عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

قصص لقمان و حكمه

قصص لقمان و حكمه

الآيات لقمان وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى‌ وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‌ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلى‌ ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ تفسير أَنِ اشْكُرْ أي لأن اشكر أو أي اشكر فإن إيتاء الحكمة في معنى القول وَهْناً أي ذات وهن أو تهن وهنا عَلى‌ وَهْنٍ أي تضعف ضعفا فوق ضعف وَ فِصالُهُ أي فطامه في انقضاء عامين و كانت الأم ترضعه في تلك المدة أَنِ اشْكُرْ تفسير لوصينا أو علة له أو بدل من والديه بدل الاشتمال إِنَّها أي الخصلة من الإساءة و الإحسان إِنْ تَكُ مثلا في الصغر كحبة الخردل فَتَكُنْ في أخفى مكان و أحرزه كجوف صخرة أو أعلاه كمحدب السماوات أو أسفله كمقعر الأرض يحضرها الله فيحاسب عليها مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ أي لا تمله عنهم و لا تولهم صفحة وجهك كما تفعله المتكبرون مَرَحاً
                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 409
أي فرحا و بطرا وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أي توسط بين الدبيب و الإسراع وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أي اخفضه إلا في موضع الحاجة أو توسط في ذلك أيضا
 1-  فس، [تفسير القمي‌] وَهْناً عَلى‌ وَهْنٍ يَعْنِي ضَعْفاً عَلَى ضَعْفٍ وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ يَقُولُ اتَّبِعْ سَبِيلَ مُحَمَّدٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى خَبَرِ لُقْمَانَ وَ قِصَّتِهِ فَقَالَ يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ قَالَ مِنَ الرِّزْقِ يَأْتِيكَ بِهِ اللَّهُ قَوْلُهُ وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ أَيْ لَا تَذِلَّ لِلنَّاسِ طَمَعاً فِيمَا عِنْدَهُمْ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أَيْ فَرَحاً وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً يَقُولُ بِالْعَظَمَةِ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أَيْ لَا تَعْجَلْ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أَيْ لَا تَرْفَعْهُ
 بيان تفسير تصعير الخد بالتذلل خلاف المشهور بين اللغويين و المفسرين لكن لا يبعد كثيرا عن أصل المعنى اللغوي فإن التصعير إمالة الوجه فكما يكون عن الناس تكبرا يكون إلى الناس تذللا بل هو أنسب باللام. قال الطبرسي رحمه الله أي و لا تمل وجهك عن الناس تكبرا و لا تعرض عمن يكلمك استخفافا به و هذا معنى قول ابن عباس و أبي عبد الله عليه السلام يقال أصاب البعير صعر أي داء يلوي منه عنقه
 2-  فس، [تفسير القمي‌] أَبِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ لُقْمَانَ وَ حِكْمَتِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ أَ مَا وَ اللَّهِ مَا أُوتِيَ لُقْمَانُ الْحِكْمَةَ بِحَسَبٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا أَهْلٍ وَ لَا بَسْطٍ فِي جِسْمٍ وَ لَا جَمَالٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللَّهِ مُتَوَرِّعاً فِي اللَّهِ سَاكِتاً سَكِيناً عَمِيقَ النَّظَرِ طَوِيلَ الْفِكْرِ حَدِيدَ النَّظَرِ مُسْتَغْنٍ بِالْعِبَرِ لَمْ يَنَمْ نَهَاراً قَطُّ وَ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى بَوْلٍ وَ لَا غَائِطٍ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 410
وَ لَا اغْتِسَالٍ لِشِدَّةِ تَسَتُّرِهِ وَ عُمُوقِ نَظَرِهِ وَ تَحَفُّظِهِ فِي أَمْرِهِ وَ لَمْ يَضْحَكْ مِنْ شَيْ‌ءٍ قَطُّ مَخَافَةَ الْإِثْمِ وَ لَمْ يَغْضَبْ قَطُّ وَ لَمْ يُمَازِحْ إِنْسَاناً قَطُّ وَ لَمْ يَفْرَحْ لِشَيْ‌ءٍ إِنْ أَتَاهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ لَا حَزِنَ مِنْهَا عَلَى شَيْ‌ءٍ قَطُّ وَ قَدْ نَكَحَ مِنَ النِّسَاءِ وَ وُلِدَ لَهُ الْأَوْلَادُ الْكَثِيرَةُ وَ قَدَّمَ أَكْثَرَهُمْ إِفْرَاطاً فَمَا بَكَى عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ لَمْ يَمُرَّ بِرَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ أَوْ يَقْتَتِلَانِ إِلَّا أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا وَ لَمْ يَمْضِ عَنْهُمَا حَتَّى تَحَاجَزَا وَ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلًا قَطُّ مِنْ أَحَدٍ اسْتَحْسَنَهُ إِلَّا سَأَلَ عَنْ تَفْسِيرِهِ وَ عَمَّنْ أَخَذَهُ وَ كَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ الْفُقَهَاءِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ كَانَ يَغْشَى الْقُضَاةَ وَ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِينَ فَيَرْثِي لِلْقُضَاةِ مِمَّا ابْتُلُوا بِهِ وَ يَرْحَمُ الْمُلُوكَ وَ السَّلَاطِينَ لِغِرَّتِهِمْ بِاللَّهِ وَ طُمَأْنِينَتِهِمْ فِي ذَلِكَ وَ يَعْتَبِرُ وَ يَتَعَلَّمُ مَا يَغْلِبُ بِهِ نَفْسَهُ وَ يُجَاهِدُ بِهِ هَوَاهُ وَ يَحْتَرِزُ بِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ كَانَ يُدَاوِي قَلْبَهُ بِالتَّفَكُّرِ وَ يُدَارِي نَفْسَهُ بِالْعِبَرِ وَ كَانَ لَا يَظْعَنُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ فَبِذَلِكَ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ وَ مُنِحَ الْعِصْمَةَ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ طَوَائِفَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حِينَ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَ هَدَأَتِ الْعُيُونُ بِالْقَائِلَةِ فَنَادَوْا لُقْمَانَ حَيْثُ يَسْمَعُ وَ لَا يَرَاهُمْ فَقَالُوا يَا لُقْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ تَحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ لُقْمَانُ إِنْ أَمَرَنِي رَبِّي بِذَلِكَ فَالسَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ لِأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ بِي ذَلِكَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ وَ عَلَّمَنِي وَ عَصَمَنِي وَ إِنْ هُوَ خَيَّرَنِي قَبِلْتُ الْعَافِيَةَ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا لُقْمَانُ لِمَ قَالَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَشَدِّ الْمَنَازِلِ مِنَ الدِّينِ وَ أَكْثَرُ فِتَناً وَ بَلَاءً مَا يُخْذَلُ وَ لَا يُعَانُ وَ يَغْشَاهُ الظُّلَمُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَ صَاحِبُهُ مِنْهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِنْ أَصَابَ فِيهِ الْحَقَّ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَسْلَمَ وَ إِنْ أَخْطَأَ أَخْطَأَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ وَ مَنْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا ذَلِيلًا وَ ضَعِيفاً كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي الْمَعَادِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَكَماً سَرِيّاً شَرِيفاً وَ مَنِ اخْتَارَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ يَخْسَرُهُمَا كِلْتَيْهِمَا تَزُولُ هَذِهِ وَ لَا تُدْرَكُ تِلْكَ قَالَ فَتَعَجَّبَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ حِكْمَتِهِ وَ اسْتَحْسَنَ الرَّحْمَنُ مَنْطِقَهُ فَلَمَّا أَمْسَى وَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِكْمَةَ فَغَشَّاهُ بِهَا مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ وَ هُوَ نَائِمٌ وَ غَطَّاهُ بِالْحِكْمَةِ غِطَاءً فَاسْتَيْقَظَ وَ هُوْ أَحْكَمُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ وَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 411
يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ وَ يُبَيِّنُهَا فِيهَا قَالَ فَلَمَّا أُوتِيَ الْحُكْمَ وَ لَمْ يَقْبَلْهَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ دَاوُدَ بِالْخِلَافَةِ فَقَبِلَهَا وَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا بِشَرْطِ لُقْمَانَ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ الْخِلَافَةَ فِي الْأَرْضِ وَ ابْتُلِيَ فِيهَا غَيْرَ مَرَّةٍ وَ كُلُّ ذَلِكَ يَهْوِي فِي الْخَطَاءِ يُقِيلُهُ اللَّهُ وَ يَغْفِرُ لَهُ وَ كَانَ لُقْمَانُ يُكْثِرُ زِيَارَةَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ يَعِظُهُ بِمَوَاعِظِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ فَضْلِ عِلْمِهِ وَ كَانَ يَقُولُ دَاوُدُ لَهُ طُوبَى لَكَ يَا لُقْمَانُ أُوتِيتَ الْحِكْمَةَ وَ صُرِفَتْ عَنْكَ الْبَلِيَّةُ وَ أُعْطِيَ دَاوُدُ الْخِلَافَةَ وَ ابْتُلِيَ بِالْخَطَاءِ وَ الْفِتْنَةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ قَالَ فَوَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ بِآثَارٍ حَتَّى تَفَطَّرَ وَ انْشَقَّ وَ كَانَ فِيمَا وَعَظَهُ بِهِ يَا حَمَّادُ أَنْ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ مُنْذُ سَقَطْتَ إِلَى الدُّنْيَا اسْتَدْبَرْتَهَا وَ اسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ فَدَارٌ أَنْتَ إِلَيْهَا تَسِيرُ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ أَنْتَ عَنْهَا مُتَبَاعِدٌ يَا بُنَيَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَ ازْحَمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ وَ لَا تُجَادِلْهُمْ فَيَمْنَعُوكَ وَ خُذْ مِنَ الدُّنْيَا بَلَاغاً وَ لَا تَرْفُضْهَا فَتَكُونَ عِيَالًا عَلَى النَّاسِ وَ لَا تَدْخُلْ فِيهَا دُخُولًا يُضِرُّ بِآخِرَتِكَ وَ صُمْ صَوْماً يَقْطَعُ شَهْوَتَكَ وَ لَا تَصُمْ صِيَاماً يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصِّيَامِ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ هَلَكَ فِيهَا عَالَمٌ كَثِيرٌ فَاجْعَلْ سَفِينَتَكَ فِيهَا الْإِيمَانَ وَ اجْعَلْ شِرَاعَهَا التَّوَكُّلَ وَ اجْعَلْ زَادَكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ فَإِنْ نَجَوْتَ فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ إِنْ هَلَكْتَ فَبِذُنُوبِكَ يَا بُنَيَّ إِنْ تَأَدَّبْتَ صَغِيراً انْتَفَعْتَ بِهِ كَبِيراً وَ مَنْ عَنَى بِالْأَدَبِ اهْتَمَّ بِهِ وَ مَنِ اهْتَمَّ بِهِ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ وَ مَنْ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ وَ مَنِ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ أَدْرَكَ مَنْفَعَتَهُ فَاتَّخِذْهُ عَادَةً فَإِنَّكَ تَخْلُفُ فِي سَلَفِكَ وَ تَنْفَعُ بِهِ خَلْفَكَ وَ يَرْتَجِيكَ فِيهِ رَاغِبٌ وَ يَخْشَى صَوْلَتَكَ رَاهِبٌ وَ إِيَّاكَ وَ الْكَسَلَ عَنْهُ بِالطَّلَبِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ غَلَبْتَ عَلَى الدُّنْيَا فَلَا تَغْلِبَنَّ عَلَى الْآخِرَةِ فَإِذَا فَاتَكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فِي مَظَانِّهِ فَقَدْ غَلَبْتَ عَلَى الْآخِرَةِ وَ اجْعَلْ فِي أَيَّامِكَ وَ لَيَالِيكَ وَ سَاعَاتِكَ لِنَفْسِكَ نَصِيباً

