)
الصلاة من أهم العبادات

 
user comment