عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

فصل في العقبات على طريق المحشر

فصل في العقبات على طريق المحشر

فصل في العقبات على طريق المحشر

قال الشيخ أبو جعفر رحمه الله في العقبات اسم كل عقبة اسم فرض أو أمر أو نهي. قال الشيخ المفيد رحمه الله العقبات عبارة عن الأعمال الواجبات و المساءلة عنها و المواقفة عليها و ليس المراد بها جبال في الأرض تقطع و إنما هي الأعمال شبهت بالعقبات و جعل الوصف لما يلحق الإنسان في تخلصه من تقصيره في طاعة الله تعالى كالعقبة التي يجهد صعودها و قطعها. قال الله تعالى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ الآية فسمى سبحانه الأعمال التي كلفها العبد عقبات تشبيها لها بالعقبات و الجبال لما يلحق الإنسان في أدائها من المشاق كما يلحقه في صعود العقبات و قطعها.

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 113

 قال أمير المؤمنين ع إن أمامكم عقبة كئودا و منازل مهولة لا بد من الممر بها و الوقوف عليها فإما برحمة من الله نجوتم و إما بهلكة ليس بعدها انجبار
أراد ع بالعقبة تخلص الإنسان من التبعات التي عليه و ليس كما ظنه الحشوية من أن في الآخرة جبالا و عقبات يحتاج الإنسان إلى قطعها ماشيا و راكبا و ذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء و لا وجه لخلق عقبات تسمى بالصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و غيرها من الفرائض يسأم الإنسان أن يصعدها فإن كان مقصرا في طاعة الله حال ذلك بينه و بين صعودها إذ كان الغرض في القيامة المواقفة على الأعمال و الجزاء عليها بالثواب و العقاب و ذلك غير مفتقر إلى تسمية عقبات و خلق جبال و تكليف قطع ذلك و تصعيبه أو تسهيله مع أنه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه و تخرج له الوجوه و إذا لم يثبت بذلك خبر كان الأمر فيه ما ذكرناه

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 114
فصل في الحساب و الموازين
قال الشيخ أبو جعفر اعتقادنا في الحساب أنه حق. قال الشيخ المفيد رحمه الله الحساب هو المقابلة بين الأعمال و الجزاء عليها و المواقفة للعبد على ما فرط منه و التوبيخ له على سيئاته و الحمد على حسناته و معاملته في ذلك باستحقاقه و ليس هو كما ذهبت العامة إليه من مقابلة الحسنات بالسيئات و الموازنة بينهما على حسب استحقاق الثواب و العقاب عليهما إذ كان التحابط بين الأعمال غير صحيح و مذهب المعتزلة فيه باطل غير ثابت و ما اعتمده الحشوية في معناه غير معقول. و الموازين هي التعديل بين الأعمال و الجزاء عليها و وضع كل جزاء في موضعه و إيصال كل ذي حق إلى حقه فليس الأمر في معنى ذلك على ما ذهب إليه أهل الحشو من أن في القيامة موازين كموازين الدنيا لكل ميزان كفتان توضع الأعمال فيها إذ الأعمال أعراض و الأعراض لا يصح وزنها و إنما توصف بالثقل و الخفة على وجه المجاز و المراد بذلك أن ما ثقل منها هو ما

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 115
كثر و استحق عليه عظيم الثواب و ما خف منها ما قل قدره و لم يستحق عليه جزيل الثواب. و الخبر الوارد في أن أمير المؤمنين و الأئمة من ذريته ع هم الموازين فالمراد أنهم المعدلون بين الأعمال فيما يستحق عليها و الحاكمون فيها بالواجب و العدل و يقال فلان عندي في ميزان فلان و يراد به نظيره و يقال كلام فلان عندي أوزن من كلام فلان و المراد به أن كلامه أعظم و أفضل قدرا و الذي ذكره الله تعالى في الحساب و الخوف منه إنما هو المواقفة على الأعمال لأن من وقف على أعماله لم يتخلص من تبعاتها و من عفى الله تعالى عنه في ذلك فاز بالنجاة فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ بكثرة استحقاقه الثواب فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ بقلة أعمال الطاعات فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ و القرآن إنما أنزل بلغة العرب و حقيقة كلامها و مجازه و لم ينزل على ألفاظ العامة و ما سبق إلى قلوبها من الأباطيل

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 116
فصل في الجنة و النار
قال أبو جعفر اعتقادنا في الجنة أنها دار البقاء. قال الشيخ المفيد رحمه الله الجنة دار النعيم لا يلحق من دخلها نصب و لا يلحقهم فيها لغوب و جعلها الله سبحانه دارا لمن عرفه و عبده و نعيمها دائم لا انقطاع له و الساكنون فيها على أضرب فمنهم من أخلص لله تعالى فذلك الذي يدخلها على أمان من عذاب الله تعالى. و منهم من خلط عمله الصالح بأعماله السيئة كان يسوف منها التوبة فاخترمته المنية قبل ذلك فلحقه خوف من العقاب في عاجله و آجله أو في عاجله دون آجله ثم سكن الجنة بعد عفو الله أو عقابه.