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 412

فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَمْ تَجِدْ لَهُ تَضْيِيعاً أَشَدَّ مِنْ تَرْكِهِ وَ لَا تُمَارِيَنَّ فِيهِ لَجُوجاً وَ لَا تُجَادِلَنَّ فَقِيهاً وَ لَا تُعَادِيَنَّ سُلْطَاناً وَ لَا تُمَاشِيَنَّ ظَلُوماً وَ لَا تُصَادِقَنَّهُ وَ لَا تُؤَاخِيَنَّ فَاسِقاً وَ لَا تُصَاحِبَنَّ مُتَّهَماً وَ اخْزُنْ عِلْمَكَ كَمَا تَخْزُنُ وَرِقَكَ يَا بُنَيَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَوْ أَتَيْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ خِفْتَ أَنْ يُعَذِّبَكَ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ وَافَيْتَ الْقِيَامَةَ بِإِثْمِ الثَّقَلَيْنِ رَجَوْتَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَا أَبَتِ وَ كَيْفَ أُطِيقُ هَذَا وَ إِنَّمَا لِي قَلْبٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ لُقْمَانُ يَا بُنَيَّ لَوِ اسْتُخْرِجَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فَشُقَّ لَوُجِدَ فِيهِ نُورَانِ نُورٌ لِلْخَوْفِ وَ نُورٌ لِلرَّجَاءِ لَوْ وُزِنَا مَا رُجِّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمِثْقَالِ ذَرَّةٍ فَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ يُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ يُصَدِّقُ مَا قَالَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أَمَرَ اللَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ مَا قَالَ اللَّهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ يَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ إِيمَاناً صَادِقاً يَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً وَ مَنْ يَعْمَلْ لِلَّهِ خَالِصاً نَاصِحاً فَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ صَادِقاً وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ خَافَهُ وَ مَنْ خَافَهُ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَ مَنْ أَحَبَّهُ اتَّبَعَ أَمْرَهُ وَ مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ اسْتَوْجَبَ جَنَّتَهُ وَ مَرْضَاتَهُ وَ مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ رِضْوَانَ اللَّهِ فَقَدْ هَانَ سَخَطَهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ يَا بُنَيَّ لَا تَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا وَ لَا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِهَا فَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَ لَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ نَعِيمَهَا ثَوَاباً لِلْمُطِيعِينَ وَ لَمْ يَجْعَلْ بَلَاءَهَا عُقُوبَةً لِلْعَاصِينَ
 بيان تحاجزا تصالحا و تمانعا قوله لا يظعن أي لا يسافر قوله عليه السلام ما يخذل أي هو شي‌ء يخذل صاحبه أو بتقدير اللام أي هو أكثر فتنا و بلاء لما يخذل صاحبه أو هو أكثر فتنا ما دام يخذل صاحبه و لا يعينه الله أو الموصول مبتدأ و أكثر خبره و لعل الثالث أظهر الوجوه و يؤيده أن في رواية الثعلبي هكذا لأن الحاكم بأشد المنازل و آكدها يغشاه الظلم من كل مكان إن يعن فبالحري أن ينجو

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 413
و لا يبعد زيادة الواو في يغشاه فيكون ما يخذل متعلقا به و في القصص لأن الحكم بين الناس أشد المنازل من الدين و أكثرها فتنا و بلاء يخذل صاحبه و لا يعان و يغشاه الظلم من كل مكان و السري الشريف قوله و يبينها فيها أي في جماعة الناس أو في الدنيا و الأظهر يبثها فيهم كما في القصص. قوله عليه السلام حتى تفطر و انشق كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه قوله و ازحمهم قال الفيروزآبادي زحمه كمنعه ضايقه و زاحم الخمسين قاربها أي ادخل بينهم و لو بمشقة و يحتمل أن يكون كناية عن القرب منهم. قوله عليه السلام و من عنى بالأدب أي اعتنى به و عرف فضله قوله عليه السلام فإنك تخلف أي تكون من حيث الاتصاف بتلك العادات الحسنة خليفة من مضى من المتخلقين بها قوله عليه السلام من تركه أي ترك طلب العلم يفضي إلى ضياع ما حصلته.
 3-  لي، [الأمالي للصدوق‌] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْقَاسَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ كَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ نَاتَانَ أَنْ قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ لِيَكُنْ مِمَّا تَتَسَلَّحُ بِهِ عَلَى عَدُوِّكَ فَتَصْرَعُهُ الْمُمَاسَحَةُ وَ إِعْلَانُ الرِّضَا عَنْهُ وَ لَا تُزَاوِلْهُ بِالْمُجَانَبَةِ فَيَبْدُوَ لَهُ مَا فِي نَفْسِكَ فَيَتَأَهَّبَ لَكَ يَا بُنَيَّ خَفِ اللَّهَ خَوْفاً لَوْ وَافَيْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ خِفْتَ أَنْ يُعَذِّبَكَ اللَّهُ وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ وَافَيْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ رَجَوْتَ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ يَا بُنَيَّ إِنِّي حَمَلْتُ الْجَنْدَلَ وَ الْحَدِيدَ وَ كُلَّ حِمْلٍ ثَقِيلٍ فَلَمْ أَحْمِلْ شَيْئاً أَثْقَلَ مِنْ جَارِ السَّوْءِ وَ ذُقْتُ الْمَرَارَاتِ كُلَّهَا فَلَمْ أَذُقْ شَيْئاً أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ
 بيان قال الفيروزآبادي تماسحا تصادقا أو تبايعا فتصافقا و ماسحا لا ينافي القول غشا
 4-  لي، [الأمالي للصدوق‌] أَبِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى عَنِ الصَّفَّارِ وَ لَمْ يَحْفَظِ الْحُسَيْنُ الْإِسْنَادَ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 414
قَالَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ اتَّخِذْ أَلْفَ صَدِيقٍ وَ أَلْفٌ قَلِيلٌ وَ لَا تَتَّخِذْ عَدُوّاً وَاحِداً وَ الْوَاحِدُ كَثِيرٌ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

         تَكَثَّرْ مِنَ الْإِخْوَانِ مَا اسْطَعْتَ إِنَّهُمْ            عِمَادٌ إِذَا مَا اسْتُنْجِدُوا وَ ظُهُورٌ
            وَ لَيْسَ كَثِيراً أَلْفُ خِلٍّ وَ صَاحِبٍ            وَ إِنَّ عَدُوّاً وَاحِداً لَكَثِيرٌ
            

 5-  ل، [الخصال‌] أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِيمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ أَنْ قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ لِيَعْتَبِرْ مَنْ قَصُرَ يَقِينُهُ وَ ضَعُفَتْ نِيَّتُهُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَتَاهُ رِزْقُهُ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا كَسْبٌ وَ لَا حِيلَةٌ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَيَرْزُقُهُ فِي الْحَالِ الرَّابِعَةِ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ يَرْزُقُهُ هُنَاكَ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ حَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ حَرٌّ وَ لَا بَرْدٌ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَجْرَى لَهُ رِزْقاً مِنْ لَبَنِ أُمِّهِ يَكْفِيهِ بِهِ وَ يُرَبِّيهِ وَ يَنْعَشُهُ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ بِهِ وَ لَا قُوَّةٍ ثُمَّ فُطِمَ مِنْ ذَلِكَ فَأَجْرَى لَهُ رِزْقاً مِنْ كَسْبِ أَبَوَيْهِ بِرَأْفَةٍ وَ رَحْمَةٍ لَهُ مِنْ قُلُوبِهِمَا لَا يَمْلِكَانِ غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى إِنَّهُمَا يُؤْثِرَانِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِي أَحْوَالٍ كَثِيرَةٍ حَتَّى إِذَا كَبِرَ وَ عَقَلَ وَ اكْتَسَبَ لِنَفْسِهِ ضَاقَ بِهِ أَمْرُهُ وَ ظَنَّ الظُّنُونَ بِرَبِّهِ وَ جَحَدَ الْحُقُوقَ فِي مَالِهِ وَ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ وَ عِيَالِهِ مَخَافَةَ إِقْتَارِ رِزْقٍ وَ سُوءِ يَقِينٍ بِالْخُلْفِ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي الْعَاجِلِ وَ الْآجِلِ فَبِئْسَ الْعَبْدُ هَذَا يَا بُنَيَّ
 ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] مرسلا مثله بيان لا يملكان غير ذلك أي لا يستطيعان ترك ذلك لما جبلهما الله عليه من حبه‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 415

أو ينفقان عليه كسبهما و إن لم يكونا يملكان غيره
 6-  ب، [قرب الإسناد] هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ قِيلَ لِلُقْمَانَ مَا الَّذِي أَجْمَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ حِكْمَتِكَ قَالَ قَالَ لَا أَتَكَلَّفُ مَا قَدْ كُفِيتُهُ وَ لَا أُضَيِّعُ مَا وُلِّيتُهُ
 7-  ما، [الأمالي للشيخ الطوسي‌] الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كَانَ فِيمَا وَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ أَنْ قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ اجْعَلْ فِي أَيَّامِكَ وَ لَيَالِيكَ وَ سَاعَاتِكَ نَصِيباً لَكَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ لَهُ تَضْيِيعاً مِثْلَ تَرْكِهِ
 8-  ل، [الخصال‌] أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْفَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا وَ يُشْهَدُ عَلَيْهَا وَ إِنَّ لِلدِّينِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الْعِلْمَ وَ الْإِيمَانَ وَ الْعَمَلَ بِهِ وَ لِلْإِيمَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ لِلْعَالِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَ بِمَا يُحِبُّ وَ مَا يَكْرَهُ وَ لِلْعَامِلِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ الصَّلَاةُ وَ الصِّيَامُ وَ الزَّكَاةُ وَ لِلْمُتَكَلِّفِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يُنَازِعُ مَنْ فَوْقَهُ وَ يَقُولُ مَا لَا يَعْلَمُ وَ يَتَعَاطَى مَا لَا يَنَالُ وَ لِلظَّالِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَظْلِمُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَ يُعِينُ الظَّلَمَةَ وَ لِلْمُنَافِقِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يُخَالِفُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ وَ قَلْبُهُ فِعْلَهُ وَ عَلَانِيَتُهُ سَرِيرَتَهُ وَ لِلْآثِمِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَخُونُ وَ يَكْذِبُ وَ يُخَالِفُ مَا يَقُولُ وَ لِلْمُرَائِي ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ يَنْشَطُ إِذَا كَانَ النَّاسُ عِنْدَهُ وَ يَتَعَرَّضُ فِي كُلِّ أَمْرٍ لِلْمَحْمَدَةِ وَ لِلْحَاسِدِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَغْتَابُ إِذَا غَابَ وَ يَتَمَلَّقُ إِذَا شَهِدَ وَ يَشْمَتُ بِالْمُصِيبَةِ وَ لِلْمُسْرِفِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَشْتَرِي مَا لَيْسَ لَهُ وَ يَلْبَسُ مَا لَيْسَ لَهُ وَ يَأْكُلُ مَا لَيْسَ لَهُ وَ لِلْكَسْلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَتَوَانَى حَتَّى يُفَرِّطَ وَ يُفَرِّطُ حَتَّى يُضَيِّعَ وَ يُضَيِّعُ حَتَّى يَأْثِمَ وَ لِلْغَافِلِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ السَّهْوُ وَ اللَّهْوُ وَ النِّسْيَانُ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 416
قَالَ حَمَّادُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ شُعَبٌ يَبْلُغُ الْعِلْمُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ بَابٍ وَ أَلْفِ بَابٍ وَ أَلْفِ بَابٍ فَكُنْ يَا حَمَّادُ طَالِباً لِلْعِلْمِ فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَقِرَّ عَيْنُكَ وَ تَنَالَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَاقْطَعِ الطَّمَعَ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ عُدَّ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتَى وَ لَا تُحَدِّثْ لِنَفْسِكَ أَنَّكَ فَوْقَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَ اخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ مَالَكَ
 9-  مع، [معاني الأخبار] أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ صَاحِبْ مِائَةً وَ لَا تُعَادِ وَاحِداً يَا بُنَيَّ إِنَّمَا هُوَ خَلَاقُكَ وَ خُلُقُكَ فَخَلَاقُكَ دِينُكَ وَ خُلُقُكَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا تَبْتَغِضْ إِلَيْهِمْ وَ تَعَلَّمْ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ يَا بُنَيَّ كُنْ عَبْداً لِلْأَخْيَارِ وَ لَا تَكُنْ وَلَداً لِلْأَشْرَارِ يَا بُنَيَّ أَدِّ الْأَمَانَةَ تَسْلَمْ لَكَ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتُكَ وَ كُنْ أَمِيناً تَكُنْ غَنِيّاً
 بيان الخلاق بالفتح الحظ و النصيب و المراد هنا نصيبك في الآخرة
 10-  ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كَانَ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ وَ قَدْ غَرِقَ فِيهَا جِيلٌ كَثِيرٌ فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَ لْيَكُنْ جِسْرُكَ إِيمَاناً بِاللَّهِ وَ لْيَكُنْ شِرَاعُهَا التَّوَكُّلَ لَعَلَّكَ يَا بُنَيَّ تَنْجُو وَ مَا أَظُنُّكَ نَاجِياً يَا بُنَيَّ كَيْفَ لَا يَخَافُ النَّاسُ مَا يُوعَدُونَ وَ هُمْ يَنْتَقِصُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ كَيْفَ لَا يَعِدُّ لِمَا يُوعَدُ مَنْ كَانَ لَهُ أَجَلٌ يَنْفَدُ يَا بُنَيَّ خُذْ مِنَ الدُّنْيَا بُلْغَةً وَ لَا تَدْخُلْ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 417
فِيهَا دُخُولًا تُضِرُّ فِيهَا بِآخِرَتِكَ وَ لَا تَرْفُضْهَا فَتَكُونَ عِيَالًا عَلَى النَّاسِ وَ صُمْ صِيَاماً يَقْطَعُ شَهْوَتَكَ وَ لَا تَصُمْ صِيَاماً يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الصَّوْمِ يَا بُنَيَّ لَا تَتَعَلَّمِ الْعِلْمَ لِتُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ تُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ تُرَائِيَ بِهِ فِي الْمَجَالِسِ وَ لَا تَتْرُكِ الْعِلْمَ زَهَادَةً فِيهِ وَ رَغْبَةً فِي الْجَهَالَةِ يَا بُنَيَّ اخْتَرِ الْمَجَالِسَ عَلَى عَيْنَيْكَ فَإِنْ رَأَيْتَ قَوْماً يَذْكُرُونَ اللَّهَ فَاجْلِسْ إِلَيْهِمْ فَإِنَّكَ إِنْ تَكُنْ عَالِماً يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ وَ يَزِيدُوكَ عِلْماً وَ إِنْ تَكُنْ جَاهِلًا يُعَلِّمُوكَ وَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُظِلَّهُمْ بِرَحْمَةٍ فَيَعُمَّكَ مَعَهُمْ وَ قَالَ قِيلَ لِلُقْمَانَ مَا يَجْمَعُ مِنْ حِكْمَتِكَ قَالَ لَا أَسْأَلُ عَمَّا كُفِيْتُهُ وَ لَا أَتَكَلَّفُ مَا لَا يَعْنِينِي
 11-  ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كَانَ فِيمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ أَنْ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنْ تَكُ فِي شَكٍّ مِنَ الْمَوْتِ فَارْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ النَّوْمَ وَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ وَ إِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِنَ الْبَعْثِ فَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ الِانْتِبَاهَ وَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَكَّرْتَ فِي هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ نَفْسَكَ بِيَدِ غَيْرِكَ وَ إِنَّمَا النَّوْمُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ وَ إِنَّمَا الْيَقَظَةُ بَعْدَ النَّوْمِ بِمَنْزِلَةِ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا بُنَيَّ لَا تَقْتَرِبْ فَيَكُونَ أَبْعَدَ لَكَ وَ لَا تَبْعُدْ فَتُهَانَ كُلُّ دَابَّةٍ تُحِبُّ مِثْلَهَا وَ ابْنُ آدَمَ لَا يُحِبُّ مِثْلَهُ لَا تَنْشُرْ بَزَّكَ إِلَّا عِنْدَ بَاغِيهِ وَ كَمَا لَيْسَ بَيْنَ الْكَبْشِ وَ الذِّئْبِ خُلَّةٌ كَذَلِكَ لَيْسَ بَيْنَ الْبَارِّ وَ الْفَاجِرِ خُلَّةٌ مَنْ يَقْتَرِبْ مِنَ الزِّفْتِ تَعَلَّقَ كَذَلِكَ مَنْ يُشَارِكِ الْفَاجِرَ يَتَعَلَّمْ مِنْ طُرُقِهِ مَنْ يُحِبَّ الْمِرَاءَ يُشْتَمْ وَ مَنْ يَدْخُلْ مَدْخَلَ السَّوْءِ يُتَّهَمْ وَ مَنْ يُقَارِنْ قَرِينَ السَّوْءِ لَا يَسْلَمْ وَ مَنْ لَا يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ وَ قَالَ يَا بُنَيَّ صَاحِبْ مِائَةً وَ لَا تُعَادِ وَاحِداً يَا بُنَيَّ إِنَّمَا هُوَ خَلَاقُكَ وَ خُلُقُكَ فَخَلَاقُكَ دِينُكَ وَ خُلُقُكَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا تُبْغِضَنَّ إِلَيْهِمْ وَ تَعَلَّمْ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 418
يَا بُنَيَّ كُنْ عَبْداً لِلْأَخْيَارِ وَ لَا تَكُنْ وَلَداً لِلْأَشْرَارِ يَا بُنَيَّ أَدِّ الْأَمَانَةَ تَسْلَمْ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتُكَ وَ كُنْ أَمِيناً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ وَ عَلَا لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ يَا بُنَيَّ لَا تُرِ النَّاسَ أَنَّكَ تَخْشَى اللَّهَ وَ قَلْبُكَ فَاجِرٌ
 بيان لا تقترب أي من الناس في المعاشرة كثيرا فيصير سببا لكثرة البعد عنهم و الغرض بيان أن ما ينبغي في معاشرتهم هو رعاية الوسط فإن كثرة الخلطة و بث الأسرار أقرب إلى المفارقة و البعد عنهم يوجب الإهانة قوله عليه السلام لا تنشر بزك أي لا تعرض متاعك من العلم و الحكمة إلا عند طالبه و من هو أهله

 12-  ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا وَعَظَ لُقْمَانُ ابْنَهُ فَقَالَ أَنَا مُنْذُ سَقَطْتُ إِلَى الدُّنْيَا اسْتَدْبَرْتُ وَ اسْتَقْبَلْتُ الْآخِرَةَ فَدَارٌ أَنْتَ إِلَيْهَا تَسِيرُ أَقْرَبُ مِنْ دَارٍ أَنْتَ مِنْهَا مُتَبَاعِدٌ يَا بُنَيَّ لَا تَطْلُبْ مِنَ الْأَمْرِ مُدْبِراً وَ لَا تَرْفُضْ مِنْهُ مُقْبِلًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُضِلُّ الرَّأْيَ وَ يُزْرِي بِالْعَقْلِ يَا بُنَيَّ لِيَكُنْ مِمَّا تَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى عَدُوِّكَ الْوَرَعُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ الْفَضْلُ فِي دِينِكَ وَ الصِّيَانَةُ لِمُرُوَّتِكَ وَ الْإِكْرَامُ لِنَفْسِكَ أَنْ تُدَنِّسَهَا بِمَعَاصِي الرَّحْمَنِ وَ مَسَاوِي الْأَخْلَاقِ وَ قَبِيحِ الْأَفْعَالِ وَ اكْتُمْ سِرَّكَ وَ أَحْسِنْ سَرِيرَتَكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَمِنْتَ بِسِتْرِ اللَّهِ أَنْ يُصِيبَ عَدُوُّكَ مِنْكَ عَوْرَةً أَوْ يَقْدِرَ مِنْكَ عَلَى زَلَّةٍ وَ لَا تَأْمَنَنَّ مَكْرَهُ فَيُصِيبَ مِنْكَ غِرَّةً فِي بَعْضِ حَالَاتِكَ وَ إِذَا اسْتَمْكَنَ مِنْكَ وَثَبَ عَلَيْكَ وَ لَمْ يُقِلْكَ عَثْرَةً وَ لْيَكُنْ مِمَّا تَتَسَلَّحُ بِهِ عَلَى عَدُوِّكَ إِعْلَانُ الرِّضَا عَنْهُ وَ اسْتَصْغِرِ الْكَثِيرَ فِي طَلَبِ الْمَنْفَعَةِ وَ اسْتَعْظِمِ الصَّغِيرَ فِي رُكُوبِ الْمَضَرَّةِ يَا بُنَيَّ لَا تُجَالِسِ النَّاسَ بِغَيْرِ طَرِيقَتِهِمْ وَ لَا تَحْمِلَنَّ عَلَيْهِمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ فَلَا يَزَالُ جَلِيسُكَ عَنْكَ نَافِراً وَ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ مُجَانِباً لَكَ فَإِذَا أَنْتَ فَرْدٌ لَا صَاحِبَ لَكَ يُؤْنِسُكَ وَ لَا أَخَ لَكَ يَعْضُدُكَ فَإِذَا بَقِيتَ وَحِيداً كُنْتَ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 419
مَخْذُولًا وَ صِرْتَ ذَلِيلًا وَ لَا تَعْتَذِرْ إِلَى مَنْ لَا يُحِبُّ أَنْ يَقْبَلَ لَكَ عُذْراً وَ لَا يَرَى لَكَ حَقّاً وَ لَا تَسْتَعِنْ فِي أُمُورِكَ إِلَّا بِمَنْ يُحِبُّ أَنْ يَتَّخِذَ فِي قَضَاءِ حَاجَتِكَ أَجْراً فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ طَلَبَ قَضَاءَ حَاجَتِكَ لَكَ كَطَلَبِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ نَجَاحِهَا لَكَ كَانَ رِبْحاً فِي الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ وَ حَظّاً وَ ذُخْراً لَهُ فِي الدَّارِ الْبَاقِيَةِ فَيَجْتَهِدُ فِي قَضَائِهَا لَكَ وَ لْيَكُنْ إِخْوَانُكَ وَ أَصْحَابُكَ الَّذِينَ تَسْتَخْلِصُهُمْ وَ تَسْتَعِينُ بِهِمْ عَلَى أُمُورِكَ أَهْلَ الْمُرُوَّةِ وَ الْكَفَافِ وَ الثَّرْوَةِ وَ الْعَقْلِ وَ الْعَفَافِ الَّذِينَ إِنْ نَفَعْتَهُمْ شَكَرُوكَ وَ إِنْ غِبْتَ عَنْ جِيرَتِهِمْ ذَكَرُوكَ
 إيضاح لا تطلب من الأمر مدبرا أي الأمر الذي لم يتهيأ أسبابه و يبعد حصوله أو أمور الدنيا فإن كلها مدبرة فانية و قال الفيروزآبادي أزرى بأخيه أدخل عليه عيبا أو أمرا يريد أن يلبس عليه به و بالأمر تهاون
 13-  ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ يَا بُنَيَّ إِنْ تَأَدَّبْتَ صَغِيراً انْتَفَعْتَ بِهِ كَبِيراً وَ مَنْ عَنَى بِالْأَدَبِ اهْتَمَّ بِهِ وَ مَنِ اهْتَمَّ بِهِ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ وَ مَنْ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ وَ مَنِ اشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ أَدْرَكَ بِهِ مَنْفَعَةً فَاتَّخِذْهُ عَادَةً وَ إِيَّاكَ وَ الْكَسَلَ مِنْهُ وَ الطَّلَبَ بِغَيْرِهِ وَ إِنْ غَلَبْتَ عَلَى الدُّنْيَا فَلَا تَغْلِبَنَّ عَلَى الْآخِرَةِ وَ إِنَّهُ إِنْ فَاتَكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ تَضْيِيعاً أَشَدَّ مِنْ تَرْكِهِ يَا بُنَيَّ اسْتَصْلِحِ الْأَهْلِينَ وَ الْإِخْوَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنِ اسْتَقَامُوا لَكَ عَلَى الْوَفَاءِ وَ احْذَرْهُمْ عِنْدَ انْصِرَافِ الْحَالِ بِهِمْ عَنْكَ فَإِنَّ عَدَاوَتَهُمْ أَشَدُّ مَضَرَّةً مِنْ عَدَاوَةِ الْأَبَاعِدِ لِتَصْدِيقِ النَّاسِ إِيَّاهُمْ لِاطِّلَاعِهِمْ عَلَيْكَ
 14-  ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ الضَّجَرَ وَ سُوءَ الْخُلُقِ وَ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ صَاحِبٌ وَ أَلْزِمْ نَفْسَكَ التُّؤَدَةَ فِي أُمُورِكَ وَ صَبِّرْ عَلَى مَئُونَاتِ الْإِخْوَانِ نَفْسَكَ وَ حَسِّنْ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 420