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 117
و منهم من يتفضل عليه بغير عمل سلف منه في الدنيا و هم الولدان المخلدون الذين جعل الله تعالى تصرفهم لحوائج أهل الجنة ثوابا للعاملين و ليس في تصرفهم مشاق عليهم و لا كلفة لأنهم مطبوعون إذ ذاك على المسار بتصرفهم في حوائج المؤمنين. و ثواب أهل الجنة الالتذاذ بالمآكل و المشارب و المناظر و المناكح و ما تدركه حواسهم مما يطبعون على الميل إليه و يدركون مرادهم بالظفر به و ليس في الجنة من البشر من يلتذ بغير مأكل و مشرب و ما تدركه الحواس من الملذوذات. و قول من يزعم أن في الجنة بشرا يلتذ بالتسبيح و التقديس من دون الأكل و الشرب قول شاذ عن دين الإسلام و هو مأخوذ من مذهب النصارى الذين زعموا أن المطيعين في الدنيا يصيرون في الجنة ملائكة لا يطعمون و لا يشربون و لا ينكحون. و قد أكذب الله سبحانه هذا القول في كتابه بما رغب العاملين فيه من الأكل و الشرب و النكاح فقال تعالى أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا الآية و قال تعالى فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ الآية و قال تعالى‌

                         تصحيح‌ الاعتقاد ص : 118
 حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ و قال تعالى وَ حُورٌ عِينٌ و قال سبحانه وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ و قال سبحانه وَ عِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ و قال سبحانه إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ هُمْ وَ أَزْواجُهُمْ الآية و قال سبحانه وَ أُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ. فكيف استجاز من أثبت في الجنة طائفة من البشر لا يأكلون و لا يشربون و يتنعمون بما به الخلق من الأعمال يتألمون و كتاب الله تعالى شاهد بضد ذلك و الإجماع على خلافه لو لا أن قلد في ذلك من لا يجوز تقليده أو عمل على حديث موضوع و أما النار فهي دار من جهل الله سبحانه و قد يدخلها بعض من عرفه بمعصية الله تعالى غير أنه لا يخلد فيها بل يخرج منها إلى النعيم المقيم و ليس يخلد فيها إلا الكافرون. و قال تعالى فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى يريد بالصلي هاهنا الخلود فيها و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 119
الآيتان و كل آية تتضمن ذكر الخلود في النار فإنما هي في الكفار دون أهل المعرفة بالله تعالى بدلائل العقول و الكتاب المسطور و الخبر الظاهر المشهور و الإجماع و الرأي السابق لأهل البدع من أصحاب الوعيد
حد التكفير فصل
و ليس يجوز أن يعرف الله تعالى من هو كافر به و لا يجهله من هو به مؤمن و كل كافر على أصولنا فهو جاهل بالله و من خالف أصول الإيمان من المصلين إلى قبلة الإسلام فهو عندنا جاهل بالله سبحانه و إن أظهر القول بتوحيده تعالى كما أن الكافر برسول الله ص جاهل بالله و إن كان فيهم من يعترف بتوحيد الله تعالى و يتظاهر بما يوهم المستضعفين أنه معرفة بالله تعالى. و قد قال الله تعالى فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً فأخرج بذلك المؤمن عن أحكام الكافرين و قال تعالى فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ الآية فنفى عمن كفر بنبي الله ص الإيمان و لم يثبت له مع الشك فيه المعرفة بالله على حال. و قال سبحانه و تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله وَ هُمْ صاغِرُونَ فنفى الإيمان عن اليهود و النصارى و حكم عليهم بالكفر و الضلال

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 120


source : دارالعرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عاشوراء مِرآة للتاريخ
الارتباط بالمطلق مشكلة ذات حدين
الشخصية القرآنية
أهداف التربية في الإسلام
التبرج والحجاب
العلامات التي تسبق مباشرة ظهور الإمام المهدي
شهر رمضان شهر التوبة والاستغفار
القرآن معجزة خالدة
و العاقبة للمتقین
فلسفة الصوم من منظور علمي

 
user comment