خُلُقَكَ يَا بُنَيَّ إِنْ عَدِمَكَ مَا تَصِلُ بِهِ قَرَابَتَكَ وَ تَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَى إِخْوَانِكَ فَلَا يَعْدَمَنَّكَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ بَسْطُ الْبِشْرِ فَإِنَّهُ مَنْ أَحْسَنَ خُلُقَهُ أَحَبَّهُ الْأَخْيَارُ وَ جَانَبَهُ الْفُجَّارُ وَ اقْنَعْ بِقَسْمِ اللَّهِ لِيَصْفُوَ عَيْشُكَ فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ عِزَّ الدُّنْيَا فَاقْطَعْ طَمَعَكَ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّمَا بَلَغَ الْأَنْبِيَاءُ وَ الصِّدِّيقُونَ مَا بَلَغُوا بِقَطْعِ طَمَعِهِمْ وَ قَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا بُنَيَّ إِنِ احْتَجْتَ إِلَى سُلْطَانٍ فَلَا تُكْثِرِ الْإِلْحَاحَ عَلَيْهِ وَ لَا تَطْلُبْ حَاجَتَكَ مِنْهُ إِلَّا فِي مَوَاضِعِ الطَّلَبِ وَ ذَلِكَ حِينَ الرِّضَا وَ طِيبِ النَّفْسِ وَ لَا تَضْجَرَنَّ بِطَلَبِ حَاجَةٍ فَإِنَّ قَضَاءَهَا بِيَدِ اللَّهِ وَ لَهَا أَوْقَاتٌ وَ لَكِنِ ارْغَبْ إِلَى اللَّهِ وَ سَلْهُ وَ حَرِّكْ إِلَيْهِ أَصَابِعَكَ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَ عُمُرَكَ قَصِيرٌ يَا بُنَيَّ احْذَرِ الْحَسَدَ فَلَا يَكُونَنَّ مِنْ شَأْنِكَ وَ اجْتَنِبْ سُوءَ الْخُلُقِ فَلَا يَكُونَنَّ مِنْ طَبْعِكَ فَإِنَّكَ لَا تُضِرُّ بِهِمَا إِلَّا نَفْسَكَ وَ إِذَا كُنْتَ أَنْتَ الضَّارَّ لِنَفْسِكَ كَفَيْتَ عَدُوَّكَ أَمْرَكَ لِأَنَّ عَدَاوَتَكَ لِنَفْسِكَ أَضَرُّ عَلَيْكَ مِنْ عَدَاوَةِ غَيْرِكَ يَا بُنَيَّ اجْعَلْ مَعْرُوفَكَ فِي أَهْلِهِ وَ كُنْ فِيهِ طَالِباً لِثَوَابِ اللَّهِ وَ كُنْ مُقْتَصِداً وَ لَا تُمْسِكْهُ تَقْتِيراً وَ لَا تُعْطِهِ تَبْذِيِراً يَا بُنَيَّ سَيِّدُ أَخْلَاقِ الْحِكْمَةِ دِينُ اللَّهِ تَعَالَى وَ مَثَلُ الدِّينِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ نَابِتَةٍ فَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ مَاؤُهَا وَ الصَّلَاةُ عُرُوقُهَا وَ الزَّكَاةُ جِذْعُهَا وَ التَّأَخِّي فِي اللَّهِ شُعَبُهَا وَ الْأَخْلَاقُ الْحَسَنَةُ وَرَقُهَا وَ الْخُرُوجُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ ثَمَرُهَا وَ لَا تَكْمُلُ الشَّجَرَةُ إِلَّا بِثَمَرَةٍ طَيِّبَةٍ كَذَلِكَ الدِّينُ لَا يَكْمُلُ إِلَّا بِالْخُرُوجِ عَنِ الْمَحَارِمِ يَا بُنَيَّ لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا وَ إِنَّ لِلدِّينِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الْعِفَّةَ وَ الْعِلْمَ وَ الْحِلْمَ
 15-  ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا قَالَ قَالَ لُقْمَانُ يَا بُنَيَّ إِنَّ أَشَدَّ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 421
الْعُدْمِ عُدْمُ الْقَلْبِ وَ إِنَّ أَعْظَمَ الْمَصَائِبِ مُصِيبَةُ الدِّينِ وَ أَسْنَى الْمَرْزِئَةِ مَرْزِئَتُهُ وَ أَنْفَعَ الْغِنَى غِنَى الْقَلْبِ فَتَلَبَّثْ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَ الْزَمِ الْقَنَاعَةَ وَ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَ إِنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ حَبَسَهُ اللَّهُ مِنْ رِزْقِهِ وَ كَانَ عَلَيْهِ إِثْمُهُ وَ لَوْ صَبَرَ لَنَالَ ذَلِكَ وَ جَاءَهُ مِنْ وَجْهِهِ يَا بُنَيَّ أَخْلِصْ طَاعَةَ اللَّهِ حَتَّى لَا تُخَالِطَهَا بِشَيْ‌ءٍ مِنَ الْمَعَاصِي ثُمَّ زَيِّنِ الطَّاعَةَ بِاتِّبَاعِ أَهْلِ الْحَقِّ فَإِنَّ طَاعَتَهُمْ مُتَّصِلَةٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ زَيِّنْ ذَلِكَ بِالْعِلْمِ وَ حَصِّنْ عِلْمَكَ بِحِلْمٍ لَا يُخَالِطُهُ حُمْقٌ وَ اخْزُنْهُ بِلِينٍ لَا يُخَالِطُهُ جَهْلٌ وَ شَدِّدْهُ بِحَزْمٍ لَا يُخَالِطُهُ الضِّيَاعُ وَ امْزُجْ حَزْمَكَ بِرِفْقٍ لَا يُخَالِطُهُ الْعُنْفُ
 16-  ص، [قصص الأنبياء عليهم السلام‌] عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ قَالَ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَمَلْتُ الْجَنْدَلَ وَ الْحَدِيدَ وَ كُلَّ حِمْلٍ ثَقِيلٍ فَلَمْ أَحْمِلْ شَيْئاً أَثْقَلَ مِنْ جَارِ السَّوْءِ وَ ذُقْتُ الْمَرَارَاتِ كُلَّهَا فَمَا ذُقْتُ شَيْئاً أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ يَا بُنَيَّ لَا تَتَّخِذِ الْجَاهِلَ رَسُولًا فَإِنْ لَمْ تُصِبْ عَاقِلًا حَكِيماً يَكُونُ رَسُولَكَ فَكُنْ أَنْتَ رَسُولَ نَفْسِكَ يَا بُنَيَّ اعْتَزِلِ الشَّرَّ يَعْتَزِلْكَ وَ قَالَ الصَّادِقُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِيلَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ لُقْمَانَ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ الْمُؤْمِنُ الْغَنِيُّ قِيلَ الْغَنِيُّ مِنَ الْمَالِ فَقَالَ لَا وَ لَكِنَّ الْغَنِيَّ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ انْتُفِعَ بِعِلْمِهِ فَإِنِ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ اكْتُفِيَ وَ قِيلَ فَأَيُّ النَّاسِ أَشَرُّ قَالَ الَّذِي لَا يُبَالِي أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ مُسِيئاً
 17-  نبه، [تنبيه الخاطر] قَالَ لُقْمَانُ يَا بُنَيَّ كَمَا تَنَامُ كَذَلِكَ تَمُوتُ وَ كَمَا تَسْتَيْقِظُ كَذَلِكَ تُبْعَثُ وَ قَالَ يَا بُنَيَّ كَذَبَ مَنْ قَالَ إِنَّ الشَّرَّ يُطْفَأُ بِالشَّرِّ فَإِنْ كَانَ صَادِقاً فَلْيُوقِد

 بحارالأنوار ج : 13 ص : 422
نَارَيْنِ هَلْ تُطْفِئُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَ إِنَّمَا يُطْفِئُ الْخَيْرُ الشَّرَّ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَ قَالَ يَا بُنَيَّ بِعْ دُنْيَاكَ بِآخِرَتِكَ تَرْبَحْهُمَا جَمِيعاً وَ لَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ تَخْسَرْهُمَا جَمِيعاً وَ كَانَ لُقْمَانُ يُطِيلُ الْجُلُوسَ وَحْدَهُ فَكَانَ يَمُرُّ بِهِ مَوْلَاهُ فَيَقُولُ يَا لُقْمَانُ إِنَّكَ تُدِيمُ الْجُلُوسَ وَحْدَكَ فَلَوْ جَلَسْتَ مَعَ النَّاسِ كَانَ آنَسَ لَكَ فَيَقُولُ لُقْمَانُ إِنَّ طُولَ الْوَحْدَةِ أَفْهَمُ لِلْفِكْرَةِ وَ طُولَ الْفِكْرَةِ دَلِيلٌ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ
 18-  كا، [الكافي‌] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ إِذَا سَافَرْتَ مَعَ قَوْمٍ فَأَكْثِرِ اسْتِشَارَتَكَ إِيَّاهُمْ فِي أَمْرِكَ وَ أُمُورِهِمْ وَ أَكْثِرِ التَّبَسُّمَ فِي وُجُوهِهِمْ وَ كُنْ كَرِيماً عَلَى زَادِكَ وَ إِذَا دَعَوْكَ فَأَجِبْهُمْ وَ إِذَا اسْتَعَانُوا بِكَ فَأَعِنْهُمْ وَ اغْلِبْهُمْ بِثَلَاثٍ بِطُولِ الصَّمْتِ وَ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَ سَخَاءِ النَّفْسِ بِمَا مَعَكَ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ زَادٍ وَ إِذَا اسْتَشْهَدُوكَ عَلَى الْحَقِّ فَاشْهَدْ لَهُمْ وَ اجْهَدْ رَأْيَكَ لَهُمْ إِذَا اسْتَشَارُوكَ ثُمَّ لَا تَعْزِمْ حَتَّى تَثْبُتَ وَ تَنْظُرَ وَ لَا تُجِبْ فِي مَشُورَةٍ حَتَّى تَقُومَ فِيهَا وَ تَقْعُدَ وَ تَنَامَ وَ تُصَلِّيَ وَ أَنْتَ مُسْتَعْمِلٌ فِكْرَكَ وَ حِكْمَتَكَ فِي مَشُورَتِهِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُمْحِضِ النَّصِيحَةَ لِمَنِ اسْتَشَارَهُ سَلَبَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَأْيَهُ وَ نَزَعَ عَنْهُ الْأَمَانَةَ وَ إِذَا رَأَيْتَ أَصْحَابَكَ يَمْشُونَ فَامْشِ مَعَهُمْ وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ يَعْمَلُونَ فَاعْمَلْ مَعَهُمْ وَ إِذَا تَصَدَّقُوا وَ أَعْطَوْا قَرْضاً فَأَعْطِ مَعَهُمْ وَ اسْمَعْ لِمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنّاً وَ إِذَا أَمَرُوكَ بِأَمْرٍ وَ سَأَلُوكَ فَقُلْ نَعَمْ وَ لَا تَقُلْ لَا فَإِنَّ لَا عِيٌّ وَ لُؤْمٌ وَ إِذَا تَحَيَّرْتُمْ فِي طَرِيقِكُمْ فَانْزِلُوا وَ إِذَا شَكَكْتُمْ فِي الْقَصْدِ فَقِفُوا وَ تَآمَرُوا وَ إِذَا رَأَيْتُمْ شَخْصاً وَاحِداً فَلَا تَسْأَلُوهُ عَنْ طَرِيقِكُمْ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 423
وَ لَا تَسْتَرْشِدُوهُ فَإِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ فِي الْفَلَاةِ مَرِيبٌ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَيْناً لِلُّصُوصِ أَوْ يَكُونَ هُوَ الشَّيْطَانَ الَّذِي يُحَيِّرُكُمْ وَ احْذَرُوا الشَّخْصَيْنِ أَيْضاً إِلَّا أَنْ تَرَوْا مَا لَا أَرَى فَإِنَّ الْعَاقِلَ إِذَا أَبْصَرَ بِعَيْنِهِ شَيْئاً عَرَفَ الْحَقَّ مِنْهُ وَ الشَّاهِدَ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ يَا بُنَيَّ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَا تُؤَخِّرْهَا لِشَيْ‌ءٍ وَ صَلِّهَا وَ اسْتَرِحْ مِنْهَا فَإِنَّهَا دَيْنٌ وَ صَلِّ فِي جَمَاعَةٍ وَ لَوْ عَلَى رَأْسِ زُجٍّ وَ لَا تَنَامَنَّ عَلَى دَابَّتِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ سَرِيعٌ فِي دَبَرِهَا وَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْحُكَمَاءِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي مَحْمِلٍ يُمْكِنُكَ التَّمَدُّدُ لِاسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ وَ إِذَا قَرُبْتَ مِنَ الْمَنْزِلِ فَانْزِلْ عَنْ دَابَّتِكَ وَ ابْدَأْ بِعَلْفِهَا قَبْلَ نَفْسِكَ وَ إِذَا أَرَدْتَ النُّزُولَ فَعَلَيْكَ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ بِأَحْسَنِهَا لَوْناً وَ أَلْيَنِهَا تُرْبَةً وَ أَكْثَرِهَا عُشْباً وَ إِذَا نَزَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ وَ إِذَا أَرَدْتَ قَضَاءَ حَاجَةٍ فَأَبْعِدِ الْمَذْهَبَ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا ارْتَحَلْتَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ وَدِّعِ الْأَرْضَ الَّتِي حَلَلْتَ بِهَا وَ سَلِّمْ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لِكُلِّ بُقْعَةٍ أَهْلًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَأْكُلَ طَعَاماً حَتَّى تَبْدَأَ فَتَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَافْعَلْ وَ عَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا دُمْتَ رَاكِباً وَ عَلَيْكَ بِالتَّسْبِيحِ مَا دُمْتَ عَامِلًا وَ عَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ مَا دُمْتَ خَالِياً وَ إِيَّاكَ وَ السَّيْرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِالتَّعْرِيسِ وَ الدَّلْجَةِ مِنْ لَدُنْ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ وَ إِيَّاكَ وَ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي مَسِيرِكَ
 أقول قال الشيخ أمين الدين الطبرسي اختلف في لقمان فقيل إنه كان حكيما و لم يكن نبيا عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و أكثر المفسرين و قيل إنه كان نبيا عن عكرمة و السدي و الشعبي و فسروا الحكمة في الآية بالنبوة و قيل إنه كان عبدا أسود حبشيا غليظ المشافر مشقوق الرجلين في زمن داود عليه السلام و قال له بعض الناس أ لست كنت ترعى الغنم معنا فقال نعم فقال من أين أوتيت ما أرى قال‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 424
قدر الله و أداء الأمانة و صدق الحديث و الصمت عما لا يعنيني و قيل إنه كان ابن أخت أيوب عن وهب و قيل كان ابن خالة أيوب عن مقاتل
 وَ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ حَقّاً أَقُولُ لَمْ يَكُنْ لُقْمَانُ نَبِيّاً وَ لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً كَثِيرَ التَّفَكُّرِ حَسَنَ الْيَقِينِ أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَ مَنَّ عَلَيْهِ بِالْحِكْمَةِ كَانَ نَائِماً نِصْفَ النَّهَارِ إِذْ جَاءَ نِدَاءٌ يَا لُقْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ خَلِيفَةً
ثم ذكر نحوا مما مر في خبر حماد ثم
قَالَ ذُكِرَ أَنَّ مَوْلَى لُقْمَانَ دَعَاهُ فَقَالَ اذْبَحْ شَاةً فَأْتِنِي بِأَطْيَبِ مُضْغَتَيْنِ مِنْهَا فَأَتَاهُ بِالْقَلْبِ وَ اللِّسَانِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهُمَا أَطْيَبُ شَيْ‌ءٍ إِذَا طَابَا وَ أَخْبَثُ شَيْ‌ءٍ إِذَا خَبُثَا.
و قيل إن مولاه دخل المخرج فأطال فيه الجلوس فناداه لقمان إن طول الجلوس على الحاجة يفجع منه الكبد و يورث الباسور و يصعد الحرارة إلى الرأس فاجلس هونا و قم هونا قال فكتب حكمته على باب الحش. قال عبد الله بن دينار قدم لقمان من سفر فلقي غلامه في الطريق فقال ما فعل أبي قال مات قال ملكت أمري قال ما فعلت امرأتي قال ماتت قال جدد فراشي قال ما فعلت أختي قال ماتت قال سترت عورتي قال ما فعل أخي قال مات قال انقطع ظهري.

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 425
و قيل للقمان أي الناس شر قال الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا و قيل له ما أقبح وجهك قال تعيب على النقش أو على فاعل النقش و قيل إنه دخل على داود و هو يسرد الدرع و قد لين الله له الحديد كالطين فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت فلما أتمها لبسها و قال نعم لبوس الحرب أنت فقال الصمت حكمة و قليل فاعله فقال له داود عليه السلام بحق ما سميت حكيما انتهى. و قال المسعودي كان لقمان نوبيا مولى للقين بن حسر ولد على عشر سنين من ملك داود عليه السلام و كان عبدا صالحا و من الله عليه بالحكمة و لم يزل في فيافي الأرض مظهرا للحكمة و الزهد في هذا العالم إلى أيام يونس بن متى حتى بعث إلى أهل نينوى من بلاد الموصل.
 19-  كا، [الكافي‌] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقْبَةَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كَانَ فِيمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ ابْنَهُ يَا بُنَيَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا قَبْلَكَ لِأَوْلَادِهِمْ فَلَمْ يَبْقَ مَا جَمَعُوا وَ لَمْ يَبْقَ مَنْ جَمَعُوا لَهُ وَ إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مُسْتَأْجِرٌ قَدْ أُمِرْتَ بِعَمَلٍ وَ وُعِدْتَ عَلَيْهِ أَجْراً فَأَوْفِ عَمَلَكَ وَ اسْتَوْفِ أَجْرَكَ وَ لَا تَكُنْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ شَاةٍ وَقَعَتْ فِي زَرْعٍ أَخْضَرَ فَأَكَلَتْ حَتَّى سَمِنَتْ فَكَانَ حَتْفُهَا عِنْدَ سِمَنِهَا وَ لَكِنِ اجْعَلِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ قَنْطَرَةٍ عَلَى نَهَرٍ جُزْتَ عَلَيْهَا وَ تَرَكْتَهَا وَ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهَا آخِرَ الدَّهْرِ أَخْرِبْهَا وَ لَا تَعْمُرْهَا فَإِنَّكَ لَمْ تُؤْمَرْ بِعِمَارَتِهَا وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَتُسْأَلُ غَداً إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ أَرْبَعٍ شَبَابِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ وَ عُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ وَ مَالِكَ مِمَّا اكْتَسَبْتَهُ وَ فِيمَا أَنْفَقْتَهُ فَتَأَهَّبْ لِذَلِكَ وَ أَعِدَّ لَهُ جَوَاباً وَ لَا تَأْسَ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّ قَلِيلَ الدُّنْيَا لَا يَدُومُ بَقَاؤُهُ وَ كَثِيرَهَا لَا يُؤْمَنُ بَلَاؤُهُ فَخُذْ حِذْرَكَ وَ جِدَّ فِي أَمْرِكَ وَ اكْشِفِ الْغِطَاءَ عَنْ وَجْهِكَ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 426
وَ تَعَرَّضْ لِمَعْرُوفِ رَبِّكَ وَ جَدِّدِ التَّوْبَةَ فِي قَلْبِكَ وَ اكْمُشْ فِي فِرَاقِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْصَدَ قَصْدُكَ وَ يُقْضَى قَضَاؤُكَ وَ يُحَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَا تُرِيدُ
 20-  كا، [الكافي‌] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ لَا تَقْرَبْ فَيَكُونَ أَبْعَدَ لَكَ وَ لَا تَبْعُدْ فَتُهَانَ كُلُّ دَابَّةٍ تُحِبُّ مِثْلَهَا وَ ابْنُ آدَمَ لَا يُحِبُّ مِثْلَهُ وَ لَا تَنْشُرْ بَزَّكَ إِلَّا عِنْدَ بَاغِيهِ كَمَا لَيْسَ بَيْنَ الذِّئْبِ وَ الْكَبْشِ خُلَّةٌ كَذَلِكَ لَيْسَ بَيْنَ الْبَارِّ وَ الْفَاجِرِ خُلَّةٌ مَنْ يَقْتَرِبْ مِنَ الزِّفْتِ يَعْلَقْ بِهِ بَعْضُهُ كَذَلِكَ مَنْ يُشَارِكِ الْفَاجِرَ يَتَعَلَّمْ مِنْ طُرُقِهِ مَنْ يُحِبَّ الْمِرَاءَ يُشْتَمْ وَ مَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ يُتَّهَمْ وَ مَنْ يُقَارِنْ قَرِينَ السَّوْءِ لَا يَسْلَمْ وَ مَنْ لَا يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ
 21-  نبه، [تنبيه الخاطر] قَالَ لُقْمَانُ لَأَنْ يَضْرِبَكَ الْحَكِيمُ فَيُؤْذِيَكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُدْهِنَكَ الْجَاهِلُ بِدُهْنٍ طَيِّبٍ وَ قِيلَ لِلُقْمَانَ أَ لَسْتَ عَبْدَ آلِ فُلَانٍ قَالَ بَلَى قِيلَ فَمَا بَلَغَ بِكَ مَا نَرَى قَالَ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ تَرْكِي مَا لَا يَعْنِينِي وَ غَضِّي بَصَرِي وَ كَفِّي لِسَانِي وَ عِفَّتِي فِي طُعْمَتِي فَمَنْ نَقَصَ عَنْ هَذَا فَهُوَ دُونِي وَ مَنْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ فَوْقِي وَ مَنْ عَمِلَهُ فَهُوَ مِثْلِي وَ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تُؤَخِّرِ التَّوْبَةَ فَإِنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةً وَ لَا تُشْمِتْ بِالْمَوْتِ وَ لَا تَسْخَرْ بِالْمُبْتَلَى وَ لَا تَمْنَعِ الْمَعْرُوفَ يَا بُنَيَّ كُنْ أَمِيناً تَعِشْ غَنِيّاً يَا بُنَيَّ اتَّخِذْ تَقْوَى اللَّهِ تِجَارَةً تَأْتِكَ الْأَرْبَاحُ مِنْ غَيْرِ بِضَاعَةٍ وَ إِذَا أَخْطَأْتَ خَطِيئَةً فَابْعَثْ فِي أَثَرِهَا صَدَقَةً تُطْفِئُهَا يَا بُنَيَّ إِنَّ الْمَوْعِظَةَ تَشُقُّ عَلَى السَّفِيهِ كَمَا يَشُقُّ الصُّعُودُ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ يَا بُنَيَّ لَا تَرْثِ لِمَنْ ظَلَمْتَهُ وَ لَكِنْ ارْثِ لِسُوءِ مَا جَنَيْتَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَ إِذَا دَعَتْكَ الْقُدْرَةُ إِلَى ظُلْمِ النَّاسِ فَاذْكُرْ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ يَا بُنَيَّ تَعَلَّمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَا جَهِلْتَ وَ عَلِّمِ النَّاسَ مَا عَلِمْتَ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 427
 22-  أَقُولُ وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي نَوَّرَ اللَّهُ ضَرِيحَهُ مَا هَذَا لَفْظُهُ جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ شَيْخُ الصَّدُوقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ وَثَّقَهُ جش [النَّجَاشِيُ‌] وَ لَهُ كِتَابُ النَّوَادِرِ وَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَمِنْ أَخْبَارِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ بِلَادِهِ نَزَلَ بِقَرْيَةٍ بِالْمَوْصِلِ يُقَالُ لَهَا كُومَاسُ قَالَ فَلَمَّا ضَاقَ بِهَا ذَرْعُهُ وَ اشْتَدَّ بِهَا غَمُّهُ وَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَتَّبِعُهُ عَلَى أَثَرِهِ أَغْلَقَ الْأَبْوَابَ وَ أَدْخَلَ ابْنَهُ يَعِظُهُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ هَلَكَ فِيهَا نَاسٌ كَثِيرٌ تَزَوَّدْ مِنْ عَمَلِهَا وَ اتَّخِذْ سَفِينَةً حَشْوُهَا تَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ ارْكَبِ الْفُلْكَ تَنْجُو [تَنْجُ‌] وَ إِنِّي لَخَائِفٌ أَنْ لَا تَنْجُوَ يَا بُنَيَّ السَّفِينَةُ إِيمَانٌ وَ شِرَاعُهَا التَّوَكُّلُ وَ سُكَّانُهَا الصَّبْرُ وَ مَجَاذِيفُهَا الصَّوْمُ وَ الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ يَا بُنَيَّ مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ مِنْ غَيْرِ سَفِينَةٍ غَرِقَ يَا بُنَيَّ أَقِلَّ الْكَلَامَ وَ اذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كُلِّ مَكَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ أَنْذَرَكَ وَ حَذَّرَكَ وَ بَصَّرَكَ وَ عَلَّمَكَ يَا بُنَيَّ اتَّعِظْ بِالنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظَ النَّاسُ بِكَ يَا بُنَيَّ اتَّعِظْ بِالصَّغِيرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكَ الْكَبِيرُ يَا بُنَيَّ امْلِكْ نَفْسَكَ عِنْدَ الْغَضَبِ حَتَّى لَا تَكُونَ لِجَهَنَّمَ حَطَباً يَا بُنَيَّ الْفَقْرُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَظْلِمَ وَ تَطْغَى يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ أَنْ تَسْتَدِينَ فَتَخُونَ فِي الدَّيْنِ
 23-  ختص، [الإختصاص‌] عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِيهِ يَا بُنَيَّ [إِيَّاكَ‌] أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا فَقِيراً

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 428
وَ تَدَعَ أَمْرَكَ وَ أَمْوَالَكَ عِنْدَ غَيْرِكَ قَيِّماً فَتُصَيِّرَهُ أَمِيراً يَا بُنَيَّ إِنَّ اللَّهَ رَهَنَ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ يَا بُنَيَّ لَا تَأْمَنْ مِنَ الدُّنْيَا وَ الذُّنُوبُ وَ الشَّيْطَانُ فِيهَا يَا بُنَيَّ إِنَّهُ قَدِ افْتَتَنَ الصَّالِحُونَ مِنَ الْأَوَّلِينَ فَكَيْفَ تَنْجُو مِنْهُ الْآخَرُونَ يَا بُنَيَّ اجْعَلِ الدُّنْيَا سِجْنَكَ فَتَكُونَ الْآخِرَةُ جَنَّتَكَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَمْ تُكَلَّفْ أَنْ تُشِيلَ الْجِبَالَ وَ لَمْ تُكَلَّفْ مَا لَا تُطِيقُهُ فَلَا تَحْمِلِ الْبَلَاءَ عَلَى كَتِفِكَ وَ لَا تَذْبَحْ نَفْسَكَ بِيَدِكَ يَا بُنَيَّ لَا تُجَاوِرَنَّ الْمُلُوكَ فَيَقْتُلُوكَ وَ لَا تُطِعْهُمْ فَتَكْفُرَ يَا بُنَيَّ جَاوِرِ الْمَسَاكِينَ وَ اخْصُصِ الْفُقَرَاءَ وَ الْمَسَاكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَا بُنَيَّ كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ وَ لِلْأَرْمَلَةِ كَالزَّوْجِ الْعَطُوفِ يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ اغْفِرْ لِي غُفِرَ لَهُ إِنَّهُ لَا يُغْفَرُ إِلَّا لِمَنْ عَمِلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ يَا بُنَيَّ الْجَارَ ثُمَّ الدَّارَ يَا بُنَيَّ الرَّفِيقَ ثُمَّ الطَّرِيقَ يَا بُنَيَّ لَوْ كَانَتِ الْبُيُوتُ عَلَى الْعَمَلِ مَا جَاوَرَ رَجُلٌ جَارَ سَوْءٍ أَبَداً يَا بُنَيَّ الْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ صَاحِبِ السَّوْءِ يَا بُنَيَّ الصَّاحِبُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ يَا بُنَيَّ نَقْلُ الْحِجَارَةِ وَ الْحَدِيدِ خَيْرٌ مِنْ قَرِينِ السَّوْءِ يَا بُنَيَّ إِنِّي نَقَلْتُ الْحِجَارَةَ وَ الْحَدِيدَ فَلَمْ أَجِدْ شَيْئاً أَثْقَلَ مِنْ قَرِينِ السَّوْءِ يَا بُنَيَّ إِنَّهُ مَنْ يَصْحَبْ قَرِينَ السَّوْءِ لَا يَسْلَمْ وَ مَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ يُتَّهَمْ يَا بُنَيَّ مَنْ لَا يَكُفَّ لِسَانَهُ يَنْدَمْ يَا بُنَيَّ الْمُحْسِنُ تُكَافَأُ بِإِحْسَانِهِ وَ الْمُسِي‌ءُ يَكْفِيكَ مَسَاوِيهِ لَوْ جَهَدْتَ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ يَا بُنَيَّ مَنْ ذَا الَّذِي عَبَدَ اللَّهَ فَخَذَلَهُ وَ مَنْ ذَا الَّذِي ابْتَغَاهُ فَلَمْ يَجِدْهُ يَا بُنَيَّ وَ مَنْ ذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ وَ مَنْ ذَا الَّذِي تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فَوَكَلَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَ مَنْ ذَا الَّذِي تَضَرَّعَ إِلَيْهِ جَلَّ ذِكْرُهُ فَلَمْ يَرْحَمْهُ يَا بُنَيَّ شَاوِرِ الْكَبِيرَ وَ لَا تَسْتَحْيِ مِنْ مُشَاوَرَةِ الصَّغِيرِ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفُسَّاقِ فَإِنَّمَا هُمْ كَالْكِلَابِ إِنْ وَجَدُوا عِنْدَكَ شَيْئاً أَكَلُوهُ وَ إِلَّا ذَمُّوكَ وَ فَضَحُوكَ وَ إِنَّمَا حُبُّهُمْ بَيْنَهُمْ سَاعَةٌ يَا بُنَيَّ مُعَادَاةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ مُصَادَقَةِ الْفَاسِقِ يَا بُنَيَّ الْمُؤْمِنُ تَظْلِمُهُ وَ لَا يَظْلِمُكَ وَ تَطْلُبُ عَلَيْهِ وَ يَرْضَى عَنْكَ وَ الْفَاسِقُ لَا يُرَاقِبُ اللَّهَ فَكَيْفَ يُرَاقِبُكَ يَا بُنَيَّ اسْتَكْثِرْ مِنَ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 429
الْأَصْدِقَاءِ وَ لَا تَأْمَنْ مِنَ الْأَعْدَاءِ فَإِنَّ الْغِلَّ فِي صُدُورِهِمْ مِثْلُ الْمَاءِ تَحْتَ الرَّمَادِ يَا بُنَيَّ ابْدَأِ النَّاسَ بِالسَّلَامِ وَ الْمُصَافَحَةِ قَبْلَ الْكَلَامِ يَا بُنَيَّ لَا تُكَالِبِ النَّاسَ فَيَمْقَتُوكَ وَ لَا تَكُنْ مَهِيناً فَيُضِلُّوكَ وَ لَا تَكُنْ حُلْواً فَيَأْكُلُوكَ وَ لَا تَكُنْ مُرّاً فَيَلْفِظُوكَ وَ يُرْوَى وَ لَا تَكُنْ حُلْواً فَتُبْلَعَ وَ لَا مُرّاً فَتُرْمَى يَا بُنَيَّ لَا تُخَاصِمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يُدْرَكُ وَ لَا يُحْصَى يَا بُنَيَّ خَفِ اللَّهَ مَخَافَةً لَا تَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ ارْجُهُ رَجَاءً لَا تَأْمَنُ مِنْ مَكْرِهِ يَا بُنَيَّ انْهَ النَّفْسَ عَنْ هَوَاهَا فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَنْهَ النَّفْسَ عَنْ هَوَاهَا لَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ لَنْ تَرَاهَا وَ يُرْوَى انْهَ نَفْسَكَ عَنْ هَوَاهَا فَإِنَّ فِي هَوَاهَا رَدَاهَا يَا بُنَيَّ إِنَّكَ مُنْذُ يَوْمَ هَبَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ اسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ وَ اسْتَدْبَرْتَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ إِنْ نِلْتَ مُسْتَقْبَلَهَا أَوْلَى بِكَ مِنْ مُسْتَدْبَرِهَا يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ التَّجَبُّرَ وَ التَّكَبُّرَ وَ الْفَخْرَ فَتُجَاوِرَ إِبْلِيسَ فِي دَارِهِ يَا بُنَيَّ دَعْ عَنْكَ التَّجَبُّرَ وَ الْكِبْرَ وَ دَعْ عَنْكَ الْفَخْرَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَاكِنُ الْقُبُورِ يَا بُنَيَّ اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ جَاوَرَ إِبْلِيسَ وَقَعَ دَارَ الْهَوَانِ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَ لَا يَحْيَى يَا بُنَيَّ وَيْلٌ لِمَنْ تَجَبَّرَ وَ تَكَبَّرَ كَيْفَ يَتَعَظَّمُ مَنْ خُلِقَ مِنْ طِينٍ وَ إِلَى طِينٍ يَعُودُ ثُمَّ لَا يَدْرِي إِلَى مَا يَصِيرُ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَدْ فَازَ أَوْ إِلَى النَّارِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً وَ خَابَ وَ يُرْوَى كَيْفَ يَتَجَبَّرُ مَنْ قَدْ جَرَى فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ يَا بُنَيَّ كَيْفَ يَنَامُ ابْنُ آدَمَ وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ وَ كَيْفَ يَغْفُلُ وَ لَا يُغْفَلُ عَنْهُ يَا بُنَيَّ إِنَّهُ قَدْ مَاتَ أَصْفِيَاءُ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ أَحِبَّاؤُهُ وَ أَنْبِيَاؤُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَمَنْ ذَا بَعْدَهُمْ يُخَلَّدُ فَيُتْرَكُ يَا بُنَيَّ لَا تَطَأْ أَمَتَكَ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكَ وَ انْهَ نَفْسَكَ عَنْهَا وَ زَوِّجْهَا يَا بُنَيَّ لَا تُفْشِيَنَّ سِرَّكَ إِلَى امْرَأَتِكَ وَ لَا تَجْعَلْ مَجْلِسَكَ عَلَى بَابِ دَارِكَ يَا بُنَيَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا وَ إِنْ تَرَكْتَهَا تَعَوَّجَتْ أَلْزِمْهُنَّ الْبُيُوتَ فَإِنْ أَحْسَنَّ فَاقْبَلْ إِحْسَانَهُنَّ وَ إِنْ أَسَأْنَ فَاصْبِرْ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ يَا بُنَيَّ النِّسَاءُ أَرْبَعٌ ثِنْتَانِ صَالِحَتَانِ وَ ثِنْتَانِ مَلْعُونَتَانِ فَأَمَّا إِحْدَى الصَّالِحَتَيْنِ فَهِيَ الشَّرِيفَةُ فِي قَوْمِهَا الذَّلِيلَةُ فِي نَفْسِهَا الَّتِي إِنْ أُعْطِيَتْ شَكَرَتْ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 430

وَ إِنِ ابْتُلِيَتْ صَبَرَتْ الْقَلِيلُ فِي يَدَيْهَا كَثِيرٌ وَ الثَّانِي الْوَلُودُ الْوَدُودُ تَعُودُ بِخَيْرٍ عَلَى زَوْجِهَا هِيَ كَالْأُمِّ الرَّحِيمِ تَعْطِفُ عَلَى كَبِيرِهِمْ وَ تَرْحَمُ صَغِيرَهُمْ وَ تُحِبُّ وُلْدَ زَوْجِهَا وَ إِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِهَا جَامِعَةُ الشَّمْلِ مَرْضِيَّةُ الْبَعْلِ مُصْلِحَةٌ فِي النَّفْسِ وَ الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ فَهِيَ كَالذَّهَبِ الْأَحْمَرِ طُوبَى لِمَنْ رُزِقَهَا إِنْ شَهِدَ زَوْجُهَا أَعَانَتْهُ وَ إِنْ غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ وَ أَمَّا إِحْدَى الْمَلْعُونَتَيْنِ فَهِيَ الْعَظِيمَةُ فِي نَفْسِهَا الذَّلِيلَةُ فِي قَوْمِهَا الَّتِي إِنْ أُعْطِيَتْ سَخِطَتْ وَ إِنْ مُنِعَتْ عَتَبَتْ وَ غَضِبَتْ فَزَوْجُهَا مِنْهَا فِي بَلَاءٍ وَ جِيرَانُهَا مِنْهَا فِي عَنَاءٍ فَهِيَ كَالْأَسَدِ إِنْ جَاوَرْتَهُ أَكَلَكَ وَ إِنْ هَرَبْتَ مِنْهُ قَتَلَكَ وَ الْمَلْعُونَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ قَلَى عَنْ زَوْجِهَا وَ مَلَّهَا جِيرَانُهَا إِنَّمَا هِيَ سَرِيعَةُ السَّخْطَةِ سَرِيعَةُ الدَّمْعَةِ إِنْ شَهِدَ زَوْجُهَا لَمْ تَنْفَعْهُ وَ إِنْ غَابَ عَنْهَا فَضَحَتْهُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ النَّشَّاشَةِ إِنْ أُسْقِيَتْ أَفَاضَتْهُ الْمَاءُ وَ غَرِقَتْ وَ إِنْ تَرَكَتْهَا عَطِشَتْ وَ إِنْ رُزِقْتَ مِنْهَا وَلَداً لَمْ تَنْتَفِعْ بِهِ يَا بُنَيَّ لَا تَتَزَوَّجْ بِأَمَةٍ فَيُبَاعَ وُلْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ هُوَ فِعْلُكَ بِنَفْسِكَ يَا بُنَيَّ لَوْ كَانَتِ النِّسَاءُ تُذَاقُ كَمَا تُذَاقُ الْخَمْرُ مَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةَ سَوْءٍ أَبَداً يَا بُنَيَّ أَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ وَ لَا تُكْثِرْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهَا وَ انْظُرْ إِلَى مَا تَصِيرُ مِنْهَا يَا بُنَيَّ لَا تَأْكُلْ مَالَ الْيَتِيمِ فَتُفْتَضَحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ تُكَلَّفَ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيْهِ يَا بُنَيَّ لَوْ أَنَّهُ أُغْنِيَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ لَأُغْنِيَ الْوَلَدُ عَنْ وَالِدِهِ يَا بُنَيَّ إِنَّ النَّارَ يُحِيطُ بِالْعَالَمِينَ كُلِّهِمْ فَلَا يَنْجُو مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ قَرَّبَهُ مِنْهُ يَا بُنَيَّ لَا يَغُرَّنَّكَ خَبِيثُ اللِّسَانِ فَإِنَّهُ يُخْتَمُ عَلَى قَلْبِهِ وَ تَتَكَلَّمُ جَوَارِحُهُ وَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ يَا بُنَيَّ لَا تَشْتِمِ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 431
النَّاسَ فَتَكُونَ أَنْتَ الَّذِي شَتَمْتَ أَبَوَيْكَ يَا بُنَيَّ لَا يُعْجِبْكَ إِحْسَانُكَ وَ لَا تَتَعَظَّمَنَّ بِعَمَلِكَ الصَّالِحِ فَتَهْلِكَ يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلى‌ ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ يَا بُنَيَّ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا يَا بُنَيَّ إِنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَأْتِيكَ يَوْمٌ جَدِيدٌ يَشْهَدُ عَلَيْكَ عِنْدَ رَبٍّ كَرِيمٍ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ مُدْرَجٌ فِي أَكْفَانِكَ وَ مُحَلٌّ قَبْرَكَ وَ مُعَايِنٌ عَمَلَكَ كُلَّهُ يَا بُنَيَّ كَيْفَ تَسْكُنُ دَارَ مَنْ أَسْخَطْتَهُ أَمْ كَيْفَ مَنْ قَدْ عَصَيْتَهُ يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِمَا يَعْنِيكَ وَ دَعْ عَنْكَ مَا لَا يَعْنِيكَ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْهَا يَكْفِيكَ وَ الْكَثِيرَ مِنْهَا لَا يَعْنِيكَ يَا بُنَيَّ لَا تُؤْثِرَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سِوَاهَا وَ لَا تُورِثْ مَالَكَ أَعْدَاءَكَ يَا بُنَيَّ إِنَّهُ قَدْ أُحْصِيَ الْحَلَالُ الصَّغِيرُ فَكَيْفَ بِالْحَرَامِ الْكَثِيرِ يَا بُنَيَّ اتَّقِ النَّظَرَ إِلَى مَا لَا تَمْلِكُهُ وَ أَطِلِ التَّفَكُّرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فَكَفَى بِهَذَا وَاعِظاً لِقَلْبِكَ يَا بُنَيَّ اقْبَلْ وَصِيَّةَ الْوَالِدِ الشَّفِيقِ يَا بُنَيَّ بَادِرْ بِعَمَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ أَجَلُكَ وَ قَبْلَ أَنْ تَسِيرَ الْجِبَالُ سَيْراً وَ تُجْمَعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ تُغَيَّرَ السَّمَاءُ وَ تُطْوَى وَ تَنَزَّلَ الْمَلَائِكَةُ صُفُوفاً خَائِفِينَ حَافِّينَ مُشْفِقِينَ وَ تُكَلَّفَ أَنْ تُجَاوِزَ الصِّرَاطَ وَ تُعَايِنَ حِينَئِذٍ عَمَلَكَ وَ تُوضَعَ الْمَوَازِينُ وَ تُنْشَرَ الدَّوَاوِينُ يَا بُنَيَّ تَعَلَّمْتَ سَبْعَةَ آلَافٍ مِنَ الْحِكْمَةِ فَاحْفَظْ مِنْهَا أَرْبَعاً وَ مُرَّ مَعِي إِلَى الْجَنَّةِ أَحْكِمْ سَفِينَتَكَ فَإِنَّ بَحْرَكَ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 432
عَمِيقٌ وَ خَفِّفْ حِمْلَكَ فَإِنَّ الْعَقَبَةَ كَئُودٌ وَ أَكْثِرِ الزَّادَ فَإِنَّ السَّفَرَ بَعِيدٌ وَ أَخْلِصِ الْعَمَلَ فَإِنَّ النَّاقِدَ بَصِيرٌ
 24-  كَنْزُ الْفَوَائِدِ، لِلْكَرَاجُكِيِّ مِنْ حِكَمِ لُقْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ فَإِنَّ مَثَلَ الصَّلَاةِ فِي دِينِ اللَّهِ كَمَثَلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ فَإِنَّ الْعَمُودَ إِذَا اسْتَقَامَ نَفَعَتِ الْأَطْنَابَ وَ الْأَوْتَادَ وَ الظِّلَالَ وَ إِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ لَمْ يَنْفَعْ وَتِدٌ وَ لَا طُنُبٌ وَ لَا ظِلَالٌ أَيْ بُنَيَّ صَاحِبِ الْعُلَمَاءَ وَ جَالِسْهُمْ وَ زُرْهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ لَعَلَّكَ أَنْ تُشْبِهَهُمْ فَتَكُونَ مِنْهُمْ اعْلَمْ أَيْ بُنَيَّ إِنِّي قَدْ ذُقْتُ الصَّبْرَ وَ أَنْوَاعَ الْمُرِّ فَلَمْ أَرَ أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ فَإِنِ افْتَقَرْتَ يَوْمَكَ فَاجْعَلْ فَقْرَكَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ وَ لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِفَقْرِكَ فَتَهُونَ عَلَيْهِمْ يَا بُنَيَّ ادْعُ اللَّهَ ثُمَّ سَلْ فِي النَّاسِ هَلْ مِنْ أَحَدٍ دَعَا اللَّهَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَوْ سَأَلَهُ فَلَمْ يُعْطِهِ يَا بُنَيَّ ثِقْ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ سَلْ فِي النَّاسِ هَلْ مِنْ أَحَدٍ وَثِقَ بِاللَّهِ فَلَمْ يُنْجِهِ يَا بُنَيَّ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ سَلْ فِي النَّاسِ مَنْ ذَا الَّذِي تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فَلَمْ يُكْفَ يَا بُنَيَّ أَحْسِنِ الظَّنَّ بِاللَّهِ ثُمَّ سَلْ فِي النَّاسِ مَنْ ذَا الَّذِي أَحْسَنَ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّهِ بِهِ يَا بُنَيَّ مَنْ يُرِدْ رِضْوَانَ اللَّهِ يُسْخِطْ نَفْسَهُ إِلَيْهِ وَ مَنْ لَا يُسْخِطْ نَفْسَهُ لَا يُرْضِي [يُرْضِ‌] رَبَّهُ وَ مَنْ لَا يَكْظِمْ غَيْظَهُ يُشْمِتْ عَدُوَّهُ يَا بُنَيَّ تَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ تَشَرَّفْ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَدُلُّ عَلَى الدِّينِ وَ تُشَرِّفُ الْعَبْدَ عَلَى الْحُرِّ وَ تَرْفَعُ الْمِسْكِينَ عَلَى الْغَنِيِّ وَ تُقَدِّمُ الصَّغِيرَ عَلَى الْكَبِيرِ وَ تُجْلِسُ الْمِسْكِينَ مَجَالِسَ الْمُلُوكِ وَ تَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفاً وَ السَّيِّدَ سُؤْدَداً وَ الْغَنِيَّ مَجْداً وَ كَيْفَ يَظُنُّ ابْنُ آدَمَ أَنْ يَتَهَيَّأَ لَهُ أَمْرُ دِينِهِ وَ مَعِيشَتِهِ بِغَيْرِ حِكْمَةٍ وَ لَنْ يُهَيِّئَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِالْحِكْمَةِ وَ مَثَلُ الْحِكْمَةِ بِغَيْرِ طَاعَةٍ مَثَلُ الْجَسَدِ بِلَا نَفْسٍ أَوْ مَثَلُ الصَّعِيدِ بِلَا مَاءٍ وَ لَا صَلَاحَ لِلْجَسَدِ بِغَيْرِ نَفْسٍ وَ لَا لِلصَّعِيدِ بِغَيْرِ مَاءٍ وَ لَا لِلْحِكْمَةِ بِغَيْرِ طَاعَةِ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 433

 25-  وَ أَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ الشَّيْبَانِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ مَنْ ذَا الَّذِي ابْتَغَى اللَّهَ فَلَمْ يَجِدْهُ وَ مَنْ ذَا الَّذِي لَجَأَ إِلَى اللَّهِ فَلَمْ يُدَافِعْ عَنْهُ أَمْ مَنْ ذَا الَّذِي تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فَلَمْ يَكْفِهِ
 26-  بَيَانُ التَّنْزِيلِ، لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ قَالَ أَوَّلُ مَا ظَهَرَ مِنْ حِكَمِ لُقْمَانَ أَنَّ تَاجِراً سَكِرَ وَ خَاطَرَ نَدِيمَهَ أَنْ يَشْرَبَ مَاءَ الْبَحْرِ كُلَّهُ وَ إِلَّا سَلَّمَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَ أَهْلَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ صَحَا نَدِمَ وَ جَعَلَ صَاحِبُهُ يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لُقْمَانُ أَنَا أُخَلِّصُكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ قُلْ أَ أَشْرَبُ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَقْتَئِذٍ فَأْتِنِي بِهِ أَوْ أَشْرَبُ مَاءَهُ الْآنَ فَسُدَّ أَفْوَاهَهُ لِأَشْرَبَهُ أَوْ أَشْرَبُ الْمَاءَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ فَاصْبِرْ حَتَّى يَأْتِيَ فَأَمْسَكَ صَاحِبُهُ عَنْهُ
 27-  كِتَابُ فَتْحِ الْأَبْوَابِ، لِلسَّيِّدِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ رُوِيَ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ قَالَ لِوَلَدِهِ فِي وَصِيَّتِهِ لَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِرِضَا النَّاسِ وَ مَدْحِهِمْ وَ ذَمِّهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ وَ لَوْ بَالَغَ الْإِنْسَانُ فِي تَحْصِيلِهِ بِغَايَةِ قُدْرَتِهِ فَقَالَ وَلَدُهُ مَا مَعْنَاهُ أُحِبُّ أَنْ أَرَى لِذَلِكَ مِثَالًا أَوْ فِعَالًا أَوْ مَقَالًا فَقَالَ لَهُ أَخْرُجُ أَنَا وَ أَنْتَ فَخَرَجَا وَ مَعَهُمَا بَهِيمَةٌ فَرَكِبَهُ لُقْمَانُ وَ تَرَكَ وَلَدَهُ‌

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 434
يَمْشِي وَرَاءَهُ فَاجْتَازُوا عَلَى قَوْمٍ فَقَالُوا هَذَا شَيْخٌ قَاسِي الْقَلْبِ قَلِيلُ الرَّحْمَةِ يَرْكَبُ هُوَ الدَّابَّةَ وَ هُوَ أَقْوَى مِنْ هَذَا الصَّبِيِّ وَ يَتْرُكُ هَذَا الصَّبِيَّ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَ إِنَّ هَذَا بِئْسَ التَّدْبِيرُ فَقَالَ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ قَوْلَهُمْ وَ إِنْكَارَهُمْ لِرُكُوبِي وَ مَشْيِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ ارْكَبْ أَنْتَ يَا وَلَدِي حَتَّى أَمْشِيَ أَنَا فَرَكِبَ وَلَدُهُ وَ مَشَى لُقْمَانُ فَاجْتَازُوا عَلَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا هَذَا بِئْسَ الْوَالِدُ وَ هَذَا بِئْسَ الْوَلَدُ أَمَّا أَبُوهُ فَإِنَّهُ مَا أَدَّبَ هَذَا الصَّبِيَّ حَتَّى يَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَ يَتْرُكَ وَالِدَهُ يَمْشِي وَرَاءَهُ وَ الْوَالِدُ أَحَقُّ بِالِاحْتِرَامِ وَ الرُّكُوبِ وَ أَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ عَقَّ وَالِدَهُ بِهَذِهِ الْحَالِ فَكِلَاهُمَا أَسَاءَا فِي الْفِعَالِ فَقَالَ لُقْمَانُ لِوَلَدِهِ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ نَرْكَبُ مَعاً الدَّابَّةَ فَرَكِبَا مَعاً فَاجْتَازَا عَلَى جَمَاعَةٍ فَقَالُوا مَا فِي قَلْبِ هَذَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ رَحْمَةٌ وَ لَا عِنْدَهُمْ مِنَ اللَّهِ خَيْرٌ يَرْكَبَانِ مَعاً الدَّابَّةَ يَقْطَعَانِ ظَهْرَهَا وَ يَحْمِلَانِهَا مَا لَا تُطِيقُ لَوْ كَانَ قَدْ رَكِبَ وَاحِدٌ وَ مَشَى وَاحِدٌ كَانَ أَصْلَحَ وَ أَجْوَدَ فَقَالَ سَمِعْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَاتِ حَتَّى نَتْرُكَ الدَّابَّةَ تَمْشِي خَالِيَةً مِنْ رُكُوبِنَا فَسَاقاَ الدَّابَّةَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَ هُمَا يَمْشِيَانِ فَاجْتَازَا عَلَى جَمَاعَةٍ فَقَالُوا هَذَا عَجِيبٌ مِنْ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ يَتْرُكَانِ دَابَّةً فَارِغَةً تَمْشِي بِغَيْرِ رَاكِبٍ وَ يَمْشِيَانِ وَ ذَمُّوهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَمُّوهُمَا عَلَى كُلِّ مَا كَانَ فَقَالَ لِوَلَدِهِ تَرَى فِي تَحْصِيلِ رِضَاهُمْ حِيلَةً لِمُحْتَالٍ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ وَ اشْتَغِلْ بِرِضَا اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَفِيهِ شُغُلٌ شَاغِلٌ وَ سَعَادَةٌ وَ إِقْبَالٌ فِي الدُّنْيَا وَ يَوْمِ الْحِسَابِ وَ السُّؤَالِ

                         بحارالأنوار ج : 13 ص : 435

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...
الكعبة‌
صموئيل النبي (ع)
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم ...
حقيقة معنى الانتقال من الأمويين الى العباسيين
خالد بن الوليد و الطوق في الجيد

 
user comment